الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية قسمان، موجودة وغير قابلة للوجود!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2023 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


الديموقراطية غير الموجودة ولا يمكن أن تُوجد في عالمنا الحالي هي الديموقراطية الشعبية المباشرة التي يتخيل أنصارها أن الشعب فيها سيحكم نفسه بنفسه لنفسه بشكل مباشر من خلال مجالس شعبية في كل مكان وبطريقة سلسة بدون رئيس ولا حكومة ولا سلطة مركزية!!، وهي ديموقراطية مثالية خيالية غير قابلة للتطبيق وإذا تم تطبيقها أو محاولة تطبيقها ستتحول إلى فوضى وحكم الغوغاء كما حصل بعد الثورة الفرنسية!، وفي الحقيقة أننا لم نسمع ولم نجد أي شعب من شعوب العالم منذ فجر التاريخ حتى اليوم ، بما فيها الشعوب الغربية الحرة التي تتمتع بأعلى قدر من الحريات الفكرية والسياسية، من يخرج في مظاهرات ليطالب أن يحكم الشعب نفسه بنفسه بشكل مباشر، فالحكم الشعبي ليس مطلبًا شعبيًا!!... فهذه ديموقراطية غير موجودة، وغير ممكنة، بل وخيالية!... وأما الديموقراطية الممكنة والموجودة، فهي الديموقراطية النيابية والحزبية التعددية التي يختار الشعب فيها - بكل حرية وأمان - ومن بين عدة خيارات حرة - من يحكمونه ويخدمونه ويقودون دولته خلال توليهم للسلطة العامة بصلاحيات محددة بأجل معلوم ووفق خط مرسوم، وهي الديموقراطية الليبرالية النيابية الموجودة في الغرب الديموقراطي، وهي ديموقراطية نسبية ومحدودة بالقياس للمثال النظري الطوباوي للديموقراطية كما في المثال النظري، ولكنها تظل في زماننا أفضل الموجود وأفضل الممكن إذا كانت هناك ضمانات واقعية عملية وذكية لتكوينها واطلاقها في اطار نظام للحكم والادارة يناسب طبيعة البلد والشعب الذي ستعمل فيه!!، وإلا فإن حتى الديموقراطية الليبرالية النيابية التعددية في بيئة غير مستقرة قد تنزلق نحو الفوضى كما حدث في دول الربيع العربي الذي تحوّل إلى خريف مخيف!، فبعض الشعوب والبلدان تحتاج إلى نظام ملكي بالضرورة لتحقيق الوحدة والاستقرار (مثل بريطانيا، أسبانيا، ليبيا، المغرب، السعودية) والتي إذا تخلت عن هذا النمط من نظام الحكم المناسب لها إما أن تقع في آتون الفوضى أو التقسيم أو في قبضة الحكم العسكري، وبعض الشعوب والبلدان يمكن يتحقق استقرارها بنظام جمهوري إما (رئاسي) أو (برلماني) أو (مختلط) لكن بشكل عام فإن الغالب في البلدان العربية أنها تحتاج إلى أنظمة ملكية (عائلة مالكة أو حاكمة) أو لحكم عسكري ولو ببزة مدنية لضمان الوحدة والاستقرار فيها، واقامة أنظمة ديموقراطية في الدول الجمهورية العربية، خصوصًا الرئاسية منها، أصعب بكثير جدًا من اقامتها في الدول الملكية، أما جمهورية لبنان وجمهورية العراق فمعادلة الاستقرار فيها هي ((المحاصصة الطائفية)) (العرقية والدينية والجهوية) وهي وإن كانت علاجًا ذكيًا لمنع الفوضى والتقسيم وحماية الوحدة السياسية للبلد لكنها تظل علاجًا خطيرًا له مضاعفاته وتداعياته!، فهو علاج يخلق حالة من الاستقرار العام على أساس التوافق الطائفي لكنه غير مضمون العواقب!!، ففي أية لحظة يكون قابلًا للانفجار ثم الانهيار خصوصًا إذا حدثت متغيرات كبيرة في المنطقة تقلب موازين القوى لصالح طرف على حساب الطرف الآخر!!، (خذ على سبيل المثال لو انهار مثلًا نظام حكم الملالي في ايران فكيف سيكون وضع حزب الله في لبنان والعراق أو الحوثيين في اليمن!؟؟) لذا يظل نموذج الحكم الملكي في ظل (ملك) يمثل ثوابت الأمة وكل طوائف الأمة مع حياة برلمانية ديموقراطية نسبية ناشئة هو النموذج الأفضل والأضمن والأأمن (الأكثر أمنًا) للعرب واشقائهم ومواطنيهم من غير العرب ممن يعيشون جميعًا في هذه البلدان التي أصطلح في العصر الحديث على اعتبارها دولًا عربية!.. وربما النموذج الذي يحضرني هنا النظام الملكي المغربي الدستوري الذي كان ولا يزال يتطور مع الزمن نحو الديموقراطية.... فهذا أفضل ما يناسب للعرب خلال عمرهم الحضاري والسياسي والثقافي الحالي، و أخشى أننا لن نقتنع بهذا الرأي الذي أطرق بابه هنا إلا بعد أن ندفع المزيد من الأثمان الباهظة والآلام المريرة والأوقات الكثيرة الضائعة إلى أن نصل - بقوة ضغوطات الواقع لا بقوة منطق العقل - إلى قناعة بواقعية ووجاهة هذا الرأي!!... وهو رأي من عربي مغترب يعيش في أم الديموقراطية الليبرالية لكن تجربة العمر وتأمل الواقع العربي المتخبط في ظل هذا الوضع الدولي الغامض وخفوت بريق الديموقراطية الليبرالية حتى في عقر دارها لصالح التوجهات الوطنية والقومية والشعبوية الصاعدة هو ما جعلني أراجع كل مواقفي السابقة وكل حماستي للديموقراطية في ظل نظام جمهوري في بلدان كبلداننا العربية لا يمكن إقامة فيها أنظمة حكم جمهوري حقيقية!!
أخوكم العربي المحب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحديات تواجه الديمقلراطية
منير كريم ( 2023 / 2 / 15 - 16:48 )
الاستاذ سليم نصر الرقعي المحترم
الملكية او الحمهورية مسألة فنية امام تحقق الديمقراطية
تتحقق الديمقراطية اذا وجد الاساس الاجتماعي الضروري وهو الطبقة المثقفة المستنيرة وهذا ما جعل الديقراطية تنجح في الهند وبلدان اوربا الوسطى والشرقية بعد سقوط الفاشية والشيوعية
لاتوجد طبقة مثقفة مستنيرة في البلدان العربية والطبقة المثقفة في هذه البلدان ماضوية تحت تاثير القومية الشوفينية والعرقية وهي ذات ميول دينية منافية للعلمانية وقيم العصر الحديث
الديمقراطية الليبرالية في البلدان المتطورة تواجه تحديات منها الديكتاتوريات العالمية كالصين وروسيا وتركيا وايران وغيرها وفي الداخل توجد تحديات التيارات الشعبوية اليمينية واليسارية
اما التحدي الذاتية فهو الانفصال بين الشعب والنخبة وتركز السلطة والمال والاعلام
الا ان الديمقراطية ستصمد امام هذه التحديات لان الديمقراطية الليبرالية هي الاتجاه العقلاني والمنطقي لوجود وتطور البشرية
شكرا لك


2 - صحيح ولكن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله!؟
سليم نصر الرقعي ( 2023 / 2 / 17 - 16:29 )
السيد المحترم كريم، تحية طيبة وبعد... أتفق معك تمامًا في كون أن اساس معضلة الديموقراطية في العالم العربي هو عدم وجود النخبة القادرة على بناء وادارة نظام ديموقراطي حقيقي سواء في ظل الملكية او الجمهورية، فالنخب العربية للاسف الشديد غير ناضجة فكريًا وسياسيًا بعد، فالأزمة عندنا في النخب أكثر من كونها في الشعب، فالنخب بدلًا ان ترتفع بشعوبنا الى افق سياسي اعلى هبطت هي الى مستنقع الشعبوية والطائفية بكل صورها والقبلية...الخ ، لهذا السبب بالذات، اي ادراكي ان اي محاولة لبناء ديموقراطية ناشئة في ظل هذه النخب سينتهي الى فوضى عارمة تنتهي باستدعاء الجيش لحفظ النظام، اي حكم العسكر بتأييد شعبي وربما بتأييد النخب التي خسرت السباق الانتخابي!، لذا ولأن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله دعوت الى اقامة الخطوة الاولى لديموقرطيتنا الناشئة الشكلانية والاجرائية في ظل نظام ملكي برلماني دستوري اي كما في المغرب فهذا افضل من ان تكون في ظل العسكر كما في مصر والجزائر، فكمية الحرية الفكرية والسياسية لا شك في المغرب افضل من مصر والسعودية ،، يتبع


3 - الخلاصة عزيزي (منير كريم)
سليم نصر الرقعي ( 2023 / 2 / 17 - 16:42 )
أنه مادمنا وإياك متفقين أن تحقيق الديموقراطية بشكل كامل أو شبه كامل كما في الغرب والهند أمر صعب بل ومستحيل في ظل هذه النخب السياسية العربية المتخلفة سياسيًا وفكريًا خلال هذه الحقبة من عمرنا الحضاري والسياسي فإن النموذج الموجود في المملكة المغربية هو أفضل الممكن، أفضل من ملكية مطلقة غير دستورية كما في السعودية وأفضل من نظام جمهوري تحت سيطرة العسكر كما في مصر والجوائر وأفضل من نظام جمهوري يكون فيها الرئيس جزءًا من الصراع السياسي وفي صراع مع البرلمان كما في الجمهورية التونسية، فما تمخضت عنه ثورات الربيع العربي الهوجاء يجعلنا نميل بشكل واقعي - ولصالح مستقبل قضية الديموقراطية - إلى النموذج الملكي البرلماني المغربي فهو أفضل الموجود وهو خطوة أولى صحيحة نحو توطين وتمكين الديموقراطية، فالنخب السياسية تتداول الحكم وتحكم ولكن تحت رقابة الملك وهو ما يجعلها لا تتورط في الفوضى ولا تهدد الوحدة والاستقرار بسبب مناكفاتها السياسية، وبهذا تتربى أجيال سياسية في ظل الحياة البرلمانية المستقرة حتى تتعود بعد عقود أو قرن من الزمن على الحكم البرلماني الرشيد كما حدث في الغرب.. وهذا هو الطريق. تحياتي

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -