الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الديموقراطية تعني (حكم الشعب) أم (حكم النخب)!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2023 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قال لي : الديموقراطية تعني حكم الشعب ، وفي الاسلام الحكم لله لا للشعب ، وحكم الله يكون من خلال تحكيم الشريعة لا تحكيم الشعب !.
فقلت : انا والله قاعد في بريطانيا (أم الديموقراطية الليبرالية) كما يسمونها ولم ار الشعب البريطاني هو من يحكم!، فالشعب البريطاني ليس هو من يمارس الحكم ويتولى السلطة ولا حتى الملكة أو الملك! ، الادعاء ان الديموقراطية هي حكم الشعب نفسه بنفسه هو ادعاء فلسفي نظري (طوباوي) لا أساس له من الصحة في واقع الدول الديموقراطية الواقعية الجادة، فالذين يحكمون في الديموقراطية هم الساسة اي أهل الحل والعقد ممن ينتخبهم الناخبون، وحتى الناخبين لا يشكلون الغالبية العددية للشعب، فاغلب الشعب لا يشارك حتى في الانتخابات ولا يسجلون في السجل الانتخابي حتى في أعرق الديموقراطيات مثل بريطانيا ! ، اذن من الذي يحكم !؟؟؟ ، الجواب : الذي يحكم هو الحزب الفائز بالانتخابات.
سؤال آخر : هل يشرع هذا الحاكم المنتخب ويسن القوانين بشكل مطلق حر ولا قيود !؟ ، الجواب : لا ، فهو محكوم بشريعة وهوية المجتمع البريطاني !؟ ، ماهي شريعة وهوية المجتمع البريطاني !؟ ، الجواب : شريعة وهوية المجتمع البريطاني هي القيم الليبرالية المختلطة بالقيم المسيحية! ، والليبرالية تعني (احترام آدمية وفردانية الانسان وحريته الشخصية واحترام ملكيته وخصوصياته)، فهذا أساس الليبرالية كفلسفة اجتماعية، والدول الغربية كانت ليبرالية قبل أن تكون ديموقراطية!، فالليبرالية يمكن أن تقوم حتى في ظل نظام ديكتاتوري لا يتم فيه تداول السلطة وفق ارادة أصوات الشعب مادام هذا الحاكم المستبد بالسلطة يحترم في قوانينه وتصرفاته (الحريات والحقوق الفردية) ولا يعتدي عليها!، لذا الليبرالية وُجدت في الغرب قبل الديموقراطية، فالديموقراطية تعني تداول السلطة وفق ارادة جمهور الناخبين، فهي شيء، والليبرالية شيء آخر، وكذلك العلمانية (فصل الدين عن الدولة) شيء آخر!.. ولكن كثيرًا من المثقفين والسياسيين العرب، الاسلاميين والعلمانيين والقوميين والوطنيين، بل حتى من بعض الأجيال الجديدة في الغرب يخلطون خلطًا شديدًا بين هذه المفاهيم الثلاثة لا لشيء إلا لأنها متجسمة في النموذج الغربي الديموقراطي الليبرالي الحالي!.

لقد علق في مخيال وعقل العرب وخصوصًا الاسلاميون والقوميون أن الديموقراطية هي (حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه)!!، والحقيقة أن هذا التعريف هو تعريف مثالي للديموقراطية (الشعبية) الطوباوية المباشرة غير القابلة للتطبيق الرشيد والمفيد في واقع البشر ، لهذا قال أكبر فيلسوف لهذه الديموقراطية الشعبية المباشرة غير النيابية (جان جاك روسو) في كتابه (العقد الاجتماعي) بما مفاده : " وهذه الديموقراطية من الكمال والجلال بحيث لا يمكن تحقيقها إلا بوجود شعب من الآلهة والملائكة"!!... هكذا قال (جان جاك روسو) مما يعني بالنتيجة أنها ديموقراطية مثالية خيالية طوباوية غير قابلة للتطبيق في واقع البشر!، فهي مجرد (يوتوبيا) لا غير!... أما الموجود في الغرب الديموقراطي الليبرالي اليوم فهو الديموقراطية العملية الواقعية، الديموقراطية النيابية وليست (الشعبية)!.

وفي هذه الديموقراطية الواقعية الرشيدة ليس الشعب هو من يحكم ، بل ولا اغلب الشعب من الناحية العددية في الغالب يشارك في الانتخابات والحياة السياسية، بل من يحكم هو من يفوز بأغلب أصوات الناخبين، وهؤلاء الناخبون في واقع الديموقراطيات الغربية العريقة لا يشكلون في الغالب ربع عدد الشعب !!، فالأقلية من الشعب التي تشارك في الانتخابات تختار أقلية لكي تحكم!، ثم ان الذي يحكم لا يحكم بشكل مطلق بل هو محكوم بثوابت شريعة وهوية المجتمع الذي يحكمه ، وهذا ما نريده في ليبيا وما شابه من الدول العربية ، لا استنساخ نموذج الديموقراطيات الليبرالية الغربية حرفيًا دون مراعاة الفرق في التوقيت والخصوصيات المحلية والثقافية والطاقة الاستيعابية لكل مجتمع!.. ونريد ان يحكمنا ولاة الامر المنتخبون من جمهور الأمة أو بمعنى أدق (جمهور الناخبين)، وأن يحكمونا وفق مبادئ وقواعد الدستور الوطني ووفق ثوابت شريعتنا وهويتنا الاسلامية وبمنهج عقلاني ليبرالي في فهم الاسلام بعيدًا عن الفهم الأصولي والشمولي والسلفي والمذهبي والطائفي الذي يجتر اسلام التاريخ واسلام التراث والنقل بدون وعي ودون عقل!، ثم لابد عند التأسيس للديموقراطية في أي بلد عربي من مراعاة طبيعته وظروفه ونظام الحكم والادارة الذي يناسبه ويناسب طبيعة مجتمعه!، فالديموقراطية يمكن أن تتم في ظل نظام ملكي كما يمكن أن تتم في ظل نظام جمهوري (رئاسي أو برلماني أو مختلط) ، وكذلك حال الديكتاتورية !، فهي أيضًا يمكن أن تحدث في ظل نظام ملكي أو نظام جمهوري، كما يمكن أن تحدث الديكتاتورية في ظل نظام علماني أو ظل نظام غير علماني !!... هذه هي الديموقراطية (الواقعية النسبية) التي ندعوكم لزراعتها بهدوء وعقلانية وتطبيقها في ليبيا، وما شابه من الاقطار العربية ، وليست ديموقراطية الحكم الشعبي المباشر والمطلق(سلطة الشعب) التي لا وجود لها الا في خيال المفكرين المثاليين الطوباوين والحالمين لأنها غير قابلة للتطبيق الفعلي العملي الفعال في واقع البشر الطبيعيين!
"""""""""""""""
أخوكم العربي المحب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام والليبرالية متناقضان جذريا
منير كريم ( 2023 / 2 / 11 - 10:15 )
الاستاذ المحترم نصر الرقعي
الاسلام والليبرالية متناقضان جذريا , فقط قارن لائحة حقوق الانسان مع احكام الشريعة
ولذلك لاسبيل لاقامة حكم اسلامي ليبرالي
الديمقراطية الغربية نوعان الديمقراطية المباشرة (حكم الشعب) نشات في الثورة الفرنسية وادت الى كارثة تحت حكم اليعاقبة الارهابي , والديمقراطية النيابية نتاج التجربة البريطانية والتي نجحت وتالقت وانتشرت في اوربا وخارجها
الحكم في الديمقراطية النيابية لنواب الشعب فتحكم النخبة على اساس قانون ودستور يضمن حقوق الانسان والفصل بين السلطات وتداول السلطة السلمي
اما اعتراضك بان الاغلبية لاتصوت فهذا مردود عليه بان الاغلبية راضية على الدستور والحريات
السائدة ومسالة الحكم اصبحت فنية
على عكس الدول الديكتاتورية الناس خائفون ولا احترام للدستور او القانون
شكرا

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -