الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات تستدعى الانتباه!

عدنان زاهر

2006 / 10 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كثير من الاخبار التى تتداولها الصحف هذه الايام فى السودان عن مواقف السلطة تجاه كثير من القضايا و الاحداث الجارية، تستحق التوقف عندها و مناقشتها. ذلك الانتباه ينبع ليس فقط لاهمية تلك الاحداث، و لكن للمواقف المتباينة، الغريبة و المثيرة للدهشة التى تتخذها سلطة الانقاذ لمعالجة تلك القضايا. ما أثار اهتمامى من كل تلك الاحداث بشكل خاص خبرين- يبدوأن ذلك الاٍهتمام يرجع لاٍرتباط الخبرين – بحبل وثيق بالحريات الديمقراطية ومن ثم القضاء أو العدل وهما الأساس لتطور أي مجتمع وتوازنه.

الخبر الأول أوردته جريدة الصحافة الصادرة بتاريخ 4/10/2006، جاء فيه (أعلن جهاز الأمن والمخابرات الوطني أن الزميل أبوعبيدة عبدالله المعتقل منذ أيام، موقوف للتحقيق في مسائل لا علاقة لها بمواقفه السياسية وعلاقاته المهنية وأنشطته الصحافية، قائلا أنه سيتم الاٍفراج عنه متى تم الاٍنتهاء من التحقيق الجاري معه حاليا). وأبلغ مدير اٍدراة الأعلام بجهاز الأمن، المركز السوداني للخدمات الصحافية أمس، أن أبوعبيدة الذي يعمل محررا في "الزميلة الرأي العام" محتجزا لدي الجهاز وفقا للقانون، وأن سبيله سيخلى حالما ينتهي التحقيق معه حول قضايا ومعلومات محددة لم يخض في تفاصيلها.

الخبر الثانى أوردته صحيفة الرأي العام الصادرة بتاريخ 4/10/2006 جاء فيه (أرجأت محكمة الأبيض أمس محاكمة 11 شخصا من منسوبي حزب الأمة القومي بعد أن حكمت على آخرين بالسجن لمدة 6 أشهر وعدم ممارسة أي نشاط سياسي لمدة عام بسبب المسيرات الرافضة لزيادة أسعار المحروقات...الخ.)

اٍبتداءا نقول أن الخبرين يعكسان بشكل فج اٍستغلال السلطة للأمن والعدل لخدمة أهدافها ومصالحها وتدعيم أركان حكمها. وهو النهج الذي اٍتبعته منذ اٍستيلائها على السلطة بالسيطرة على أجهزة الاٍقتصاد والاٍعلام والأمن للقبض على خناق الوطن والمواطنين، كما أن الخبر من جانب آخر يتعارض ويتناقض ما درجت السلطة على تكراره عن قومية أجهزة الدولة والحريات الديمقراطية.

الخبر الأول والخاص باٍعتقال الصحفي أبوعبيدة يشير اٍلي الدور المتقدم و المحوري الذي بات يمثله جهاز الأمن بالنسبة للسلطة. ويعكس تراجع أهمية جميع الأجهزة الأخرى بالنسبة له. ذلك مؤشر اٍلى أن الدولة قد أصبحت تغلب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان الدور الأمني على السياسي في كل تعاملاتها. ويظهر ذلك جليا في موقفين في الآونة الأخيرة أولهما، حديث صلاح قوش رئيس جهاز الأمن والمخابرات وهو يعلق على عزم المجتمع الدولي لاٍرسال قوات دولية لاٍنقاذ مواطني دارفور. (عند دخول القوات الدولية سنبدأ بمعاقبة الطابور الخامس وعملاء الداخل المرجفين والمتربصين بأمن الوطن ومواطنيه والمنادون بدخول القوات الدولية.)

بعد ذلك يأتي قبوله بيعة الجنود اٍنابة عن الرئيس البشير(قال الجنود الذين يبايعون قوش بالاٍنابة عن عمر البشير أنهم يبايعون على الموت).

الموقف الثاني الذي يؤكد على تنامي دور جهاز الأمن وهيمنته المطلقة التي لا تقبل الجدل ولا حتى النقاش حديث وزير العدل "المرضي" عندما سؤل من جانب الصحفيين عن دور الأجهزة العدلية في مراقبة ومناهضة أجهزة الأمن التي تقوم بفرض رقابتها على الصحف ومصادرتها. ذكر وزير العدل دون حياء (أنتم ما شافيين بناية ناس الأمن؟! عينكم في الفيل وتطعنو في ظله.) ذلك القول يعني ببساطة أن لا أحدا يستطيع مجابهة تلك السلطة!!

نأتي بعد ذلك لمناقشة الخبر الذي يقول في جزء منه (لم يعتقل لمواقفه السياسية أو المهنية أو الصحفية)! هنا يحق لأي مواطن أن يسأل – لأن ما وقع لأبو عبيدة اليوم يمكن أن يطاله غدا – اٍذن ما هي التهمة التي تم القبض بها عليه؟! وطالما المؤتمر الصحفي يتعلق باٍثبات الشفافية، فما هي المواد القانونية التي اٍستند عليها الجهاز في اٍعتقاله لذلك الصحفي؟ أوليس حقا أصيلا أن يعرف المتهم التهمة الموجهة اٍليه أيا كانت؟

ما يثير الحيرة هنا أن المتحدث في المؤتمر نفى جملة الأسباب التي يمكن أن يكون الصحفي قد أعتقل بسببها، مما أن ييدفع لبروز سؤال آخر وهو هل أعتقل الصحفي لأسباب جنائية؟ و اٍذا كان الرد بالاٍيجاب فأن اٍعتقال الصحفي ليس من مهام الأمن ولكن من مهام الشرطة العادية.

الخبر الثاني الذي يتحدث عن الحكم الذي أصدرته محكمة الأبيض الجنائية في مواجهة بعض منسوبي حزب الأمة بالسجن وعدم ممارسة العمل السياسي لمدة عام يطرح كثير من التساؤلات. اٍبتداءا كنت أود أن تنشرالصحف القانون والمواد التي اٍستندت عليها المحكمة في حكمها، خاصة الجزء المتعلق بعدم ممارسة العمل السياسي، وحسب علمي فأن قانون العقوبات الساري والجاري به العمل اليوم لا توجد به مثل تلك العقوبة كما أن من مبادئ القانون الأساسية أنه لا جريمة بلا نص. اٍضافة اٍلا أن أي محكمة لا تملك حق مصادرة أي حق دستوري دون الاٍستناد على قانون. وفي تقديري أن هذا الحكم سابقة يمكن أن يستند عليها لاحقا لمصادرة حق المواطنين في ممارسة حقهم السياسي ولا أدري لماذا اٍستدعى هذا الحكم اٍلى ذهني أحكام محاكم العدالة الناجزة - سيئة الصيت- اٍبان حكم نميري.

من ناحية سياسية، الخبر يعني ضيق السلطة من ممارسات الحقوق الديمقراطية، واٍستعدادها لتسخير كل أجهزتها لحماية نظامها. في الأنظمة الديكتاتورية السابقة لسلطة الاٍنقاذ ونعني نظام عبود ونميري، كانت السلطة تلجأ للاٍعتقال التحفظي المتكرر أو السجن طويل المدة لمنع المعارضين لها من ممارسة العمل السياسي، و لكن بحكم اٍرتباطي بالعمل العام لم أسمع من قبل بأن السلطة قد سخرت القضاء باٍصدار أحكام ضد معارضيها بعدم ممارسة العمل السياسي! هذا في تقديري شئ مستحدث وهو مبعث للقلق والخوف.

اٍن الاٍستخدام المنفلت للسلطان للاٍعتداء على القانون أو تسخير القانون أو القضاء لمحاباة السلطة و تنفيذ أجندتها، يجعل المواطن غير آمن على نفسه أو ماله ويعني أيضا وبالضرورة أن الدولة أصبحت تعيش دون قانون يضبط حركتها وهذا يعني أخيرا الفوضى المطلقة.

8 اكتوبر 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ