الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين تقاطعات التنوير ونوازع التغيير في الإعلام والسوسيولوجيا

ادريس الواغيش

2023 / 2 / 21
الادب والفن


متابعة: إدريس الواغيش

احتضنت قاعة المحاضرات ضمن الأنشطة العلمية والأكاديمية التي تعرفها كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، محاضرة ألقاها يومه الاثنين 20 فبراير الدكتور محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير بيت مال القدس الشريف، في موضوع: «الإعلام والسوسيولوجيا بين تقاطعات التنوير ونوازع التغرير». اللقاء كان من تنظيم مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل برئاسة الدكتور محمد القاسمي.
وقد أشار القاسمي في تقديمه للمحاضرة أن "العلاقة بين الحقلين وطيدة، وذلك بفضل الانتشار الواسع الذي عرفته وسائل الاعلام الأكثر جماهيرية"، ويضيف قائلا بأن "الدراسات التي اهتمت بهذا الجانب تبقى قليلة"، وهنا كان لابد من "البحث عن مقاربات جديدة، وطرح أسئلة كثيرة في هذا الموضوع بحثا عن الخيط الناظم بين علوم الإعلام وعلم الاجتماع". أما الشرقاوي فقد انطلق من أرضية تتطلب اجتهادا وتعميقا وتدبُّرا"، لأن الحديث "عمّا يشغل بلدي في مسارات هذا التدفق الإعلامي الكاذب والحاقد من الجيران في الشرق والشمال حيث الدولة الفرنسية العميقة تتربص بالمغرب وبكل أجهزتها". الشرقاوي يعزي ذلك إلى التقدم الذي وصل إليه المغرب، وهذا التقدم يضيف سالم "بدأ يتعب جيراننا في الشرق كما في الشمال، وإن بنسب متفاوتة".
موضوع المحاضرة مزج بين الإعلام والسوسيولوجيا في نسق متكامل، بدءا من تداخل بين الإعلام والتواصل، وما يشهده هذا المجال من تقاطعات علمية وإنسانية، ولذلك "يجب على طلاب شعبة الإعلام والتواصل أن ينتبهوا جيدا إلى بعض الصراعات التي تكون حمّالة أوجه"، ثم يضيق قائلا "وحتى أكون واضحا، أشير إلى أن الإعلام يدخل في مجال العلوم الإنسانية البحثة التي تستعيد فيه اهتماماتها ومجالاتها الخاصة. وجوهر الإعلام هو جوهر المعلومات، وما ينتج عن ذلك من تفاعل وتغيّرات"، وذلك من منطلق سوسيولوجيا التواصل الذي يهتم بموضوع الإعلام في سياق متكامل. سواء علم الاجتماع العام الذي يعتبر علم الاجتماع بين الأفراد والجماعات أو بتأثر التدخل والتشويش على المعلومات والصور، وهو ما يساعد على تشويه الصورة لدى المتلقي. ومهمتنا كمهتمين بالإعلام والسوسيولوجيا أو كإعلاميين هو "تحسين القناة التواصلية إزاء محاولة قياس أثر السوسيولوجيا في نهج الإعلام"، لأن مرجعيات الإعلام المُنحاز او المُوجّه "تحتكم أحيانا لمرجعية الدعاية والابتزاز خدمة لأهداف يكون قد حدّدها أصحابها بشل مسبق ومتحامل"، ومن هنا فإن "وسائل الاتصال تصنع رؤاهم وتساعدهم في ذلك التكنولوجيا الحديثة من تويتر وإنستغرام وفيسبوك وواتساب وغيرها" سالم يضيف الشرقاوي. ثم يضيف بأن "روّاد السوسيولوجيا قد استغلوا عدة ظواهر لترسيم حدود التحكم، والترويج لأحكام مسبقة للتأثير النفسي على المتلقي، وفق مرجعيات معرفية محددة، يتقاطع فيها التنوير بالتغرير، في غياب الأعراف بين الدول والمجتمعات والأفراد، وتمرير كل ما يمكن من فذلكة ومغالطات وتزوير يضرب البعد الإنساني في مقتل".
في العصر الحديث تطوّرت أنماط حياة الأفراد والشعوب، وهو ما نتج عنه تطور كذلك في تقنيات التعبير والاتصال، وهكذا أصبح معه المستقبل مركون إلى الاستسلام أمام ما يتعرّض له الفرد والمجتمع برمته أمام تواتر المئات من الرسائل والصور، وذلك في رهان واضح للقوة التواصلية والحضور المكثف للإعلام والعلامات والرموز، ويضيف الشرقاوي أن الأمر "يلزم على الإعلام الجديد أن يقوم بدوره كاملا في التأثير على المتلقي لهذا الكم من المعلومات بشكل سلبي أحيانا، ينتج عنه تغيّر في مسار سياسات الدول في التواصل مع فئات عريضة وجمهور من عيار خاص". ولذلك "أصبح من اللازم على الفرد في أي مجتمع أن يبحث عن المعلومات الصحيحة، وأنه بمقدور أي إنسان مهما كان مستواه الثقافي أن يصبح مؤثرا. وبالتالي يضيف المحاضر أنه قد "أصبح الأفراد مرسلين ومتلقين مستلبين أمام الإسهاب في المعلومات والعجز عن التحكم في تدفقها بشكل أو بآخر" يضيف سالم الشرقاوي.
الجميع أصبح يدرك بأن المغرب يعرف تحوّلا مهمّا في مساره التنموي وإقلاعه الاقتصادي، وهذا التحول "يقلق أكثر من جهة، وهو مستهدف في أكثر من جهة، سواء من الدولة العميقة في فرنسا وبعض الدول الأوروبية المتعالية أو من الدولة الجارة في الشرق في مسعى للحد من توهّجه"، ويضيف بأن المغرب "يتعرض من أجل للتجريح والتقويض والتشكيك في مؤسساته وثوابته وقيمه الراسخة"، ومن أجل ذلك يدعونا المحاضر إلى محاربة بعض المصادر السرية التي تسرب بعض المغالطات سواء في الداخل والخارج، في الغرب يحرق القرآن الكريم وهو كتاب الله بحجة الحرية الفردية وحرية التعبير، وعلينا أن نتأكد من بعض المزاعم المغرضة التي تحاول استمالة الرأي العام بشكل مضلل، وهذا يدعونا إلى امتلاك إعلام تنويري وأدوات منهجية وعلمية، ومقاربة هذه السلوكيات الإعلامية المستبدة. وهذا يتطلب منا بالطبع كما يقول المحاضر "توازنا معرفيا من أجل مواجهة هذه الاختلالات التي تظهر من حين لآخر في بعض المقاربات الخاطئة، وأن نعمل على "التقليل ما أمكن من الانزلاقات أمام الأخبار المزيفة الموجهة إلى جمهور واسع من الفئات الهشة ثقافيا ومعرفيا"، وهذا يضاعف من مسؤوليتنا كمواطنين مغاربة في الدفاع عن أمن وسلامة بلدنا. وهذا يحتم علينا أن نلجأ إلى "استعمال التنوير لمواجهة حملات التغرير، والبحث عن المعلومات الصحيحة لحماية قيمنا والحفاظ على المفاهيم الأخلاقية، والتفاف المجتمع حول قيمه الثابتة" كما يقول المحاضر الشرقاوي.
وهنا على المؤسسات الإعلامية الوطنية بدورها أن تتحلى باليقظة، وأن تتسلح هي الأخرى بالمعرفة والعلم ومقومات الإعلام الجديد، وفي مقدمتها علم النفس وعلم الاجتماع، وألا نقاوم بدورنا كمواطنين نوازع التغرير بالنوازع العاطفية، وألا ننجرّ وراء ما يروّج له خصومنا ضدنا من سموم وأباطيل إعلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا