الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعبوية السياسية وتداعياتها الاجتماعية

ناجي الغزي

2023 / 2 / 18
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


الشعبوية هي خطاب سياسي موجه الى الطبقات الشعبية قائم على انتقاد النظام السياسي ومسؤوليه ونخبه حسب تفسير قاموس "بوتي روبير"

وهذا الخطاب يشكل تحدي الى مؤسسات الدولة التقليدية الديمقراطية ومعاديا الى النظام السياسي ونخبه المجتمعية ووسائل إعلامه. مما يثر مخاوف المجتمع على استقرار النظم الحاكمة فيه.
وعادة ان الخطاب الشعبوي يتسم بالتبسيط المفرط لقضايا المجتمع, وذلك من خلال استخدام لغة شعبية هابطة ومفردات سطحية للتلاعب بعواطف الناس وافكارهم لغايات سياسية. يقول غوستاف لوبان (أن الأفكار لا تكون فاعلة إلا إذا تحولت إلى عواطف ولا يمكن للقائد السياسي أن يحرك الجماهير إلا من خلال عاطفته المتطرفة)

والذين يعتمدون هذا الخطاب يتمتعون بقبول وحضور ديني أو اجتماعي او سياسي مميز وجذب شعبي كبير, وهي شخصيات ذات نزعة فوضوية جانحة للغوغائية الشعبية, تحاول استخدام عدة أدوات لتعبئة الناس وتوظيف خطابها السياسي ذات المحتوى الفارغ من أي مفهوم سياسي أو منطقي لحشد الجماهير واثارة مشاعر الطبقات الدنيا في المجتمع للتنديد بالنظام السياسي والاجتماعي الديمقراطي والخروج على منظومة دولة القانون والمؤسسات الحاكمة, بأساليب وأدوات تهدد المجتمع ومنظومته الأخلاقية بالانزلاق نحو الكراهية والتعصب والغضب.

والزعمات الشعبوية تتحول تدريجيا الى لاهوت سياسي تختزل الشعب باسمها وتطرح نفسها زعيم مناهض للأحزاب ومنهاجها السياسي, وتدفع باتجاه جديد للتمثيل السياسي بصورة مناهضة للأفكار السياسية. وتجنح الى مصالح ومطالب الشعب ظاهرياً, من أجل حشد الطاقات ومحركات اجتماعية لحكم إرادة الغالبية من الشعب.

وتتخذ من الانتخابات فرصة للتظاهر والتمظهر بالأغلبية من اجل الظفر في السلطة المطلقة وليس الفوز بأغلبية مريحة. والواقع أن أصحاب هذه النظريات يعتمدون على السياسة البراغماتية في التعاطي مع النتائج، فنجدهم يدخلون في مساومات سياسية وفساد مالي واستئثار في السلطة ويمضون في سياسات على ارض الواقع تخالف خطابهم امام الشعب وسرعان ما يتنصلون عن أي اخفاق سياسي او اداري.

والخطاب الشعبوي بالتزامن مع ظهور وسائل الاعلام الرقمي جاء انعكاسا لسلوكيات المجتمع وثقافة التفاهة التي خلقت طبقة من الشباب والمروجون من البلوكرية والفانشيستات في وسائل التواصل الاجتماعي للاعتماد على الروح الاعتباطية والعبارات والالفاظ الفجة والاستعراضات الجسدية لإنتاج محتوى هابط يحرك ويؤثر في مزاج الشارع بطريقة غير عقلانية ويسئ للذوق العام, تترك تداعياتها الاجتماعية بصورة مريبة على الفرد وتحدد من خلالها ملامح السلوك الديمقراطي في المجتمع.

لذلك تعتبر الشعبوية السياسية ظاهرة خطيرة في المجتمع تخلق موجات وتيارات سياسية واجتماعية هجينة تهدد وعي الشباب وتنميته الفكرية، لذا تحتاج الى كبح جماحها والحد منها والرد عليها بطرق قانونية, وهناك من يصور او يتصور ان هذه الدعوات هي تقويض لحرية الرأي او تقزيم الديمقراطية الناشئة في العراق, فهذه ظلامات وافتراءات تدور رحاها بين صراع الوعي واللاوعي.

وكثير ما نجد تأثير الخطاب الشعبوي رائج بين الجماعات الفقيرة والمناطق السكانية المزدحمة والمحرومة التي يزداد فيها الفقر والجهل وضعف الوعي، لأنه يشكل وعود فضفاضة وحلول طوباوية لمشاكل سياسية وخدمية معقدة ربما، تحتاج الى أرادة سياسية وموارد مالية كبيرة. ويستقطب هذا الخطاب جمهور مهمش ناقم على السلطة وفسادها المالي ويؤمن بالتظليل الإعلامي والتخدير الانشائي.

ما يخدم هذه التحولات السياسية والاندفاعات الشعبوية هو وجود مناخ سياسي مسموم ومؤسسات تعاني اغلبها من الفشل الإداري وطبقة سياسية انتهازية تتحدى مشاعر الجماهير وتتصدى واجهات الاعلام بكل وقاحة وفجاجة تروج بعضها للفساد المالي والإداري محصنة من التساؤلات القانونية. فضلا عن تدني الوعي السياسي والاجتماعي للشباب, وغياب الضاغط الإعلامي والفاعل الاجتماعي المتمثل في وسائل اعلام رصينة ومنظمات مجتمع جادة. تتصدى لتلك المظاهر الخادعة التي تظلل الرأي العام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية