الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سطوح ... قصة قصيرة .

عبد الرحيم الرزقي

2023 / 2 / 18
الادب والفن


ـــــ سطوح ...
ـــــــــــــــــــــــــــــ




حينما نتحدث عن السطوح .. فالأمر هنا في غاية الالتباس . أولا لأن السطح ــ سطح الدارـــ مجال يكاد يكون شبه محظور على الذكور.. والصعود إليه يكون لماما بغرض إصلاحات أو ماشابه . ثانيا .. يبقى السطح المكان المثالي للتجمعات النسوية بامتياز .. فيه تنشرن الغسيل .. وتنشرن القمح كذلك وتطلين ــ الحنة ــ ..وعلى الخصوص يبقى السطح المكان الطبيعي لنصب مناسج النميمة المتداولة والخالية من الأذى .
السطوح داخل المدينة العتيقة فضاءات رحبة ومكشوفة .. وهي بطبيعتها غير محجبة .. وتستطيع عيناك أن تصادف التجمعات الحلقية للنسوة في السطوح المجاورة .. بل وأحيانا تستطيع اذناك استراق فحاوى مايدور من حوارات . إنه الشكل الجميل الذي يسخى بصنوف الدفء والتازر بشكل اخاذ ماعدنا اليوم نجد بيننا مكانا .. إنها اللحظات الشاردة التي افتقدت.. بل لعلها انعدمت .
نازلا على كف عفريت من أرخبيل التجمعات السكنية المعبقة بروائح الإسمنت .. حتى دواخلي غزاها الإسمنت .. سحنات الناس ونظراتهم جامدة يهيمن عليها البرود . يكتنفني الحنين ويشدني شد العاشق الولهان .
أطوي المسافة بين الطاكسي والطوبيس .. وجلبة الناس و ــ الحديد ـــ الذي دب متفجرا بين الطرقات ..
أطرق الطرقات ــ التذكارات ــ تباعا .. وأترحم على ارواح من ماتوا .. وأعانق الأمل في ملاقاة من على العهد الذي مضى باق مايزال .
تخترقني الساحة والصومعة العتيقة فأتيه وسط الأزقة والدروب .. تشدني ــلفنادق ــوالدكاكين المحمولة .. تجرني قهقهات من هنا وهناك .. وحين يبلغ مني الاستكفاء من الانتشاء والاستحضار .. أراني منهمكا في الصعود إلى سطح الدار وهناك أراها .. اختفت الملامح المبتغاة على حين غرة . وأرى السطوح تحجبت ..وأرى النساء هجرت مراتع النميمة البريئة .. ولا أثر لحبال غسيل ولامواقع لمنشورات القمح .
وأسأل عن الحاجة كبورة .. فيجيبني من يجيب أنها فارقت .. وأسأل عن ـــ الرحمانية ـــ وأمي زنوبة وخالتي هنية وغيرهن من النساء لتكون الأجوبة حاسمة : ــ ماعاد أحد يرغب في البقاء .
وأنظر في الجهة المقابلة من السطح فالمح مسبحا وضع عنوة فوق السطح وفيه اجانب من رجال ونساء بملابس السباحة . فاخلص للتو: ــ كيف لها أن تبقى كبورة أو غيرها وها قد احتل السطوح ــ جاك ــ وـــ جاكلين ـــ فيتملكني العجب .
هكذا تذوب كل النشوة وأنا قافل في الطاكسي .. . أتركها خلفي الصومعة والساحة والحدائق صوب الإسمنت .


ــــ عبد الرحيم الرزقي
مراكش الحمراء المغرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي