الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النجاح عادة وليس حظ

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)

2023 / 2 / 6
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


يعتقد كثير من الأشخاص أن الحظ هو الذي يصنع النجاح، لكن الواقع مخالف ذلك. فالأشخاص الناجحون يعملون بجهد جاهد وبشكل يومي، على التحقيق النجاح. من خلال وضع خطط مدروسة، والسير على منوالها بشكل تدريجي على تحقيقها، والتحلي الصبر والاستمرار ورفع التحدي لتجاوز كل العوائق التي قد تقف حاجزا أمامهم. واضعون نصب أعينهم أهدافا محددة ومسطرة، وسائرون بشكل استمراري ودومي على نهج وخطى وازنة من أجل وصول إلى المبتغى المطلوب وتحقيق الأفضل .
وعليه فيمكن القول إن السير نحو مسلسل النجاح، عملية معقدة ليست بسهلة كما يتصوّرها البعض، بل تحتاج إلى إلتزام و إصرار لا حدود له حتى تصبح عادة يومية، تعمل بها بدون تكّلف. وبعبارة أوضح أن النجاح لا يأتي بغتة ولا صدفة، بل يحتاج إلى وقت، وخطوات وازنة، والتي قد تتعاقبه محاولات فشل عدة مرات، قبل أن تصل إلى الهدف النهائي. وحتى الفشل بدوره جزء لا يتجزأ من خطوات النجاح، بل أكثر من ذلك هو الذي يعطي المعنى للجناح عند جني ثمار التفوق.
وكما هو معلوم، أن النجاح يعد من المواضيع التي استأثرت اهتمام الباحثين العرب والأجانيب من مختلف الخلفيات الإبستمولوجية، باعتباره إحدى المفاهيم المعقدة والشائكة، لأنه معطى نسبي مرتبط بما هو اجتماعي بامتياز، حيث يختلف مفهومه من شخص إلى أخر، ومن مجتمع إلى آخر، حسب التصورات و الخلفية المعرفية والأوليات والاحتياجات الحياتية لكل فرد، الشيء الذي يصنع ثقافة اثنية تصبح متداولة عند كل مجتمع. بحيث يرى البعض أن النجاح هو الحصول على أكثر قدر ممكن من المال، ومن زاوية أخرى، يرى البعض الأخر أن النجاح هو الاستثمار في الذات من الناحية العلمية والحصول على أعلى الشهادات العلمية الأكاديمية.... وهكذا دواليك. لكن يمكن أن نلخص النجاح حسب إجماع المهتمين بهذا الشأن، في النجاعة والفعالية وقدرة الفرد على مواجهة العوائق الحياتية، بأقل إمكانيات ممكنة سواء كانت مادية أو زمنية.
ولكي تخطو خطوات نحو النجاح، فلا بُدّ لك بوضع برنامج بمثابة عادات يومية تسير على نهج خطاها. ولتحقيق وتطبيق أي هدف منشود قابل للقياس، لابد بمراعاة واحترام خمسة شروط أساسية وهي: التكرار ، الاستمرارية، النظام، الكمية، والاستمتاع. وما يؤكد هذا المعطى هو ما تقدم به المفكر تشارلز ديكنز في قوله: “لم أكن لأحقق النجاح دون عادات مثل الدقة والنظام والاجتهاد والتصميم على التركيز على عمل واحد في كل مرة”. ومن بين الأمور التي ينصح اتخاذها كعادات يومية والعمل بها ما يلي:
وضع أهداف قابلة للقياس: مع مراعاة الأسبقية للأهداف، بدءا من الأهم ثم المهم، وهذه الأهداف أن تعمل لها اسقاط حسب إمكانياتك وقدراتك الشخصية، مع ضرورة اخضاع الهدف لمبدأ التحدي، بحيث أن لا يكون الهدف سهلا جدا ولا صعبا للغاية.
وضع تخطيط اليومي: من خلال وضع برنامج يومي تحاول فيه ترجمة الأهداف الكبرى التي تريد قيام بها طيلة اليوم، أو أسبوع أو شهر أو السنة، أي الأهداف قريبة المدى والمتوسطة والبعيدة. والحرص على تقيمها أيضا بشكل مستمر في نهاية اليوم. وتقوم مبادئ وأسس التخطيط على الواقعية، التكامل، الشمول، الاستمرار، التجديد والمرونة.
تكوين علاقة الجيدة مع الذات: وتعتبر هذه العادة تصنيف آخر للتميز، فالاهتمام بالجسد جزء من النجاح وخطوة أساس نحو تحقيق الأهداف، ولهذا من الضروري الاهتمام بالجسد حتى لا يكون عالة عليك، من خلال وضع برنامج الرياضي يتوافق مع قدراتك واهتماماتك الرياضية. كما يمكن أيضا ادراج في الاهتمام بالجسد ضرورة نظام التغذية النوم الجيد، كل هذه الأشياء تطور بها الجسد وتحافظ على الصحة العامة.
تسطير برنامج تطوير الذات: والتي يمكن إدراج فيها القراءة اليومية، التي تعد من أهم الأشياء المهمة في حياة كل فرد في بناء شخصيته وتطوير ذاته، فبواسطتها يمكنك الحصول على المعارف والمدارك جديدة، تساهم في معرفة واستنباط وتحليل و فهم أعمق وبأفق أوسع ما يدور من حولك من أحداث ومستجدات على أصعدة عدة، من زوايا مختلفة وخلفية مغايرة التي قد تعطي قيمة مضافة للموضوع، وتساهم في بناء شخصية وازنة تتسم بنوع من العقلانية والرزانة والمرونة حتى، ولهذا يستحب تدريب النفس على القراءة يوميّا بشكل منظم وتدريجي حسب القدرات الشخصية للفرد، مع ضرورة الوقوف على تنفيذها حتى تصبح عادة وجزء من نشاط اليومي، إلى جانب هذا، حضور المؤتمرات والندوات العملية والفكرية وكذلك حضور الدورات التكوينية التي لا تقل أهمية عن سابقيها.
تكوين العلاقات الجيدة: وتعتبر هذه العادة غاية في الأهمية، نظرا لما تكسيه من قيمة في عملية تأثير وتأثر مع المجتمع، وكذلك في سقل المعارف وتطوير المهارات التواصلية. إذ تعد هذه العادة الركيزة الأساس نحو النجاح، وهي خطوة مهمة في انصهار في المجتمع وربط جسور التواصل بين أفراده، وتوسيع دائرة المعرفة والتعارف التي تساهم في خلق بيئة ثقافية واسعة تسودها الإيجابية والاندماج الفعلي السليم، لأن النجاح له علاقة مباشرة بما هو اجتماعي محظ. وحتى يكون النجاح بالرؤية متكاملة وبشكل شمولي في ربط جسور العلاقات الإنسانية والاجتماعية، ولابد أن تكون ناجحا في المستويات التالية وهي: الجانب العاطفي والروحي والعلاقي والمادي.
مبدأ التدرج والاستمرارية: فهذه الخطوة تعد من أصعب الخطوات على الاطلاق نظرا لفعلها المتكرر بشكل يومي، والتي تحتاج إلى اخضاع النفس وتدريبها على فعل الشيء بدون ارهاقها. ومن أجل التحقيق هذه الخطوة وجعلها عادة لابد من الاعتماد على مبدأ التدرج؛ أي البدء بتنزيل المهام التي تقدر على إنجازها ثم محاولة الاشتغال على تطويرها حتى تصل إلى الهدف المنشود، والتركيز على الكيف أكثر من الكم، لتحقيق نتائج أكثر نجاعة وفعالية.
وفي الختام يمكن القول إن النجاح هو عادات مرتبة يوميّا، تختلف نوعيتها من شخص إلى آخر، يسطرها كل فرد حسب أولوياته واحتياجاته في الحياة، ويسعى إلى ترجمتها على الأرض الواقع، من خلال التغلب على مجموعة من العقبات التي قد تقف حاجزا أمامه، والتي قد تحول بينه وبين أهدافه. فبالإصرار والعزيمة والالتزام والاستمرارية وقبول التحدي الإيجابي، وامتلاك التفكير الإبداعي والنقدي تصنع لنفسك مسارا متميزا وناجحا، مع الاحتفاظ بمبدأ التجديد والتغيير في حالة وقوع إخفاقات إلى أن تُحقّق نجاحاتك. وحينها يمكن الانتقال إلى أهداف أخرى أكثر وزنا وأهمية .. لأن كل فرد في مسلسل النجاح دائما يطلب الأفضل. فلا نهاية للكمال ولا حدود للفضيلة كما يُقال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟