الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أغاني الناس و مواويل الحكومة وإيقاع السوق

عماد عبد اللطيف سالم

2023 / 2 / 21
الادارة و الاقتصاد


ماهو شكل ومحتوى علاقات العراق السياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
لن نسأل سؤالاً كهذا.. فنحنُ كـ "مواطنين" لا يجب أن نعرف ذلك، وفي الحقيقة، لم يعد يهمّنا أن نعرف ذلك.
غير أنّ من حقّنا كـ "مواطنين" عاديّين(وليس كخبراء و مستشارين وأكاديميّين متخصّصين) أن نسأل، ونعرف بوضوح، ماهي علاقة الولايات المتحدة، وبنكها الإحتياطي الفيدرالي بـ دينارنا، ودولارنا، و"سياستنا" النقدية "المستقلّة"، و "بدولتنا" ذات "السيادة".
من حقّنا أن نعرف ماذا حدث في اسطنبول، وماذا حدث في واشنطون.. أو على الأقلّ يجب على "نوّابنا" في مجلس النواب أن يعرفوا ذلك، و"يُسَرِّبوا" لنا بعضاً ممّا يعرفوه، لكي تهدأ النفوس، وتستريح الخواطر.
السياسة النقدية و "أدواتها" ليست سرّاً دفيناً من أسرار الدولة، ولا يجب أن تعمل في "الدهاليز"، ولا أن تُستخدَم في "الأقبية".
السياسة النقدية في العراق لا تتحكّم إلاّ بإصدار الدينار(أي عرض العملة الوطنية)، وليس لها من أداة فاعلة تستخدمها للتأثير في بعض المتغيرات الإقتصادية الكليّة(كالتضخّم)، أو لتحقيق "الإستقرار النقدي" غير "التحكّم" بسعر صرف هذه العملة، أو "إدارة" هذا السعر إدارة كفوءة وفاعلة.
الباقي يتكفّل به النفط، والدولار المرتبط بعائدات تصدير هذا النفط.
والسياسة المالية في العراق لا تتحكّم بغير الموازنة العامة للدولة.. وهذه الموازنة هي(وبشكل رئيس) نفقات عامة تشغيلية، وهذه النفقات التشغيلية هي عبارة عن رواتب وأجور، وهذه الرواتب والأجور يموّلها النفط، وندفعها بالدينار العراقي من خلال مقايضة الدولار"النفطي" بالدينار العراقي.. أو من خلال "الدين الداخلي" الذي يزداد، و يتراكم سنةً بعد أخرى.
في كلتا السياستين في العراق، لا وجود لـ "أدوات" تأثير فاعلة أخرى.. لا ضرائب ولا رسوم ولا سعر فائدة ولا سعر خصم ولا ائتمان، ولا أيّ شيء آخر.
وفي ظل غياب سياسة أخرى في العراق، هي "السياسة التجارية"، عليكم أن تتصوّروا مدى وحجم الفوضى التي يعاني منها الإقتصاد العراقي الآن.
والمفارقة المُضحكة المُبكية أن "المواطن" العراقي لا تهمّهُ هذه السياسات، ولا كيف تعمل "الأدوات" المرتبطة بها.. ولا يهمّهُ لا سعر الصرف ولا حجم "الإحتياطيات"، ولا تعنيه بشيء تفاصيل الصراع حول الموازنة العامة(التي تنتفِخُ وتتورّمُ يوما بعد آخر، لإرضاء جميع "الأطراف")، ولا كيف تتعامل السياسة التجارية مع المنافذ الحدودية السائبة و"المُتسيّبة".. إن ما يهمّهُ،فقط، هو كيف يُمكِنُ لهُ أن يعيشَ(هو وعائلته) بكرامةٍ، وبالحدّ الأدنى من متطلبات الكفاف.
إنّ حديث "الكَهاوي"(أي حديث المقاهي والكافيهات)، وإطلاق التصريحات كيفما اتّفق(وهو ما يحدث الآن في المؤتمرات الصحفية، والحوارات في الفضائيات)، هو سلوك غير سليم، وغير مُنضَبِط، يُغذّي الإشاعات، ويُقوّض الثقة بقرارات وإجراءات الحكومة، ويخلق بيئة مؤاتية لبناء توقعّات ضارّة(لدى المعنيّين بذلك، ولدى عامّة الناس)، وبما يُنهي أي أمل بوجودِ حلٍّ لأيّة أزمة أو مشكلة، ناهيك عن زعزعته لأيّ "استقرار" اقتصادي، مهما كان ضئيلاً.
هل يصِحُّ ذلك.. وهل يجوز؟
لم نسمع من "المسؤولين" و"أولي الأمر" شيئاً جديداً لم نكن نعرفهُ من قبل( كما يعرفهُ جاسم أبو المولدّة، وجاسمية بائعة الخضروات، وأبو جاسم بائع الغاز).. لا من رئيس وفد اسطنبول، ولا من رئيس وفد واشنطون، ولا من رئيس جميع الوفود.
كلّ معلوماتنا "التفصيلية" نستقيها من الفيسبوك، و تويتر، والتك توك.. وأخيراً من الفضائيات.
وفي هذه الفضائيات يتبيّن لنا أنّ لدينا الكثير من الخبراء والأكاديميّين والمتخصّصين، وكلّهم يتحدّثون إلينا بالعموميات، ويلفّون، ويدورون، ويلوون عنق الحقائق الدامغة، ويُجامِلون الحكومة و"النظام" والسُلطة، ولا يُصارِحون الناس بالحقائق والأسباب.. وكُلّهم يعرفون ماهي هذه الحقائق، وما هي تلك الأسباب.
كُلّهم يُغنّون على هواهم.. وكلنّا نُغني على هوانا.. والإقتصادُ و "السوق" يُغنّي على هواه.. وكلُّ قومٍ بما لديهم فرِحون.
محافظ البنك المركزي غائب.. ووزير المالية غائب، و وزير الخارجية يتحدّث بالعموميات.. بينما يقول لنا بعض "خبراء" الفضائيات: أنا سأقول لكم لماذا ذهب الوفدان إلى هناك.. و خُذها منّي، واحسِبها علَيّ، و "كَول كَال فلان".. وآخر يسردُ لنا بالتفصيل ماحدث في لقاء اسطنبول، وما لم يحدث في لقاء واشنطون.. وآخر يقول : توجد شروط، وتوجد "مهلة".. وآخر يقول : لا توجد شروط ، ولم نطلُب مُهلة.. وإلى آخر فصول هذا الهذيان والهراء"الجمعي" والشخصي، الذي لانظير لهُ في التاريخ الإقتصادي والسياسي لأيّ أُمّةٍ أخرى.
لقد آنَ أوان المكاشفة والمُصارحة بواقع الحال.
عندما يحدث ذلك سيتم تقاسم المسؤوليات والحقوق والواجبات بين المجتمع والدولة بشيءٍ من الواقعية، وبالحدّ الأدنى من العدالة والإنصاف.
أمّا الإستمرار بالنهج النمطي والبائس للتعامل "الاني – الوقتي" مع المشكلات، والإكتفاء بتأجيلها وترقيعها فقط ، فإنّه لن يقودنا في المحصّلة لغير الفوضى، والخراب.
وهنا.. إنتَبِهوا، وأحذّروا.. فقد ملَّ العراقيّون من الفوضى، ولم يعُد بوسعهم احتمال المزيدِ من الخراب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية


.. عيار 21 الا?ن.. سعر الذهب اليوم السبت 4 مايو بالصاغة




.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام