الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الفيدرالية والتصويت في البرلمان

تقي الوزان

2006 / 10 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من الملفت للنظر ان البعض من الذين اقروا الفيدرالية كمبدأ لتقاسم السلطة في العراق, يظهرون ترددهم من قبول اقرار قوانين تطبيقها , ولعل التعود على اقرار فيدرالية كردستان فقط , وما رافقها من تقطع التواصل بين مكونات الوطن الواحد في ظل النظام المقبورهو الذي يضع الحاجز النفسي لتوسيع تطبيقها على باقي اجزاء العراق .
لقد اتفقت كل الأطراف السياسية الممثلة في البرلمان – بما فيها الأجنحة المتصارعة دمويا – على صيغة وسط لحل اشكالية ايهما الأول اقرار قانون الفيدرالية ام البدء بأعادة النظر في بعض مواد الدستور . والأتفاق هو اقرار قانون الفيدرالية , على ان يبدأ التطبيق بعد ثمانية عشر شهرا, وفي نفس الوقت البدء بعمل اللجنة المكلفة بأعادة صياغة بعض مواد الدستور. ورغم هذا الأتفاق حاولت بعض الأطراف اسقاط التصويت عن طريق عدم حضور جلسة التصويت ,
بدل مناقشة تفاصيل القانون , والضوابط التي وضعت لعدم جر القانون لتطبيقات طائفية . في مسعى منها للتنكر لمبدأ الفيدرالية ذاته .
رغم صعوبة الأدراك لبعض هذه القوى من استيعاب بناء نظام سياسي جديد يلغي احادية الأدارة والسلطة , ويجعلها موزعة بين الفيدراليات , بحجة الخوف على سلامة العراق , اي الخلط بين وحدة الأدارة ووحدة العراق . هذا " الخلط "
له وجاهته في ظل ظروف الأحتقان الطائفي الحالي , وفي ظل سلطة المليشيات والعصابات المنظمة وغير المنظمة , والصراع الدموي الذي يطغي على كل شئ .
ان التصويت لصالح الفيدرالية لايعني تجاوز الوضع السياسي الدموي الراهن . وتأجيل التطبيق لثمانية عشر شهرا وضع حل وسط بين الأطراف المتنازعة التي يدعو قسم منها للتطبيق الفوري في ظل سلطة المليشيات , وبين الداعي الى التأجيل لمدة خمس سنوات على الأقل . والأهم بعد ضوابط المحكمة الدستورية هو شرط موافقة الخمسين في المائة من ابناء كل محافظة مسجلين في لوائح الأنتخابات وليس الذين يصوتون . وهذا يعني صعوبة ان لم تكن استحالة تشكيل الفيدرالية الطائفية للوسط والجنوب .
لاشك ان القوى الطائفية الموالية لايران , والتي تهربت من اقرار الفيدرالية في لقاءآت احزاب " المعارضة " التي سبقت سقوط النظام , تتحمس اليوم وبأصرار لتطبيقها فوراً وتحت سلطة مليشياتها لتنفرد بقرار في اية وجهة تسير.
ومثلما هو معروف ان ايران صاحبة المصلحة الحقيقية في تدمير الفيدرالية القومية للأكراد , لحساسية المسألة القومية في ايران , والتي تعوّل عليها اميركا في تمزيق الوجود الايراني الذي يحتوي على ستة قوميات رئيسية , والقضاء على مشروعها النووي , ورغبتها في فرض سيطرتها على المنطقة النفطية الرئيسية في العالم .
عدم الأقرار يعني التنكر لوسيلة القضاء على عودة الدكتاتورية واحتكار السلطة , ولا تساعد في انهاء حالة التشتت في تحديد حدود الصلاحيات بين الأدارة المركزية والمحافظات , اضافة للتنكر لأقرارالحقوق القومية للشعب الكردي . ان البعثيين ومن لف لفهم اثاروا زوبعة الشكوك والمخاوف فقط , وحجبوا تفاصيل القانون الذي لن يمر دون موافقة الخمسين في المائة من المسجلين في لوائح الأنتخابات . وكتاريخهم في محاربة الشيوعيين , ركزوا في حملتهم السوداء هذه على الشيوعيين والقريبين منهم فقط , في الوقت الذي صوت عليه ثمانية من القائمة " العراقية " .
الشيوعيون والديمقراطيون صوتوا لصالح الفيدرالية تأكيدا لموقفهم المستقل , والذي رفع شعار الفيدرالية قبل ان ترفعه الأحزاب الكردية . وبغض النظر عن موقف باقي اطراف القائمة " العراقية " المتناغم مع الأطراف الرافضة للفيدرالية في جبهتي " التوافق " و " الحوار " واطراف " الفضيلة " و" التيار الصدري " في قائمة "الائتلاف " . وتبقى تفصيلات القانون هي الحاسمة في تشكيل اية فيدرالية يختارها الناخب العراقي .
ان الأعتقاد بأستمرار الظرف الدموي الحالي سنة ونصف أخرى بدون تغيير هو الذي جعل البعض يعتقد ان الشيوعيين والديمقراطيين يتناغمون مع طروحات السيد عبد العزيز الحكيم , وفهمها هذا البعض على انه انتصار لمشروعه الطائفي القاضي بفيدرالية "الوسط والجنوب " . الوضع العراقي وخاصة الأمني لايتحمل المزيد , والأشهر القادمة ستكون حاسمة كما يتوقع اغلب المراقبين . ومشروع القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية لايتمتع الآن بقوة الحسم في صراع الأرادات , والصراع هو لتثبيت الرؤيا الوطنية لهذا المشروع الذي بدونه تستحيل سلامة العراق وطنا وشعبا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب