الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الحرية في الشرق الاوسط

سيامند حسين إبراهيم

2023 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


فهمنا الحرية غلط

نسمع هذه الجملة كثيراً عندما نرى تصرفات خاطئة من حولنا ويستخدمها معظمنا فمن أين اتت ولماذا أصبحت دارجة جداً عند التهكم من تصرفات البعض.
لطالما رافقت كلمة الحرية البشرية منذ الازل رغم تغير مفهومها من عصر إلى آخر حسب الظروف والأحداث، حيث بدأ مصطلح الحرية عند أسر البشر في المعارك منذ فجر التاريخ واستغلالهم كعبيد مسلوبي الإرادة والمصير دون اي حقوق. الاسرى والعبيد كان هدفهم الحرية والانعتاق من الأسر والذل والعودة الى حياتهم الطبيعية الكريمة رغم أنه في ذلك الوقت حتى الطلقاء كانو يعملون كخدم او حرس او فلاحين لدى الملوك والامراء ولكن مع تطور الحياة تطورت عقلية البشر وبدأت بحرية المعتقد والديانة والخروج من التفكير القائم بتأليه الملك وجعله كل شيء حيث إنه كان للديانات السماوية منذ الأزل الدور الاساسي في صحوة افراد المجتمع بأنهم كلهم سواسية ولا يوجد أي سبب في التفريق بينهم حيث يكون لأحدهم مطلق الحرية بينما يكون العامة مسلوبي الإرادة أو مقيدين بقوانين دنيوية موضوعة من قبل أشخاص مثلهم ولكن كعادة الطبقة الحاكمة لم يكن من الصعب جذب بعض رجال الدين فيما بعد وتسخير الدين في بسط سلطة ونفوذ الطبقة الحاكمة ولكن رغم ذلك كان دور الأديان ايجابيا جدا في تلك الحقب في تحرير البشر من سطوة السلطة. حقوق البشر الطبيعية مكان خلاف على مر التاريخ من حق التعلم الذي كان متاحاً فقط للطبقة الحاكمة إلى حق اختيار العمل والتجارة والعيش بكرامة. لطالما تعرضت حرية البشر الى الاضطهاد والسلب من قبل الحاكم أو الجيوش الغازية ولم تأخذ حرية الفرد الشخصية حيزاً كبيراً في حياة الناس قديماً بل كان التركيز الأكثر على حرية الشعوب بشكل. الثورة الفرنسية كانت بداية الشرارة لشعوب العالم للمطالبة بالحقوق والحريات والخروج عن طاعة الحاكم العمياء حيث أن الفقر المدقع والجوع لدى عامة الشعب الفرنسي والرقي والبذخ الذي وصل له نبلاء وحكام فرنسا سبباً في إشعال نار الغضب والانتقام داخل عامة الشعب وزرع سؤال في ضمير كل فرد وهو لماذا النبلاء يحظون بكل الطعام واللباس والمال ونحن نموت جوعا بماذا هم افضل منا؟
لذا كانت تلك اكثر ثورة شعبية تمثل الفكر الحر الجمعي للشعب رغم كل الانتهاكات التي حدثت بعد الثورة فيما بعد. فكر الثورة انتشر لدى معظم شعوب الغرب وانتج ذلك مئات الفلاسفة والنشطاء والكُتاب اللذين بدأو يضعون النظريات حول حرية الفرد والمجتمع ولكثرة اللغط والتجاوزات واشتهرت مقولة شهيرة حينها تقول تنتهي حرية الشخص عند حدود حرية الاخرين وكانت تلك الثورة هي بداية تشكل الجمهوريات الحقيقية ووضع الدساتير التي لا زالت قائمة إلى اليوم مع بعض التغييرات. مع تقدم العصر وانفتاح دول العالم على بعض ثقافةً وفكراً أصبحت الحريات اكثر وروداً في الحياة اليومية وأصبح موضوعاً هاما جدا خاصة حرية الرأي وحرية اختيار الحاكم وشكل الحكم. مع انتهاء الحرب العالمية الاولى خرج موضوع حرية تقرير المصير للشعوب الى العلن وكانت نقلة نوعية في تاريخ البشرية، أن يُعطى شعب كامل حق تقرير مصيره رغم أن الموضوع كان شكلياً لا أكثر. مع انتهاء الحرب العالمية الثانية نجحت النساء في الغرب في تحصيل حقوقهن في حرية إبداء الرأي وحرية العمل والترشح للمناصب والمساواة مع الرجل في الحقوق وحضانة الاطفال والتعلم رغم ان كل ما سبق يعتبر من الحقوق العامة وكانت النساء تطالب بها منذ القدم ولكنها تحققت بشكل حقيقي وفعلي في العصر الحديث. بعد أن نالت شعوب الغرب الحرية ووصلت لدرجة من الرخاء والترف والتطور التكنولوجي لحد تجاوزت حدود الحرية لحدود الفساد او الإنحلال الاخلاقي تحت مسمى الحرية الفردية وذلك بسبب اعتمادهم الفكر الحر المطلق وتركهم مبدأ الحرية الاجتماعية والتي تحددها قوانين ناظمة تعتمد على ثقافة الشعب أو ديانته كي لا يتعدى افراده حدودهم وتنهار اُسس بناء المجتمع الصحيحة والتي يدفع ضريبتها الغرب الان على شكل الانهيار الأُسري وتفكك المجتمع من الداخل. أما في الطرف الاخر من الأرض أصبحت الشعوب في الشرق تنادي بالحريات والحقوق ولكن كعادة الشرق تولت حكومات قومية وحزبية متشددة معظم دول الشرق وبدأت تقوية دعائم حكمها بالحديد والنار على حساب دماء وحقوق وحريات شعوبها ولكن أدركت تلك الحكومات الفاسدة بأن شعوبها سوف تطالب بالحقوق والحريات لذا اخترعت مصطلحات وافكار جديدة للحرية ومنها حرية اللبس وحرية الافكار "المراقبة" بعيداً عن أي تطبيقٍ عملي لها ولم تتوقف عن ذلك بل عمدت إلى جلب ثقافة الغرب في اللبس ونمط الحياة اليومي جيلاً بعد جيل وذلك لتختصر الحرية لشعوبها في هذه الامور السطحية وكي تشوه مفهوم الحريات والحقوق العامة مثل حرية الراي والانتخاب وحرية التجارة وحرية التعلم وحرية النشر والنقد وحرية السفر والسياحة في مواضيع ثانوية تخالف ثقافة وحضارة الشعوب الشرقية وتجعل من الحرية بعبعاً تخاف منه الشعوب المحافظة، فعند حصول الشعوب الشرقية أو شعوب العالم الثالث على أول فرصة حرية للتعبير عن أنفسها تقوم بتصرفات خاطئة لا تمت للحرية بصلة وذلك نتيجة لثقافة الحكومات الطاغية التي حكمت عقول الشعوب لعشرات السنين. لهذا اصبح مصطلح: لقد فهمنا الحرية غلط دارجاً وذلك لأننا لم نستطع فهم الحرية الحقيقية التي يحظى بها شعوب الغرب بل طبقنا مرحلة ما بعد الحصول على الحرية المطلقة وهي استعمال الحرية في الأمور السلبية والخاطئة.

كاتب المقال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار