الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسوية الإيكولوجية Ecofeminism: مقدمة قصيرة

إلياس شتواني
باحث وشاعر

2023 / 2 / 17
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تتمحورالنظرية الأساسية للنسوية الإيكولوجية ecofeminism على فكرة أن التسلسل الهرمي والقمع الممنهج ينبعان من ثنائية الموضوع / الكائن object / subject و الرجل / المرأة man / woman التي تشكلان ركيزة الثقافة الغربية. المركزية البشرية anthropocentrism، أو التفوق غير المبرر للبشر، هي جزء من قضية أعمق: المركزية الذكورية androcentrism. يستفسرهذا المجال عن العلاقة بين القوة على المستويين الشخصي والمؤسساتي و موقع الإنسان في النظام البيئي و دورهما في الأزمة البيئية الحالية. تميز النسوية الإيكولوجية في تحليلها الشامل بين النظام الأبوي باعتباره نظامًا يهيمن عليه الذكورفي كل ما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والقيم الثقافية، والتسلسل الهرمي لعلاقات القوة والقيادة التي تمليها البنية التحتية الأبويةinfrastructure والبنية الفوقية superstructure. هذا الموقف يستغني عن النظرة الجوهرية essentialist view لكل من الطبيعة والمرأة. طبقا للنظرية، يتشكل الجنسgender من خلال الثقافة والمتغيرات التاريخية. في نفس السياق، الطريقة التي نختبر بها الطبيعة تتم بوساطة ثقافية. كلاهما بناء من الثقافة cultural construct.
تتضمن المركزية الذكورية androcentrism، كما أوضحتها النسوية الإيكولوجية، معظم تصوراتنا ومواقفنا تجاه العالم الطبيعي وسكانه؛ الفردانية والقومية والتسلسل الهرمي للسلطة و النزعة العسكرية و الانتشار النووي. تشكل هذه الجوانب تكتلاً لما يشكل نظرية التيارات الرئيسية main stream theory. هذا الأخير يرى الإنسان كسلطة هرمية تقرر القيم والقواعد وتعزو القوة لفرضها. هذا النهج الليبرالي يبرر سعي الإنسان وراء المصلحة الفردية؛ تبريرًا للرأسمالية في حد ذاتها. نظرًا لأن علاقات القوة مشروطة مسبقًا، يتم إضفاء الشرعية على البنية السياسية والاجتماعية من خلال تبني النهج الأبوي patriarchal مع تثبيت السمات "الذكورية" باعتبارها جوهر الطبيعة البشرية.
تنتقد النسوية البيئية بشدة التفكير الفرداني للثقافة وللمؤسسات الغربية. إن الحفاظ على الفكر الثنائية dualistic mindset يدعم ببساطة المفهوم الهرمي hierchical الذي يتم فيه تأكيد العلاقات المبنية على أساس القوة. على النقيض من ذلك، تدافع النسوية الإيكولوجية عن مبادئ التعاطف compassion والمعاملة على أساس الفضيلة virtue و المسؤولية responsibility كأساس لأي نظرية تحررية. يجب أن يهز البحث النسوي الإيكولوجي جذور الاضطهاد. لقد دمرالتاريخ الذكوري الهويات والثقافات و جعل النساء ومعظم الأشخاص غير الأوروبيين دنيئين و مستعبدين. التاريخ، من منظور النسوية الإيكولوجية، إقصاء لأولئك الذين عانوا من وكالة المسيطر، و إقصاء لأي مساهمة للمرأة كصانع للحضارة.
يستنتج النسويون لتاريخ العصر الحجري الحديث أن المجتمعات كانت أساسًا أمومية matriarchal (حيث تتمتع النساء بسلطة على الرجال، وعكس النظام الأبوي) أو أمومية بمعنى (المساواة أساسًا، ولكن تعطي قيمة كبيرة على أنشطة المرأة ووظائفها الإنجابية، مع تتبع خطوط القرابة من خلال النساء). يتتبع هذا الخط من التفكير مركزية ثقافة العصر الحجري الحديث كترتيب اجتماعي ليس جيدًا للنساء فحسب، بل يرتبط أيضًا بشكل مباشر بالخصائص المجتمعية الإيجابية مثل السلام والتعاون والعلاقات الحميدة مع العالم الطبيعي.
من الناحية الاقتصادية، يعني الإنتاج production استخراج الموارد الطبيعية وتشغيلها وتبادلها. على النقيض من ذلك، فإن التكاثرreproduction يرمز إلى الظروف البيولوجية والاجتماعية التي تحدد بقاء الإنسان، والمجتمع. من خلال الإنجاب، تنشأ العلاقات السياسية والاجتماعية، وتستمر العلاقات الأسرية، ويتم تثبيت ممارسات الملكية والميراث. تسعى النسوية الإيكولوجية إلى تجاوز قيود التنظيرات الاشتراكية وعلم البيئة، بل تستمد تحليلها السياسي من السياقات الاجتماعية والبيئية لتطوير شرح مفتوح، بدلاً من التفسيرات النهائية و الحتمية.
تهدف النسوية الإيكولوجية أيضًا إلى معالجة التطور الأدبي والنصي لما يُعرف باسم "الوعي الذكوري". في هذا السياق، يوجد موضوع الرجل ضد الطبيعة في عدد كبير من الأدبيات الذكورية، مما يؤثر على التاريخ والخيال والفن. وهكذا فإن حياة النساء، وأفراد الطبقة العاملة، ذوي البشرة السوداء، أصبحت غير مرئية ليس عن طريق الصدفة التاريخية و البيولوجية، بل عن طريق التصميم. نحن حقيقيون فقط بقدر ما نحن أشياء مفيدة؛ حياتنا غير منطقية، وتجاربنا رتيبة.
تشكلت أفكارنا وتصوراتنا الأساسية عن العالم من قبل الطبقة المهيمنة؛ أيديولوجية تحتقر الآخرو تستبعده exclusion. تعريف مصطلح الواقع في حد ذاته نسبي ومتحيز إلى حد كبير. يشير المصطلح إلى أن الطبيعة منفصلة عن الثقافة، وتعتبر الثقافة متفوقة، مما يفيد ذوي الامتياز، الرأسماليون الذين يدافعون عن حقهم الإلهي في السيطرة على الأرض وإخضاعها. إن مشروع الحركة النسوية البيئية هو فهم وتفسير ووصف وتصور ماضٍ وحاضر ومستقبل، وكل ذلك بوعي متعمد للطرق التي يتم بها اضطهاد النساء و استغلال الطبيعة بشكل متشابك و مقرون. تؤكد النظرية على تقاطع intersection جميع أنماط الاضطهاد، وتجادل بأنه لا يمكن إجراء تحرير كامل حتى يتم تحرير جميع المجموعات البشرية و الحيوانية القابعة تحت الاضطهاد و التشييء.
يتعلق الأمرإذن في أوسع نطاق حول إعادة بناء الواقع بشكل مشترك من قبل الجميع و على إعطاء الطبيعة هوية أنثوية من أجل تمكين الشعور بالتعاطف والتضامن في العالم غير البشري. وذلك بسبب أن القناعات العاطفية والمعتقدات النابعة من القلب يمكن أن تمر بنا دائمًا عبر الأوقات الصعبة التي يفشل فيها العقل والحجة . وفي نفس الوقت، تؤيد النظرية الحاجة إلى التساؤل والتحقيق في مصدر أبسط أنظمة التكاثرو البقاء، مثل الغذاء والماء والملابس والطاقة، بما يتناسب مع التكلفة البيئية. هذا الوعي البيئي أمر بالغ الأهمية لتغيير أنماط عيشنا، وإيجاد البدائل التي قد يتبعها البشر.
سيتم إنقاذ العالم من خلال تغيير أنماط حياتنا، وكذلك من خلال تغيير وعينا تجاه البيئة و شروط وجودنا و بقائنا. يجب استبدال المثل البطولية في الروايات الذكورية بطرق أكثر شمولية وواقعية. إحدى الطرق هي إحياء فرضية Gaia أو صورة "الأرض الأم" التي تستعيد الشعور بالارتباط بالعالم الطبيعي. الصورة الأنثوية للأرض هي لصالح القضية البيئية لأنها تهزأركان النظرة الأبوية لصورة الإله-الرجل في السماء. هذا التثبيت لصورة الأم يعطي المرأة مهمة ومسؤولية خاصة لتهدئة التشعب و الإنقسام بين الإنسانية والطبيعة، وبالتالي حل الأزمة البيئية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو رئيس إيران القادم؟ | #التاسعة


.. هل تقبل حماس بمقترح بايدن؟




.. واشنطن: اتفاق ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان يمكن أن يخفف ا


.. مراسلة الجزيرة ترصد ردود الفعل الإسرائيلية على رسالة بايدن ب




.. حماس: ننظر بإيجابية إلى دعوة بايدن لوقف إطلاق النار الدائم