الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسمهان: الصوت الذي رجح رغم المأساة (ح:3و 4)

سيمون عيلوطي

2023 / 2 / 14
الادب والفن


أسمهان: الصوت الذي رجح رغم المأساة (ح:3)

لملحّنون الذين تعاونوا مع أسمعان، محمد القصبجي، زكريا أحمد، رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب، فريد غصن، شقيقها فريد الأطرش، لاحظوا نكهة التَّجديد التي سبقهم إليها الموسيقار مدحت عاصم في تلحينه لأسمهان، خاصة أغنية "دخلت مره بجنينة"، في العام 1939، كلمات: عبد العزيز سلام. لَحْن هذه الأغنية المختلفة، فرضه، بلا شك، على الملحّن "عاصم" صوت أسمهان المختلف عن جميع أصوات وأنماط عصرها، ما دعا غيره من الملحّنين أن يحدوا حدوه، ويسيروا مع اسمهان في موكب التّجديد الذي يساير صوتها وينسجم مع طبعها الرّاقي المتطلّع إلى الحريَّة والانطلاق.
نستنتج من ذلك أنّ أسمهان فرضت على حركة الموسيقى العربيَّة أنماطًا جديدة، ومتطوّرة، شكَّلت قفزة على أساليب التلحين والغناء السائدين قبلها. على الملحّنين عند التَّعاون معها أن يأخذوا هذا الجانب بالاعتبار، وقد فعلوا، إذ ما هي حاجتهم لتكرار نفس الأسلوب الشرقي عند وضع الألحان لأسمهان، ما داموا يتعاونون مع المتألقة في هذا الأسلوب من الغناء، أم كلثوم، أما أسمهان، فهي مختلفة تمامًا. لمحاكاة هذا الاختلاف، فقد لحن لها مدحت عاصم، "دخلت مره بجنينه"، سنة 1939، كلمات: عبد العزيز سلام، و "يا طيور" ألحان محمد القصبجي، كلمات يوسف بدروس، في العام 1944، ثم العلامات البارزة في التّجديد الموسيقي التي وضعها لها شقيقها، فريد الأطرش في العديد من الأغنيات، منها: أغنية: "ليالي الأنس في فيينا" التي ألَّفها أحمد رامي، وتألَّقت أسمهان في شدوها في العام 1944، وأعتقد أنَّ معظم اللواتي تجرأن على تأدية هذه الأغنية لم يصلن في احساسهن إلى المستوى المرجو الذي لمسناه في الأصل، بل كانت أكبر من مقاس أصواتهن بكثير، وهناك العديد من الأغاني التي شاركت فيها اسمهان بصوتها بالأفلام دون أن تظهر بطلَّتها البهيَّة، أذكر منها فيلم أوبريت "مجنون ليلى" تأليف أحمد شوقي، تلحين عبد الوهاب، حيث شاركته الغناء من غير أن تظهر في الفيلم أيضًا، وذلك بحجّة خوفها من أهلها في الجّبل، غير أنَّ وراء عدم ظهورها في هذه "الأوبريت: كان شقيقها فريد، فقد أرادها أن تظهر معه هو لأول مره في أوبريت فيلم "انتصار الشباب" في العام 1941، وقد لاقى هذا الفيلم عند عرضه اقبالًا جماهيريًا واسعًا ونجاحًا ثبَت خطوات فريد الأطرش على طريق الفنّ والغناء بشكل لافت. وتوَّج أسمهان على عرش الغناء.
يبدو أنَّ هذا النَّجاح لم يُسعد مطربتنا، فقد كانت تريد أن تجلس على عرش آخر، غير عرش الغناء، رغم ابداعها فيه، فقد كانت تحلم بعرش الأمارة التي تمكّنها من أن تصبح زعيمة سياسيّة، صاحبة الفضل على تحرير مسقط رأسها، جبل العرب، وسويا من الاستعمار الفرنسي، وتحقيق الاستقلال.

https://www.youtube.com/watch?v=85NKWF1mFYA
***
أسمهان: الصوت الذي رجح رغم المأساة (ح:4)

في العام 2008، عادت أسمهان بعد نصف قرن على رحيلها على السَّاحة الفنيَّة من جديد، وذلك من خلال عرض مسلسل عن حياتها وفنِّها، يحمل أسمها، المسلسل سوري-مصري، أخرجه التُّونسي، شوقي الماجري، ﺗﺄﻟﻴﻒ: سعيد أبو العينين، معالجة دراميَّة، قمر الزّمان علّوش، تمثيل: سلاف فواخرجي، (قامت بأداء دور أسمهان، أتقنته أكثر من أسمهان نفسها)، كما لعب الأدوار الرَّئيسيَّة فيه كل من: عبدالحكيم قطيفان،(والد اسمهان، الأمير فهد الأطرش)، ورد الخال، (والدة أسمهان، الأميرة علياء المنذر)، عابد فهد، (الأمير حسن الأطرش)، فراس إبراهيم، (فؤاد الأطرش)، أحمد شاكر عبد اللطيف، (فريد الأطرش)، بهاء ثروت، (محمد التابعي)، أمل رزق، (أمينة البارودي)، (وهي ابنة الشاعر المعروف محمود سامي البارودي، ووزير مصري سابق)، أحمد سلامة، (المخرج أحمد بدرخان)، محمد عبد الحافظ، (الفنَّان أحمد سالم)، وغيرهم. اعتمد هذا المسلسل على كتاب "أسمهان تروي قصتها"، لمُؤلِّفه: الكاتب والصّحفي محمد التابعي، تضمّن الكتاب على وقائع وأحداث مرَّت في حياة هذه المطربة المتميِّزة، منها الكثير من الوقائع التي لم تبح بها لأحد سواه باعتباره من أقرب أصدقائها، حتى أن شقيقها فريد رغم الصَّراحة التي كانت تُميِّز علاقتهما معًا، لم تخبره عن الكثير مما تخصُّ به التابعي، أهمّها: عندما ذهبت بمهمة خاصَّة إلى جبل العرب في سوريا، بتكليف من المندوب الإنجليزي في مصر، فإنّها لم تُخبِر عائلتها، ولا حتى فريد، عن ذلك. الوحيد الذي أطلعته على سرِّ هذه المهمَّة هو التابعي فقط، والذي يدعو إلى الإعجاب، هو إعادة طبع كتاب التابعي حول مطربتنا بالتّزامن مع عرض المسلسل حولها، ممّا يدل على استمرار حضور غناء هذه الفنّانة الكبيرة بيننا، حتى بعد رحيلها بأكثر من نصف قرن.
شعور أسمهان الذي لم يفارقها بأنها أميرة، جعلها لا تكفي بالشُّهرة التي نالها من خلال الغناء، بل كانت تبحث عن فعل أمر ما يكون له شأن على حياة المجتمع، ولعلَّ تأثّرها بفكر هدى شعراوي التي تُعتبر رائدة حركة تحرير المرأة في مصر، خاصة عندما قادت مظاهرات نسائيَّة عارمة تـطالب بإعادة أعضاء الوفد المصري، برئاسة سعد زغلول، الذين طالبوا بالاستقلال عن بريطانيا، واجه المستعمر الخطوة فقام بنفي الوفد. لكن هذه المظاهرات النسائيَّة أتت بثمارها، فأطلق سراح سعد زغلول ورفاقه في العام 1921.
الذي يتابع قصّة حياة أسمهان يُدرك مدى اعتزازها بنفسها، حتى في فترة الحاجة والعوز التي عاشتها عائلتها في مصر، كانت تتصرَّف كأميرة، وكم أعادت النُّقود التي كانت تتقاضاها لقاء حفلاتها، لأن الحضور لم يُحسن الاستماع إلى شدوها، وأنَّ بنات الذَّوات لسنَ أفضل منها في شيء. من هذا المنطلق فإنها لم توافق على عرض المخابرات البريطانيَّة بالتَّعاون معهم وذلك بإقناع الأمراء في جبل العرب بتسهيل مرورهم من الجبل إلى دمشق لمحاربة المُحتل الفرنسي، لم توافق على التَّعاون معهم إلَّا بعد حصولها على وعدٍ خطيٍّ من طرفهم بمح الجبل وسوريا الاستقلال.
(يتبع)
( أسمهان بصوتها الجميل - من أروع أغانيها)
https://www.youtube.com/watch?v=eA_-kUfKcvg&t=19s








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟