الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يجب على إدارة بايدن أن لا تغلق آذانها

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2023 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الأربعاء ذهب وفد عراقي رفيع إلى واشنطن في مسعى جاد لتخفيف حدة الأزمة التي افتعلتها الولايات المتحدة بما بهدد العملة الوطنية. يجب على إدارة بايدن أن لا تغلق آذانها، وتصغي بعقل الى مايقوله العراقيون.

منذ تسلمه منصبه ، أساء رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي ومستشاروه والحلقة التي تدعمه في النظام السياسي ، استخدام وصولهم السهل إلى الدولار الأمريكي للسرقة من الشعب على نطاق تاريخي غير مسبوق كانت "سرقة القرن". الجزء الظاهر من جبل الفساد الذي ثبتوه في الدولة العراقية طيلة وجودهم في العملية السياسية. والأكثر خطورة من ذلك ، تواطأت الحكومة العراقية السابقة مع أطراف اقليمية ودولية ، وتحويل المليارات الى تركيا ودول أخرى تدعم الإرهاب والعدوان الإقليمي.
وإلى أن يقوم العراق بقمع هذه الأنشطة ، يجب على واشنطن أن تتوقف عن استخدام الدولار في سياستها الخارجية ، و ترفض أي تواطؤ آخر فيما قد يكون أكبر مخطط لغسيل الأموال في العالم - وهو مخطط يعرض النظام المالي الأمريكي و السلم العالمي للخطر.

بدأت أزمة الدينار العراقي المفتعلة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد أن فرضت الولايات المتحدة مزيداً من القيود المصطنعة على المعاملات الخارجية التي تخدمها البنوك العراقية . منذ ذلك الحين ، تم رفض ما يصل إلى 80٪ من المعاملات التي راجعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسبب مزاعم عن مخاوف من التحويل إلى إيران بينما وجهتها هي تركيا ودول عربية أخرى في الخليج ، مما أدى إلى تقييد وصول العراق إلى الدولار بشكل كبير ، وبالتالي إلى انخفاض ثابت في قيمة الدينار.
في قلب عملية الاحتيال هناك آلية يديرها البنك المركزي العراقي تعرف باسم "مزاد الدولار". المزاد هو عملية بدأتها الولايات المتحدة نفسها في عام 2004 للسماح للمصارف العراقية بالوصول إلى الدولار بأسعار مفضلة لتمويل الواردات التي تشتد الحاجة إليها. تأتي الدولارات من حساب عراقي في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يتم من خلاله توجيه عائدات النفط الكبيرة للعراق.هذه هي المشكلة الكبيرة التي يتعين حلها ليتمكن العراق من التصرف بأمواله خاصة عوائد النفط.

لكن لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يقوم الفاسدون خاصة العشوائيين الذين كبروا فجأة وفرضوا أنفسهم كواقع حال باستخدام القوة و تواطؤا مع الأمريكان طوال الفترة الماضية، والجهات الفاعلة السيئة الأخرى بإفساد العملية، باستخدام سيطرتهم على عدد غير قليل من البنوك وسلطات الحدود في اقليم كردستان ، وشبكة من الشركات الوهمية كواجهة ، والوثائق المزورة ، سرعان ما جعلوا المعاملات الضخمة بالدولار المزيف هي القاعدة. تم تضخيم تكاليف الاستيراد بشكل شنيع. في كثير من الأحيان ، كانت المعاملات تتم على الورق فقط - لم تصل أي بضائع إلى العراق ، في حين تم تحويل مئات ملايين الدولارات إلى حسابات أجنبية غامضة.

لطالما غضت حكومة الولايات المتحدة الطرف عن هذه الانتهاكات . منذ عام 2012 ، أشار مفتش عام خاص في البنتاغون إلى أن ما يصل إلى 80٪ من مبيعات المزاد بالدولار مرتبطة بصفقات غير قانونية يتم تحويلها إلى الخارج. في عام 2015 ، قيدت واشنطن مؤقتًا تدفق الدولارات لوقف عمليات التحويل ، لكنها تراجعت عندما نفذت الحكومة توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجهات دولية أخرى تسيطر عليها الولايات المتحدة ، ووافقت على إصلاحات تجميلية حملت اسم "الورقة البيضاء" ، مع استمرار نفس الجهات الحكومية والمتواطئين معهم من أصحاب النفوذ المتدثرين بعباءة "الاصلاح" ، العمل كمصدر قلق عملاق لغسيل الأموال ، مع وجود مزاد الدولار في جوهره.

وبسبب قلقهم المستمر بشأن مصالحهم في العراق بعد فشلهم في فرض حكومة الاقصاء قبل تكليف محمد شياع السوداني ، نظر المسؤولون الأمريكيون بشكل عام إلى الاتجاه الآخر بدلاً من المخاطرة بالسماح للعراق في الوصول إلى احتياطياته الهائلة من الدولار.

من المستحيل معرفة المدى الكامل للضرر الذي تسببته سياسة البنك المركزي و الحكومة السابقة ، لكن الأرقام الأولية مذهلة. على مدى العقد الماضي ، يبدو أن مبيعات المزاد بالدولار قد بلغ متوسطها حوالي 200 مليون دولار في اليوم ، أو 1 مليار دولار في الأسبوع. تتفق الأدلة من البنتاغون في عام 2012 والاحتياطي الفيدرالي اليوم على أن الغالبية العظمى منها قد تم تحويلها باستمرار لأغراض غير مشروعة الى دول على رأسها تركيا مع وجود جماعات (عراقية) محددة و اقليم كردستان المستفيد الرئيسي .

في كشف العام 2020 ، أشارت تقديرات أولية إلى أن إجمالي الأموال المتروكة في الخارج قد يصل إلى 300 مليار دولار. وبغض النظر عن المبلغ المحدد ، فمن المحتمل أن يكون الشعب العراقي قد سُرق من ثروته الوطنية أكثر من أي بلد في التاريخ.
مع فشل الغرب بقيادة الولايات المتحدة في أوكرانيا ، وقبله الانسحاب العسكري المذل من أفغانستان ، ذهبت إدارة بايدن إلى أبعد من سابقاتها في المطالبة أخيرًا باستخدام الدولار العراقي لتحسين سياستها الفاشلة في المنطقة . والسؤال الآن هو ما إذا كان بإمكانها الحفاظ على هذا الموقف في مواجهة آمال العراقيين العريضة التي تعهد بتحقيقها لهم رئيس وزراء جديد لم يتلوث سجله بالفساد، ورحلة الألف ميل للتحرر من الهيمنة الامريكية تبدأ بخطوة.
وهذا ما يتعين على بايدن أن يصغي إليه بعناية قبل فوات الأوان إذا كان بالفعل يتطلع إلى الأمام لتعزيز الشراكة الاستراتيجية التي توحد العراق والولايات المتحدة.

@najahmalii








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو