الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجلٌ لا يجيد الابتسام إلاّ مع الامريكان...

محمد حمد

2023 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا تتوقّعوا منّي ان أذكر لكم اسم هذا الرجل. اترك الأمر للذكاء الفطري (وليس الذكاء الاصطناعي) لكل واحد منكم. وعند الانتهاء من قراءة هذه السطور سوف يتًضح الامر. والحر كما يُقال تكفيه الاشارة. واذا اقتضت الحالة يمكن إضافة اشارة ثانية !
لقد بحثت على مدى سنوات طويلة في العشرات من الصور والفيديوهات والمقابلات التلفزيونية، فلم أجد له صورة وهو يبتسم. او ان ملامحه "مرتخية" بعض الشيء تعبيرا عن لحظة فرح, ولو عابرة. وبالرغم من قلّة ظهوره في الآونة الاخيرة، ربما بسبب تقدّم العمر، الا أنه لم يتغيّر ابدا، على الاقل في المظهر والحضور الخارجي.
له ملامح صارمة وتقاسيم وجه تنم عن قسوة وانانية وشيء لا يخفى من النرجسية. دائما يجلس في نفس الوضعية وعلى نفس المقعد. لا يغيّرها ابدا: رِجل فوق رِجل واليد اليسرى تستند على اليمنى. ويبدو جسده بشكل عام في حالة استسلام. ينظر إلى محدّثه نظرة جانبية ثاقبة. كأنه يريد التوغّل إلى داخل الآخر. عيناه تقدحان تحدّي واستعلاء وعتاب، كانهما تسعيان إلى إصابة كبرياء المتلقي بجراح بليغة.
وعندما يلتقي برفاقه السياسيين ينظر إليهم بنظرات تتضمّن النقد والتقريع واحيانا الاهانة المبطنة. طبعا دون أن يغيّر من جلسته قيد أنملة. يتملّق له الجميع ويطلبون ودّه. ويخشون غضبه، وكانّه "كاسر عيونهم". ويطيعون أوامره في السر ويرفضونها في العلن لتضليل اتباعهم.
لم أر له صورة وهو يبتسم حتى مع أفراد عائلته. اهلنا في جنوب العراق يقولون عن هذا الشخص " شايل الدنيا على رأسه". أو بعبارة أخرى "شايف نفسه شوفه"
لكنه في الحقيقة ليس هذا ولا ذاك.
ذات يوم، وبالصدفة شاهدت له صورة.جالسا كعادته على نفس المقعد ولكن بوضعية مختلفة تماما عن سابقاتها. وضعية تدلّ على احترام وتقدير لضيفه الجالس أمامه. وكانت تغطي وجهه بشاشة وغبطة غير معهودة. وجسده يتحرّك بطلاقة وحرّية وحيوية. وثمة ابتسامة عريضة تملأ فمه تعبيرا عن الرضى والانسجام الودّي مع ضيفه. وكانّه في صحبة صديق طفولة التقى به بعد غياب طويل ! وخلتُ للوهلة الأولى ان الصورة مفبركة. ولكن لا، لا لا ابدا ! أنها صورة واقعية، والمشهد واقعي أيضا. وحين دققّتُ النظر جيدا تبيّن لي ان الضيف هو "مسؤول امريكي رفيع المستوى". وبالتالي، قلت في نفسي، إن تلك الابتسامة التي قلّ نظيرها، هي في محلّها تماما ومع من يستحقّها !
ولكن، اذا جاز لنا أن نسأل: لماذا نراهُ معنا دائماً عبوساً قمطريراً، ومع الامريكان يتلألأ وجهه غبطة وبشاشة وحبورا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس