الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان علاء بشير… والدهشة خارج الألوان

قحطان الفرج الله

2023 / 2 / 18
الادب والفن


علاء بشير فنان عراقي ثري خصب متوقد، ما زال لديه الكثير ليقوله…جذبتني هذه اللوحة التي ظل سحرها يدهشني وسؤالها العميق يقلقني، لطالما همتُ بالفنان الفرنسي (بول غوغان) ولوحته الشهيرة (من أين نأتي؟ ما نحن؟ إلى أين نحن ذاهبون؟) ولكثرة ما اتحدث عنها فاجأني صديقي الدكتور (سالم البدري) بنسخة منها لرسام عراقي كهدية في عيد ميلادي.
لوحة (علاء بشير) هذه في معرضه الأخير في دولة الإمارات (Journey in life— رحلة في الحياة) تحمل مجموعة من الأسئلة المصيرية المعقدة، فدخولنا إلى هذا العالم غرباء وخروجنا منه غرباء، وسنظل نبحث عن الولادة في عوالم اخرى ندخلها بشكل سليم؟ أم أننا سنظل في دوامة الدخول والخروج الأبدي؟
جسد شهوة حبّ الحياة بالأيدي المفتوحة النهمة التي لا تستطيع أن تُمسك أي شيء لتأخذه معها في هذا الأفق الداكن والفراغ الموحش، هذه الأيدي الفارغة المتزاحمة على السراب لا تحمل أي لون!! يحدد جنسها ومصيرها ولهاثها، عالم ندخله بلهفة وجشع وتنافس ونخرج منه بأقدام حافية شاحبة متصلبة من سعيها نحو المجهول.
الحياة والموت والمصير، من الموضوعات الفريدة التي تشغل جميع الفنانين والمبدعين، بل وكلّ البشر على الاطلاق، فالكلّ يستوحي من خلال مشاهدة الأموات، أو من خلال مشاعر تتحرك عندما تقترب تجربتنا من الواقع نفسه، الوجوم الذي يهيمن على الأموات، الشحوب الذي يكسي وجوههم، ذلك اللون الذي لا شبيه له، الصمت المخيف.
إن الظاهرة التي يفرضها الموت والتي لا يمكن اقتفاء أثره في أيّ شيء آخر حسب تعبير (ماكس بيكارد)… جسدها علاء بشير من خلال اللون الصامت، وهذا الافق الشاحب الذي يشبه الصحراء التي لا لون لها ولا شجر ، فيخلق صورة فريدة لصمت كبير يحطم من خلالها طلل الذكريات الذي طالما بكيناه وقوفًا، فاولدنا منبطحين واخرجنا منها منبطحين في لوحته العبقرية تلك، لا وقوف ينفعنا، بل هو يسخر من هذا الوقوف كأبي نواس الذي يقول:
قُل لِمَن يَبكي عَلى رَسمٍ دَرَس · واقِفاً ما ضَرَّ لَو كانَ جَلَس
علاء بشير في هذه اللوحة العبقرية ، الناطق الرسمي باسم الملذات الذابلة، والدموع التي جفت على الخدود ولم تترك وشمًا، تقوله الشفاه الخرساء، فكرة آسرة ومفارقات مدهشة، وخيالات تسبح في عوالم من المجهول لا حدود له…
عبقرية وخبرة الفنان علاء بشير وسحر فرشته التي تعاملت مع (الرمادي، والأسود) في إقصاء متعمد لكلّ طيف آخر …مدهشه حد الابهار، حياة بلا الوان فجميع ألوانها أوهام وحقيقتها صامتة، فهي بلون الحقيقة الأزلية الوحيدة التي ندركها جميعًا، والتي سندخلها مرغمين تلك حقيقة (الموت) الذي قال عنه الشاعر العراقي صلاح نيازي
(شحوب الموت
خارج نطاق الألوان جميعها..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال