الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خربشات

عادل علي عبيد

2023 / 2 / 16
الادب والفن


(1) :
خربشة الفيلسوف حكمة / كنت ارقبه ، وهو المنهوك المنكب على اوراقه الصفر ، وطاولته الخشبية القلقة التي يحركها هياج الكتابة فتحدث صفيرا مموسقا كانه يخرج من كاتب الحروف / ضوء الشرفة البعيد لا يشفع للرؤية ، فالعتمة مهيمنة هناك ، ومن فتحة في اعلى السقف كان ضوء الشمس المنبعث من احدى الثقوب يبالغ بإشعاعه فتتراقص ذرات الهواء المجنونة / كانت حدقته تنبسط وتضيق وتتسع وتتقلص طبقا لرقصات قلمه المرتجف / لا اداري اي نغمة كان يطلقها وهو يمرر انامله على الورقة ، وكأنه يطلق عبارات لم اسمعها ، لكنه كان يبتسم منها فيكتبها ، ثم لا يفتأ ان يمسحها بكمه الخشن / كنت ارقب ذلك القلم الذي لا يستقر على سطر ، فتارة يحشر خرطومه المدبب في قلب الورقة ، واخرى يتركها ليستريح على اعتاب سطر جديد / كان الفيلسوف يحك لحيته الكثة ويخاطب نفسه ، يصدر كلمات كأنها همهمة الخيول ، يبتسم مرة ويقنط ويبش وينفتح متهللا مرة اخرى / وبإشارات غير مدروسة كنت الحظ ذلك المجنون الذي يوغل في نفسه ، يتيه بأغوارها / كأن نفسه كما الاهوار المشتعلة بقصب البردي ، او ما يتجحفل في تلك المسطحات من متطفلات الزرع والضيوف الثقيلة التي تأتي بها المياه الصاعدة الى الجنوب / كان نظره محددا مسمرا بالورقة ، الا ان نظرة اخرى يطلقها بتمعن وهو يرصد عراك عصفورين على عصفورة شاردة دلوع ، تستنجد بشباكه ، يبتسم لها وكأنه يعرف لعبة الغنج ، ثم يحشر انفه ويدس عينيه في الورقة .

خربشات
(2) :
زمن الكتابة هو زمن الزنازين / ستنحجر في ذلك الدهليز المعلق في فضائك البعيد انت ايها المتشدق / سيكون جرمك مرصود لا محالة وانت تنأى بنفسك عن الآخرين الذين يؤلفون لك حكاية من اثم / لا تثريب عليك ايها الزاهد فحتى بوحك بات مرصودا ، وهناك مجسات تسجل همسك وبوصلات متقدمة في التقنيات والاتصالات توثق نياتك مع جيوشك المهزومة غير المرئية / اية جناية ارتكبت وانت تفضح تجليات نفسك والآخر / واي صوم مهادن ذلك الذي عقدته مع روحك الهائمة المساومة / ستنجلي ظلمتك ويخرج ذلك المارد المتخفي بجلبابك الطويل المتهدل / ستدلي بشهادتك عن اثر الدلالة فلا يشفع لك جماح فرس ، ولا حدة حسام ، ولا سطوة سيف او حتى مرورك مختالا تحت قوس نصر وهمي / ستشير عليك الاجيال وتطلق هتافاتها المسعودة قائلة الموت لهؤلاء الذين اعتزلونا ونحن بمسيس الحاجة الى ان يزيدوا من بيادق المربع الشطرنجي ذي العلامات السود والبيض .
خربشات

(3) :

قد تمحو شخصك وتنكر ذاتك وتتجاهل وجودك من اجل ان ترى بصيصا من تلك الحقيقة الغائمة / هيا اعترف انك تشعر بالغربة ، بل انت غريب فعلا امام الناس / وان قومك الذين يتهامسون عليك يحسبون حياتك ضربا من شطحات / وان شخصك البعيد النائي يؤلف هاجسا لك ، واسمك الذي يسقط في هوة الشبهات بات يؤلف طلسما من ضرب بعيد ، وشذوذك العبقري بات لعبة كالغميضة او اي نزوة لطفل منغولي / عرفناك لا تحبذ الاختلاط بالناس ، ولا توغل بعلاقاتك ، او تستدر ابتسامات تائهة من هنا وهناك / اذن مت بغربتك وتألق باغترابك ، فصورتك المؤقتة لا تستهوي الصور المائلة في الدواوين والمحافل ، التي يتصدرها اصحاب الشوارب المفتولة واللحى الكثة من الذين يقولون ان الخشونة تحط هاهنا دون خشونة ملبسك وانت تقبع بقلايتك المنزوية / كانوا يرددون : ( ان الرجل يكون اجتماعيا بمقدار ما هو مجدب في عقله تماما) .. هيا اخرج من عزلتك الموحشة ، وعش صخبنا الذي ينسيك شيئا من هيامك الذي يجعلك بليدا تتقمص ادوار المجانين / فاللذة ايها الفيلسوف ان تلمس حرارة الآخرين الذي هم السر في حياتنا / هل اشتقت الى الآخر وانت تنأى بصومعتك ، هل حدثت نفسك وتلذذت باجوبة الصدى ، هيا اكسر تلك العزلة ، واليك هذه المعاول الثقيلة ، تقدم سيدي لا تتردد ، لا تخف ، ستجد طعم الحياة ماثل فينا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا