الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر الدهماء

أحمد عبد العظيم طه

2023 / 2 / 7
الادب والفن


قبل الحدث بأربعة أعوام:

- هيا بنا.. الافتتاح بدأ ولا أريد أن يفوتني شيء.
- بضع رشفات أخرى وندخل.. ثملا تقلق فلن يفوتك شيء.. افتتاح أي شيء يمتلأ بالكلام الفارغ

كان المؤتمر العلمي المعقود بقاعدة البحر الأعظم لعلوم الفضاء سريًا بشكل ما، وعلى الرغم من أنه قد دُعِيَتْ إليه عدة شخصيات علمية شهيرة، إلّا أن الدعوة الموجهة لكل شخص على حدة تكشف له عن وجود مؤتمر علمي (رفيع المستوى)، وكانت صياغة الدعوة كالتالي: "السيد العالم – ربما الخبير أو المتخصص أو الأستاذ/ فلان الفلاني.

تحية طيبة وبعد’’

تتشرف قاعدة البحر الأعظم لعلوم الفضاء بدعوتك للحضور إلى القاعدة بتاريخ كذا، وذلك لاستشارة سيادتك علميًا فيما هو بمجال تخصصك.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام’’


رئيس مجلس إدارة القاعدة


في صفٍ واحدٍ جلس الحضور وهم أربعة عشر شخصًا من المتخصصين بمجالاتٍ علميةٍ مختلفةٍ – أغلبها يتماس مباشرة مع علوم الفضاء، والبقية مجالات علمية نظرية غير مُتماسة مع الفضاء لا من قريب ولا من بعيد!.. وقد جلس باحثو القاعدة البالغ عددهم 9 في صفٍ مستقلٍ.
بعد ترحيبه بالجميع بصفةٍ عامةٍ، تحدث رئيس مجلس إدارة القاعدة – والذي كان يرأس الجلسة الافتتاحية: فقال ما مفادهُ بأن هذا المؤتمر الصغير كمًّا؛ الكبير كيّفًا؛ يُعدُّ حدثًا استثنائيًّا بالنسبة لقاعدةٍ علميةٍ كالبحر الأعظم...


الحدث:

كان الحدثُ يتطلب كمًّا وفيرًا من الجَرأة والانتباه والسرعة الفاعلة؛ أيضًا يتطلب هدوءً ذهنيًا حادًا؛ شديدًا – مُميتًا في حال تحول إلى جمودٍ أو انذهالٍ عن الواقع.
فلئن يُهاجمُ الموتُ شخصًا – بأيةِ كيفيةٍ – فإن ذلك هو الشيء المنطقي؛ الطبيعي؛؛ أمّا أن الموت ينتظر مُهاجمة ذات الشخص له، ليقتله – على أيةِ صورةٍ – فذلك هو العجبُ المُبين (مضروبًا بنفسهِ ألف مرةٍ على أقل تقدير).
وقد صُنِعَ المشهد هكذا، فبان على شاشة السينيما كما يلي: شخصٌ عار ٍإلى خصرهِ يُمّسكُ مضربًا للتنس، ويتوسطـُ ميدان اللعب باستادٍ كبيرٍ للتنس حيثُ لا شبكة تنتصفُ الميدان..
أمامه يربـِضُ كلبٌ غطيس مُزّبـِدْ، وورائَهُ يخْنِسُ ضبعٌ أجرب ذو أعينٍ حمراءٍ يتأكْلَها الجرب، وإلى يساره دبٌّ قطبيٌ هزيلٍ تكادُ مخالبهُ تتقوس من فرط الجوع.. وعن يمينهِ يظهرُ الجمهورُ الحماسي اللاهبُ هاتفًا بشعاراتٍ جنونية مُتباينةٍ تتناسبُ والموقِفُ الجنوني من كافْةِ زواياه.
وكان الشخصُ يلفُ حول نفسهِ ببطءٍ في دائرةٍ كاملةٍ مُشَرِّعًا مضْرِبِهِ أمام وجْهِهِ – كحركةٍ تحذيريةٍ مفهومةٍ للمُتربْصينَ من الحيوانِ والإنسِ. لَكِنَّ المشهدَ قد بدا لمُشاهِدي الفيلم بالسينيما وكأن المُخرجُ قد أراده مشْهَدًا وجوديًّا ينْضحُ بالحِسِ الروحِيّ، وليس مشهدًا إثاريًّا مُعْتادًا لشخصٍ يُواجِهُ الموتْ في صيغةٍ جماعيةٍ. إذ تقتربُ الكاميرا من الكلب الغطيس المُزْبِدْ فيُرى فقط مُزمْجِرًا عصبيًّا في حركتِهِ لَكِنْهُ لا يُهاجِمْ (وكأنه ينتظرُ أمر مالِكِهِ ليفعل).
ثُمَّ تأتي الكاميرا على وجهِ الضبع الأجرب وتزومُ فوقَ أعْيُنَهُ الحمراء فيَظـْهَرُ دودًا دقيقـًا لاعِبًا بيّنَ أجفانِهِ وأحْداقِهِ، وهو بالمِثْلِ لا يُهاجِمْ إنْما يُساقُ ذلك تبْعًا لطبيعتِهِ السليقيةِ الجَبَانةِ، فيُرى مُنْتَقِلَاً بقوائِمهِ الأماميةِ إلى مَحَلِّ الخلّفِيّةِ كُلّما لاح لهُ مَضْرِبُ التنس.
وعندما ستقتربُ الكاميرا من الدبِّ القُطبيّ سيُرى أن المُخرجَ قد أفاد بشكلٍ كبير ٍمما لهذه الحيوانات من خواصْ. فقد ظَهَرَ الغباءُ المُدْقعْ للدُبِّ بينما هو يراوحُ نظرهُ بحيرةٍ وبلهٍ بيّنَ الشخص اللفاف ذو مضْرِبِ التنس وبيّنَ الكلب الغطيس المُزْبـِدْ (لكأنْهُ كان يتَخَيّرُ الأسْهلَ لِهِزَالَهُ) بيّدَ أنهُ كذلك صار لا يُهاجِمْ مُكْتَفِيًا بالحيرةِ والبَلَهْ النابِعانِ من الغباءِ والهِزالِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس