الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وراء الأكمة ما وراءها

محمد بلمزيان

2023 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ليس بالضرورة كل الإنتصارات هي عين الجدارة والإستحقاق ، وليس كل هزيمة هي عنوان الضعف والهوان، وليست جل الأرقام التي تقدم لنا وسائل الإعلام المختلفة هي عين الصواب والحقيقة، بقدرما هي واجهة لإخفاء صورة أخرى، ونكون بذلك ضحايا ما يسمى بطمس الحقيقة، عبر تزوير هذه الأخيرة وفق ما تمليه الجهات المختفية وراء الستار، والتي تهدف في استراتيجيتها الى توجيه رسائل مشفرة بهذه الطريقة لشحن الجمهور وتعبئته بشتى أنواع ( الحقائق ) المزيفة ، والمفبركة وفق معايير معينة وفق حاجة ذلك الوسط الإجتماعي والثقافي والإقتصادي والفني وغير ذلك من المجالات التي أصبح الإعلام يتحكم في مصائرها اليوم ويوجهها وفق حاجة السوق ونمط العيش لدى الشرائح الواسعة من المجتمعات المعاصرة، فقد تصادف وسائل الاعلام المختلفة تروج لبعض الإفكار وتشيع اللبس بشكل منهجي حول مواضيع مختلفة، وقد تصادف بعض الأفراد أو جمعيات وحتى مؤسسات تنفخ في بالونات من ورق، وتدق الدفف بشكل حثيث للرفع من حجم البعض وتنقص من حجم البعض الآخر، بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام عريضة تحتاج الى قراءة جوهرية للجوانب السيكولوجية والسياسية لهذا النمط من الإعلام المخدوم في زمن ضياع الحقائق وطفو الزيف والإفتراء واختلاق انماط جديدة من القيم والحقائق، بناءا على تصورات مدروسة وبشكل منهجي لترويجها في السوق الإعلامية الرائجة، وكم من ( صانع محتوى ) اصبح نجما لامعا بين عشية وضحاها، مباشرة بعد فطم من والدته وخرج الى الشارع يلتقط الهاتف الخلوي ويقوم بالحركات البهلوانية ممزوجة برقصات تغري الجمهور الحالي الذي أصبح يتسابق من أجل استهلاك كل ما هو منحط وتافه يسرق وقته بدون كلل أو ملل ينساب مع الزمن ضائعا تائها في فيافي التفاهة التي أصبحت موضوع الساعة وسحاب يغطي السماء والأرض وأينما وليت وجهك، حتى أصبح كل من يمتلك قدرات على الإضحاك بغض الطرف عن موضوع الضحك نجما بقدرة قادر، ولو على سبيل نشر السخافة والتفاهة، حتى تحولت العديد من المواضيع الجادة الى مجالات للإستخفاف واستدرار الضحك الضحك فقط، في إطار ترويض الناس على الإستئناس بالوضع والتماهي مع الواقع، حتى تصبح العامة تفتقد الى ثقافة النقد والإنتقاد، بعدما تصبح عقليتها معلبة ومرتبة حسب رغبة هذه الوسائل الإعلامية التي تناسلت كالفطر هنا وهناك، تشتغل بعضها بعيدا عن أي حس إعلامي أو أخلاقيات المهنة، وهي من سيئات هذه الطفرة ( الإعلامية ) التي نتجت عن التطور الهائل لوسائل التواصل الإجتماعي ، التي أعطت فرصا ذهبية لجميع البشر في التحدث والكلام بغض النظر عن ملكة اللغة أو مستوى التعليم أو الموقع الجغرافي، وأصبح الكل سواسية في القدرة على استغلال هذه الفرص من أجل التأثير على المحيط بكيفية ما ومنهجية معينة، حسب القدرة بالطبع على تسخير هذه الأجهزة التقنية والمعلوماتية من أجل ما يمكن تسميته ب ( صناعة ثقافة أخرى ) موازية وتشتغل في الظل بمنهجية مرنة، لكن أثرها جارف لكل ما قد يمتلكه المرء من ( ثقافة خاصة ) ووعي آخر ملفوف في غطاء، لا تكاد العيون العادية قادرة على استكناه خفاياها الإستراتيجية، والتي تستعين لكل ما أوتي لها من ثمرات هذه الوسائل المتقدمة لترويج سلعها المسمومة على شكل حلقات موصولة لخلخلة جميع التصورات المكتسبة في مجال، خدمة لجندة قد تنكشف يوما للعامة، لكن بعد أن تكون فعاليتها قد نشرت روائح كثيرة طيلة المسار، حتى يكاد الكل يفتقد لحاسة الشم الصحيحة، لفرز روائح عطرة وزكية عن أخرى عفنة وخانقة ، ولذلك فإن ما يروج في السوق الجارية ليس هي عين الصواب والحقيقة، وقد توجد خلف الأكمة أشياء أخرى غير ملعنة، فحتى ذلك الفريق الرياضي الذي انهزم أمام نظيره الفلاني قد يكون مجرد عثرة لا علاقة لها بالجدارة والقوة والخبرة، بقدرما أن انحياز الحكم أو ظروفا نفسية حالت دون قدرة الطاقم التقني على إبراز القدرات الموجودة وتفقيس المؤهلات أو ظرف من الظروف الأخرى طارئة، وكم من تلميذ أو طالب لم يحالفه الحظ على صياغة موضوع انشائي أو فك طلسم فلسفي أو إشكالي على الورق أثناء زمن الإمتحان، والحال أنه يعد من ألمع الطلاب وأنجبهم على المحاججة والنقاش أمام الملإ أثناء الحصص الدراسية بدون تلعثم أو تيهان او خروج عن الموضوع وكم من ممثل يمتلك كل عناصر التمثيل وتحويل الأعمال الإبداعية الى أعمال قابلة للقراءة ، لكن تنقصه بعض الحركات البهلونية والقدرة السخرية على الواقع باصطناع الضحك، واسترسال في الإبتسام والتمايل والرقص مع الثعابين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة