الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة للإبداع.. وللمبدعين

جمال الهنداوي

2023 / 2 / 13
الادب والفن


بكل ثقة، وبدون أدنى تحسب من أتهامنا بالغرور، يمكننا الأشارة الى أن التفوق العراقي الدائم في المحافل الثقافية العربية والدولية أصبح يشكل روتينا مبهجا عاكسا لعلو كعب وريادة النتاج الابداعي العراقي وتميزه عن اقرانه في المنطقة..
ونستطيع القول ان تصدر المثقف العراقي للجوائز الثقافية العربية اصبح يشكل ظاهرة صبغت السنوات الاخيرة خاصة بعد انعتاقه من ربقة اشتراطات الانظمة السياسية المتعاقبة ومتبنياتها مع ما تمثله من مكبلات كابحة لحرية الفكر والابداع..
وتجلى هذا التفوق حد ان بعض الجوائز العربية الهامة اصبحت تتكيء على اسم المبدع العراقي وسمعته كوسيلة للحصول على الشرعية الثقافية من خلال المكانة الأدبية لمن تَمنح الجائزةُ نفسها لهم، خاصة مع الاسماء العراقية الوازنة التي اضفت الهيبة على العديد من الجوائز وكرست وجودها على المشهد الثقافي العربي..
ونحن هنا مع صحية التنافس الايجابي بين المبدعين العرب الذي وفرته هذه الجوائز الثقافية والفائدة الاكيدة التي يتحصلها المثقف من خلال كونها مثابة جيدة لجلب الاهتمام الاعلامي والنقدي على حد سواء، فضلا عن القيمة المادية للجائزة التي قد تكون وسيلة جذب للعديد من الاسماء المهمة للتنافس على الفوز بها..
وهذه القيمة المادية بالذات ، قد تكون السبب وراء تفوق دول الخليج في إنشاء ورعاية الجوائز التي تعنى بجوانب الإبداع المختلفة، وكون هذه الدول تحتضن بعضًا من بين أقدم الجوائز الثقافية، وأكثرها حضورًا وتأثيرًا، وأكبرها حجمًا من حيث القيمة المادية..
غير أن بعض هذه الجوائز الخليجية، على أهميتها الاعلامية والمادية ، ومدى تأثيرها، لم تستطع - في الغالب الاعم من الحالات - ان تلتزم بالمباديء الذي الزمت نفسها بها من حيث ان قراراتها في اختيار أسماء الفائزين ، لن تتجاوز القواعد والمعايير الفنية والنقدية الحاكمة، واصطفافها الواضح مع المواقف والرؤى السياسية للدولة الراعية والممولة ، وهذا امر يعد تحت اخف المبررات، غير مقبول من الناحية المنهجية لعمل أي جائزة.. وهذا ما شكل حافزا، لبعض المثقفين - بوعي او بدونه - للتماهي مع الطروحات السياسية لهذه الدولة او تلك طمعا بالظفر بجائزة قد تكون منطلقا له ماديا واعلاميا دون النظر للقيمة الادبية لما يقدمه ، والاهم ، المصداقية والتكاتف الادبي مع قضايا الوطن وهمومه..وهذا تجلى بوصول اسماء معينة الى مراتب متقدمة في المنافسات الادبية العربية دون ان يكون لها نفس الحضور على الساحة الثقافية العراقية وانشغالاتها النقدية، وغياب اسماء تجاوزت الاطر المحلية والعربية نحو افاق العالمية واصبح نتاجها وابداعها جزء من التراث الانساني العالمي..
ومع اقرارنا أن المثقف والمبدع العراقي شكل تاريخيا دعامة هامة في مسيرة الصيرورة الوطنية للوعي الجمعي العراقي، وكما ان له مسؤوليات في الالتزام المبدئي الراسخ مع الثوابت الوطنية، فان الدولة كذلك غير معفية من محاولة العمل الدؤوب على توفير المناخات التي تدعمه في تحقيق استقلالية رؤاه الابداعية وتجييرها لخدمة تطلعات واحلام الناس، وقد يكون في شعار وزارة الثقافة الاخير في تكريس جائزة الابداع العراقي وترقيتها لتكون جائزة دولة مدخلا ملائما للمبدع للتحرر من اشتراطات بعض الجوائز العربية وسياساتها وهذا ما يدعو الدولة الى الالتفات نحو دعم المسارات المؤدية لتحقيق هذا التوجه، خاصة بعد ان اوفت الجائزة بالكثير من وعودها، لما سيكون له من الاثر في تنمية الجائزة من حيث القيمة المادية والمعنوية واضافة العديد من الحقول.
وهنا نجد أنه من المفيد الألتفات الى أهمية تحقيق قدر أعلى من الشفافية في أختيار الفائز بجائزة الابداع، وفي مجال الرواية بصورة أدق، وذلك من خلال أعتماد أسلوب القائمة الطويلة والقصيرة في العرض التمهيدي للنصوص المنتقاة، وبيان المعايير الفنية والأدبية التي أعتمدتها لجنة التحكيم في أختيار النصوص، لما للأثر البالغ لهذا الأسلوب على ترصين الجائزة ورسوخ مصداقيتها مع ما تمثله هذه البادرة من الفرصة الحقيقية لأطلاق حراك نقدي مصاحب لترقب العناوين الفائزة وما بعد الأعلان الأولي، وهو مما لا يخفى فائدته على مستوى رفع التعريف بالرواية العراقية وانعكاسها الأكيد على المبدع فضلا عن توفيرها فرصة تسويقية وازنة للعديد من العناوين والروايات العراقية على طول وعرض المشهد الثقافي العراقي والعربي.. وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على المبدع والإبداع العراقي الأصيل.
والاهم بث روح المؤسسة وتقاليدها في جائزة الإبداع ، بما يضمن لها الاستقلال والرسوخ والتطور والاستمرار، مع ما يشكله هذا المسار من مقدمة ضرورية لحماية المبدع العراقي من الخضوع لاملاءات السياسة واصطفافاتها وعصبياتها الضارة بأي عمل ثقافي. وقد يكون المستقبل حافلا بالعديد من المبشرات في هذا الصدد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا