الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تقييم موضوعي للتجربة النيابية البحرينية

عبدالهادي مرهون

2006 / 10 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


العنوان عالية يختزل، على ما نزعم، فترة السنوات الأربع التي عشناها معاً، كنواب ومواطنين ومراقبين، ومارسناها نحن كنواب في مجابهة صخرة الاستماتة الدفاعية والتخريبية أحياناً، الحكومية (بحق ومن دون حق).


وهي كما يحسب عديد من المراقبين، تجربة حافة بالمتناقضات المثيرة صعودا وهبوطاً، أي في حال مدها وجزرها ففي مقابل سطحية وتفاهة بعض القضايا التي طرحها بعض النواب وأثارت صخبا ولغطا شديدين تجاوزا حدود المجلس وخرجا إلى الدائرة الأوسع أي الصحافة والمجالس والديوانيات التي انتشرت كالفطر في مناطق البحرين المختلفة - مقابل هذه الهوامش المضجرة، فقد كانت للمجلس وقفات جادة في عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كان لها صدى فاق سابقة، كما أن مفارقات التجربة لا تقل بدورها إثارة عن متناقضاتها، فهي تعتبر من ناحية التجربة الثانية في تاريخ البحرين الحديث، حيث كانت الأولى في عام 1973، أي بعد الاستقلال والتي لم تستمر سوى لعامين فقط حيث لجأت الحكومة حينها إلى حل المجلس وتعليق العمل بالدستور ووضع البلاد تحت رحمة قانون أمن الدولة سيء الصيت، حتى حقَّ أن نطلق على تلك الفترة بالسنوات السود، أما تجربتنا الحالية فقد اختلفت كثيرا عن التجربة البرلمانية الأولي حيث نشأت في ظل مناخ يتوفر على قدر معقول من الحريات والسماح للتنظيمات (الأحزاب) السياسية بالعمل العلني على عكس التجربة الأولى التي لم يتوفر لها ولو جزء يسير من الحريات ناهيك عن استمرار تعرض نشطاء التنظيمات السياسية التي ظلت تعمل سرا للملاحقة والتنكيل.



إلا أن العملية الديمقراطية الثانية 2002 تميزت من مفارقاتها أيضاً بانقسام المجتمع بين مقاطعين للانتخابات بسبب التعديلات الجوهرية الأحادية الجانب التي أُدخلت على دستور 1973 من خلف ظهر الناس ودون علمهم أو موافقتهم وأدت إلى ظهور دستور جديد تقريبا هو دستور 2002 أثار السخط والرفض، وبين مشاركين في تلك الانتخابات على أساس أن المشاركة من شأنها تقليل الخسائر التي أحدثتها التعديلات الدستورية الأحادية الجانب.



وكان لكل طرف من هؤلاء أسبابه المفهومة في اتخاذ موقفة من تلك الانتخابات وكان من نتيجة ذلك أن تمخصت الانتخابات عن مجلس منتخب لا يعبر بشكل كامل عن مختلف أطياف العمل السياسي والشعبي نظراً لمحدودية أصوات المعارضة التي ضمها ما جعل مهمة الحكومة سهلة في تمرير كثير من القوانين والتشريعات الموجهة ضد حرية التعبير والعمل الديمقراطي ومصالح الناس بوجه عام.



وكان لابد أن يؤدي الموقف السلبي لقوى المقاطعة من البرلمان إلى تعقيد مهمة النواب المعارضين لأنه القي عليهم مهمة التصدي منفردين للقضايا الوطنية الكبرى رغم أنها قضايا القوى السياسية والمدنية الحية بمجملها وتمس مصلحة السواد الأعظم من المواطنين، لقد جاء قرارنا بالمشاركة في الانتخابات رغم معرفتنا بكل القيود والعيوب التي تكتنف العمل البرلماني في ظل تغيير الدستور وصدور حزمة القوانين التي شرعت لإحكام القبضة والسيطرة والتحكم في العمل السياسي التي تم الترويج لها وتسويقها في الخارج قبل الداخل لاكتساب رضى وقبول الأسرة الدولية وخصوصاً القوى النافذة فيها التي صارت تتبنى التحولات الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم لأسبابها الخاصة.



لقد أدركنا منذ البداية أن وجودنا تحت قبة البرلمان لمواصلة مسيرتنا التاريخية في الدفاع عن مصالح الشعب من أي موقع تسنح لنا الفرصة في اقتحامه أفضل من الوجود خارج أسواره مع إدراكنا أن هذا لا ينقص من تقديرنا العالي للدور الكبير الذي أدته أطراف المعارضة المقاطعة للانتخابات سواء فيما يتعلق بالملف الدستوري أو فيما يتعلق بملفات الفساد والتجنيس والبطالة وغيرها من الملفات الساخنة التي أشعرنا كفاح المعارضة خارج البرلمان بشأنها أننا لم نعد لوحدنا في الكفاح السياسي الوطني وكم سعدنا بقرار الجمعيات السياسية المقاطعة العودة عن قرار مقاطعتها والمشاركة في الانتخابات القادمة التي ستجري في نهاية نوفمبر المقبل لان من شأنه أن يعزز مواقع القوى الوطنية الناشدة استثمار الفرص التشريعية والرقابية التي يتيحها البرلمان – رغم قلتها – لتجذير الخيار الديمقراطي للبلاد.



ومن خبرة السنوات الأربع الماضية التي قضيناها تحت قبة البرلمان، نزعم أننا في وضع يسمح لنا التأكيد للقوى السياسية على أهمية مصارحة قواعدها الانتخابية بكل صدق وشفافية بأن المشاركة في الانتخابات وخوض غمار العمل النيابي ما هو إلا أسلوب للعمل السياسي الكفاحي السلمي لا يلغي الأساليب النضالية الأخرى، وأنه مثلما ينطوي على عوائد ستتراكم تدريجيا، فإنه يحتمل أيضاً الإخفاقات المريرة وهذه من طبيعة السياسة وعلى القوى السياسية في البرلمان أن تتذكر دائما أنها ليست الكتلة الوحيدة في المجلس فهناك كتل أخرى لها توجهاتها وحساباتها الخاصة، والآن وفيما يتعلق بحصاد السنوات الأربع الماضية، نستطيع القول أنه لم يكن وفيرا وإن كنا نأمل أكثر من ذلك، إلا أن الواقع كان أقوى من الجميع على ما بدا فمحدودية الصلاحيات الدستورية والموقف السياسي السلبي لبعض القوى المعارضة وضعف النواب المعارضيين وقيود اللائحة الداخلية للمجلس، ومراوغات وعدم تعاون الحكومة كلها أمور لابد من أخذها بعين الاعتبار في الحاضر والمستقبل.



ولعل من المهام الكبرى الماثلة أمام المجلس القادم هو تعزيز روح الوحدة الوطنية وترسيخ مبادئ العيش المشترك وتغليب منطق احترام الرأي الآخر وترسيخ ثقافة الحوار بين مختلف الأطياف وخاصة بعد ظهور التداعيات السلبية الكبيرة "لتقرير البندر" الذي أظهر استجابة المجتمع المدني للعمل السياسي العلني ولجؤ السلطة في البحرين إلى العمل السري في الأقبية المظلمة بعيداً عن الرقابة من خلال إنشاء الشبكات السرية لتقويض العمل السياسي وتخريب هياكل وبنية المجتمع. كما أن من مهام البرلمان القادم ايضا التأكيد على تحقيق مطالب المواطنين في توفير أسس العيش الكريم على كافة الصعد المتعلقة بالرقي بحياة الناس كالإسكان،العمل، التوظيف، التأمين ضد التعطل، الصحة، التعليم وغيرها وكذلك الحرص على تثبيت مبدأ الحفاظ على الحريات العامة ومبادئ حقوق الإنسان بما يعزز من كرامة المواطنين على أرضهم وفي وطنهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب