الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن التركمان سوريون أولا وثانيا وثالثا وعاشرا.. وتركمانيتنا صغيره أمام سوريتنا ..

مختار فاتح بيديلي
طبيب -باحث في الشأن التركي و أوراسيا

(Dr.mukhtar Beydili)

2023 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


النظام شوّه صورة الإنسان السوري؛ لأنه شوّه عقل الإنسان السوري وشوّه أيضاً أخلاق الإنسان السوري، الإنسان السوري فعلاً ما عاد يعكس صورة الشامي الواردة في الاحاديث النبوية الشريفة.فالسوريون بكل فئاتهم هم مواطنون كرام دماؤهم وأعراضهم وكرامتهم محفوظة وسيكونون إن شاء الله شركاء في بناء سورية حرة بفسيفساء شعبها الابي.
ونحن التركمان في وطننا سوريا كنا ومازلنا سوريون أولا وثانيا وثالثا وعاشرا.. وتركمانيتنا وغيرها من عناصر الهوية هي تفاصيل صغيره أمام سوريتنا ..

وما دفعني لقول هذا هو ان هناك البعض من السوريين العرب من قاصري النظر وعميان القلوب الذين يقولون ويكتبون على صفحاتهم وفي اجتماعاتهم السرية والعلنية بان سوريا للسوريين العرب .
لاشك أن التركمان السوريون رغم وجودهم التاريخي الممتد لألاف السنين ودورهم الحضاري المميز، يمكن اعتبارهم أكبر المتضررين نتيجة انضمامهم لثورة الحرية والكرامة منذ انطلاقتها الاولى في عام 2011، والضرر عليهم مضاعف مقارنة بالآخرين، وذلك لتمايزهم القومي عن محيطهم من حق التركمان أن يتولد لديهم أكثر من مجرد القلق على مصيرهم في وطنهم .
لا تستطيع قوة على وجه الأرض اقتلاعنا من جذورنا السورية ...

طال الزمان أم قصر أم ستطول الوضع السوري لتمحو كل شيء في طريقه، وتؤسس لخراب في النفوس قبل أن يكون في البيوت والأماكن. وسيكون على الأجيال القادمة من شعبنا أن تعيش بلا جذور ولا هوية أو انتماء في غير أرضها مع الاسف.
فالثورة السورية التي انطلقت مطالبا بالحرية والكرامة الانسانية لكل طبقات المجتمع السوري غيرت الإنسان السوري.. ولامست جميع الطبقات.. لذلك مع نيل الحرية سنبني وطننا ولن ننتقم والبلد لن تقسم الى دويلات باذن لله .
فكل السوريين لديهم شجرة خبيثة مدت جذورها في الأرض خمسين سنة، وثمرة خبيثة ومرة وكريهة؛ فاقتلاع هذه الشجرة التي امتدت جذورها نصف قرن في الأرض لن يكون أمراً سهلاً، لذلك نحن نقول إن النظام يحتضر، لكن فترة احتضاره قد تطول قليلاً، وعندي يقين بالله أن ما مضى هو أكثر بكثير مما بقي.

إن استمرار الوضع السوري بدون وجود أفق زمني واضح لحل السياسي للوضع الراهن ، يحقق تطلعات الشعب السوري بكل أطيافهم ، وينهي حكم النظام الفاشي في عاصمة الامويين بدعم من المليشيات الطائفية العابرة للحدود، يعتبر عاملاً أساسيا في تسارع وتيرة التمزق للمجتمع السوري عموما، الأمر الذي من شأنه أن يهدد باقتلاع التركمان من جذورهم في قراهم وبلداتهم ومدنهم نهائياً، فالمجتمع الدولي مطالب اليوم بالتخلي عن تردده والتصدي لمسؤولياته الأخلاقية والقانونية في حماية الشعب السوري من إرهاب النظام والتنظيمات الطائفية المتطرفة العابرة للحدود، عبر ممارسة ضغوط سياسية قادرة على فرض حل سياسي يحقق التغيير المنشود عبر مرحلة إنتقالية، وفق البنود الستة لإتفاقية جنيف الصادرة في 30/حزيران/2012.

لايزال من تبقى من التركمان السوريين في المنطقة الوسطى في حمص وحماة والساحل في اللاذقية وطرطوس وجبلة وادلب والرقة وفي دمشق والقنيطرة متشبثين في البقاء في قراهم وبلداتهم ، مؤمنين بأن لامستقبل لهم، إلا في ظل الدولة المدنية الديمقراطية، التي تعترف بوجودهم وهويتهم القومية، دولة عصرية حيادية اتجاه الدين والقومية، بهوية وطنية جامعة تعبر عن كل مكونات النسيج الوطني السوري الجامع.

ان مستقبل التعايش السلمي بين المكونات المجتمع السوري في ظل الظروف الراهنة والمستقبلية مرهونة بمآلات الصراع وبطبيعة القوى المتصارعة وبالمدى الزمني لاستمرار هذا الصراع وبطبيعة وشكل الحل. فالنسيج الإجتماعي الوطني السوري تعرض لتمزقات كبيرة وعميقة بعد أن تراجعت طبيعة الصراع في الكثير من المناطق على امتداد الارض السورية من صراع بين نظام أمني استبدادي وشعب مطالب بحقه في الحرية والديمقراطية، لصالح صراعات ذات صفة طائفية وقومية بعد تصاعد الدور العسكري لقوى المسيطرة على المناطق.مع الاسف الشديد شهدت بعض مناطق ارتكاب جرائم وعمليات تصفية جماعية على خلفية مذهبية وقومية، لدرجة بات المشهد أقرب لما يمكن وصفه بحرب أهلية.

هنا، لابد لمؤسسات المجتمع المدني وبقية القوى الإجتماعية والرموز الاجتماعية والدينية الوطنية السورية وبكافة أطيافهم واتجاهاتهم دوراً أكثر فاعلية بوضع البرامج والأدوات الكفيلة بجسر الهوة بين مختلف المكونات المجتمع، عبر تكثيف الحوارات البناءة التي تحقق حالة من التثاقف والتعارف ومحاولة تقوية الرابطة الوطنية الجامعة والمستوعبة لكل ألوان الطيف السوري، والإهتمام بتقديم خطاب عقلاني بعيد عن التجييش القومي والعاطفي وعبر الإعلام والمواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أدواته، الأمر الذي سيساهم في مد شبكة أمان إجتماعية بين مكونات المجتمع السوري ذات مناعة كافية وعصية على الإختراق من شأنها دعم مقومات الحلول السياسية السلمية.طبعا قد يبدو هذا الأمر صعباً بعض الشيء، لكنه بتوفر إرادة الوطنية الصلبة بين ابناء الوطن الواحد برؤية سياسية وطنية واضحة، فإن الأمر لن يكون مستحيلاً.

سوريتنا تجمعنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|