الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى ستستنفد الرأسمالية أغراضها وترحل!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2023 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تٌرى ما هو مصير الرأسمالية في الزمن القادم البعيد كنظام اقتصادي واجتماعي طبيعي نما مع نمو مجتمعاتنا ونمو قواها العقلية والعلمية والتقنية والصناعية؟؟
-----------------------------
السؤال الكبير والمهم هنا - وبغض النظر عن دفاعي في مقالة سابقة عن الاسلام ومنهجه الاصلاحي في التعامل مع النظام الرأسمالي بجذوره البسيطة الأولى قبل الثورة الصناعية بقرون حيث كان نظام العبيد جزء لا يتجزأ من ذلك النظام البشري الاجتماعي الطبيعي (الرأسمالي) البدائي حين كان الرقيق (سلعة) تخضع للعرض والطلب وفق نظام العبودية الذي لم يخترعه الاسلام بل نتج عن التطور الطبيعي للمجتمعات البشرية وللرأسمالية – فالسؤال هو كالتالي: هل ستبقى الرأسمالية كنظام اقتصادي إلى الأبد خالدة مخلدة؟ أم ستتطور إلى نظام أكثر رحمة وحكمة ومشاركة كما تطورت من قبل من تلك الرأسمالية الأنانية والبدائية المتوحشة التي عاصرها (ماركس) إبان الثورة الصناعية إلى رأسمالية اليوم (الاجتماعية) الأكثر رفقًا بالعمال والتي تحلبها الدولة الغربية بواسطة الضرائب التصاعدية من أجل تحسين أحوال العامة!، أم سيأتي زمان تستنفد فيه الرأسمالية كنظام يقوم على الربح والتجارة اغراضها كلها وتغادر إلى مثواها الأخير؟؟ وهل ستغادر بثورة شعبية عمالية حمراء تجرها من رجليها وقرنيها وترميها في أغوار الجحيم؟ أم ستغادر بشكل سلمي طبيعي وحتمي هادئ نتيجة التقدم العلمي والتقني والاقتصادي والعدلي والفكري والعقلي الهائل عند البشر بمرور القرون - بعد 500 سنة مثلًا - وبالتالي تخلي مكانها بالكامل لنظام آخر أفضل وأعدل؟ (ولاحظ كيف نقول هنا كلمة (أعدل؟) لأنه في مسألة العدل هناك ما هو "عدل" وهناك ما هو "أعدل" !!، فالعدل أمر نسبي تمامًا كما في قيم الجمال النسبي "جميل" و"أجمل"!) ، ثم ما هو ذلك النظام الذي سيرث الرأسمالية ويحل محلها في ذلك العالم العقلاني المتقدم علميًا وتقنيًا واقتصاديًا ربما بشكل لا يخطر لنا على بال اليوم كما لم يخطر على أحد منذ 500 عام مستوى العلم والتقنية الحاصل اليوم؟؟..... ما شكل أولئك القوم المتقدمون المنبثقون منّا والمتقدمون عنّا جدًا وما هو شكل نظامهم الاقتصادي غير الرأسمالي؟؟ هل هي الشيوعية أم الاشتراكية أم لا هذا ولا ذاك؟؟؟!

إن قصة انهيار النظام الرأسمالي العالمي والمحلي والقضاء على الراسمالية واحلال محلها ما يسمى بالاشتراكية أو حتى الشيوعية بالشكل الذي بشر به الاشتراكيون الراغبون في القضاء على الرأسمالية واجتثاثها من جذورها، ذلك الانهيار المزعوم والموهوم للمجتمعات الرأسمالية والذي ظلت قناة القذافي تعيد وتكرر طوال اربعة عقود اسطوانة مفادها: (( في اطار ارهاصات انهيار المجتمعات الراسمالية خرجت الجماهير الشعبية المتعطشة للاشتراكية في بريطانيا وفرنسا تطالب بالتغيير الجذري!!)) هكذا كانت قناة القذافي تردد وكانت النتيجة ان المعسكر الاشتراكي والشيوعي هو من افلس وانهار!! وكذلك نظام القذافي الذي انهار نظامه الاقتصادي (الاشتراكي الطوباوي المتطرف) اولًا ثم تبعها نظامه الشمولي السياسي الشعبي الشعبوي (الطوباوي) شكلًا والقبلي العائلي فعلًا !!.. ولم ينهار النظام الرأسمالي كما تنبًا غير واحد من الشيوعيين والاشتراكيين الماركسيين أو اللينيين أو الماويين وغيرهم!

وفي اعتقادي ان النظام الرأسمالي كما كتبت في مقالات سابقة لم يستنفد اغراضه بعد، ومن ثم هو لن يرحل إلا إذا استنفد اغراضه التي وُجد لأجلها كما رحل نظام العبودية حينما استنفد اغراضه!، فالنظام الرأسمالي – بكل عيوبه وذنوبه - لا يزال يقدم للبشرية خدمات جليلة، ولا زالت منافعه اكبر بكثير من مضاره، فهو من وما يقود عجلة التطور العلمي والتقني والحضاري والمدني الحالي بل منذ قرون منذ صوره القديمة البدائية الأولى منذ ظهور التجارة والانتاج من أجل الربح وتكديس وتنمية الثروة، وبالتالي لن ينهار على يد العمال والاجراء ولا الثورات الشعبية بل هو سيتحلل بشكل هادئ وطبيعي بعد عدة قرون من الآن عندما يصل (العلم والتقنية) الى مرحلة يتم من خلالها وضع (وسائل الانتاج والخدمات) في يد الأجهزة والآلات الذكية والقوية (الروباتات) بالكامل فلا تكون هناك حاجة للجهد العقلي والعضلي للبشر في انتاج مواد ووسائل المعيشة (ادارة المزارع والمصانع والخدمات الضرورية والترفيهية العامة)، وعندها لن تعد هناك حاجة للرأسمالية بل حاجة لحكومة عالمية علمية عادلة صارمة توفر لكل من تبقى من البشر - بعد الكوارث التي ستتعرض لها البشرية وتقلل من سكانها وتفرض حالة وجود الادارة العلمية العالمية للكوكب - الحاجات والخدمات اليومية الراقية، وتصبح الارض بسكانها بسبب هذا التقدم العلمي والتقني والتنظيمي والاداري كما لو أنها (فردوس ارضي) بالفعل ، والغريب هنا، بما أنني أؤمن بأن القرآن هو من عند الله الخالق - هو ما أنبأنا به القرآن الكريم وبعض الاحاديث عن النبي، فالقرآن ذكر أن القيامة لن تقوم الا بعد أن تبلغ الارض زينتها وزخرفها، فقال: {حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (يونس:24)

فهذا يعني ان القيامة لن تقوم الا والارض باتت في كمالها ونعيمها ووفرت ثروتها (فردوس ارضي) بسبب العلم والتقنية والادارة العلمية المتقدمة للكوكب وليس نتيجة الافكار والايديولوجيات والثورات الاجتماعية والشعبية والسياسية بل بالتقدم العلمي والتقني الذي سيتراكم بشكل تلقائي مع مرور الزمن حتى يحول حياة البشر الى نعيم !... ويقول الحديث المروي عن محمد : «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ المالُ ويَفِيضَ، حتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بزَكاةِ مالِهِ فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُها منه، وحتَّى تَعُودَ أرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وأَنْهارًا» ... وفي حديث آخر عن آخر الزمان قال: " فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا ، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ)) فالرمانة الواحدة لضخامة حجمها ستكفي جماعة من الناس الذين سيستظلون بقشورها الضخمة واللقحة أي حديث الولادة من الأبل ستكفي لإطعام مجموعة كبيرة من الناس (!!؟؟) ، فهذا بعض ما ورد في القرآن وفي الأحاديث المنسوبة للنبي محمد، وهذا لن يتحقق الا بالعلم والتقنية كوسيلة للانتاج المادي الضخم والجيد وكذلك تحويل الصحاري الى جنات فهو سيتم مع تغير المناخ الطبيعي والصناعي المحكوم بالعلم والتقنية الفائقة التي تدار بالجهد العقلي والعضلي الآلي لا البشري ..... وهذا الرأي وبغض النظر عن موقفي الديني يمكن أن يتفق مع تصور ماركس الأساسي الذي يقوم على فكرة المراحل الطبيعية والضرورية للتطور البشري والاقتصادي، فتصور ماركس يقوم على أن الرأسمالية لن تنتهي حتى تستنفد اغراضها وتحقق مهامها من خلال العبور بالبشرية من مرحلة (الندرة) إلى مرحلة (الوفرة) والثروة الطائلة التي تكفي البشر وزيادة !، الفرق أن ماركس يقول أن من يقود هذا التطور هو ((التطور الحتمي لوسائل الانتاج))، ونحن نقول بل ((التطور الحتمي للعلم والتقنية))، وعند التحقيق والتأمل الدقيق ستجد أن القولين وجهان لشيء واحد هو ((التطور الحتمي التراكمي لمعارف ومعلومات ومهارات وقدرات وأدوات الانسان)!!

والمقصود هنا حسب ما ارى ان الرأسمالية مرحلة ضرورية حتمية لتطور البشر وهي حتى الآن لم تستوفِ اغراضها ومهمتها التي ارادها (الله) - وفق سنن كونية الهية - تقود التطور البشري الحضاري - اي ما بعد التطور الحياتي الجسماني (البيولوجي) و(السياسي) للبشر من خلال قانون تراكم المعرفة والقدرة والمهارات والأدوات للبشر!! - وهي لن تستوفي اغراضها، اي الرأسمالية التي جوهرها (التجارة) كمحرك للزراعة والصناعة والاقتصاد وللحضارة وللعلم والتقنية حتى يضع الانسان عن كاهله الشغل الضروري (العقلي الفائق الذكاء، والعضلي الفائق القوة والمهارة)، جله أو كله، على عاتق وكاهل تلك المخلوقات (الآلية) و(الروبوتات) القوية والذكية ، شديدة المهارة، التي سيخلقها الانسان لتخدمه بالكامل في كل شيء، الراعة والصناعة حتى في التعليم والطب بل وفي إدارة المدن والأمن، وهو ما نلمس بعض ارهاصاته اليوم!!، فكيف بعد 500 عام؟؟!!... عندها لن تكون للرأسمالية اية ضرورة ولا للجهد الانساني والعمال في الاقتصاد اي ضرورة، فالآلات شديدة الذكاء والانضباط والمهارة ستقوم بتشغيل وتنفيذ آوامر البشر وتوفير الانتاج الضخم المناسب للنعيم الارضي وتوزيعه بطريقة آلية رقمية محكمة بشكل عادل على كل من تبقى من سكان الارض (كلٌ حسب حاجته وزيادة) وبما يحقق الرفاه العام للجميع، أو من تبقى من البشر بعد تلك الكوارث الطبيعية والبشرية التي ستحدث فتكون نتيجتها انقاص عدد السكان إلى ما هو أقل من نصف، والنصف كثير!!.............. وعندها يبدأ العدل التنازلي لاقتراب يوم القيامة، ربما بعد 10 آلاف سنة من الآن أو اكثر، اي حتى يصل المخطط الالهي (المسبق) لعمارة الأرض وزخرفتها وتزيينها على يد الانسان الى قمته وذروته كخليفة عن الله في أداء هذا الهدف التكويني على كوكب الأرض، ليكون هذا التفوق العام والتزيين التام والرفاه الكامل للبشر هو نهاية المطاف استعدادًا للعبور – بعد المرور ببوابة وتجربة الموت الجسماني - كما تخرج الفراشة أو الذبابة من شرنقتها بعد سبات، نحو ((الكون الآخر)) بقوانين أخرى غير قوانين هذا الكون الحالي!!، كلٌ حسب أخلاقه، وحسب عمله وأثره الطيب أو السيء في الدنيا، وحسب علاقته الشخصية بخالقه وخالق هذا الوجود الغريب العجيب!، أي كما جاء في القرآن: ((حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))، وقوله: ((فَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَیۡرࣰا یَرَهُۥ، وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُ))!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الراسمالية نتاج النظام الاساسي للحريات
منير كريم ( 2023 / 2 / 7 - 08:51 )
الاستاذ سليم نصر الرقعي المحترم
طالما توجد الحرية الاقتصادية توجد الراسمالية
الحرية الاقتصادية جزء اساسي من النظام الاساسي للحريات الانسانية
الشيوعية والفاشية والنازية الغت الراسمالية فوصلت الى العبودية
لكن الراسمالية يجب ان تنظم بقوانين
هناك احتمال قوي ان الراسمالية تتحول من حالة طبقية الى حالة شعبية فتتحقق الراسمالية الشعبية
وعلامات ذلك بادية في المجتمعات المتطورة
ملاحظة
لماذا تخلط الدين بنقاش عقلاني علمي
وكانك تتكلم عن يوم القيامة
شكرا لك


2 - ألرأسمالية تعبر عن ارادة الانسان في الحياة
د. لبيب سلطان ( 2023 / 2 / 7 - 20:06 )
الاستاذ الرقعي
شكرا على المقال الشيق
لي نقطتان الاولى ان الرأسمالية كونها نظام اقتصادي يعتمد على المبادرة وعلى حسن اسخدام الافراد لفرصة يوفرها السوق ستبقى نظام يحمل أهم اسس الحياة كصراع من اجل البقاء بايجاد وسيلة للعيش . واما التطور العلمي والتكنولوجي فلن يقضي عليها لان في ذلك القضاء على اهم تبرير للحياة وهو العمل والارادة الفردية في تحقيق الذات والمصلحة ..وعكسه فمجتمع الكسل حتى بتوفر الثروة والرفاه والعدالة يقضي على مبرر الحياة، وهو العمل لتحقيق الذات، ومنه لا نهاية لها ولا يوم الساعة ولاهم يحزنون ..يبقى اصلاح الرأسمالية وتهذيبها مسألة اخرى تقوم بها المجتمعات..والتقدم العلمي بتطوير وسائل الانتتاج لايحول الانسان الى الكسل بل يحوله من العمل اليدوي الى العمل الذهني والعمل الاكثر مهارة وذكاء ومعرفة وانتاجا، فالعمل اساس وجود الانسان
الثاني ان مفهوم حلول الساعة لاعلاقة له بالله فهو قوة خالقة وليست مدمرةعبثية وابتدعته
الاديان لاخضاع الانسان لها بالتهديد بهذا اليوم ولاعلاقة لله به فمفهوم الخلق والرحمة هماالله و ليس كما الاديان ، عليك فهم الله فلسفيا خارج الاديان ستجده اكثر رحمة وعمق

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب