الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة منع المساعدات الإنسانية عن إدلب.. متاجرة بأوجاع الناس

ملداء نصره

2023 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


منذ لحظة وقوع الزلزال المشؤوم حاصداً أرواح الآلاف ومشردا أضعافهم، اتحدت لهفة الناس في جهات سوريا الأربع على بعضهم البعض، وظهرت لهفتهم ومحبتهم من خلال العمل الخيري لمساعدة المنكوبين من كافة المحافظات المتضررة، وتخطّت مشاعر السوريين كل خلفياتهم الدينية والطائفية والسياسية والشخصية لصالح إنقاذ أكبر عدد ممكن من الضحايا تحت الأنقاض، ولملمة أوجاع الناس وخسارتهم بالتبرعات والإيواء.. ومنذ تلك اللحظة الأليمة باتت المناطق المنكوبة على لائحة الإنسانية واللوائح الحكومية .. ذلك أنّ إدلب هي محافظة سورية وأهلها ومواطنيها سوريين، بصرف النظر عن أنها محتلة ومحاصرة من قبل فصائل مسلحة مدعومة من تركيا وأمريكا، لذلك حين وقعت مأساة الزلزال شمل الاهتمام إدلب وضحاياه لأنّ السياسة تسقط أمام المحنة الرهيبة والمدنيين الأبرياء.

في قرابة اليوم الرابع للكارثة تجمّعت شاحنات محمّلة بالمساعدات الإغاثية القادمة من مناطق الحكومة مقدّمة لمنكوبي إدلب المستحقين لها كسوريين، بقيت الشاحنات عالقة عند النقطة صفر لساعات لاتنتهي حيث رفضت الفصائل المسيطرة على إدلب دخول أو استلام أي مساعدة تأتي من مناطق الحكومة السورية.

وهو ما نقلته رويترز عن المتحدث باسم الأمم المتحدة يوم الأحد ١٢ فبراير "إن نقل مساعدات الإغاثة من الزلزال من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا إلى الأراضي التي تسيطر عليها جماعات المعارضة يتعثر بسبب مشكلات في الحصول على موافقة إحدى هذه الجماعات".

ومع تدفق المساعدات الإغاثية من دول عديدة أعلنت الحكومة السورية أنها لا تمانع من وصول المساعدات إلى إدلب، وهو ما أكده
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الاثنين ١٣ فبراير قائلاً: "إنّ الرئيس السوري بشار الأسد وافق على السماح للأمم المتحدة بتسليم مساعدات إلى شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة عبر معبرين حدوديين من تركيا وهما معبري باب السلام والراعي لمدة ثلاثة أشهر".


وأخذت المفاوضات أيام طويلة لم يكترث خلالها مسلحوا المعارضة في إدلب للضحايا لأن الأوامر من أمريكا لم تمنحهم الضوء الأخضر لاستلام المساعدات وإنقاذ أرواح الناس فمتشدقي الحرية والإنسانية لا يكترثون للإنسان في ظل سعيهم الحثيث لتحقيق مصالحهم.

ورغم وضوح الصورة اختارت أمريكا التغطية على تجاهلها للمنكوبين السوريين طوال ستة أيام دون إرسال مساعدات أو على الأقل إلغاء قانون قيصر الإجرامي بحق فقراء سوريا، اختارت اتهام الحكومة السورية بمنع دخول المساعدات الإغاثية إلى منكوبي إدلب من متحدثين من البيت الأبيض..
و لجانبها يخرج صحفيون سوريون معارضون على بعض قنوات الأخبار الفضائية ومواقع السوشال ميديا ليؤكدون عدم مهنيتهم، وخيانتهم لميثاق الشرف الصحفي في نقل الحقيقة، يتكلمون مستثمرين بأوجاع الناس ومآسيهم لصالح أحقادهم السياسية ومصالحهم المأجورة، متجاهلين أن معارضة إدلب ترفض دخول المساعدات من مناطق الحكومة إلى منكوبي إدلب.. رغم تأكيد مسلحوا المعارضة لرفضهم السماح بدخول قوافل المساعدات حتى لو كانت تابعة للصليب الأحمر أو الأمم المتحدة..

وقد أكد ذلك مصدر من هيئة تحرير الشام لرويترز معلناً: " أنّ الجماعة لن تسمح بدخول أي شحنات من مناطق تسيطر عليها الحكومة وإن المساعدات ستصل من تركيا إلى الشمال".

وأضاف المصدر، وهو غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام، "لن نسمح للنظام باستغلال الموقف للتظاهر بأنه يقدم المساعدة"..

إن المتاجرة بأوجاع الناس والظلم لم يكن غريباً يوما الجماعة المسلحة ولا عن مؤيديها من سياسيين وفنانين وصحافيين..
وإن كان الزلزال أوصل إدلب كما غيرها من محافظات سورية إلى وضع مأساوي منكوب، إلا أن أهالي إدلب يعانون طوال سنوات من ظروف معيشية سيئة وفقر وانعدام أمن..
وبشهادة من أهالي إدلب قبل عامين تحدثوا عن ظروف معيشتهم تحت سلطة الجماعات المسلحة، والخوف بسبب عنفها وديكتاتوريتها، وارتفاع أسعار الخبز والأدوية والسلع الغذائية لأضعافها.. هذا بالإضافة للحصار الخانق حيث عمدت الجماعات المسلحة لمنع الأهالي الراغبين بالرحيل من مغادرة إدلب بحثا عن رزقهم واستقرارهم في محافظات سورية أخرى.. ذلك أنهم كانوا ومازالوا دروع بشرية لتلك الجماعات..

وبعد هذا الواقع الأليم الذي استمر حتى حدث الزلزال وجعل إدلب لجانب حلب وحماة واللاذقية مناطق منكوبة.. يخرج المتاجرون بدم الأدلبي والسوري وضحايا الزلزال، ليتحدثوا عن معاناة المنكوبين ومنع الحكومة لوصول المساعدات إليهم، تجاهلوا الحقائق والمفاوضات والتصريحات، ووضعوا أقنعة لا تخدع إلا الجاهل والمتخلف ليتباكوا بدموع التماسيح منددين بتطرف الحكومة السورية ورفضها المساعدة !!.


بالرغم من أنّ إدلب محافظة خارجة عن سيطرة النظام وتتبع جماعات دينية مسلحة، فقد جاء الزلزال ليضع الأولوية ببند إنقاذ الضحايا تحت الأنقاض، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية الإغاثية للمنكوبين.. وهو ما رفضته الجماعات المسلحة لتعود بعد أكثر من عشرة أيام من المفاوضات مع الأمم المتحدة وتقبل يدخول المساعدات وفق شرط مشدد وهو دخولها عبر الحدود التركية فقط !.
وكان أردوغان قد أوقف أكثر من شحنة مساعدات متجهة إلى سوريا ولم يسمح بعبورها واستولى على أغلبها، ولم نسمع كلمة تنديد واحدة من أصحاب حملة عرقلة المساعدات الإنسانية لسوريا، أولئك الذين تناوبوا اتهام سرقة المساعدات من الحكومة ومواليها الشبيحة حتى قبل أن تصل أول طائرة!!. لكن أردوغان معذور بالنسبة لهم فو أمير المؤمنين لأمتهم المرتجاة بعد إسقاط النظام..

على هول كارثة الزلزال إلا أنّ الشيء الإيجابي الوحيد الملفوح بالأمل هو أن المحنة وحدت قلوب السوريين وآلفت بينهم وردمت خلافاتهم واختلافاتهم تحت أنقاض السياسة، إلا أن هناك قلة من الناشطين والفنانين والصحفيين الذي شذوا عن قاعدة الأولوية للمنكوبين، وأنشبوا مخالبهم في أجساد الضحايا غير آبهين للمعاناة وللإنسان..

ولهؤلاء نقول إن العهر السياسي يشي بوقاحتكم، وإن كنتم لا تريدون مد أيديكم للمنكوبين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمناطقية والسياسية فعلى الأقل اصمتوا وتأدبوا في حضرة الموت والوجع والمأساة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس