الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة الزلزال في سورية تكشف انحطاط منظومة قيم الدول الغربية

عليان عليان

2023 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



يتابع أبناء أمتنا العربية ، أخبار كارثة الزلزال المدمر ، الذي ألم بسورية الشقيقة، على شاشة التلفاز وقلوبهم تنفطر ألماً وحزناً ، وهم يرون فرق الإنقاذ السورية تكافح ليلاً ونهاراً ، وفي ظروف البرد القارسة للبحث عن ناجين ولاستخراج الجثامين من تحت الأنقاض ، وما يكتنف عمليات الإنقاذ من صعوبات هائلة جراء عدم توفر التجهيزات اللازمة ، نتيجة 11 عاماً من الحرب القذرة التي فرضت عليها، ونتيجة جريمة الجرائم ممثلةً بقانون قيصر الأمريكي.
لقد كشفت كارثة الزلزال، الذي أودى بحياة ما يزيد عن 2000 مواطن سوري، وجرح الآلاف في مدن حلب واللاذقية وحمص وحماة وجرابلس، عن بشاعة الإمبريالية الأمريكية بشكل خاص، وعن بشاعة الإمبريالية الأوروبية التابعة للمركز في واشنطن ، وكشفت عن زيف تشدقها بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ، فأمريكا زعيمة ما يسمى " بالعالم الحر" اعتادت في نهاية كل عام أن تصدر عبر وزارة خارجيتها، تقريراً حول حقوق الإنسان ، في كل دولة من دول العالم ، فتمدح هذه الدولة وتقرع تلك وتعاقبها ، لكنها تجاهلت أن تقيم حقوق الانسان في الولايات المتحدة نفسها ، ودورها في ضرب حقوق الإنسان في مختلف دول العالم الثالث.
تجاهلت أمريكا سجلها الأسود في الداخل والخارج ، تجاهلت ظاهرة جرائم القتل العنصرية ضد السود في داخلها ، وتجاهلت جرائمها في العراق وأفغانستان وفي سورية وفي فلسطين عبر أداتها " الكيان الصهيوني" ، واليوم تكشف عن وجهها الأكثر قباحة في التاريخ المعاصر ، بتشفيها بكارثة الزلزال في سورية ، عندما خرج الصهيو إمبريالي الرئيس بايدن على الملأ ، ليعلن بأن ما حصل في سورية يتحمل مسؤوليته الرئيس بشار الأسد.
أما دول الاتحاد الأوروبي ، التي تتمرغ في مستنقع التبعية لواشنطن ، فقد صمتت على مصيبة الزلزال في سورية ، وتقاطرت لدعم تركيا في مواجهة كارثة الزلزال ، فهذه الدول رغم تشدقها بحقوق الإنسان إلا أنها لا تختلف عن إمبريالية الولايات المتحدة ، في منظومة قيمها السوداء سابقاً وحاضراً ، وفي الذاكرة جرائمها الاستعمارية في الجزائر ومصر وسورية والكونغو وأنغولا وجنوب إفريقيا وناميبيا والهند والقائمة تطول وتطول ، ناهيك عن جرائمها المعاصرة بحق دول العالم الثالث من خلال مشاركتها أميركا في كل حروبها القذرة في العراق وسورية وأفغانستان ... والقائمة تطول وتطول.
واللافت للنظر أن دول الاتحاد الأوروبي ، فسرت صمتها على مأساة سورية، بسبب رخيص ومكشوف بأن النظام في سورية لم يخاطبها بهذا الشأن ، وكأن الموقف الإنساني يحتاج إلى مثل هذه البيروقراطية مثلما أشار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ، علماً أن الدولة السورية ناشدت دول العالم أجمع مساعدتها في مواجهة الكارثة دون أن تحدد دولةً بالاسم ، ما يؤكد أن دول الاتحاد الأوربي لم تغادر قيمها الاستعمارية ، ولا زالت تنظر إلى دول العالم الثالث بدونية ، ما يتطلب لاحقاً تحديد مواقف لاحقة حيال الإمبريالية الأوربية من منظور التعامل معها كعدو أو ليس " كصديق" بحكم معاداتها لسورية ولمصالح الأمة العربية جمعاء .
وفي مقابل هذه الصورة السوداء للغرب الإمبريالي ، تبدت صورة إيجابية على الصعيدين الداخلي السوري والعربي ، فعلى الصعيد الداخلي السوري بدت القيادة السورية متماسكة في مواجهة كارثة الزلزال رغم قلة الإمكانات، من خلال رسم برنامج طوارئ يستجيب لتحديات الكارثة .. هذا ( أولاً)، و(ثانياً) من خلال الدور الهائل الذي اضطلع به الجيش وجهاز الدفاع المدني والهلال الأحمر السوري .
و (ثالثاً) من خلال الدور الأسطوري لأبناء الشعب السوري، حين هب رجاله ، شيبه وشبانه ، لمساعدة فرق الطوارئ السورية في الليل والنهار ، لإنقاذ المواطنين ، مستخدمين الأدوات البسيطة من فؤوس ومعاول ، غير آبهين ببرودة الطقس وتساقط الثلوج ، وهم بهذا الموقف بددوا أكذوبة الانقسام الطائفي والاثني التي عمل عليها وروج لها الغرب الاستعماري، والدول الرجعية ،وعصابات الإرهاب التكفيري السوداء ، وبرهنوا على وحدة هذا الشعب وتماسكه في كل الظروف .
وعلى الصعيد الشعبي العربي : تنادت النقابات العربية والجمعيات الأهلية لجمع التبرعات النقدية ، عبر فتح حسابات خاصة بهذا الشأن ، ولإيصال المواد الغذائية والأدوية وغيرها ، كما لجأت شركات الأدوية إلى شحن الأدوية لسورية متحديةً قانون قيصر ، ناهيك عن قيامها بإرسال فرق إنقاذ متخصصة .
وعلى الصعيد الرسمي العربي : تبدى موقف إيجابي ، عبر تسيير جسور جوية من بعض الدول العربية تحمل أطناناً من المساعدات من الأدوية والأغطية والمواد الغذائية وغيرها ، من الجزائر ولبنان ومصر والإمارات والسعودية والعراق وليبيا ، وكذلك قوافل مساعدات من الأردن وتونس وسلطنة عمان وذلك في تحد ظرفي لقانون قيصر الأمريكي ، الذي أرهق سورية وحال دون خطتها لإعادة الإعمار.
لكن ما يندى له الجبين أن دولتين عربيتين أو أكثر ، تجاهلت ما حصل لسورية ، وراحت شأنها شأن دول الغرب تقيم الجسور لدعم تركيا – التي نتمنى لشعبها السلامة والخروج من هذه الكارثة الخطيرة – وذلك في ازدواجية فاقعة للمعايير .
وتقتضي الموضوعية هنا ، أن نرفع القبعات للجزائر ، التي باشرت فوراً بتقديم المساعدات المطلوبة فوراً عبر جسر جوي لم يتوقف حتى اللحظة ، وأن نثمن دور جمهورية إيران الإسلامية التي باشرت بدعم سورية في مواجهة أزمة الكارثة بجسر جوي متصل، يحمل أطنانا من المساعدات المطلوبة وبفرق إنقاذ فورية ، وبجهود سريعة لتهيئة بعض المطارات لاستقبال المساعدات من مختلف دول العالم ، وأن نثمن دور الاتحاد الروسي في توفير مختلف المستلزمات الضرورية في مواجهة الكارثة ، وفي المساعدة في عمليات الإنقاذ من خلال قواته الموجودة في سورية .
وأخيراً : فإن الموقف العربي الرسمي ، الذي تنادى لنجدة سورية في مواجهة كارثة الزلزال ، يظل ناقصا وظرفياً ، ما يقتضي من بعض الدول العربية وعلى رأسها الجزائر ومصر ، أن تتنادى لوقف مهزلة تجميد مقعد سورية في الجامعة العربية ، وأن تتخذ خطوات ملموسة لكسر الحصار المفروض على سورية وعدم الانصياع لقانون قيصر .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -محاولة لاغتيال زيلينسكي-.. الأمن الأوكراني يتهم روسيا بتجني


.. تامر أبو موسى.. طالب بجامعة الأزهر بغزة يناقش رسالة ماجستير




.. مشهد تمثيلي في المغرب يحاكي معاناة أهالي غزة خلال العدوان


.. البرازيل قبل الفيضانات وبعدها.. لقطات تظهر حجم الكارثة




.. ستورمي دانييلز تدلي بشهادتها في محاكمة ترمب