الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطورة توطين لاجئي مخيم الرويشد في كندا؟؟

عماد صلاح الدين

2006 / 10 / 17
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



منذ أن تعرض الفلسطينيون لأسوأ كارثة أخلاقية وإنسانية على يد الاستعمار الغربي وربيبته الاستراتيجية إسرائيل , وما أدت إليه هذه الكارثة غير المسبوقة من حيث حجم ونوعية تأثيرها إلى تهجير ثلثي الشعب الفلسطيني عن أرض آبائه وأجداده التي ارتبط بها ارتباطا عضويا ووظيفيا طبيعيا عبر مئات السنين ، ومشاريع التوطين الواحدة تلو الاخرى ما انفكت تبرح المنطقة عبر تسويقها غربيا وأمريكيا وصهيونيا , فمن مشاريع توطينية للاجئين الفلسطينيين في بلاد الرافدين إلى مشاريع مماثلة في الاردن إلى أخرى في سيناء ودمشق وفي أصقاع أجنبية أخرى وتحت مسميات التأهيل التطوير الاقتصادي والاجتماعي .

ومنذ عقد مؤتمر مدريد للسلام وما تمخض عنه من اتفاقات وفي مقدمتها اتفاق أوسلو , رأينا كيف أن إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة بذلت كل جهد جهيد من أجل جعل قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية ثانوية ذات أبعاد انسانية فقط دون أن يكون لها أي مستند قانوني وسياسي لغرض صهيوني مبيت وهو جعل عودة بعض اللاجئين بأعداد رمزية بسيطة تحت تحكم وسيطرة إسرائيل , لتكون صورة الوضع بأن إسرائيل تتفضل إنسانيا على اللاجئين ، وأنه طبقا لذلك فليس هنالك أي قانون دولي أو مرجعية معينة تفرض عليها عودة اللاجئين.
وعلى هذا ضغطت إسرائيل ومعها أمريكا ليتم التعامل مع قضية اللاجئين ضمن ما يسمى بمجموعة العمل المتعددة التي كانت تعمل ضمن مجالات خدماتية وانسانية وفنية وصحية ترأسها مجموعة من الدول الاوروبية كل في سياق المجال الذي حدد له ,.وعلى هذا باتت قضية اللاجئين مسألة ثانوية يتم الاتفاق عليها لاحقا دون تحديد مرجعية لذلك من باب القرار 194 على وجه التحديد , واستنادا إلى هذا الذي سبق، رأينا محاولة التآمر على حق العودة للاجئين من خلال ما كان يعرف في حينها ببرنامج تنفيذ السلام المشهور الذي كان من ضمن سلم أولوياته العمل على نقل صلاحيات الأونروا إلى السلطة الفلسطينية تمهيدا لإلغاء وبالتالي إنهاء عمل وكالة الغوث الشاهد الأول على مصيبة وكارثة اللاجئين الفلسطينيين .

تدرك إسرائيل والولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية أن القضية الفلسطينية هي في جوهرها شعب تم تهجيره وقلعه وإبعاده عن أرضه ودياره وومتلكاته ، وأن عملية التهجير هذه ، هي التي تحقق الطموح الصهيوني العنصري بإقامة الدولة اليهودية النقية أو الخالصة، وهذا المشروع التهجيري للفلسطينيين لإحلال اليهود بدلا منهم هو ضرورة صهيونية وغربية استعمارية لتحقيق السيطرة على المنطقة من خلال زرع جسم سرطاني غريب في جزء منه.

لذلك فإن صمام الامان لهكذا كيان هو عدم عودة هؤلاء اللذين هجروا -على الاطلاق- والعمل على تشتيت شتاتهم إلى مختلف البلاد والاصقاع .
اليوم , ومما يؤسف له أن نسمع أن بلدا عربيا مثل الاردن يرفض أن يدخل اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الرويشد على الحدود العراقية الاردنية واللذين لايتجاوز عددهم أل 280 لاجئا ، علما أن هؤلاء اللاجئين اضطرتهم ظروف الحرب والاستهداف المباشر لحياتهم لأن يتركوا أرض العراق , المحير والمربك في الموضوع أن الاردن يحتضن أكبر نسبة من اللاجئين الفلسطينيين واللذين يشكلون نسيجا اجتماعيا وحتى سياسيا مهما منه , والادهى والامر من ذلك أن الاردن يستوعب أكثر من 600 ألف عراقي ، فهل يعجز الآن عن استيعاب عدد من اللاجئين الفلسطينيين لا يتجاوز تعدادهم الثلاثمائة ؟؟ هذا سؤال مهم نرجو من الحكومة والنظام الاردني أن نجد له منهم جوابا ، ومع ذلك كله كيف يسمح الاردن لنفسه وفي سابقة خطيرة جدا أن يعقد اتفاق مع كندا لترحيل هؤلاء اللاجئين إليها ، هل هو يمثل هؤلاء اللاجئين ؟؟ أليست هنالك مرجعيات لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين على المستوى الوطني والدولي ، ثم أين الرئيس عباس من الذي يجري ، أم إنه لاعلاقة له باللاجئين وأن اهتماماته منصبة نحو انتزاع اعتراف من حماس والحكومة الفلسطينية بالكيان الصهيوني فضلا عن انشغاله بكيفية إطلاق سراح الاسير الصهيوني جلعاد شاليت!! .النظام الاردني يريد ترحيل لاجئي الرويشد إلى كندا التي تبعد عنه آلاف الاميال ، أما وإنه لامر مضحك ، على فرض أنه لايستطيع استيعاب هؤلاء وهذا فرض لايقبله عقل او منطق ، لماذا لا يترك لهؤلاء اللاجئين الغلابى اللذين يعانون منذ سنوات فرصة التوجه الى سوريا ، فسوريا كانت من قبل قد استقبلت عدد من اللاجئين الفلسطينيين العالقين على حدودها مع العراق .

الحقيقة تقول أن هكذا اتفاق تبرمه الاردن مع كندا لترحيل لاجئي مخيم الرويشد اليها هو اتفاق مشبوه وواضحة جدا مراميه ومقاصده وهو العمل على تكريس سابقة خطيرة بشأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات الاوروبي ، ولذلك نحن من هذا المنطلق نحمل النظام الاردني مسؤولية هؤلاء اللاجين اللذين هم ضيوف عليه ريثما يتحقق لهم حق عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم ، وكذلك نحمل المنظمات الدولية والانسانية وعلى رأسها مفوضية اللاجئين السامية والامم المتحدة مسؤولية حماية وعدم توطين هؤلاء اللاجئين ، ما بال هذه المنظات تقيم الارض ولاتقعدها اذا تعلق الامر بغير الفلسطينيين؟! ،أما الفلسطينيون فلا مشكلة تذكر حول اضهادهم وتهجيرهم والتآمر على حقوقهم الانسانية والقانونية ، للأسف أن هذه المنظمات تتحكم فيها المعايير السياسية وليست الاخلاقية والانسانية .

كنا قد حذرنا وغيرنا في اكثر من موقع ومقالة حول خطورة أن يتم تشتيت شتات اللاجئين الفلسطينيين ، لأن هذا الامر سيؤثر سلبا على نسيج وحدتهم واجتماعهم التكتلي في المناطق الرئيسة للجوئهم ، وليس أدل على ذلك من الموقف الواضح من كافة مستويات وتوجهات شعبنا الفلسطيني حينما أصروا جميعا وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية في حينها على ضرورة تمتع اللاجئين الفلسطينيين فيها بالحد المقبول من حقوقهم المدنية والاجتماعية ، وأوضحنا للحكومة اللبنانية في حينها أن تمتع هؤلاء بتلك الحقوق لاعلاقة له بالتوطين ، ذلك لأن الانتقاص من حقوق اللاجئين المدنية والخدماتية، والذين فعلا كانوا يعانون منه وإن كان اليوم بوتيرة اقل بعد الاتفاق مع الحكومة اللبنانية، سيؤدي إلى هجرة هؤلاء إلى دول أوروبية اخرى وبالتالي ما ينتج عن هذا الامر من تشتيت لتكتل اللاجئين في لبنان وما ينجم عن ذلك في النهاية من تأثير سلبي على حقهم بالعودة إلى الديار والممتلكات.


يجب العمل وبجهود كل المخلصين من الفلسطينيين والعرب ومن اللاجئين أنفسهم على إفشال مشروع التوطين هذا، كما فشل غيره من المشارع الكثيرة التي لاتعد ولاتحصى بفضل صمود ووعي اللاجئين بطبيعة حقهم الطبيعي والانساني والسياسي والقانوني العادل ، في هذا السياق أتذكر ذلك التعليق الذي كان على هيئة وشاكلة الاستغراب والتعجب للمؤرخ الاسرائيلي المعروف " هليل كوهين " في كتابه (الغائبون الحاضرون) الذي يتحدث فيه عن مهجري القرى العربية داخل دولة الكيان الصهيوني حيث يقول ما معناه "إنه رغم مضي عشرات السنيين على تهجير هؤلاء عن قراهم التي لاتبعد عنهم سوى بضع الكيلومترات ، ورغم وفاة جيل من هجروا، واندماج أولادهم وأحفادهم في دولة إسرائيل ، إلا أن هؤلاء ومع مطلع التسعينيات من القرن الفائت، ونتيجة لما تمخضت عنه عملية السلام من تهميش وعدم اهتمام بهؤلاء اللاجئيين الداخليين , رأيناهم كيف يشكلون اللجنة الرئيسية العليا للدفاع عن المهجريين وغيرها من الفروع التابعة لها، ويجيب كوهين عن استغرابه وتعجبه هذا بأن السبب في ذلك هو هذا الحس الجمعي المزروع في قلوب وعقول هؤلاء المهجرين الذي لا تعمل طول ومضي السنين على تآكله و بالتالي تلاشيه ".

ونحن بدورنا نقول إن الديمغرافيا الفلسطينية مجبولة جدا بجغرافيتها المرتبطة بها بحكم الطبيعة والتاريخ
والاقتصاد والاجتماع ، فتآمروا أيها المتآمرون واجمعوا كيدكم وحقدكم الدفين ، فحتما إن اللاجئين إلى ديارهم لعائدون ولو بعد حين.

16 - 10 - 2006
كاتب وباحث في الشؤون القانونية والسياسية
مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الانسان









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يحصل على -الحصانة الجزئية- ما معنى ذلك؟ • فرانس 24


.. حزب الله: قصفنا كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا ردا على




.. مشاهد من كاميرا مراقبة توثق لحظة إطلاق النار على مستوطن قرب


.. ما الوجهة التي سينزح إليها السكان بعد استيلاء قوات الدعم على




.. هاريس: فخورة بكوني نائبة الرئيس بايدن