الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الرقابة والتفتيش الدوري يزيد من معاناة العمال

سلامه ابو زعيتر

2023 / 2 / 15
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة



المتابع لواقع سوق العمل الفلسطيني يُلاحظ تكرار التجاوزات وتزايد الانتهاكات بحقّ العمال من قِبل بعض المشغلين الذين يتعمدون استغلال الظروف ومساومة العمال على لقمة العيش، وتجريدهم من أبسط الحقوق، مستغلين ارتفاع معدلات البطالة، وقلة فرص العمل، ضاربين بعرض الحائط كل القوانين والمعايير التي تحكم سوق العمل، وحقّ العمال بالعمل اللائق، وقد وصلت بهم تحميل العمال جميلة تشغيلهم، وكأنهم يمنون عليهم، ويقف العامل لا حول له ولا قوة أمام قلة فرص العمل ومحدوديتها، وعدم توازن قانون العرض والطلب، وهو ما يعرضهم للاستغلال بشروط وظروف العمل، والحقّ بالأجر العادل والكريم، ويتزامن ذلك مع غياب الرقابة والتفتيش الدّوري على تطبيق قانون العمل الفلسطيني في سوق العمل، حيث يُشكل قانون العمل المنظومة القانونية لعلاقات العمل بين طرفي الإنتاج، بما يتضمن من مواد قانونية لتنظيم عقود العمل الفردية والجماعية، ويحدد طبيعة الحقوق والواجبات، وما هي ظروف وشروط العمل؟، وينظمّ آليات التشغيل والحد الأدنى للأجور، والإجراءات والعقوبات، ويعدُّ قانون العمل المرجع القانوني لمعالجة أي خلافات بين العمال والمشغلين بما يحقق التوازن في سوق العمل ويحمي الفئات العمالية الضعيفة من التعرض للظلم والاستغلال وانتهاك الحقوق، ويمثل القانون الحدّ الأدنى للحقوق والتي لا يجوز التنازل عنها أو انتهاكها بما تمثل من حماية للعمال.
يُشكل تطبيق قانون العمل ومتابعة تنفيذه من جهات الاختصاص في الحكومة مُمَثلاً بوزارة العمل مدخلاً لحماية العمال من خلال التفتيش، ومراقبة مدى التزام المشغلين بنصوصه في تنظيم علاقات العمل، فهو الأساس للعلاقات التعاقدية السوية والمستقرة التي تقوم على قاعدة التوازن بين الحقوق والواجبات، الأمر الذي يساهم بتحقيق التكامل في الأدوار بين الطرفين، وهذا يعزز الانتماء والإنتاجية والجودة وتحسين الأداء، حيث وتعتبر علاقات العمل من أهم العلاقات الاجتماعية الواجب الحفاظ على استقراراها، وضبطها لما لها من أثر في تعزز الاقتصاد الوطني وتحقق التنمية طالما كانت متوازنة تقوم على تحقيق العدالة والحماية الاجتماعية، وتكامل الأدوار في بيئة عمل لائقة وكريمة ومستقرة.
لقد سُجِلَت في الأيام الماضية تجاوزات للقانون وانتهاكات وممارسات ضد العمال، وقد تناولت شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بعضها في محاولة لكشف وتسليط الضوء على القضايا والمشاكل التي يعاني منها العمال في سوق العمل، والتي يندى لها الجبين ويعتصر القلب ألماً؛ بما تحمل من إجراءات تعسفية وتجاوزات لكل ما هو إنساني، ومساومات تمس أحياناً بكرامة العامل، وتجبره الحاجة ولقمة العيش على الصمت والخنوع لما يُرتَكَبُ بحقه من ممارسات لا أخلاقية ولا إنسانية، وإذا ما حاول التعبير عن رأيه يتم تهديده بالفصل، ومحاربته برزقه، وأحياناً يصل الأمر لملاحقته، ومنعه من الحصول على فرصة عمل لدى مُشغّل آخر، إضافة لإمكانية الاستعانة بمحامي لتجريده من حقوقه وتبليّه.
في ظل التطور التكنولوجي والتقني والانفتاح على العالم والتجارب في عالم العمل، أصبح الكثير من العمال لديهم وعي بحقوقهم وبمعايير العمل اللائق والقانون، ويأثرون الصمت على ما يرتكب بحقهم من تجاوزات، خوفاً من التبعيات، وعدم ثقتهم بوجود جهة قد نصفتهم أو تدعم قضيتهم بعدالة، فهناك من يبررون تلك الممارسات بحقّ العمال، بأنها بسبب الأوضاع والظروف، وكأن العمال هم جمال المحامل، والحلقة الأضعف، ومطلوب منهم أن يتعايشوا مع الظلم الواقع عليهم، وأن يتأقلموا مع ظروف وشروط عمل غير مناسبة، وأجور ورواتب لا تلبي الحدّ الأدنى من متطلبات الحياة، ولا تفي بتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرة العامل، رغم وجود قانون للعمل، وقرار ينظم الحد الأدنى للأجور واجب التطبيق، وذلك يتزامن مع التضخم المتزايد والغلاء الفاحش بالأسعار، وتآكل الأجور.
تشير معظم الدراسات الاقتصادية والتنموية إلى أهمية تنمية الموارد البشرية وتحسين الأجور، وحماية حقوق العمال، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على العملية الإنتاجية، وتحسين الدورة الاقتصادية والمالية في المجتمع، بما يساهم في استقرار وازدهار وتطور المجتمع، ويحقق الانتعاش الاقتصادي في ظلّ ما نواجه من تحديات ومعوقات، من هنا يجب العمل على إيجاد السبل والوسائل والآليات لحماية العمال من الاستغلال، والوقوف على متطلباتهم في سوق العمل وصون حقوقهم من خلال التالي:
- على وزارة العمل الفلسطينية متابعة تطبيق قانون العمل الفلسطيني، والاستمرار بدورية التفتيش والرقابة على مواقع العمل، ورصد كل الانتهاكات والتجاوزات للقانون، واتخاذ الخطوات العملية والإجراءات اللازمة لوقفها.
- ضرورة العمل على متابعة تطبيق الحد الأدنى للأجور، وإلزام المشغلين بتحسين الأجور وتعديل سلم الرواتب وربطها بجدول غلاء المعيشة، وتفعيل دور النقابات العمالية القطاعية والاتحادات العمالية بإدارة حملات للضغط والمناصرة لإلزام المشغلين بدفع أجر كريم وعادل للعمال.
- العمل على تعزيز الحضور النقابي بتشكيل لجان نقابية تكون قادرة على تمثيل العمال في مواقع العمل لفتح حوار اجتماعي يساهم في تطوير علاقات العمل بين المُشغِل وعماله.
- ضرورة العمل على تعزيز وعي العمال وتثقيفهم ودعوتهم للانتساب للنقابات العمالية القطاعية، وتعزيز مشاركتهم في تطوير الاستراتيجيات النقابية للنضال من أجل حماية مصالح وحقوق العمال.
- ضرورة العمل على رصد وحصر المشاكل العمالية في سوق العمل والعمل على معالجتها ضمن آليات للتدخل تقوم على دراسات مهنية مختصة.
- العمل على تسليط الضوء على قضايا والمشاكل العمالية لتشكيل رأي عام مساند لقضاياهم، وذلك من خلال إعطاء مساحة وأولية لدي المؤسسات الإعلامية ووسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ضمن برامجها للقضايا الاجتماعية العمالية، وخاصةً فيما يتعلق بالعمال في سوق العمل غير المنظم وتشغيل النساء وذوي الإعاقة...إلخ.
أخيراً يُشكِلُ ضعف تطبيق القانون مدخلاً لمزيد من الاستغلال للعمال في سوق العمل، والتفتيش الدوري والرقابة على مواقع العمل يساهم في علاج المشكلة بإلزام المشغلين بتطبيق قانون العمل وشروطه، وخاصةً المتعلقة بظروف وشروط العمل، ومعايير العمل اللائق والأجر الكريم، وكما يعلم الجميع من (أمن العقاب أساء الأدب)، لذا يجب أن يكون هناك إجراءات، وآليات للمتابعة وحماية العمال في سوق العمل، والتعاون بين جميع الأطراف والشركاء في سوق العمل، لإيجاد سبل للرقابة الجادة على تطبيق قانون العمل، والتحرك الدائم والفعّال باتجاه الحفاظ على علاقات العمل المتوازنة والمستقرة وتطويرها بهدف صون حقوق العمال وصولاً للعمل اللائق والكريم.
• عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان: هل ينفذ نتنياهو تهديداته؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لبنان: كارثة إنسانية على الأبواب؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يهدد: سنسوي المصانع والمنشآت الإسرائيل


.. سرايا القدس: إيقاع قوة إسرائيلية في كمين بحارة الدمج في مخيم




.. لحظة سقوط صواريخ أطلقت من لبنان في منطقة الكريوت قرب حيفا