الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية التفاح و الكمثر ي

توفيق التونجي

2023 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مادتي هذه عن اقتصاديات الزراعة الوطنية. الفلاح ومهنة الفلاحة وارتباطها باقتصاد الوطني للدول من الامور المهمة. سالني استاذي رحمه الله، المشرف على اطروحتى للدكتوراه عن سبب استمرار انتاج الفلاح للمحاصيل رغم ان كلفة الانتاج أغلى بكثير من المحاصيل المستوردة.
في واقع الامر هناك اسباب عدده لاستمراره في الفلاحة والانتاج الزراعي. قد يكون الفلاح اميا ولا يوجد لديه اي مؤهلات في اختيار مهنة اخرى. وربما هو مجبر على الاستمرار بارتباطه بعقد ما او يعمل اجيرا عند اقطاعي ( الأغا) يملك الارض. وربما هي المهنة الوحيده التي يجيدها. او يجب عليه اطعام افواه من ابناء عائلته يكفيه وعليه ان ينتج ما يشبع بطنة وبطن عياله. طبعا هناك عشرات الاسباب والاسباب لاستمراره في عمله وكل تلك الاجابات صحيحة على المستوى الشخصي. لكننا هنا نتحث عن وجود محاصيل منافسه استوردت من خارج الحدود. اذن يجب ان نفكر في مسار جديد. ماذا يعني وجود محاصيل رخيصة في الاسواق تنافس المحلي، الوطني. هل تكلفة انتاج المحصول الاجنبي اقل من المحلي. كلا بالتاكيد. ما تسمى بسياسة الهيمنة الاقتصادية على الدول (استعمار اقتصادي) يشمل استراتيجية بعيدة المدى لتلك الدول للهيمنة على مقدرات الشعوب و استبعادها. قد تكون تلك سياسة مكلفة لهم ولكن ارباحها المستقبلية هائلة ومن كافة النواحي السياسية، الاقتصادية والبيئية.
الفلاحة هي اولى المهن العقلية اي يحتاج الى معرفة بالفصول، تخطيط واستمرارية التنفيذ. من حيث حراثة الحقل وتحضير الارض وربما تسميده و وقلع الشوائب والاعشاب المضرة. وهذا يحتاج الى جهد كبير وزمن والالات ومعدات. يحتاج كذلك الى البذور و نشرها في الحقول ثم سقيها بالماء. السقي يحتاج الى الماء والى نظام اروائي وقنوات تصريف و مبازل وربما الى انشاء سدود لخزن مياه المطر. الغلة تحتاج الى العناية بها في سايلوات انتظارا لتسويق المنتوج ومن ثم على الفلاح جني المحصول وخزنه او تسويقه. يصل المحصول الى (العلوة) سوق الجملة في هذا المكان يتجمع فيه التجار الصغار ليشتروا المحاصيل ثم يبيعونها للمستهلك. اي ان عملية الزراعة تاخذ وقتا و جهدا. بينما استيرادها تختصر العملية بالكامل وربما نحتاج الى العلوة وبائع الخضروات، فقط. لان تكلفة تأمين ايصال الغلة و المحصول تكون احيانا على البائع و حسب العقد المبرم، أحيانا.
الفلاحة قارئي الكريم، مهنة مقدسة رغم ان ابناء الحضارات العراقية القديمة كانوا يرون في مهنة الصيد شرفا ورفعة و فخرا لهم وبقى ذلك تراث لشعوب العراق حتى يومنا هذا.

حيث يحتقر ابناء الريف المهنة بصورة عامة ويمجدون الصيد. لن ادخل في تفاصيل الصراع التاريخي بين الفلاح و الصياد او الراعي ، هابيل و قابيل وقبول الالهة لضحية احد الطرفين على الاخر مما ادى الى صراعهم المميت وبقتل قابيل لاخيه هابيل. الاكل تدخل ضمن الغرائز الانسانية وعلينا يجب ان ناكل خلال اليوم عدد من المرات. اما الصيد فهو يعتمد على حنكة الصياد وملائمة المكان والزمان مع وجود الضحية واحيانا يلعب الحظ دوره. الضحية قد يكون حيوانا بريا او من صيدا بحريا او نهريا. وهي اي الصيد مهنة الكسالى والطبقة الاستقراطية بالتحديد، اللذين يريدون الضفر بالضحية بسرعة و دون جهد او انتظار. بينما على الفلاح ان يصبر عاما بعد عام واذا حل الجفاف جاء عليه بالمصائب. احيانا. هناك ايضا مهنة الراعي لكن دور الراعي هو حماية القطيع وتوجيهه الى اماكن وجود العشب والكلئ وبحماية القطيع من هجوم الوحوش. الفلاح يبقى هو من الاختيار الصعب كمهنة ويتركها المرء فور وجود البدائل. اما الصيد فقد تحول من مهنة الى مجرد هواية. ما اريد قوله ها هنا بان الفلاح العراقي ترك ارضه فور ما وجد البديل. وهذا حصل كذلك في الاقليم. حين غزت الاسواق المحاصيل المستوردة من ايران و تركيا و سوريا والرخيصة مقارنة باسعار المنتوج المحلي.
اعود الى جواب السؤال المطروح في البداية هذه المادة.
كل ما ورد من اجوبة على ألسؤال اعلاه صحيحة كما ذكرت. الا ان للدول اقتصاد وطني يساند استقلاليتهم كدولة حرة ذات سيادة و مستقلة. اي ان من مقتضيات الاقتصاد الوطني واستقلالية قرار البلاد استمرار الفلاح بالعمل والانتاج حتى لو كانت كلفة الانتاج باهضة. ان استمرار الفلاح في الانتاج حتى لو كان كلفة المحصول غاليا من مقتضات استقلالية الاقتصاد الوطني. ولذا على الدولة مؤازرة الفلاح و مساعدته ماديا عن طريق الموافقة على اعطاء قروض مناسبة بواسطة البنك الزراعي وعن طريق شراء محصوله او تزويده بالسماد والالات الزراعية، كذلك. اما المواطن فيقع عليه تشجيع المنتوج الوطني رغم كونه غاليا. وبترك و هجر شراء المستورد منه. وبذلك سنرى بمرور الزمن اختفاءه المحاصيل الاجنبية من الاسواق المحلية وانخفاضا في اسعار المنتوج المحلي. لانه وكما نعلم من طبيعة الخضروات و الفواكة انها طازجة اي انها تتعفن مع مرور الزمن وبسرعة وليس قابلا للخزن لمدة طويلة. هذا ما لمسته في السويد فالموطن السويدي يدفع اصعافا ثمن المنتوج المحلي من لحوم و فواكه و خضراوت. يسألون دوما عن مصدر الفواكه ويجب كتابة مصدر الفاكهة و الخضراوات على جميع المواد المعلبة.
احدهم سيجيب قائلا:
هناك خلط بين التفاح و الكمثري، كما يقولون في السويد. وهذا لا يجوز لانه تخرج من التفاحة غازا يؤدي الى تعفن فاكهة الكمثري.
وهذا هو مربط الحديث (الحچي).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -