الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رَمَى الباءَ في القُمامةِ

محمد فياض

2023 / 2 / 11
كتابات ساخرة


في صباحِ يومٍ مُمتِعٍ رَسَم الله فيه أبدع لوحاتِ الجمال وأروع المناظر في تلك السماء السعيدة ببهاءِ آفاقها ، الأمرُ الذي يجعلُ الإنسان يُفكِّرُ مليّاً في عظمةِ الخلقِ وبراعة الهندسة الربّانية في تكوين الموجودات والطبيعة لتكونَ بُرهاناً واضحًا لإثرِ ذلكَ المؤثِر السرمدي البديع في خلقه .
فالطبيعة أعظمُ دليل تَستَدلُ به الضمائرُ الحيّة الباحثة عن الحقيقية المطلقة وعن الله ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ ))
في الواقع دائماً كنتُ أتبعُ شغفي بتأمل تلك المناظر الرائعة والمخلوقات الأخرى التي تتشاركُ معنا في إستعمار هذه الأرض وتحقيق التوازن البيئي في الدائرة الايكولوجية
وبينما أنا أسيرُ على أحدى الطرقات قطعَ سلسلةُ أفكاري كيس صغير تدحرجَ أرضاً وأستقر به المطاف الى كومة القمامة ، حركة ربُما تتكرر مرات عديدة في اليوم خصوصا في بعض البلدان الطليعية في حداثتها لكن الغريب في ذلك إنّها كانت من يدٍ سعت مراراً لتعليمي فنون الكتابة قبل سبعة عشر عاماً من الحدث .
لحظات سريعة أعادت التقويم في مُخيلتي لسنوات عديدة الى الوراء .
انتقال عبرَ آلة الزمن الى محطات تراكمتْ عليها غبار الايام والسنين
لذلك اللوح الذي كتبتُ حرف الباء بيدي عليه بمحضر قدوتي التي نُفيتَ فوراً مع رميهِ كيس القمامة خلف قضبان الأسف ِ والاستنكار .
كيسُ قمامة في الشارع من أبجدية الطفولة ، كانَ من الصعبِ أن تفصلَ حقبة زمنية ضخمة عن زمن الحدث بعدم الرضا والانكار فقط .
فليس من السهل أن تهدم جدارا شُيّدَ لسبعة عشر عاما في لحظة واحدة .
أو تُمزقَ تأريخًا كُتِب باقلامِ المجد والتعظيم لطيلة تلك السنوات لتقديم منظومة فكرية مُتكاملة تُسمى ( القدوة )
في الحقيقة حدثٌ كهذا أخذَ عشرُ ثواني في الواقع وثُقل عشرُ سنين في رأسي .
في ارجاء تساؤلات متعاقبة وفي كيفَ وماذا لو ؟؟
ماذا لو رأى طفلٌ صغيرٌ ذلك الحدث مِن ذات الشخص الذي يعدّه قدوة له في حياته أو على أقل التقادير في فترته الزمنية هذه المحدودة .
إنَّ تنصيب الإنسان نفسه ليكون مُتصدرًا لبناءِ جيلّ الأمة الناشئ لا بُدَّ أن يتزامن مع مرحلة إعدادٍ سابقة تشملُ جميع جوانب الفرد وحياته العامة .
وهذا بكل تأكيد لا يتنافى مع مفهوم الحرية الشخصية للفرد القدوة .
لأنَّ القدوة منارةٌ يُستلهمُ منها السلوك الإنساني فضلاً عن المعارف المُختلفة والذي يسهمُ بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ترك أثرٍ وبصمات في تأريخ ذلك التابعُ والتلميذُ لسنوات طويلة .
لذا كُن قدوة تعيشُ في عقول الأفراد لسنوات عديدة بسلوككَ القويم وحياتك المتَّزِنة ولا تستخفَ بعملٍ قبيحٍ مهما صَغُر ، فكيس قمامةٍ هدمَ سبعة عشر عاماً من التعظيم في ثوانٍ فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في