الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتن السردي المفترض في رواية (العاشرة بتوقيت واشنطن)(1) (ملاحظات قارئ للاقتراب من النص)

محمد عبد حسن

2023 / 2 / 9
الادب والفن


ينجح الروائي، منذ البداية، في الإمساك بقارئه حيث، يضعه منذ الاستهلال، أمام مشكلة روايه الضمني: "لم يحدث هذا معي من قبل، ثمة من يحاول أن يعكر مزاجي في الكتابة، يقوم بتمزيق الأوراق التي أعددتها للشروع في عمل روائي جديد، وأحيانا يعمد إلى شطب أو مسح بعض الجمل بعبثية واضحة" ص5.
كقارئ مولع بالسرد؛ أرى أنّ الرواية تتكون من متنين سرديين:
الأول: يمتد بين الصفحات (5-49)، وهو مشروع روائي جديد كتبه (مؤلف أول) ثم توقف عنه بعد أنْ أدرك أنّ هناك من يتدخّل لتغيير ما يكتبه محاولا اللعب بمصائر شخصياته بعيدًا عن مسار الأحداث التي كان قد اختطّها: " توقفتُ عن الكتابة بعد محاولة اختراق روايتي من قبل مجهول" ص44.. "شخصيا أنا توقفت عن الكتابة" ص48.. ليعلن، بعد ذلك، عدم مسؤوليته عن كلّ ما سيكتب ص49.
الثاني: بينما كان المتن السردي الأول للرواية من مؤلف (محايد) ذي رؤيا يبحث عن شخصيات لتجسيدها رافضا التدخل في أحداث روايته.. يأتي المتن السردي الثاني من مؤلف انتدبه الشخصيات، بعض منها وربما أحدها: "أنا كاتب الرواية الجديد، استدعتني بعض شخصياتها لإكمال ما بدأه المؤلف الأول بعد اختلافها معه نتيجة أزمة ثقة بين جميع الأطراف" ص50.. لنكتشف لاحقا أن المؤلف في هذا المتن ينساق من رؤيا الشخصيات التي استدعته لإكمال الرواية.. بل ويكون أحد شخصياتها.
ما يبعثره القاص والروائي باسم القطراني عبر صفحات روايته يدفعني، كقارئ، إلى افتراض وجود متن سردي تركه المؤلف لقارئه. فالعبارات الواردة في المتن السردي الأول مثل: "ثمة من يحاول أن يعكر مزاجي في الكتابة، ..........، وأحيانا يعمد إلى شطب أو مسح بعض الجمل بعبثية واضحة"ص5، "هل تؤمن بنظرية المؤامرة"ص19، "هذا شيء سخيف لم أكتبه أنا أبدًا، هل هذه أحداث روايتي؟؟!!!"ص41، "توصلت إلى قناعة تامة بأني قد وقعت ضحية أحد يريد أن يلعب معي لعبة قذرة، طرف ثالث يدخل على الخط ليخلط الأوراق ويسقط الرواية بضربة قاضية"ص42.
إنّ ما تعرض له المؤلف الأول لم ينج منه المؤلف الثاني، ولو أن ذلك تأخر إلى ص85: "وخلال حديثي السري مع المجموعة انتبهت متأخرا إلى عدم وجود جمال وناريمان".. وكذلك حين بدأت شخصيات روايته تنمحي. كلّ ذلك يؤكد لي وجود متن سردي مفترض تركه المؤلف لقارئ منتج.
أؤشر أيضًا وجود فقرات وردت على لسان سارد عليم لم يعطه المؤلف مساحة خاصة للحديث، وإنما وردت مشاركته ضمن متن السرد الثاني للرواية. فالفقرة: " الأمور تتأزم، كامل ضاحي داخل دائرة الاهتمام لجهات مجهولة. ....................ضمن لعبة روائية لا أحد يتنبأ بشكل نهايتها الذي يبدو غامضا ومخيفا"ص64 فقرة لسارد عليم. فإذا كانت الإشارة تتم، ضمن الفقرة إلى (الكاتب الأول) و(الكاتب الجديد).. فمَنْ الراوي هنا؟ ويتكرر ذلك في صفحة (91) وما بعدها: "حاول الكاتب الاتصال بريتشارد هولك، مد يده إلى هاتفه الخلوي فرآها تختفي، أحد ما يقوم بمحوها، ثم راحت شخصيته تمحى بالكامل...".
بالنسبة لي.. وفّر لي الصديق باسم القطراني في روايته القصيرة هذه، التي تنتمي إلى الميتاسرد، سياحة ممتعة.
----------------------------------------------------------------------------------------------------
(1): العاشرة بتوقيت واشنطن / رواية – باسم القطراني / ط1 / 2022 – مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا