الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان بلد اللاءات الثلاث والعساكر المنحرفة؟!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2023 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في مقال سابق لنا عن التطبيع عنوانه : (البيت الابراهيمي .. أم البيت الصهيوأمريكي؟؟) .. رابط المقال :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=778556.. قلنا فيه :
 ((تمت عمليات التطبيع الواسعة بين الكيان الصهيوني وكل من المغرب والامارات المتحدة والبحرين، وقبلهم مصر والأردن وفلسطين، أما السودان الذي ركب قطار التطبيع (متشعبطاً بمؤخرته) فلم يلحق به، لسرعة القطار الفائقة ولسوء أوضاعه الداخلية!))
والضاهر أن (النتن ياهو) الذي يعتبر نفسه أبو فكرة "بيت براهام" أو "البيت الابراهيمي" قد مد يده إلى عبد الفتاح البرهان وأصعده إلى العربة الأخيرة من قطار التطبيع ـ التي لا زال (متشعبطاً) بها ـ منذ العام 2020إلى يوم الناس هذا!
****
يبدو أن الكثير من العساكر العرب قد أدمنوا السلطة، ولا فكرة ـ أو حتى خاطرة تمر بخاطرهم ـ بتركها للمدنيين، وتفرغهم هم للدفاع عن الوطن، كما يفترض بالعسكري المحترف أو الملزم بالخدمة العسكرية!

هكذا هي الحال في السودان وفي مصر وحتى في الجزائر وفي غيرها من الاقطار العربية، التي ابتلاها الله بمثل هذه العساكر المتسلطة.. فالعسكري يبقى ذو عقلية عسكرية حتى لو لبس الملايس المدنية ـ كعبد الفتاح الآخر (السيسي) ـ عشرات السنين.. والعقلية العسكرية كما هو معروف عنها تفترض دائماً الاحتفاظ بالموقع مهما كانت التضحيات والثمن المدفوع لأجل ذلك الموقع، سواء بالهروب إلى الأمام أو إلى الخلف أو إلى الجوانب، وحتى بالغوص إلى باطن الارض، وهذا ينطبق على السلطة عندهم، ولا فرق عندهم بينها وبين أي موقع عسكري آخر عليهم الاحتفاظ به!!

ويبدو أن عبد الفتاح البرهان قد اختار "الهروب إلى الأمام" للاحتفاظ بموقعه المميز في السلطة، بعد أن ضاقت على خناقه حلقة المعارضة بعد اتفاقاته الأخيرة معها على تسليمه السلطة لها مرغماً، في زمن قادم ليس ببعيد!
وتمثل هروب البرهان إلى أمام بإقامته لعلاقات كاملة مع الكيان الصهيوني، واستقباله ـ أواخر الاسبوع الماضي ـ لوزير خارجية "اسرائيل" ووفد كبير مرافق له، بعد مقترح قدم له بالإقدام على هذه الخطوة الخيانية، لتكون "إسرائيل" والولايات المتحد إلى جانبه، إذا مالت الكفة تماماً لصالح المعارضة!
لكن هل لهذه الخطوة الخيانية قدرة على انتشال (البرهان) من مصير محتوم أخذ يبدو واضحاً، أم أن مصير انقلاب البرهان سيكون شبيهاً بالانقلابات العسكرية الكثيرة التي سبقته في السودان المشهور بانقلاباته المتتالية؟
****
فالسودان مشهور بانقلاباته العسكرية الكثيرة، وهو البلد الأول عربياً وأفريقياً وربما عالمياً في عدد الانقلابات العسكرية التي حدثت فيه:
1) فأول انقلاب عسكري شهدته السودان في تاريخها كان عام 1957 بقيادة إسماعيل كبيدة، وكان مصيره الفشل، وذلك بعد عامٍ واحد فقط من استقلال السودان عن بريطانيا عام 1956 .
2) انقلاب السودان عام 1958: بقيادة اللواء إبراهيم عبود على حكومة ائتلاف ديمقراطية بين حزب الأمة والاتحاد الديمقراطي كان يرأسها مجلس سيادة يتزعمه الزعيم إسماعيل الأزهري
3) انقلاب السودان 1964:
لقد حكم ابراهيم عبود السودان لمدة سبع سنوات، إلى أن اطاحت به ثورة شعبية عام 1964 اطلقوا عليها في حينها اسم "ثورة اكتوبر"" والتي تعتبر وفقاً لـ BBC "أول ثورة شعبية تطيح بالحكم العسكري في العالم العربي."
4) انقلاب السودان :1969
بعد نجاح ثورة أكتوبر الشعبية في عام 1964، تولى "سر الخاتم الخليفة" منصب رئيس وزراء الحكومة الانتقالية، إلى حين إجراء الانتخابات في مايو/أيار 1965 لتشكيل حكومة نيابية!
ولكن مصير هذه الحكومة لم يكن أفضل من الحكومات التي سبقتها، فقد قام (العميد جعفر نميري) ومعه مجموعة من الضباط المحسوبين على "الحزب الشيوعي" والأحزاب القومية العربية، بانقلاب أطلقوا عليه اسم "انقلاب 25مايو/أيار" الذي أدى لوصول نميري لتسلم زمام حكم البلاد لمدة تجاوزت الستة عشر عاماً.. وقد واجهت حكومة النميري سلسلة انقلابات فاشلة في الأعوام [1971،1975، 1976، 1977]

5) انقلاب عام 1985: بعد ستة عشر عاماً من بقاء نميري في سدة الحكم، انطلقت في العام 1985 مظاهرات شعبية عارمة في المدن السودانية ضد النميري، فكانت تلك المظاهرات فرصة سانحة لاستغلالها من قبل وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك (المشير عبد الرحمن سوار الذهب) الذي قام بانقلاب عسكري ناجح، أزاح به جعفر النميري عن سدة الحكم .
وبعيد تسلمه للسلطة وعد (سوار الذهب) بأن الجيش سيسلم السلطة في البلاد لفترة انتقالية مدتها عام واحد فقط، وهو الوحيد من بين كل الانقلابين السودانيين الذي صدق بوعده، سلم السلطة في العام التالي لحكومة منتخبة ترأسها رئيس حزب الأمة الصادق المهدي.!

انقلاب السودان عام 1989:
((عاش السودان خلال حكم الصادق المهدي حالة من التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني، فأطلق مجموعة من ضباط الجيش مطلع العام 1989 مذكرة تطالب الحكومة بتحسين أوضاع البلاد.)) وفي العام نفسه قاد العميد (عمر البشير) انقلاباً عسكرياً على المهدي بمساعدة "الجبهة القومية الإسلامية" بزعامة حسن الترابي.، واطلق على انقلابه اسم بـ"ثورة الإنقاذ الوطني" وأسفر الانقلاب عن تولي البشير رئاسة مجلس قيادة "ثورة الإنقاذ الوطني" قبل أن يصبح رئيساً للبلاد في العام ذاته، إلى أن تمّ الانقلاب عليه عام 2019 !

انقلاب السودان 1990 :
وكما واجه نميري سلسلة انقلابات فاشلة كذلك البشير واجه عدة انقلابات فاشلة أيضاً رغم أن حكمه دام لثلاثين عاماً، كان أبرزها "انقلاب رمضان" في أبريل/نيسان 1990 ،أي، بعد مرور عام واحد على تسلم البشير سدة الحكم.
انقلاب السودان 1990 :
في مارس/آذار 1992 1992، وقع انقلاب جديد، وهذه المرة بقيادة عقيد في الجيش أسمه (أحمد خالد) ونُسب الانقلاب إلى "حزب البعث" السوداني، لكن فشل الانقلاب وتم وضع قادته في السجن.‎ وبعد انتهاء انقلاب حزب البعث الفاشل، لم تشهد البلاد أي تحركات عسكرية أو احتجاجات حتى جاء العام 2018 .
انقلابات السودان :2021
2018 في عام اندلعت الثورة السودانية التي طالبت بعزل عمر البشير، فقام وزير الدفاع آنذاك (عوض بن عوف) في أبريل/نيسان 2019 بتشكيل مجلس عسكري برئاسته لإدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان، إلى حين إجراء انتخابات مدنية، لكنّ الضغط الشعبي الذي تعرض له عوض بن عوف أجبره على تقديم استقالته بعد 24 ساعة فقط من انقلابه، ليتولى (الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان) رئاسة المجلس العسكري عوضاً عنه، وبقي هذا الحال حتى العام 2021 الذي شهد العديد من الانقلابات العسكرية التي كان هدفها الإطاحة بـ"المجلس الانتقالي السوداني" !
وأول تلك الانقلابات جاء في 11يوليو/تموز لكنّ الجيش أعلن إحباط المحاولة، واعتقال منفذيها، أما ثاني المحاولات الانقلابيّة الفاشلة فجاءت في الـ24 من الشهر ذاته، من خلال رئيس أركان الجيش (هاشم عبد المطلب أحمد) الذي تمّ اعتقاله بوصفه قائد ومخطط المحاولة الانقلابية.

وفي 21 سبتمبر/أيلول أعلن (العميد الطاهر أبو هاجة) المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش إحباط محاولة انقلابية شهدتها البلاد قام بها اللواء ركن (عبد الباقي الحسن عثمان بكراوي) ومعه 22 ضابطاً برتب مختلفة وعدد من ضباط الصف والجنود ضد المجلس السيادي.

أما آخر الانقلابات فكانت في 25 أكتوبر/تشرين الأول، ولكن هذه المرّة من خلال قائد المجلس السيادي (عبد الفتاح البرهان) نفسه الذي انقلب على المدنيين الذين اتفق معهم، واعتقل رئيس الوزراء السوداني (عبد الله حمدوك) ونقله إلى جهة مجهولة (في حينها)، وأعلن البرهان في بيان رسمي له إعلان حالة الطوارئ وحل المجلس السيادي ومجلس الوزراء وإعفاء كافة مسؤولي الولايات من مناصبهم.
****
وهكذا كانت حياة السودان والسودانيين فــ [بين كل انقلاب وانقلاب كان يحدث انقلاب آخر] وكل هذه الانقلابات وقادتها، كانوا يطلبون "فترة انتقالية" ويَعْدوُن الشعب السوداني بحياة برلمانية وحكومة ديمقراطية بعدها، لكنهم يتشبثون بالسلطة إلى أن يزيحهم انقلاب آخر، إلا (المشير عبد الرحمن سوار الذهب) الذي قام بانقلاب عسكري ناجح، أزاح به جعفر النميري عن سدة الحكم، ثم سلم السلطة إلى حكومة منتخبة بعد مرور "الفترة الانتقالية" بالضبط، والتي طلبها من شعب السودان بعد انقلابه على نميري !

وعبد الفتاح البرهان ليس من فصيلة (المشير عبد الرحمن سوار الذهب) إنما هو من فصيلة قادة الانقلابات الكثيرة التي سبقته، بل زاد عليهم جميعاً ـ لضمان بقائه في السلطة ـ بأن استنجد بــ (النتن ياهو) والاعتراف بــ "إسرائيل" واقامة علاقات كاملة معها، ليحمي كرسيه من السقوط ، وإلا ما هي مصلحة السودان مع الصهاينة وما مدى حاجة السودانيين إليها؟؟ .. إنها فقط حاجة البرهان للبقاء في السلطة (فقط لا غير)!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ:
المرجع : عربي بوست
(نوّار كتاو)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو