الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظافر الجهود الدولية بين المصالح والتصدي للجرائم بعد عولمتها

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2023 / 2 / 22
دراسات وابحاث قانونية


تظافر الجهود الدولية بين المصالح والتصدي للجرائم بعد عولمتها
(جرائم الانترنيت,جرائم غسيل الاموال,وجرائم التلوث البيئي أنموذجاً)
Synergy of international efforts between interests
and addressing crimes after their globalization
Internet crimes, money laundering crimes, and environmental
pollution crimes as a model
( دراسة قانونية مقارنة )
) Comparative legal study (
د.ماجد احمد الزاملي
Dr. Majid Ahmad Hady
دكتوراه قانون جنائي عنوان الإطروحة ( الشرعية الإجرائية لمكافحة الإرهاب)
PhD, in criminal law thesis title Procedural Legitimacy
to Combat Terrorism
العنوان
Danmark
4100 Ringsted
Søndre Parkvej11,1th
[email protected]




الملخص
الثورة المعلوماتية ونموها المستمر الذي نعيشه في عصرنا الحالي وما يشهده حاضرنا
أصبحنا نواجه العديد من الأخطار والمشاكل التي تنشأ بشكل تلقائي مع أي تطور حضاري
وتقني . فدخول الانترنت في عالمنا وتَمكّن الصغير والكبير والجاهل والمتعلم من استخدامه دون
أي قيود أو رقابة أدى إلى زيادة الأخطار وتفشى النهب والسرقات الإلكترونية بشكل ملحوظ ؛
وغسيل الاموال , ولحفظ الحدود وزيادة الحماية وَجَب تشريع القوانين التي تُرغم
المجرمين على التزام حدودهم ، ولكننا نرى أن أكبر عائق كان ولازال يواجه هذه القوانين
هو تطبيقها على أرض الواقع وبشكل فعلي ؛ وذلك بسبب جهل الناس بها ؛ لأنها قوانين مستجدة
وحديثة لجرائم غير معهودة وليست كغيرها من الجرائم ، فكان من أهم خطوات تطبيق هذه
القوانين هو توعية الناس بالجرائم الإلكترونية وجرائم غسيل الاموال وما لها من تأثير وما
تسببه من أضرار بالاقتصاد الوطني والدولي . ان الانترنت ساعد على سهولة ارتكاب هذه
الجرائم فتقنيات الكمبيوتر سهلت ارتكاب هذه الجرائم فاذا كانت جرائم الحاسب الآلى
تتصف بمستعملين مصرَّح لهم بالتعامل مع برامج الحاسب الآلى كسرقة نقود وغسيل مبالغ
كبيرة من المال عِبرَ الانترنيت. لذلك على القانون الجنائى أن يواكب هذه التطورات
التكنولوجية التى تُقدم فرصاً واسعة لاساءة استخدام امكانيات الفضاء المعلوماتى، وأن يعمل
على ردع هذه الأفعال الاجرامية، مع تطبيق السلطات القسرية المقررة فى بيئة تكنولوجيا
المعلومات. وجريمة غسيل الأموال ذات الطابع الدولي، اتجه مرتكبوها إلى ممارسة السلوك
الاجرامي التقليدي والسلوك الاجرامي الحديث الذي يواكب تطور تكنولوجيا المعلومات
و الاتصالات مما يَمكن أن نُطلق عليه السلوك الاجرامي الالكتروني. وقبل ظهور الانترنت
وجرائمه كانت توجد الافعال الاجرامية وكانت هذه الافعال تشمل القتل والسرقة والنصب
والتزوير وغيرها من الجرائم.
على الرغم من ظهور جرائم تلوّث البيئة في أول الأمر في الدول الصناعية الاّ أنه في وقتنا الراهن يُشكِّل خطراً يُهدِد كل دول العالم. مع وقوع الحوادث البيئية الجسيمة, فالتفتت الدول إلى خطورة التلوث البيئي وتمَّ تشكيل الهيئات والمنظمات المعنية بشؤن البيئة وتم أيضا تجريم التعديات الواقعة على البيئة ومن ثُم ظهرت طائفة جديدة من الجرائم في القانون الجنائي عُرِفت بجرائم تلوّث البيئة. والبيئة تعبّر عن ثلاث عناصر الطبيعة(انسان -حيوانات -نباتات ), طبيعية ( ماء – هواء – أرض – مناجم ) ، الأماكن والمواقع الطبيعية السياحية.

Abstract:
The information revolution and its continuous growth that we live in in
our time and what we are witnessing in our present
We are now facing many dangers and problems that arise
automatically with any civilized development
and technical. The Internet entered our world and the young, the old,
the ignorant, and the educated were able to use it without
Any restrictions´-or-censorship that significantly increased the
risks and spread of looting and electronic thefts
And money laundering, in order to preserve borders and increase
protection, it is necessary to legislate laws that compel Criminals
must abide by their-limit-s, but we see that the biggest obstacle was
and still faces these laws
It is applied in practice and in practice This is because people are
ignorant of it. Because they are new laws
and modern for unusual crimes and not like other crimes, so it was
one of the most important steps to implement these the laws
are to educate people about cybercrime and money laundering
crimes and their impact and what
It causes damage to the national and international economy.
The internet has made it easy to do this
Crimes Computer technologies facilitated the commission of
these crimes It is characterized by users who are authorized to deal
with computer programs such as money theft and money laundering big
money online.
Therefore, the criminal law must keep pace with these developments
technology that offers ample opportunities to misuse the potential
of the information space, and to act
To deter these criminal acts, with the application of coercive powers
established in a technological environment
the information. And the crime of money laundering of an international
character, the perpetrators of which tended to practice the behavior
traditional criminal behavior and modern criminal behavior that
keeps pace with the development of information technology
And communications from what we can call cybercriminal
behaviour. Before the advent of the internet
and his crimes were criminal acts and these acts included murder,
theft and fraud fraud and other crimes.
Despite the emergence of environmental pollution crimes in the
first place in the industrialized countries, it is
Our present time poses a threat to all countries of the world. With
the occurrence of major environmental accidents fragmentation of countries
to the seriousness of environmental pollution, bodies and organizations
concerned with environmental affairs were formed
the criminalization of encroachments on the environment, and thus
anew range of crimes appeared in.
The criminal law is known for the crimes of environmental pollution.
The environment expresses the three elements of nature (human-animal).
Plants), natural (water - air - land - mines), places and natural tourist sites.

المقدمة
برزت في عصرنا الحالي العديد من التحديات التي تُهدِد حقوق الانسان، مثلاً العمليات
الناتجة عن الجريمة المنظمة والتي تَتَسَبب بخسائر فادحة في الأرواح والمعاناة .
مفهوم مراقبة المحادثات و تسجيل الأصوات في الجريمة في التشريعات المقارنة
المقصود هنا هو قيام الشرطة القضائية بوضع جهاز التنصت بطريقة سرية في مكان
خاص أوعمومي لالتقاط الكلام المتفوه به المشتبه فيه، والذي من شأنه تشكيل قرائن وأدلة
صالحة لاظهار أو لنفي الحقيقة، وإلى عهد غير بعيد كان المشرّع يعتبره يتعارض مع
حقوق الإنسان، لكنه امام ظهور جرائم خطيرة في ظل العولمة أجاز لضباط وأعوان الشرطة
القضائية اللجوء اليه بشروط محددة. تُبرَم الاتفاقيات الدولية البيئية متعددة الأطراف لتشكيل
القانون الدولي للبيئة، وتُعطي التقديرات وجود أكثر من خمسمائة معاهدة دولية، وغير ذلك من
الاتفاقيات المتعلقة بالبيئة ، 323 منها ذات طابع إقليمي، ويرجع تاريخ 60% منها إلى فترة
ما بعد 1972 السنة التي عُقد فيها مؤتمر ستوكهولم،ونذكر هنا بعض الاتفاقيات الدولية
الرامية لحماية البيئة:
• اتفاقية فينا لحماية طبقة الأوزون الموقعة في 1985/3/22
• اتفاقية ريودي جانيرو بشأن تغير المناخ في البرازيل عام 1992
• اتفاقية مكافحة التصحر باريس 1994
• بروتوكول كيوتو بشأن تغير المناخ في ديسمبر 1997
والجريمة مرتبطة بالانسان وجوداً وعدماً والانسان مرتبط بالمجتمع فاعلاً ومتأثراً وكما
ان الصلة وثيقة بين الجريمة والمجتمع فان العلاقة وطيدة بين تطور المجتمع الحضاري
والعلمى والتكنولوجى والجريمة.
وقبل ظهور الانترنت وجرائمه كانت توجد الافعال الاجرامية وكانت هذه الافعال تشمل
القتل والسرقة والنصب والتزوير وغيرها من الجرائم ، لكن الانترنت ساعد
على سهولة ارتكاب هذة الجرائم فتقنيات الكمبيوتر سهَّلت ارتكاب هذه الجرائم فاذا كانت جرائم
الحاسب الآلى تتصف بمستعملين مصرَّح لهم بالتعامل مع برامج الحاسب الآلى كسرقة نقود
من بنك ائتمان مثلاً اما جرائم الانترنت فلا يوجد اتفاق عام فيها حول اداب مشاركة كلمة السر
ومن الصعب فى اغلب الاوقات تحديد هل مستعمل الانترنت او نظامة مصرّح له بذلك ام لا وعند
الاجابة بنعم او لا ففضاء المعلومات ليس له مباديء اخلاق عامة, فحدود السلوك المقبول او
حتى السلوك الاخلاقى فى فضاء المعلومات ليست واضحة فضيف الكميوتر يمكنة اولاً
الوصول الى بعض المعلومات وعدم الوصول الى البعض الآخر بينما فى الانترنت يمكن
الوصول وقراءة البريد الالكترونى للشخص فى الانترنت بسهولة مما يستدعى الامر تدخل
القانون الجنائى.
المجلس الدستوري الألماني عبّر عن موقفه من خلال قراره الصادر بتاريخ 03 مارس2004 وما
مدى احترام المباديء الأساسية لحقوق الإنسان، لكنه في النهايه هو كذلك تأثر بهذا القانون وقام
المشرع بإصدار قانون جديد يوسّع من صلاحيات ضباط الشرطة القضائية وجسّد هذا الاجراء
الجديد بموجب القانون الصادر بتاريخ01 حزيران 2005. لكن المحكمة الأوروبية لحقوق
الانسان تركت المجال مفتوحا للدول في وضع التشريع المناسب، بشرط احترام المادة 8 من
اتفاقية المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان ,ولا تتدخل في المسائل التشريعية إلاّ لاحقاً، من
خلال معاينة مدى احترام أوعدم احترام الدولة العضو في الاتفاقية لأحكام هذه المادة القانونية
بمناسبة حكم قضائي أو اصدار قانون. ويلاحظ من خلال التشريعين الألماني والفرنسي.
ان القانون الألماني الذي دخل بتاريخ 01 حزيران 2005 حيز التنفيذ ، يقضي بأن
الحديث الذي يتم في غير الأماكن العمومية ويجري في الأماكن الخاصة كالسكن
والمكاتب الخاصة، يمكن تسجيله باستخدام الوسائل التقنية الحديثة، عندما تحوم شبهة ضد
شخص معين، يحتمل أنه ارتكب أو سوف يرتكب احدى الجنح المنصوص عليها قانوناً،
بشرط ألاّ تتعدى المدة المحددة للقيام بعملية التنصت شهراً واحداً ، مع امكانية تجديدها لشهر
(1). آخر. وهي نفس المدة المقررة في المادة 706/95 من القانون الفرنسي
وهناك جرائم تُهدد السلام والاستقرار في مناطق عديدة من العالم، إلاّ انّ الاجراءات
المتخذة لمواجهة هذه الجرائم تتعارض في بعض الحالات مع الحريات الاساسية للانسان. حيث
تنص المادة 12 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة
لعام 1948 ، على " حماية حق الإنسان في حرمة حياته الخاصة ". وقد كرستها المادة 8 من الاتفاقية
-------------------------------------------------------------------------------------------
قانون أصول المحاكمات الجزائية 2013 الفرنسي/ الطبعة 54/2013 / دالوز 1-

الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، التي تم التوقيع عليها بتاريخ 4 نوفمبر1998
بروما، وصيغت بموجب المادة 17 من الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المدنية
والسياسية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16 ديسمبر1966 ،
على " حق الانسان في حماية حرمة حياته الخاصة.
وكان للتطور التكنولوجي والتقني في مختلف المجالات ونمو التجارة الدولية ونمو الاقتصاد
الدولي وتوسيع مناطق التبادل الحر، وفتح الأسواق العالمية أمام التجارة،اصبحت الجريمة
المنظمة من اخطر التهديدات التي تواجه المصالح العامة وسلامة أمن الأفراد والمجتمعات، وهذه
الجرائم على سبيل المثال وليس الحصر (غسيل الاموال ,الجرائم الالكترونية ,جريمة تلوث البيئة )
وان كانت تُرتكب في الماضي بوسائل بسيطة، وفي حدود جغرافية معينة، فان
التطور الحاصل في مختلف المجالات وخاصة في قطاع الاتصالات، أدى إلى تطور الجريمة
بحيث برزت الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتي تقوم بها منظمات اجرامية خطيرة، إذ
انتقلت هذه المنظمات في ممارسة نشاطها من النطاق الداخلي للدول إلى النطاق الدولي(1)،
ظهور منظمات اجرامية خطيرة تعمل على مستوى المنظمات الاجرامية الوطنية بهدف فرض
هيمنتها من خلال الاعتماد على استراتيجية معينة، وهي استراتيجية التحالفات ,وكذلك
السيطرة على الدول مما جعل الجريمة المنظمة من أكبر التحديات التي تواجه
الدول بدون تمييز بين الدول المتقدمة والدول النامية. فزادت خطورة هذه الجرائم
بحيث لم تَعد الدول قادرة على مواجهتها ( ولنا في الجرائم السيبرانية عبر الشبكة العنكبوتية
,وجريمة تلوّث البيئة ,وجريمة غسيل الاموال دلالة على انتهاك حقوق الانسان ) بمفردها
بما في ذلك الدول الكبرى والمتقدمة، مستغلة في ذلك عدم وجود تنسيق كافي بين الدول
في مختلف المجالات خاصة المجال القانوني و القضائي و المجال الأمني(2).
ومنذ أواخر القرن الثامن عشر أصبح المبدأ (لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون )من المباديء
-----------------------------------------------------------------------------------------
1-سمير الأمين ,مراقبة التيلفون والتسجيلات الصوتية والمرئية، الطبعة الثالثة -2000
دار الكتاب الذهبي، ص11.
2-شريف سيد كامل : “الجريمة المنظمة“، الدار العلمية و الدولية ودار الثقافة للنشر
و التوزيع – عمان، طبعة الأولى –2001.
التي اقرَّتها الدساتير كقاعدة وتُعرف هذه القاعدة في فقه القانون الجنائي بمبدأ الشرعية
او مبدأ (قانونية الجريمة والعقاب) , واصبح مبدأً دستورياً حين تبنته الولايات الـمتحدة الأمريكية
الحقوق فـي دستورهـا عـام 1774، وتبعتهـا فرنسا بعد ثورتهـا عـام 1789.كما اصبح المبدأ من
المنصوص عليها في الوثيقة الدولية لحقوق الانسان ممثلة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
لسنة 1948 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في المادة 11 / 2 منه.كما نصت عليه لاحقاً العديد من
الاتفاقيات والمواثيق الدولية، فضلاً عن اغلب دساتير دول العالم . وكان لتطور مجال الاتصالات إلى
جانب الانفتاح الإقتصادي للدول فتَحَ المجال ل"عولمة" الجريمة التي أصبحت تَعبر الأوطان وتستفيد
من المعلوماتية في "التنظيم والتنفيذ"، وعدم امكانية أي احد التصدي لهذه الجرائم بصفة منفردة.


















أهمية البحث
تَأتي أهمية البحث من كونه يتناول التأثير السلبي للثورة المعلوماتية(العِلم سلاح ذو حدين )
وما نتج عنها من جرائم الكترونية باعتبارها جرائم مستحدثة كجريمة غسيل الاموال
الغير مشروعة وجرائم تلوث البيئة ، وفي القاء الضوء على جهود المشرّع الدولي
والوطني في تقنين هذه الجرائم، لذا نرى أن تطويق ومكافحة هذه الظاهرة
الخطيرة وايضاح مخاطرها هي ضرورة قانونية وواجب أخلاقي ، ويستلزم
منا البحث في القوانين والتشريعات والتوجهات الفقهية التي تَصدَّت لها.
تبرز ضرورة دراسة المواضيع البيئية لأنها ترشدنا لأهمية الحماية والمحافظة
على البيئة وعناصرها، وتشير إلى خطورة التلوث العشوائي والمتعمد على البيئة وآثاره
الخطيرة على الحياة الطبيعية.

مشكلة البحث
تتمثل الاشكالية الرئيسية للبحث ببيان المراحل التي مرَّت بها التشريعات الدولية والإقليمية
والوطنية في تقنينات الجرائم المُستحدثة ومدى فعالية هذه التشريعات في مكافحة الجرائم
الخطيرة، كالجرائم المتعلقة بتلوث البيئة ، والجرائم الماسة بأمن الدولة وعملتها الوطنية
من خلال جرائم غسيل الاموال القذرة ، والجرام المتعلقة بالتهديدات الإرهابية.

أهداف البحث
تكمن اهداف البحث: في الاهتمام بمكافحة الجرائم المستحدثة ، تتطلب منا وضع استراتيجية
وايجاد الحلول، منها التركيز على جانب ثقافة ووعي المجتمع وتَبصيره بمخاطر هذه
الجرائم ،وذلك بمواصلة الأعمال البحثية بشأن الأبعاد القانونية والأخلاقية لاستخدام
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات،وغسيل الاموال وتلوث البيئة ، وتعزيز الجهود الوطنية
والاقليمية والدولية في مكافحة هذه الجرائم. ويثور التساؤل في اطار الجهود الدولية
التي تسعى إلى حماية البيئة ومنع غسيل الاموال.


منهجية البحث
المنهج التحليلي ، من خلال عرض وتحليل نماذج من الجرائم المستحدثة على الساحة
الوطنية والدولية ، والمؤتمرات والمعاهدات والاعلانات والبروتوكولات الدولية ألتي
اهتمت بموضوع الجرائم المستحدثة ودور الاتصالات السريعة التي جعلت
العالم قرية عصرية وموضوع تأثير الفواعل الدولية في قضايا البيئة .





















المبحث الأول
الجريمة مُدانة منذ أن عَرِفها الإنسان
النظرة إلى الجریمة لم تَتَغیر عِبر العصور لكونها فعل یَضُر بمصالح المجتمع،
وان تبدَّلت أسالیب ارتكابها، وطبیعة المصالح المحمیة عِبرَ القانون، فتبقى دائماً
تَتَفق كل من الجرائم التقلیدیة والجرائم المُستحدثة في المضمون كالسرقة والاستیلاء على
مال الغیر، ولكنها تختلف في الشكل بسبب مستجدات العصر المتعلقة بالتغییر
في البنى الاجتماعیة والاقتصادیة للمجتمع . ظاهرة الجريمة ملموسة في كل مجتمع
انساني، وصور الجریمة وبواعثها وطرق مجابهتها تتغیر كلما انتقلت (1) الانسانیة
من مرحلة إلى مرحلة آُخرى ووصلت الیوم بصورتها المُعَقدَة والمتشابكة مع بعضها
حتى أصبح یصعب ضبط التداخل الموجود بینها لوجود علاقة التكامل الاجرامی؛ الأمر
الذي جَعل من هذا النمط للاجرام المعاصر عابراً للحدود الاقلیمیة والقاریة ضارباً
بالنظام العام الوطني وللمجتمع الدولي وفي جوانبه الكبرى سواءً المتعلقة بالأمن
أو بالقیم القومیة والإنسانیة.
والجرائم العادیة مهما بلغت جسامتها فانها تخضع لاطار مكاني مُحدد باقلیم الدولة الذي
تُمارس علیه سیـادتها من حیث القانون الواجب التطبیق وكذلك السلطة المختصة,
وهذا بموجب اقلیمیة القوانین؛ لكنَّ الجرائم المَستحدَثَة تُحرَّر معظمها من الخصوصیة
الزمانیة والمكانیة للبيئة الاجتماعیة التي نشأت فیها، بحیث أخذت تُرتكب وتُمارس في بُنا
اجتماعیة مختلفة عن تلك التي ظهرت فیها وارتبطت بها باديء ذي بدء؛ و مما لا شك
فیه أن ذلك قد أدى إلى ما یُسمى بعالمیة الجریمة، فالصور الاجرامیة المرتبطة
بجماعات محلیة اكتسبت الطابع العالمي؛ حیث أصبحنا أمام جماعات متعددة الجنسیات،
-------------------------------------------------------------------------------------------------
1-السید یس، السیاسة الجنائیة المعاصرة، دراسة تحلیلیة لنظریة الدفاع الاجتماعي، دار
الفكر العربي، مصر, 1973، ص13.



الأمر الذي یَطرحُ تنازعاً في الاختصاصات المتعلقة (1) بالضبط والملاحقة مما یُشكل
مناخاً خصباً لتلك الجرائم وتفشيها. لیس هذا فقط، بل ان الاجرام المُنَظَّم زادت خطورته
لأنه یتجاوز كل الحیز المكاني للجناة، حیث يمكن أن یُقتَرف عِبر أجهزة ألكترونیة
مزودة بتكنولوجیا الاتصالات الحدیثة .
الجرائم الحدیثة لا تختلف عن الجرائم العادیة من حیث كونها أفعالاً محظورة قانونًا، الاّ
أنَّ الجرائم المستحدثة تختلف عن الجرائم العادیة من حیث كون السلوك الاجرامي لها
ناتج بعد تخطیط دقیق و متأنِ ومستمر یتجاوز الحدود الدولیة في الكثیر من الأحیان،
ومُرتَكب هذه الجرائم في غالبیة الأحیان لا یمكن أن یكون فرداً واحداً وانما مجموعة
من الأشخاص أكثرهم من محترفي الاجرام، الذي یهدف في الأساس إلى غایات تحقیق
(2). الربح السريع واكتساب السطوة والمال
وقد خصَّت التشریعات الجزائیة الجرائم الحدیثة عن نظیرتها العادیة بتنظیم قانوني خاص
یتمیز بعالمیة النص القانوني الذي یُنَظمه سواءً من حیث التجریم أو المتابعة الجزائیة.
-------------------------------------------------------------------- ----------
المقصود بتنازع الاختصاص دخول دعوى بشأن جريمة واحدة أو جرائم مرتبطة مع - 1
بعض حوزة جهتين من جهات التحقيق أو الحكم فتُقرر كل منهما اختصاصها ، وهو
ما يسمى بالتنازع الايجابي، أو أن تُقرر كل منهما عدم اختصاصها ويكون الاختصاص:
منحصراً فيهما، وهو ما يسمى بالتنازع السلبي. وفي ذلك قضت المحكمة العليا بأنه
” إذا أصبح قرار الغرفة الصادر بالتجنيح نهائياً رغم ما ينطوي عليه من خطأ في القانون
نتيجة مخالفة المادة 154 من قانون الإجراءات الجنائية الليبي فإن التضارب بينه وبين الحكم
النهائي الصادر من محكمة الجنح بعدم الاختصاص لجنائية الواقعة يعد من صور تنازع ",
الاختصاص السلبي الذي يرفع فيه الأمر إلى محكمة النقض حتى لا يفلت متهم من
المحاكمة".
طعن جنائي ليبي رقم 01/11 ق ، جلسة 09/05/1964 ، مجلة المحكمة العليا ، س 1 ، ع 3 ، ص49.
2 -مفید نایف الدلیمي، غسيل الأموال في القانون الجنائي - دراسة مقارنة, دار
. الثقافة والنشر والتوزيع, 2006 ، ص51


المطلب الأول
الواقعة الإجرامية ماهيتها
ماهِيَّة الواقعة الاجرامية سواءً في قانون العقوبات أو في قانون الإجراءات الجزائية(1),
الجريمة هي كل فعل ينص القانون الجنائي على تجريمه ,لكن قانون العقوبات العراقي
رقم (111)لسنة 1969 المعدل جاءَ خاليا من تعريف للجريمة لكننا يمكننا استخلاص تعريف
الجريمة من تعريف الفعل بمقتضى الفقرة(4) من المادة (19) من القانون المذكور حيث
نصت " الفعل كل تصرف حرَّمه القانون سواءً كان ايجاباً او سلبياً كالترك او الامتناع ما لم
يرد نص على خلاف ذلك ) ,وعليه فان الجريمة هي فعل غير مشروع ايجابيا كان او سلبيا
يصدر عن ارادة اجرامية يفرض له القانون جزاءً جنائياً (2). ويكتسب الفعل عدم المشروعية
حينما يوجد نص قانوني يُجرمه , وعليه فان الفعل المشروع لا تقع به جريمة حتى لو كان غير
مشروع طبقاً لقانون آخر غير عقابي وانعدام المشروعية يتحدد بمقتضى قواعد يتضمنها
القانون الجنائي (3).
إذ أنَّ النموذج الواقعي للجريمة يعني الواقعة التي تقع فعلاً بكل تفصيلاتها وخصائصها
وأوصافها ومقوماتها، وهي التي يبحث القاضي في مدى خضوعها ومطابقتها للتكييف
القانوني المجرد، لذا يتعين على القاضي أن يقف على ماهيَّة الواقعة ومقوماتها. انَّ
مفهوم الواقعة الاجرامية في التشريع الجنائي مرتبط إلى حدٍ كبير بالجريمة، على أساس
أنَّ هذه الأخيرة هي المدخل الطبيعي والرئيسي لبيان الواقعة الاجرامية، لأن الواقعة هي
النموذج الواقعي للجريمة، فهي الفعل أو الأفعال التي تُنسب إلى المتهم والتي جرَّمها القانون
وجعلها جريمة معاقب عليها(4).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1 -عبد الرزاق السنھوري ، الوجيز في شرح القانون المدني، د ط ، منشورات
الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 1966 ، ص22.
2- 51Johannes andanaes the general part of criminal law of Norway London 1965.
الدكتور محمود نجيب حسني قانون العقوبات – القسم العام -الطبعة الخامسة 1982, ص13 3-
4 -أحمد حسين حسين الجداوي، سلطة المحكمة في تعديل و تغيير التھمة الجنائية،
دار الجامعة الجديدة، د.ط ، 2010 ،ص198.

ومهمة القاضي تطبيق النص القانوني المُحَدد من قبل المشرِّع علـى الواقعة المطروحة أمامه.
وهذا المبدأ الدستوري تقتضيه مبررات مبدأ دستوري آخر ألا وهو مبـدأ الفصل بين
السلطات حيث تختص كل سلطة بوظيفة معينة تُحددها طبيعتهـا ومقتـضيات العمـل ،
فالسلطة التشريعية تختص بوضع القوانين أما السلطة التنفيذية فوظيفتها تنفيذ القوانين فـي
حـين إن السلطة القضائية وظيفتها تطبيق القوانين التي وضعتها السلطة التشريعية على
الوقـائع والحـوادث المعروضة أمامها ( مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث وضعه
المفكر الفرنسي مونتيسيكو )*.
لقد عَمِدت مختلف الدول على انشاء أجهزة من شأنها الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين
من خلال تحقيق التوازن بين حق المجتمع في حفظ أمنه وتحقيق صالحه العام، وبين حق
الفرد في صون حقَّه وحريتَه. ولعل جهاز الأمن العام يكون أول جهاز يتدخل لتوفير الأمن
للمواطنين ويسهر على راحتهم بغية تحقيق الأمن العام والسكينة العامة،لذلك نجد أنَّ
المجتمعات البشرية وعلى مر العصور، تحرص على وضع ضوابط تكفل حق الدولة
في الحفاظ على أمنها وتحقيق صالحها العام،من خلال منح رجال الأمن العام صلاحيات
تهدف إلى منع وقوع الجريمة وتقديم الفاعل إلى القضاء لردعه، مع مراعات قرينة البراءة
(المتهم بريء حتى تثبت ادانته بحكم قضائي بات وعادل )التي تُعتبر أصلاً في كل
انسان قبل إدانته بحكم قضائي بات.
انَّ فرض البراءة لمن أُتِهمَ بجريمة تُعتَبَر أساس العدالة الجنائية في وقتنا المعاصر ، فإذا
كان مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من المباديء الأساسية المحمية في قانون العقوبات, بتعبير آخر
يتم تطبيق القاعدة القانونية (لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص في قانون العقوبات) يُجرَّم الفعل
وتُحدد عقوبته , فينبغي إن تكون قرينة البراءة هي الركن الأساس في قانون أصول
المحاكمات الجزائية/ قانون الإجراءات الجنائية وتتفرع عنها سائر القواعد التي يقوم
عليها هذا القانون، وبعبارة أخرى تُعَد قرينة البراءة ركناً أساسياً من أركان الشرعية
--------------------------------------------------------------------------------------------------
* شارل لوي دي سيكوندا المعروف باسم مونتيسكيو (يناير 1689 - 10 فبراير 1755)، هو
قاضِ ورجل أدب وفيلسوف سياسي فرنسي.الفيلسوف مونتسكيو- من مؤلفاته,روح القوانين
الجزء الاول -الكتاب السادس,الفصل12.
الاجرائية بمثابة الأمان والحامي لحقوق الانسان أثناء سير الدعوى الجزائية. ويبقى فرض
براءة المتهم محافظاًعلى آثارهِ حيث يُتَخَذ في مرحلة البحث عن أدلة باعتبار هذه المرحلة يتَّبِعها
العديد من الاجراءات, الماسة بالحرية الشخصية للمتهم كالقبض والتفتيش والتحقيق
والاستجواب والحبس الاحتياطي ولخطورة هذه الإجراءات وتعارضها الواضح مع حقوق
الإنسان, وقرينة البراءة فقد أحاطها المشرّع بالعديد من الضمانات التي تَكفَل عدم استخدامها،
سواءً من حيث السلطة المختصة بالأمر بها أو حيث مجالاتها أو من حيث مدتها، فاذا كان من غير
الجائز أن تُشكِّل قرينة البراءة عائقاً في سبيل اثبات الجرائم والبحث عن مرتكبيها تمهيداً
لمحاكمتهم وانزال العقاب بهم، فأنه من غير المقبول كذلك في سبيل تحقيق هذا الهدف أن
يتم البحث عن الجرائم وإثباتها بغير قيود أو ضوابط وإعتداء على حقوق المتهمين(1).
لقد أُنيطت مهمة البحث والتحري عن الجريمة وحفظ الأمن العام والسكينة العامة إلى
خلية لها اتصال مباشر بجهاز القضاء، تختلف تسميتها من دولة إلى أخرى ،فهناك
من يسميها بالشرطة القضائية وهناك من يسميها بالضبطية القضائية أو الضابطة العدلية،
لكنها تسميات توحي الى مدلول واحد هو ضبط السلوك المنحرف وتقديم فاعله إلى
القضاء لينال الجزاء. إذ يُعهد الضبط القضائي الى أشخاص عسكريين أومدنيين تُمنح لهم
صفة ضابط شرطة قضائية من الجهات المخوَّلة بمنح هذه الصفة وفقاً لما يُقرره
القانون،وبما أنَّ هؤلاء الأشخاص بشر قد يصيبون وقد يخطأون أو قد يأخذهم الغرور
فيدفعهم ليتجاوزوا حدود صلاحياتهم ويتعسفوا في إستخدام سلطتهم بشيء قد يؤثرعلى
حرية الأفراد، فانَّ الحماية القانونية لحرية المشتبه فيه خاصةً والأفراد عامةً أمراً
ضرورياً ، وذلك بفرض رقابة على أعمال هذه الفئة لِصون الحقوق والحريات
الفردية ،ووضع حداً لتجاوزات السلطة وتعسّفها، وعند انعدام الحماية والرقابة
فانه يمكن لمن لهم هذه الصفة أن يُطلقو العِنان لهواهم أو لضغط رؤسائهم
الإداريين فيخرقون بذلك حدود اختصاصهم، ويعصفون بالحقوق والحريات الخاصةً.
-----------------------------------------------------------------------------------------
1- انظر د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجزائية، دار النهضة العربية،1993 ، ص81.


أمّا الحماية القانونية فيُقصد بها الضمانة ، والقانون الذي يُقصد به في هذا المجال
كل قاعدة قانونية وفقاً لتدرجها في النظام القانوني السائد(1) ، بِدأً بالدستور باعتباره أعلى
قانون، والذي تخضع له كل سلطات الدولة والأفراد كلُّ في مجال اختصاصه، وبذلك
تكون الحماية القانونية للمشتبه فيه تلك الضمانات الدستورية له، وهي كل ما جاء في
نصوص الدستور، ونصوص قانون العقوبات ،ونصوص قانون الاجراءات الجزائية
باعتباره دستور المتهمين والمشتبه فيهم ،كونه يحمي حقوقهم ويصون حريتهم
وكرامتهم اذ بدون هذه الضمانات لا يمكن أن يتم البحث والتحري وجمع الاستدلالات
بالطريق السليم الذي يُوصِلنا إلى كشف الحقيقة وتحقيق محاكمة عادلة فحماية الدستور تتمثل
في وضع القواعد العامة التي يجب على القوانين الفرعية عدم تخطيها، وهو ما نص
عليه الدستور العراقي الذي وضع الضوابط العامة لحرية الأشخاص، التوقيف للنظر
بوضع المشتبه به ، وطرق القبض على الأشخاص، ومدة الحبس المؤقت وغيرها
من الإجراءات الماسة بحرية الأشخاص.ويُقصد بالاستدلال او التحري مجموعة
المعلومات والتَثَبُّت من وقوع الجريمة لغرض تقديمها الى سلطة التحقيق الغرض
التصرف في الواقعة في تحريك الدعوى الجزائية(1). وتبدأ بعد تلقي عضو الضبط
-----------------------------------------------------------------------------------------------
-1-مصطفى يوسف الاجراءات الاولية السابقة على تحريك الدعوى الجزائية الغرض
منها جمع الادلة. ،الحماية القانونية للمتهم في مرحلة التحقيق،دار الكتب
القانونية س،ن 2009 ص1.
د. . فاضل نصر الله عوض : ضمانات المتهم امام سلطة الاستدلال واثناء
مباشرتها لاجراءات التحقيق ، المخولة لها كاستثناء في التشريع الكويتي ، دراسة
مقارنة ، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ،ع1+3، كلية الحقوق ،
جامعة الاسكندرية ،1997،ص 40.
كذلك يُنظر د. احمد شوقي عبد الرحمن، مسؤولية المتبوع باعتباره حارساً،
بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والإقتصادية، جامعة المنصورة ، 1975 ،ص15.


القضائي الإخبار او الشكوى لغرض تقديمها لقاضي التحقيق او المحقق أو المسؤول
في مركز الشرطة ، ويستوي أن يكون الإخبار مكتوباً او شفهياً لقبول التبليغات
والشكوى وجمع المعلومات عن الجريمة ومرتكبها(1). واتخاذ جميع الوسائل التي
تكفل المحافظة على أدلة الجريمة وفي حدود اختصاص عمله (المواد (40، 42) من
قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي.).
والحرية الشخصية من أهم الحقوق التي يتمتع بها الانسان،
فهي التي تُمكّن الانسان من ممارسة نشاطه وسلوكه ومن ثم التعبير عن ذاته،
اضافة الى ذلك فانها تؤدي الى مساهمة هذا الانسان فـي ازدهـار المجتمـع
وتطوره، إذ لايتصور عقلاً أن يقوم الشخص بالابداع والابتكار مـالم يكـن
متمتعاً بحريته الشخصية.







--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المادة (41) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي وكذلك المواد -1
(35 38،) من قانون الاجراءات لدولة الامارات العربية المتحدة وكذلك (40)
من قانون الجزاء الكويتي.





المطلب الثاني
تكييف الواقعة بعد تحريك الدعوى
تُحدَّد التهمة موضوع تَحريك الدعوى العمومية بورقة التكييف ، لتأتي بعدها مرحلة
التحقيق الابتدائي بعدها امّا تُغلق الدعوى لعدم كفاية الادلة او رفعها للمحكمة التي تضع
خلالها هيئة الحكم يدها على القضية للبت فيها وفق التكييف المُسطَّر من
طرف مُثير الدعوى العمومية(1)،لكن يبقى تكييف الجرائم ،عبارة عن عملية متحركة ،
تبدأ عندما تتخذ جهة الاتهام قرار التحريك للدعوى العمومية المتضمن اعتبار فعل أو واقعة معينة
جريمة ، هذا القرار الذي يتضمن تكييف الواقعة الاجرامية ، من خلال أركان الجريمة
وفق النص التشريعي الجنائي المتَّفق مع الاركان ، كما أن هذا التكييف لا يصطبغ بالصبغة النهائية ،
مادامت امكانية تعديله واردة انطلاقاً مما قد تسفر عنه التحقيقات الجنائية من ظروف ووقائع قد
تؤثر فيه ، من هنا فان دينامية هذا التكييف لا تتوقف إلاّ بصدور حكم بات فاصل بصورة نهائية
في الدعوى الجنائية يتضمن تكييفها النهائي (2). كما وان التكييف الخاطيء يكون أثره
واضحاً في قانون أصول المحاكمات الجزائية من خلال المحكمة التي تُحال اليها القضية استنادً
للتقسيم الثلاثي للجرائم فتُحال جرائم الجنح الى محاكم الجنايات اما جرائم الجنايات الى محاكم
الجنح مما يسبب تأخيراً وإرباكاً في سرعة حسم القضايا لكثرة النقض.ان الخطأ في التكييف
يُعطي للشرطة معياراً خاطئاً عند تهيئة القوة اللازمة لتنفيذ أمر القبض الصادر أو تفتيش
مسرح الجريمة أو تحديد عدد الأفراد وطبيعة الأسلحة لكل واجب. وينبغي الأخذ بعين
الإعتبار أنّ قضاء النقض يهتم أساساً بالبحث عن صحة ما أُثير من وسائل وأسباب(3) ينعى
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
. 1-نور الدين بوستة : اشكالية التكييف القانوني في الميدان الزجري، أعمال محكمة الاستئناف
بالرباط ، العدد 2 – 1997 ص401.
حسين عبد علي عيسى: الأسس النظرية لتكييف الجرائم ، مجلة الرافدين للحقوق عدد 24 سنة 2-
2005 ص 275-276 . -
3-عبد العلي العبودي: قضاء النقض و تقنياته، أشغال ندوة ” عمل المجلس الأعلى
والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، مطبعة الامنية ,الرباط، 1999 ص38.

بها القرار أو الحكم المطعون فيه، ويُطالب فيها ابطال الحكم كلياً أو جزئياً(1)، إذ له طرق
ووسائل خاصة به ، تختلف عن تلك المتعلقة بالمقالات والمُذَكَرات المقدمة أمام محكمة
الموضوع ، التي تُراقب محكمة النقض عملها انطلاقاً من هذه الوسائل . من هنا نتساءل
عن مدى إلزامية القرار النهائي الصادر عن قضاء النقض للجهة القضائية المحالة عليها القضية ,
بطبيعة الحال لن يكون هذا القرار ملزماً ، ولذلك يمكن أن نتصور أن الجهة القضائية المحال
عليها ملف القضية أن يكون لها وجهة نظر أخرى من حيث التكييف وتَعتبر الفعل المتابع من
أجله جنحة القتل الخطأ ، انطلاقا من مبدأ استقلال الهيئات القضائية في التكييف. الأصل أنه
عندما يضع القاضي يده على الواقعة يقوم بما يُسمى بعملية ( التكييف القانوني)، وهذه العملية
هي عبارة عن دراسة هذه الواقعة من جميع وجوهها، وما رافقها من ظروف وملابسات
تتعلق بها، أو بالشخص، والبحث عن النص القانوني المُنطبق عليها. ودراسة القاعدة الجنائية
هي بداية لكل دراسة منهجية للبنيان القانوني للجريمة، التي يُلزم على الباحث القانوني بصفة
عامة والقاضي الجنائي بصفة خاصة أن يتناولها حتى يقف على أركانها ومقوماتها، وذلك
بعد مطابقتها بالواقعة الإجرامية. و تَتَميز القاعدة الجنائية عن سائر القواعد القانونية، بأنها الوسيلة
التي يفرض بها المشرِّع إرادته على أعضاء الجماعة، و يُحدد فيها أنواع السلوك المختلفة
التي يَعدّها وقد تبَيَّنَ الاختلاف الواضح والبيِّن بين مفهوم الوصف القانوني للجريمة والتكييـف
القانوني لها ، حيث ان الأدلة التشريعية القانونية وكذلك بعـض الآراء الفقهيـة ومعظـم الأحكـام
القضائية قد اتَّجهت إلى بيان انّ الوصف القانوني ليس الاّ تحديد النموذج القانوني لجريمـة
معينـة واعطائها اسم معين في اطار نص قانوني عقابي محدد من قِبَل المشرع يوضِّح فيـه
ان الفعـل اذا توافرت فيه أركان جريمة معينة فانه يُوصف بذلك الوصف القانوني فالوصف
القـانوني هـو أن فعلاً ما إذا توافرت فيه أركان جريمة معينة فانه يُوصف بكونه جريمة وفقاً
لمبدأ الشرعية الجنائية ، أما التكييف فهو ليس إلاّ عملاً أو تصرفاً قضائياً أو نشاطاً ذهنياً يقوم
به رجل القانون وهو القاضي ومن خلاله يستبين بأن الواقعة المعروضة عليه تنطبق مع
----------------------------------------------------------------------------------------------
1-منير فوناني: صناعة النقض المدني- وسيلة النقض صياغتها و تعامل محكمة النقض
مع العريضة، مجلة القضاء و القانون، عدد 161 ص65.

النموذج القانوني أو الاسـم القانوني ( الوصف القانوني ) الذي حدده المشرِّع مسبقاً فيعلن عن
حالة التطابق هذه في صورة حكم قضائي. وقد أشار قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي
رقم ٢٣ لسنة ١٩٧١ إلـى عبارة الوصف القانوني صراحة ، وذلك في المادة (187)
منه . حيث نصت هذه المادة علـى أنَّ:
أ-تُحرر التهمة في ورقة خاصة يتصدرها اسم الحاكم ووظيفته وتتضمن اسم المتهم وهويته
ومكان وقوع الجريمة وزمانه ووصفها القانوني واسم المجني عليه والشيء الذي وقعت عليه
الجريمة والوسيلة التي ارتكبت بها والمواد القانونية المنطبقة عليها وتؤرَّخ ويوقَعَها رئيس
المحكمة او الحاكم.
ب– لا تتقيد المحكمة في تحديد الوصف القانوني للجريمة بالوصف الوارد في امر القبض
او ورقة التكليف بالحضور او قرار الاحالة.
و بالنسبة للمـادة (٢٢٤/أ) مـن القانون ذاته التي نصَّت على أن يشتمل الحكم أو
القرار على اسـم القاضـي أو القـضاة الـذين أصدروه واسم المتهم وباقي الخصوم وممثل الادعاء
العام ووصف الجريمة المُـسنَدة الـى المـتهم ومادتها القانونية والأسباب التي استندت إليها
المحكمة في اصدار حكمها أو قرارها وأسباب تخفيـف العقوبة أو تشديدها ...) . والوصف
القانوني للجريمة يشمل بالضرورة ذكر المواد القانونية المنطبقة عليها ،وهـذا مـا تؤكـده
المادة (٦٦/٤ من قانون الإجراءات الجزائية القطري رقم ١٥ لسنة ١٩٧١) ،والمادة
(١٣٠/٤ من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي رقم ١٧ لسنة ١٩٦٠) ،
واللتان بينتـا أن الوصـف القانوني للجريمة يجب أن يتضمن ذكر المواد القانونية التي تنطبق
عليها أو الاسـم الـذي يطلقـه القانون عليها – ان وجد – مع ذكر ما يرتبط بها من ظروف
مشددة أو مخففة . لذلك نعتقد أنَّ المـشرع العراقي حذف هاتين العبارتين من المادتين
(١٨٧ /أ ، ٢٢٤ /أ ) من قانون أصول المحاكمـات الجزائية. وعبارة الوصف القانوني قد
وردت صراحة في المـادة(260) من قانون أصول المحاكمات المحاكمات العراقي التي
نصت على انه ( لمحكمة التمييز أن تُبدِّل الوصف القـانوني للجريمـة) وقد وردت هذه
العبارة صراحة في عدد من قوانين الإجراءات الجنائية العربية منها على سبيل المثال / المـواد
(١٦٠ ، ٣٠٨ ، ٤٥٥ ،٤٥٦ ) من قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم ١٥٠,
لسنة ١٩٥٠ . المادتان (٣٦٦ ، ٣٩١ ) مـن قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم ١٣ ,
لسنة ١٩٩٤ ,الفصل ( ٤٨٧ )من قانون الــمسطرة الجنائية المغــــربي لـسنة ١٩٥٩ .
المادة ( ٩٢ )من قانون أصول المحاكمات الجزائية البحريني لسنة ١٩٦٦ .
المادة (١٣٢ )مـن قـانون الإجـراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي رقم ١٧ لسنة ١٩٦٠ .
ويبدو ان مبدأ مشروعية الجرائم والعقاب الذي من خلاله تُحدد وجود الجريمة أصلاً هو
أبرز نتائج الخطأ بالتكييف. ويمكن ان نقول ان الخطأ العملي الواضح في خرق هذا المبدأ هو
توقيف الكفلاء عند الاخلال بكفالتهم وفق المادة 119 الأصولية العراقي.
وهناك ثلاث أنواع للدفوع: دفوع قانونية والتي تتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها للمتهم، ودفوع
موضوعية متعلقة بقانون العقوبات يدفع من خلالها المتهم بتوافر سبب من أسباب الإباحة،
ودفوع شكلية تتعلق بالاجراءات الشكلية كعدم اختصاص المحكمة(1).
وقد قضت المحكمة العليا الجزائرية في ذلك (إن الدفع حق أساسي من حقوق الدفاع يجوز
للمتهم أن يتمسك به أمام قضاة الموضوع بغية تفادي الحكم عليه طبقاً لطلبات النيابة العامة أو
المدعي المدني وعلى قضاة الاستئناف أن يناقشوه ويردوا عليه تحت طائلة البطلان
والنقض....)(2). وتظهر التفرقة من حيث سلطة المحكمة العليا في الرقابة على الحكم، حيث
أن عيب انعدام الأسباب لا تنظر فيه محكمة النقض نظراً لفقدانه القيمة القانونية للحكم مادام
قاصراً على الشكل، فاذا غابت الأسباب أو انعدمت كلياً أو جزئياً فلا حاجة لبحث عيب عدم
الكفاية بداهة (3)، على عكس عيب عدم كفاية الأسباب الواقعية التي تنظر المحكمة في انعدام
الأساس القانوني وبالتالي تبدي رأيها في قيمته القانونية.
-------------------------------------------------------------------------------------------------
1-مولاي ملياني بغدادي، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، الجزائر المؤسسة
الوطنية للكتاب، 1992. ، ص 410.
2-قرار بتاريخ: 29/05/1984 ،رقم 27369 ، جيلالي بغدادي، الاجتهاد القضائي في المواد
الجزائية، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2001. ، ص353.
3-عزمي عبد الفتاح، تسبيب الأحكام وأعمال القضاة في المواد المدنية والتجارية، سنة الإصدار
2016 ، الناشر : مجلس النشر العلمي_لجنة التأليف والتعريب والنشر_جامعة الكويت ص290.


المطلب الثالث
الدعاوى الجنائية تُقام أمام المحاكم الجزائية
الجريمة قد لا يقتصر ضررها على تعكير صفو أمن المجتمع وسلامته أو تعرّض
مصالِحهِ للخطر بل قد تُسَبب ضرراً للافراد سواءً كان هذا الضرر يتعلق بحياتهم او
مالهم او شرفهم او مشاعرهم او غير ذلك مما يدفع المتضرر من الجريمة للمطالبة
بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به والوسيلة التي يستطيع من خلالها
. المطالبة بهذا التعويض هي الدعوى المدنية
الدعوى الجنائية لا تُقام الاّ أمام المحاكم الجنائية حصراً، أما الدعوى المدنية فقد تُقام أمام
المحاكم المدنية، كما يمكن أن تُقام أمام المحاكم الجنائية بالتبعية للدعوى الجنائية، كما أن
كلاً منها تختلف عن الأخرى في طريقة انقضائها، فالدعوى الجنائية تنقضي اذا تنازل
المجني عليه عن شكواه, أو بوفاة المتهم فاذا توفى المجني عليه بعد تقديم الشكوى، ينتقل
الحق في التنازل إلى ورثته أو التقادم أو العفو العام أو وقف الاجراءات القانونية أو صدور
حكم نهائي فيها أو الغاء القانون الذي يُعاقب على الجريمة، كما قد تنقضي بالتنازل أو
الصلح في الحالات الخاصة التي حَدّدها القانون , تنقضي القضايا الجنائية أيضاً بعد مرور
عشرين سنة في الجنايات التي يُعاقب عليها بعقوبة الاعدام، وبمرور عشر أعوام في
جميع الجنايات الأخرى، وثلاث أعوام في الجنح، وسنة واحدة في المخالفات، أما الدعوى
المدنية لا تنقضي إلاّ بالتقادم الخاص بها والتنازل أو الترك أو صدور حكم فيها، لذا فانَّ
من الطبيعي أن تبقى الدعوى الجنائية قائمة دون الدعوى المدنية أو بالعكس حتى
وان أُقيمَتا معاً.
والامر بعدم التحرك هـو اجـراء قصد به أن يستقر النظام في المكان الذي دخله مأمور
الضبط حتى يتم المهمة التي حضر من أجلها(1). وبالتالي فان اجراء الأمر بعدم
التحرك حسـب مـا قضت به محكمة النقض انما هو اجراء تنظيمـي، اذ لا يُعـد
لا قبضـاً ولا استيقافاً، وهذا ماأكدته ايضاً محكمة النقض المصرية(2).
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
1-نقض ١٥ مايو سنة١٩٧٧ ،س٢٨ ،رقم (١٢٥) -ص591.
نقض ٦/٢/١٩٦١م، مجموعة احكام النقض، السنة١٢ ،رقم (٢٦) -ص170. - 2-
وامّا الحكم الجزائي – بوجه عام – لا تكون له حجية أمام المحاكم المدنية بالمعنى
الواسع الا المعروضة فيما فصل فيه فصلاً ضرورياً. ويكون الفصل في المسألة العارضة
على المحكمة الجزائية ضرورياً إذا كان لها تأثير فِعلي على الحكم في الدعوى الجزائية .
ولما كانت المسألة الأولية هي مسألة غير جزائية تتصل بركن من أركان الجريمة
المرفوعة بها الدعوى الجزائية أو بشرط لا يتحقق وجود الجريمة إلاّ بوجوده، فان فصل
المحكمة الجزائية في المسألة العارضة الأولية يُعد فصلاً ضرورياً.
ولادراك الحقيقة ينبغي مرورها خلال عقلية المُتلقي لها بقدر هذا النظر ومداه ,
وبالتالي تتفاوت صورة الحقيقة عمقاً وسوءاً باختلاف المتلقين والناظرين لها ذاتها
فتختلف صورة الحقيقة باختلاف النفسية التى التقطها ,كما يتوقف عمق الشعور بالحقيقة
وعمق الإفصاح عنها على نوعية هذه النفسية فقد يكون امراً ما واضحا ًلإنسان ولا
يكون بذات الوضوح لانسان آخر والتقاط الحقيقة كما يتم بمعاينتها مباشرةً يجري
باستخلاصها من معاينة الاخرين لها بما لهذه المعاينة من تأثُّر بنفسية مَن ادّاها كما
فى استمداد الحقيقة من اقوال الشهود والخبراء ويُشبَّه التقاط الحقيقة إدراك سبب المرض
فى عملية التشخيص الطبى فقد يتعلق الطبيب بأحد الأعراض ليفسره بوجود مرض من
الأمراض يكون هو المرض القائم فعلاً لأنه فات الطبيب أن يُدرك أعراضا ً أُخرى أو
معطيات اضافية كان من شأنها ان تُغيِّر ما إنتهى اليه من رأي خاطيء وربما قاتل للمريض .
فالنصوص القانونية اما أن تكون كاملة أو ناقصة، والنص الكامل هو الذي يتضمن قاعدة قانونية
كاملة مثل ما نصَّت عليه المادة (243) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي
رقم 23 لسنة 1971 من أنه "إذا انقضى ثلاثون يوماً على تبليغ الحكم الغيابي الصادر في
المخالفة وثلاثة أشهر على تبليغه بالحكم الصادر في الجنحة وستة أشهر في الجناية دون أن يقدم
المحكوم عليه نفسه إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو إلى أي مركز للشرطة ودون أن يعترض
عليه خلال المدة المذكورة أصبح الحكم بالإدانة والعقوبات الأصلية والفرعية بمنزلة الحكم الوجاهي" ,
وكذلك ما نصت عليه المادة (245) الأصولية عراقي من أنه: "أ- إذا كان الاعتراض مقدماً ضمن
مدته ولم يحضر المعترض عليه في أية جلسة من جلسات المحاكمة الاعتراضية دون عذر
مشروع رغم تبليغه وفق الأصول أو إذا هرب من التوقيف، تقرر المحكمة رد الاعتراض
ويعتبر الحكم الغيابي المعترض عليه بعد تبليغ قرار الرد وفق الأصول بمنزلة الحكم
الوجاهي لا يقبل الطعن فيه إلا بالطرق القانونية الأخرى". أما النص الناقص فهو الذي
لا يستوعب قاعدة قانونية كاملة بل تتوزع على أكثر من نص يتضمن احدى نصوص هذه
القاعدة على شق التكليف، ويتناول النص الآخر شق الجزاء، وهذا الشق الأخير قد يكون ضمن
نصوص قانون الإجراءات الجنائية أو ضمن نصوص قانون العقوبات أو ضمن نصوص
القانون المدني أو القانون التأديبي. إذ انَّ ظاهرة النص غير المستوعب هي الظاهرة الغالبة
على نصوص القانون الجنائي الإجرائي، على العكس من قانون العقوبات الذي غَلَبت على
نصوصه صفة النص المستوعب.
ويُعَد الحكم الجزائي الصادر من محكمة الموضوع الإجراء النهائي ، الذي يلزم أن تنتهي
به الدعوى الجزائية كسياق عام، لأنه يُمثل هدف وغاية اقامة الدعوى ، هو انهاء الدعوى
القائمة أمام محكمة الموضوع ، وبذلك يُعد الحكم ضمان إقامة العدل بين الناس ، وحصول
كل فرد على حقه ، ويُحَقق ذلك من خلال وظائف الدولة الأساسية التي تُمارسها بواسطة
هيأة مستقلة تمتاز بالحياد والإستقلال، الذي يمكِّنها من اصدار أحكامها ، فيما يُعرض
عليها من منازعات ، وتُعرف هذه الهيأة بإسم السلطة القضائية ، التي تبسط هيبتها من خلال
(1). اصدارها الاحكام القضائية المُلزمة ، التي تُعد النهاية الطبيعية للخصومة والغاية من ورائها
أن الاختصاص الدولي للقضاء الوطني هو منح الاختصاص للقضاء الوطني فى محاكمة
أى من المسئولين عن الجرائم الدولية، وذلك دون النظر لجنسية الجاني أو المجني عليه أو مكان
وقوع الجريمة ويُعتبر الأساس القانوني لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم كل من أحكام القانون
الدولي العرفي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية واتفاقيات جنيف
الخاصة بجرائم الحرب واتفاقيات التعذيب والتفرقة العنصرية والاختفاء القسري وقد منح القضاء
الوطني بفرنسا وبلجيكا وإسرائيل وأمريكا وإنجلترا حق المحاكمة فى الجرائم الدولية ويعتبر قانون
------------------------------------------------------------------------------------
يرى المشرِّع في بعض الحالات أن العقوبة التي رصدها للجريمة لا تتلائم مع ظروف -1
إرتكابها، سواءً ما تعلق منها بالجريمة ذاتها أو بمرتكبها، ويرى أن هذه الظروف تستدعي
اما تخفيف العقاب؛ واما تشديده، فينص على ذلك، وقد يكون التخفيف أو التشديد وجوبا.
أي يلتزم القاضي به دون أن يكون له أي سلطة تقديرية في هذا الشأن، وقد يكون اختيارياً
للقاضي.ونكون أمام التفريد التشريعي في الحالة الأولى التي يكون التشديد والتخفيف وجوبياً .

ملاحقة مجرمي الحرب والجرائم ضد الإنسانية الصادر في بلجيكا عام 1993 والمعروف باسم قانون
الاختصاص الدولي أو قانون ملاحقة مجرمى الحرب ومرتكبى الجرائم ضد الإنسانية هو الأول
فى هذا الميدان والذى صدر لمحاكمة مرتكبى جريمة الإبادة الجماعية فى روندا والتى كانت
مستعمرة بلجيكية من قبلُ ثم اتسع نطاقه عام 1999 وقد اكتسب هذا القانون شهرة واسعة لتأكيد
العدالة الدولية ثم اتجه إلى التقلص عام 2003 بفعل الضغوط والتهديدات الأمريكية والإسرائيلية
نظراً للدعاوى التى أقامها بعض ضحايا الانتهاكات ضد الإنسانية أمام المحاكم البلجيكية
لمحاكمة الرئيس الأمريكي السابق بوش عن جرائم حرب العراق عام 1991، ومحاكمة رئيس
وزراء إسرائيل عن جرائم الحرب التى ارتكبتها فى صبرا وشاتيلا ، وقد تمثَّلَ هذا التراجع فى
عدة تفسيرات هى أولاً عدم سريان القانون إذا كان المطلوب مقاضاتهم من المسؤلين الحكوميين
الذين يشغلون مناصب رسمية تتمتع بالحصانة طبقاً للقانون الدولي، ثم اشتراط تواجد المطلوب
محاكمتهم على الأراضي البلجيكية، أو حـق القضـاء البلجيكى فى احالـة الدعـاوى إلى محاكم
الدولة التى أُرتكبت الجريمة على أراضيها واختصاص المدعي العام البلجيكي وحده فى
إحالة الدعاوى المرفوعة ضد مواطني بعض الدول إلى المحاكم البلجيكية - وقد ساهمت هذه
التفسيرات فى إضعاف الأثر القانوني للقانون البلجيكي واضعاف الأمل فى إرساء قواعد للعدالة
الجنائية الدولية على الصعيد الوطني حيث لم يتمكن القضاء البلجيكي إلا بالفصل فى قضية
واحدة الخاصة بالروانديين الأربعة الذين صدرت ضدهم أحكام تتراوح من 12 إلى 20 سنة(1).





-----------------------------------------------------------------------------------------1 -. مقال الدكتور أحمد حسن الرشيدي , السياسة الدولية – العدد 154 – أكتوبر 2000


المطلب الرابع
لا مجال للخطأ في الجرائم العمدية
الجرائم في الوقت الحالي لا یتصور فیها الخطأ أو الاهمال، فهي جرائم عمدیة یقترفها
الجاني مع عِلمِه بكافة عناصرها التي تتكون منها الجریمة، فهي وقائع تُرتَكَب في اطار
من التنظیم والتخطیط والسریة باستعمال أحدث ما توصل إلیه البحث العلمي.
الأساليب المستحدثة هي أساليب مُعقدة ومُبتكرة وتستند إلى التقنيات الحديثة، مثل جريمة
غسيل الأموال القذرة ومن أهمها: شركات أجنبية مُستَتِرة يصعب على حكومات الدول
الاطلاع على مستنداتها المالية, وهناك أيضاً البنوك الخاصة، وهي تختلف عن البنوك
المعروفة لنا حيث أنَّها بنوك داخل البنوك ، لا تتعامل في الإيداعات والقروض العادية،
وإنما تتعامل فقط بالملايين من الدولارات الأميركية، وهناك من الأساليب سوق المزادات
العلنية، وتجميع الفئات الكبيرة للعملة، أوراق اليانصيب الرابحة، الإنترنيت،
بطاقة الدفع الالكتروني، التحويلات البرقية إلى غيرها من الإبتكارات الضارة.
أنّ شرعية التجريم والعقاب(لا جريمة ولا عقوبة بدون نص قانوني عقابي ) من أهم
الأُسس التي يقوم عليها القانون الجنائي في اطار العمل على
حماية المصالح الجوهرية للمجتمع ، وكذلك انَّ التجريم هو الخاصية
التي يتمتع بها القانون الجنائي لحماية تلك المصالح إذ أنَّه بهذه الخاصية يتمَيَّز عن غيره من
القوانين التي تقوم بتجريم الفعل أو السلوك ليأتي القانون الجنائي من خلال التجريم
ويُعزز الحماية القانونية التي تضفيها تلك القوانين من أجل اظهار القوة الجبرية التي
تقف خلفها القاعدة القانونية لتكون مُلزِمة وبالتالي يصبح لديها القدرة على تنظيم حياة الجماعة.
تَتبُّع المجرمین و كشف أفعالهم فَرضَ صیغ جدیدة من الناحیة الإجرائیة في مجال البحث
و التحري، حیث أنَّ الاتجاه الحدیث في التشریع المقارن یقضي بحماية مصلحة المجتمع،
باقرار بعض وسائل التكنولوجیا والإتصالات في مجال المراقبة التي تُمكِّن السلطات
المختصة من الوصول إلى داخل الجماعات الإجرامیة والتوسع في نطاق بعض
الاجراءات الخاصة لكشف الحقیقة عن جرائمهم، و بالتالي التَمكّن من القضاء علیها،
على أنَّه یجب أن یلاحظ أنه عند اقرار نصوص جدیدة أو تعدیل بعض النصوص
الموجودة المتعلقة بهذا الصنف من الجرائم الخطیرة سواءً من الناحیة الموضوعیة أو
الاجرائیة، یتعین دائماً الحفاظ على التوازن المطلوب بین المصلحة الاجتماعیة في تجنُّب
أخطار هذه الجریمة وإحترام المباديء الأساسیة في القانون الجنائي، والنصوص
الدستوریة المتعلقة بحمایة حقوق الإنسان وحریاته، فأمام هذه الإعتبارات یصعب الحدیث
عن توازن هذه المعادلة لأن المسألة محل هذا الموضوع تبحث في نقطة التقاء بین قوة
الحق المقضي فيه ، وبین النظام العام والمصلحة الشخصیة فهي تبحث عن التوازن
بین الوطنية وحق المواطن في زمن تعالت فیه المطالبة بحقوق الإنسان وحریاته
باعتباره أثمن رأسمال .
لقد عرّف الفقيه الفرنسي كارو القتل العمد بانه إزهاق ارادياً وبصفة غير مشروعة، لحياة إنسان
بفعل إنسان آخر( 1).
أركان جريمة القتل العمد
– الركن المادي: المتمثل في الاعتداء المميت (القتل)
–محل الجريمة: يجب ان يكون إنسان على قيد الحياة
القتل: عناصره
أ – الفعل الجنائي – الاعتداء
ب – النتيجة الجنائية – الوفاة
ج – العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة الحاصلة(2).
– الركن المعنوي: القصد الجرمي
الركن الثالث لجريمة القتل العمد هو :
الركن الشرعي اي وجود نص في القانون الجزائي يُجرِّم الفعل .
فبات العمل على تحديث المؤسسات القضائية والأمنية في جميع دول العالم
------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1)- د. سليم حربة، القتل العمد وأوصافه المختلفة، ص 29 ، بغداد – 1988
د. واثبة السعدي، قانون العقوبات – القسم الخاص، ص 92 ، بغداد1988 . 2-
-, ص1801989 د. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص،
بغداد.

وتطويرها وتأهيل أُطُرَها من أجل نجاعة أكثر في مواجهة الجريمة التي تزداد تعقيداً
بالشكل الذي يجعل من الصعب كشفها كالجرائم المصرفية وتبييض الأموال التي تتطلب
دراية خاصة بالأنظمة المصرفية وقواعد التجارة الدولية، والتعاون بين المكتب
المركزي الوطني للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الانتربول" والمصالح القضائية
أن لهذه المنظمة دوراً "فعالا" في مجال محاربة الجريمة المنظمة.وهنالك أهمية كبيرة
للتعاون بين الدول بمجال انفاذ القانون في التصدي لظاهرة الإجرام المنظم، فهذا
التعاون يُشكّل حرب إستباقية تشنها الدول ضد الجماعات الاجرامية المنظّمة من شأنه
أن يُجَنِّب المجتمعات من شرور هذه الجماعات، وذلك بالحيلولة دون وقوع الجريمة.
الجريمة المنظمة تمثل ظاهرة معقدة تنتج في غالب الأحيان جراء مشكلات متجذرة، وبسبب
انحراف السياسة والحوافز المؤسسية والحكم، فلا يمكن بأي حال من الأحوال التصدي لها بالتشريعات
فقط. عِلماً أن العصابات المنظمة تمتلك امكانيات مالية ضخمة تؤهلها للعب أدواراً أساسية تستطيع
ممارسة الإكراه على الدول النامية والضعيفة، و فرض املاءاتها السياسية و استغلال حاجتها للمال
والسلاح والتكنولوجيا ، ولاحظنا ان بعض الأجواء التي يعيشها قسم من الدول تجعلها تتمتع
بقابلية تطور الجريمة في كنفها مع انتشار الفساد و الرشوة و التسوّل في بيئة شديدة التساهل مع
الجرائم المنظمة ، ومع ضعف القوانين الردعية للجريمة في دول يتزعمها قادة في أغلب الأحيان
يتقلدون وظائف سامية في الدولة.










وقد وردت صور الخطأ التي تستوجب المسؤولية الجزائية في المادة (35) من قانون العقوبات
العراقي رقم 111 لسنة1969، وهذه الصور هي:
1 – الإهمال
2 – الرعونة
3 – عدم الانتباه
4 – عدم الاحتياط
5 –(1) عدم إطاعة القوانين والأنظمة والأوامر









--------------------------------------------------------------------------------------------
1- فيما يخص (صور الخطأ) أنظر على سبيل المثال:
د. واثبة السعدي، قانون العقوبات – القسم الخاص، ص 92 ، بغداد 1988 ، ص 134 – 137،
ود. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص,1996 بغداد ص181
185، وللاستزادة في موضوع (الاركان العامة للجريمة) (الركن المادي/ الركن
المعنوي) و(الخطأ)، أنظر: د. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم
العام، ص 177 – 320 ، بغداد –1992.



المبحث الثاني
الجرائم المُستحدثة
تُعرَّف الجرائم المستحدثة أوالمستجدة بأنها شكل من الأشكال الحديثة للجريمة المنظمة
وهذا يرجع الى الأسلوب المُنظِّم والمتطور الذي تعوِّل عليه هذه المؤسسات الاجرامية
لهذا النوع من الاجرام والذي تأخذ فيه بالنهج العلمي في ادارة الاعمال والذي
تنتهجه المؤسسات المشروعة.كما انها تتبع أنماطاً من السلوك الاجرامي المستحدث وتستخدم
العديد من الوسائل التقنية المتطورة ،وتظهر في السوق وكأنها مؤسسة مشروعة.وقد
يقتصر نشاط المؤسسة الاجرامية على المجال الوطني.و قد تزدهر ويتعدى نشاطها حدود
اقليم الدولة الى اقليم دولة او دول أخرى، و في هذه الحالة تكون الجريمة عابرة
لحدود الدولة او عابرة للقارات و قد تتَعاون وتَتَكاتف مؤسسات إجرامية وتتكامل
من حيث أنشطتها وتظهر في شكل اتحاد على هيئة نظام اقتصادي(1).
المختصون في علم الاجرام يؤكدون على أنه من الصعوبة بمكان وضع تعريف دقيق
للجرائم المستحدثة أو المستجدة نظراً لحداثة هذه النوعية من الجرائم وعدم التعرّف
الكامل على كل صورها.اضافة الى ندرة الدراسات البحثية سواءً العلمية منها أو الأمنية
التي تناولت موضوع الجرائم المستحدثة وتحديد مفهومها وتعريفها تعريفاً شاملاً.
اضافة إلى الإختلاف في التعريفات التي قام بوضعها الخبراء والباحثون الذين تناولوا
بالدراسة موضوع الجرائم المستحدثة أو المُستجدة في ضوء تعدّد صورها واختلاف أنماطها
,التشابك و التعقُّد في أساليب إرتكابها وهو الامر الذي أدى في نهاية المطاف الى عدم
التوصل حتى الأن إلى وضع تعريف دقيق ومُحدَّد للجرائم المُستحدثة(2).
وتُعد جرائم تقنية المعلومات من أكثر الجرائم التي تُثير مشاكل تتعلق بالاختصاص على
المستوى الدولي، وذلك بسبب الطبيعة الخاصة لهذا النوع من الجرائم التي تمتاز
----------------------------------------------------------------------------------
1 -محمد سامي الشوا: ثورة المعلومات وانعكاساتها على قانون العقوبات،دار
النهضة العربية،القاهرة ،1994،ص123.
.2 -نسرين عبد الحميد نبيه، مبدأ الشرعية والجوانب الإجرائية، الطبعة الأولى
. الناشر مكتبـة الوفـاء القانونيـة 2008

بقدرتها على التحرّك في مجال فضائي واسع لا توقفه حدود الدول وسيادتها الاقليمية، حيث
يُمكن لجريمة تقنية المعلومات أن تقع في مكان وتُنتج آثارها في مكان أو أماكن أخرى
خارج الدول، وهذا الأمر يدعو إلى التعاون بين الدول من خلال الاتفاق على معايير
محدودة، وانَّ من أبرز المعوقات التي تُواجه الدول لتنظيم موضوع الجرائم الالكترونية
هو تفاوت الدول في تحديد مفهوم الجرائم الإلكترونية وأساليب التعامل معها، وهذا راجع الى
ان كل دولة تعمل على تنظيم موضوع التقنيات الالكترونية ضمن حدود قيمها السياسية
والقانونية والاخلاقية والثقافية. وتنامي ظاهرة الجرائم المعلوماتية عبر الوطنية بحيث
تَخطَّت آثارها حدود الدول ، فلا شَك ان ثورة الاتصالات عن بُعد قد غيَّرت الكثير من
المفاهيم التقليدية التي كانت تُسَيِّر الحياة قبل التطور العلمي , فظهرت العمليات
المصرفية الالكترونية والحكومة الالكترونية والمستندات والنقود الالكترونية وعن التوقيع
الالكتروني في اطار المعاملات التي تتم عن طريق الشبكة العالمية (الانترنت) الاّ ان
ظهور هذه العمليات الجديدة أوجب توفير الحماية الجنائية لها ضد صور الاعتداءات
المتطورة , والتي قد تقع عليها بالوسائل الالكترونية المتطورة أيضاً, وقد أظهرت
هذه الجرائم المستحدثة قصوراً كبيراً في النصوص الجنائية الموضوعية والإجرائية ,
بحيث اصبحت هذه النصوص عاجزة عن كفالة توفير الحماية الفاعلة للمصالح والقيم
التي أفرزتها ثورة الاتصالات عن بعد .










المطلب الاول
الجرائم الالكترونية
ان اغلب الدول عمدت الى اصدار تشريعات بقصد مكافحة الاجرام المعلوماتي ومنها جرائم
الارهاب عن طريق الانترنيت. والمجرم استغل معرفته بالتكنولوجيا للايقاع بالضحية واختار
ضحاياه بعناية شديدة ، وهم يشعرون بالوحدة ويخافون من طلب المساعدة من الآخرين ويعتبر
هذا الشخص مجرماً لأنه استعمل قدراته ومهاراته في أعمال مجرّمة وفقاً لقوانين العقوبات .
وبالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة على المستويين
الدولي والوطني(تقنيناً وقانوناً)فان هذه الجهود لاتزال –لاسيما في بلادنا
العربية-دون الطموح المنشود ولم تحد من هذا النمط الجديد للارهاب الذي تتسارع وتيرته يوماً
بعد يوم. ان مفهوم الارهاب عبر الانترنيت,ينبغي ان يأخذ في نظر الاعتبار الوسيلة التي
يستخدمها الارهابيون في تحقيق مآربهم-والتي تختلف عن الوسائل التقليدية-والمتمثلة في
شبكة المعلومات الدولية(الانترنيت),وكذلك الاهداف التي تكون محلاً للاعتداء او موضوعاً
للاعمال الارهابية ,وهو ما افرز شكلاً مستحدثاً من الارهاب وهو ما يعرف بالارهاب الالكتروني.
وقد تعددت صور ارتكاب الجرائم الالكترونية جرائم المعلوماتية فمنها ما يمس باستقلال
البلاد ويتعلق بالمحافظة على الامن والاستقرار ومنها ما يتعلق باستخدام الانترنت في ارتكاب
جرائم الاتجار بالبشر والمخدرات والممارسات الجنسية والاحتيال والتزوير والقرصنة
الالكترونية او يتعلق بالحقوق المالية للدولة او الشركات او الافراد .
وهناك اختلافات كبيرة في الآراء والاجتهادات حول تعريف الجريمة الالكترونية ، ويرجع
هذا الاختلاف إلى سرعة وتيرة تطور التقنية المعلوماتية من جهة، و تباين الدور الذي تلعبه
هذه التقنية في الجريمة من جهة أخرى ، فمن نظر إليها من زاوية اعتبار الأداة
الالكترونية هي الوسيلة المستخدمة في ارتكاب الجريمة سواءً كان تلفون جوّال أو كمبيوتر أو
فاكس أو كاميرا فعرَّفها على أنها" كل أشكال السلوك غير المشروع الذي يرتكب باستخدام
الحاسب الآلي(1). ومن الجرائم الي شاع استخدامها هي استخدام الانترنت في ارتكاب
جريمة الاحتيال واستخدام اجهزة الحاسوب بقصد التضليل او الغش وافشاء اسرار وبيانات
المشتركين للغير,واستخدام شبكة الانترنت بقصد الغش علامة تجارية تعود للغير
وهذة الجرائم يعاقب عليها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
ولجرائم الانترنيت ثلاثة اركان هي:
الركن المادي
وسيلة الاحتيال: الطريقة الاحتيالية أو اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة .
والركن المعنوي: القصد الجنائي
أولاً: الركن المادي
في الجريمة الالكترونية او الانترنيت التحايل هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني في سبيل تحقيق
الغرض الذي يرمي إليه وهو الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع على
هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله وكذلك من وسائل التحايل التصرف في عقار أو منقول
غير مملوك للجاني، فوسيلة الاحتيال إذن إما أن تكون بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم
كاذب أو صفة غير صحيحة، و امّا أن تكون بالتصرف في عقار أو منقول.
يشترط في الاستعانة بأي من هذه الوسائل أنه يكون من شأن ذلك خداع المجني عليه و حمله
على تسليم المال المنقول أو السند أو التوقيع عليه أو الغائه أو اتلافه أو تعديله.
و يتعين أن توجه الطريقة الاحتيالية إلى المجني عليه ذاته لخداعه وغشه ابتغاءً الاستيلاء على ماله.
و الطرق الاحتيالية تكاد لا تدخل تحت حصر ولكن المهم فيها أن يكون من شأنها خداع المجني
عليه وحمله على تسليم المال، فمن يزعم بقدرته على شفاء الأمراض أو بامكانه شفائها أو
الارشاد عن مكان شيء مفقود ، فان هذه الوقائع وأمثالها يُعد نصباً و احتيالا.كذلك من وسائل
الاحتيال اتخاذ الجاني اسماً كاذباً أو صفة غير صحيحة و هذه وسيلة مستقلة بذاتها من
وسائل النصب والاحتيال وتكفي وحدها في تكوين الركن المادي في الجريمة دون حاجة
لاستعمال طرق احتيالية.
التصرف في مال ثابت أو منقول: أمّا الوسيلة الثانية من وسائل الاحتيال فهي التصرف في عقار
أو منقول غير مملوك للجاني و ليس له حق التصرف فيه أو التصرف في شيء من ذلك مع
علم الجاني بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه. و هذه الوسيلة تقوم مستقلة بذاتها ويكفي مجرد
-------------------------------------------------------------------------------------------
1-د. رستم، هشام محمد فريد، قانون العقوبات ومخاطر تقنية المعلومات، مكتبة الآلات الكاتبة، 1995، ص29.


توفّرها لقيام الركن المادي في جريمة الاحتيال دون اشتراط تأييدها بأشياء أخرى خارجية فزعم
الجاني بملكيّة المال أو أن له حق التصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه، هو
في ذاته كافٍ لتحقيق الركن المادي في جريمة الاحتيال، ويشترط لتوفير هذه الوسيلة من
وسائل الاحتيال أمران: الأول: التصرف في عقار أو منقول. و الثاني: أن يكون هذا المال غير
مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه أو سبق أن تصرف فيه.
- ثانياً الركن المعنوي: القصد الجنائي
جريمة الاحتيال عمديّة تتطلب توفر القصد الجنائي العام والقصد الخاص. و يتوفر القصد
الجنائي العام فيها بعلم الجاني بأن الأفعال التي يأتيها يعدّها القانون وسائل احتيال و من شأنها
خداع المجني عليه و حمله على تسليم المال، أما القصد الخاص فيتمثل في انصراف نية الجاني
إلى الاستيلاء على الحيازة الكاملة لمال المجني عليه. وقد نصّت العقوبات على ظرف
مشدد في جريمة النصب و هو إذا ما كان محل الجريمة مالاً أو سنداً للدولة أو لاحدى
الجهات التي ورد ذكرها في قانون العقوبات و منها الوزارات والدوائر الحكومية و
الهيئات والمؤسسات العامة و الجمعيات و المؤسسات ذات النفع العام، و الحكمة من تشديد العقوبة
في مثل هذه الأحوال هي الحفاظ على أموال تلك الجهات فضلاً عمّا يتسم به عمل الجاني من
جرأة و جسارة تتمثل في الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال للدولة باحدى وسائل النصب والاحتيال.
الأول: يرى أن جريمة التحايل لا تقوم إلا إذا خدع شخصاً مثله وأن يكون الشخص المخدوع
مكلفاً بمراقبة البيانات وعلى ذلك لا يتصور خداع الحاسب الآلي بوصفه آلة ومن لا يطبّق
النص الجنائي الخاص بالاحتيال لافتقاده أحد العناصر اللازمة لتطبيقه.بل أنّ بعض القوانين
المحلية في بعض الولايات الأمريكية ، أصدرت قوانين في هذا الخصوص وأضفت تعريفاً موسعاً
للأموال بأنه "كل شيء ينطوي على قيمة" و من ثم يندرج تحت تعريف هذه الأموال
المعنوية والبيانات المعالجة حيث تعاقبت هذه القوانين على الاستخدام غير
المسموح به للحاسب الآلي بغرض اقتراف أفعال الغش أو الاستيلاء على أموال.
-ونذكر هنا مثالاً على الاحتيال المعلوماتي:
ذكرت مصادر في العاصمة البريطانية لندن ان العديد من مؤسسات حي المال والاعمال
تعرضت لابتزاز عصابات دولية متخصصة هدَّدتها بتدمير انظمة المعلومات ما لم تدفع
مبالغ كبيرة من الاموال وقد بذلت شرطة اسكوتلانديار جهود اً مع السلطات الاوروبية المماثلة
ومع المباحث الفيدرالية عبر الاطلسي لمحاصرة انشطة تلك العصابات ,والتي جمعت نحو(400)
مليون جنيه استرليني سراً من مؤسسات حي المال في العواصم الغربية خلال الثلاث سنوات
الماضية . وقالت المصادر في لندن ان مصارف وشركات حي المال كانت تدفع تلك الاموال بعد
ان تأكدت ان المبتزين قادرون على تدمير انظمتها وتهديد ثقة عملائها في مدى كفاءتها .وقالت
ان هناك نحو(40)قضية ابتزاز جرت ما بين1993و 1996وأن بعض المؤسسات المالية رفضت
الافصاح عن المخاطر التي تعرضت لها وما دفعته سراً من فدية لتلك العصابات.وقال احد مفتشي
الشرطة في اسكوتلانديار(اننا ندرك هذا النوع من الابتزاز,غير ان المؤسسات المصرفية
لديها اساليبها الخاصة في مواجهة هذه الامور,ونادرا ماتلجأ الينا لمكافحة تلك العصابات).
وقد أنشأت الاسكوتلانديارد وحدة خاصة تحت الاسم الكودي (لاث جامبت)يشارك فيها خبراء
كمبيوتر لمكافحة انشطة قراصنة أنظمة المعلومات.اما في امريكا فان المباحث الفيدرالية
تشرف على ثلاث وحدات متخصصة لمكافحة انشطة قراصنة الكمبيوتر.ويقال ان هنالك
اربع عصابات متخصصة احداها مقرّها روسيا وتبحث شرطة اسكوتلانديارد حاليا اربع عمليات
ابتزاز حدثت في لندن من المصارف والمؤسسات المالية.اولاها يوم 6 يناير1993عندما
جمَّدت انظمة المعلومات باحدى كبرى شركات المال بالعاصمة البريطانية ودفعت فدية قدرها
عشرة ملايين جنيه استرليني لحساب مصرفي في زيورخ وثانيها يوم 14يناير1993ودفع احد
المصارف اثني عشر مليونا ونصف المليون جنيه استرليني بعد تلقيه تهديدا بتخريب انظمة
الكميوتر التابعة له,وثانيهما يوم 29يناير1993دفعت فيه مؤسسة للمضاربة المالية نحو عشرة
ملايين جنيه استرليني بعد تلقيها تهديداً مماثلاً.وفي الرابعة دفعت مؤسسة انظمة
دفاعية يوم 16 مارس1995عشرة ملايين جنيه استرليني.وفي جميع الحالات الاربع فان مديري
الشركات التي دفعت الفدية تلقوا عرضا مسبقاً عن امكانية تلك العصابات وكفائتها التامة في
تدمير انظمة المعلومات,مما دفع بالطبع تلك الشركات لدفع الفدية تفادياً للحرج ولفقدان ثقة
العملاء.ولخطورة الموضوع استضافت العاصمة البلجيكية بروكسيل الشهر الماضي مؤتمراً
لخبراء مكافحة اختراق انظمة المعلومات,ومنهم من وزارة الدفاع البريطانية وأكاديمية سلاح


الجو الاميركي ووزارة الدفاع الفرنسية,وبعض مديري كبرى شركات الكمبيوتر زيادة على
خبراء امنيين اخرين,وبحث المؤتمر عمليات الابتزاز وكيفية مكافحتها(1).
مكافحة جرائم الإنترنت تقتضي توحيد التشريعات المختلفة من ناحية، وان يكون
نظام الإثبات بالدليل الإلكتروني واحداً بين الدولة التي وقعت فيها الجريمة من ناحية ، والدولة
التي يقيم فيها المتهم وتتولى المحاكمة عنها من ناحية أخرى، وهذا أمر مستحيل تحققه،
ولذلك لابد من أن يكون هناك تعاون دولي يتفق مع طبيعة الجرائم المتعلقة بالإنترنت،
والتي تتميز بطابع خاص تقتضي أن يكون هناك ردود فعل سريعة.ومكافحة جرائم الإنترنت
على المستوى الوطني والدولي تقتضي توثيق روح التعاون بين الأنظمة القانونية الداخلية
والخارجية، ويظهر معالم هذا التقارب في قبول حالات تفويض الاختصاص وفي اتخاذ إجراءات
(2). التحقيق وجمع الأدلة وتسليم المجرمين والاعتراف بالأحكام الجنائية
وينبغي على القاضي الجنائي عند تفسيره للنص العقابي إلتزام جانب الدقة وعدم تحميل
عبارات النص فوق ما تحتمل،أي ” التفسير المُحدد والدقيق للنصوص الجنائية ” فلا يجوز له
في حالة إذا كانت عبارات النص واضحة أن يبحث عن عِلَّة التجريم ليُوسِّع من نطاق
التطبيق، والتفسير المنضبط لقانون العقوبات لا يَحول بالطبع دون محاولة تطويع
النصوص لتحيط بالمعطيات للتكنولوجية الحديثة وخاصةً في مجال ثورة المعلومات.
والعراق في مجال إصدار التشريعات الخاصة بهذه الجريمة فأنه لازال لم يتوصل إلى إصدار
قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية ففي عام 2011 فشل مجلس النواب في تمرير مسودة القانون
ثم أعيد عرضه عام 2019 ولم يُفلح المجلس بتمريره . كما نوقش في تشرين الثاني من
عام 2020 وبحضور عدداً من رؤساء المنظمات وسفراء الدول والمختصين.
وبسبب الاعتراضات والانتقادات من قبل بعض النواب والهجمة الإعلامية الشديدة ضد
المسودة بحجة كتم الأفواه وتعارضها مع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب
الثاني من الدستور .
-------------------------------------------------------------------------------------
1-جريدة الشرق الاوسط,الاثنين الموافق 3/6/1996 ألعدد 6397 ألصفحة الاخيرة.
2 -د. مصطفى محمد موسى – أساليب اجرامية بالتقنية الرقمية ومكافحتها – مطابع الشرطة
.. للطباعة والنشر والتوزيع – الطبعة الاولى – 2003 – ص430
المطلب الثاني
جريمة غسيل الاموال
في العصر الحديث ظهرت جريمة غسيل الاموال لأوّل مرة في أميركا، خلال الفترة
من 1920 إلى 1930م، حينما لجأت عصابات المافيا إلى إنشاء محال غسيل الملابس
الأتوماتيكية؛ من أجل استثمار الأموال التي حصلت عليها بطريقٍ غير مشروع من تجارة
المخدرات؛ بغية اخفاء أصل هذه الأموال.
وقد ظهر اصطلاح "غسيل الأموال" لأول مرة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير
المشروع في المخدرات و التي عقدت في فينا عام 1998، و قد نصَّت في المادة الثالثة منها
على أن غسل الأموال يتمثل اما في تحويل الأموال أو نقلها مع العلِم بأنها من نتائج جرائم
المخدرات، أو في اخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو في اكتساب أو حيازة أو استخدام
الأموال مع العلم وقت تسليمها أنها من حصيلة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في
الاتفاقية. وغسيل الأموال يقصد به ببساطة اخفاء مصدر المال الاجرامي وظهوره بمظهر
المال الناتج عن عمليات مشروعة. من العوامل والاسباب التي ادت الى استفحال وتنامي جريمة
غسيل الاموال ظاهرة العولمة وزيادة حجم التجارة الالكترونية والمعاملات المالية
السريعة والانفتاح الاقتصادي والتقدم التكنلوجي في مجال المعاملات والتحويلات المصرفية
والمعلومات والاتصالات وضعف النظام المصرفي والمعلوماتي وعدم وجود الانظمة القانونية الكفيلة
للحد من هذه الجريمة وضعف الرقابة على المصارف في ظل الانفتاح الاقتصادي والتوسع في وسائل
الاتصال الحديثة وعدم وجود الشفافية في الحسابات المصرفية وكذلك قلة القيود الادارية في
الكمارك والموانى والمطارات اضافة الى ذلك حرية تحويل وصرف العملة(1). وكذلك
ظهور ما يسمى بالتجارة الالكترونية عبر الانترنت ساعدت على استفحالها بحجة التعقيد
والفساد الاداري اضافة الى انتشار المراكز المالية الحرة كالمناطق الحرة والدول التي تعتمد
مصارفها على السرية المصرفية كسويسرا وموناكو وغيرها خلال فترة الستينات
------------------------------------------------------------------------------------------------------
. (1-عبدالفتاح بيومي حجازي : جريمة غسيل الاموال بين الوسائط الالكترونية ونصوص التشريع ص ۱۰, القاهرة, ۲۰۰۷.

والسبعينات من القرن الماضي وذلك بافساح المجال امام الشركات والحكومات والاثرياء
لإيداع اموالهم واصولهم في بيئة أقل تشدداً وتسهيلات كبيرة بالاعفاء من الضرائب وسرية
حسابات الزبائن والشركات(1). وبالنسبة الى المعوقات التشريعية والتي تتمثل بعدم كفاية
التشريعات والقوانين الخاصة بمواجهة جريمة غسيل الاموال حيث ان النقص والتباين بهذه
التشريعات والتي يمكن ان تكون هدفاً لغاسلي الاموال بتهريب الاموال للبدء من خلالها
بإرتكاب الجريمة .وكذلك في حالة استشراء الفساد بكافة مفاصل الدولة السياسية والقانونية
والامنية والادارية والمالية والاقتصادية كل هذا يعمل على ازدياد حجم هذه الظاهرة.
المادة الاولى من قانون الاموال المصري الصادر في22مايو 2002 رقم80 لسنة 2002 و
هي خاصة بالتعريفات,عرفت عبارة غسيل الاموال بانها سلوك ينطوي على اكتساب اموال او
حيازتها او التصرف فيها اوادارتها او حفظها او استبدالها او ايداعها او ضمانها او استثمارها او
نقلها او تحويلها او التلاعب في قيمتها اذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص
عليها في المادة(2)من هذا القانون مع العلم بذلك,متى كان القصد من هذا السلوك اخفاء المال او تمويه
طبيعته او مصدره او مكانه او صاحبه او صاحب الحق فيه او تغيير حقيقته او الحيلولة دون
اكتشاف ذلك او عرقلة التوصل الى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال.
ويلاحظ ان القانون المصري قد حصر تجريم غسيل الاموال على جرائم معينة كرافد للاموال
المغسولة كقانون الامارات العربية المتحدة في المادة(2) منه من بينها جرائم الارهاب
والمخدرات والدعارة والاتجار بالاسلحة والمفرقعات والجرائم المنظمة وجرائم البيئة المتعلقة
بالمواد والنفايات الخطرة(2).
ولما كانت هذه الاموال القذرة متأتية من مصادر غير مشروعة فانها لا تدخل ضمن حسابات
الناتج القومي للدولة لانها بعيدة عن رقابتها اذ هي تُمثِّل دخولاً غير مشروعة ناتجة عن انشطة
غير مشروعة او تجارة اجرامية وبالتالي فان غسل الاموال يدخل ضمن انشطة ما اصطلح
----------------------------------------------------------------------------------------------------
1 -باخوية دريس : جريمة غسيل الاموال ومكافحتها في القانون الجزائري ص ٥۸ , دراسة مقارنة
الجزائر ۲۰۱۲ طه حسين : -: غسيل الاموال ظاهرة من مظاهر الفساد الاداري , بغداد ۲۰۰۸ ,
--2 جريدة الاهرام العدد 1912 في 5/9/2001

على تسميته بالاقتصاد الاسود(1).
ولما كان هدف غاسلي الاموال هو الانتفاع بتلك الاموال دون تحديد لشخصياتهم او مصدر تلك
الاموال او مكان اكتسابها وذلك بتمويهها فانهم يسلكون في سبيل ذلك اولاً محو او ابعاد اي صلة
مباشرة بين هذه الاموال والانشطة الاجرامية المتولدة عنها.وثانياً ادخالها في العديد من
------------------------------------------------------------------------------------------------------
1-سرقات البنوك والمصارف بعد احتلال العراق ولعل أشهرها سرقة مصرف الرافدين
فرع الزوية في بغداد وقد بلغ المبلغ المسروق وقتها حوالي ثمانية مليارات دينار، وقيام احدى
الموظفات بأحد المصارف الأهلية بسرقة مبلغ (40) مليار دينار في عام 2014( قناة
السومرية الفضائية، 2014)، وسرقة مبلغ ملياري دينار تعود لأحد المصارف الأهلية في
البصرة في نيسان من عام 2015(راديو المربد، 2015) وغيرها الكثير، وشهدت الفترة بين
عامي 2004 و2008 قمة حوادث السرقة لأموال المصارف ففي منتصف كانون الثاني من
العام 2005 قامت مجموعة مسلحة بالسطو على مصرف في مدينة الرمادي وسرقت ما يعادل
مبلغ 15 مليون دولار امريكي، وفي 18 تموز من العام 2006 قامت مجموعة مسلحة يرتدي
أفرادها زي ما كان يسمى بالحرس الوطني آنذاك بمهاجمة (مصرف الرافدين) بمنطقة العامرية،
وسرقت مبلغ مليار وربع المليار دينار اي ما يساوي في تلك الفترة (840) ألف دولار.
(جريدة الاتحاد، 2013).










العمليات داخل الاقتصادالمشروع,واخيراً اعادتها لاصحابها بعد ان تصبح من غير الممكن
تقصي اسباب اكتسابها ولا مكانه بحيث يبقى ذلك سراً مغلقاً .
وانه كلما تعددت العمليات التي تتداول فيها هذه الاموال بين البنوك كلما كان من الصعب تتبع
اصل مصدرها خصوصاً اذا وجدت هذه الاموال طريقها الى شبكة البنوك العالمية اذ يستغل
المجرمون المنافسة الشديدة بين البنوك في اجتذاب العملاء للحصول على خدمات اكبر بالنسبة
لانشطتهم غير المشروعة.

أولاً: قوانين العقوبات التي شرّعتها الدول لمحاسبة غاسلي الاموال

1-ايطاليا ضمنت قانون عقوباتها المادتان648 مكررا ثانيا التي اضيفت بالقانون رقم191في
18/5/1975 وعدلت بالقانون رقم 328في أغسطس1993 ,648 مكررا ثانيا ثالثا التي
اضيفت بالقانون رقم55لسنة1990 في19مارس سنة1990.
2-النمسا بعد تصديقها على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات
والمؤثرات العقلية لسنة 1988عدلت قانون عقوباتها سنة1993بجعلها غسيل الاموال المحصلة
من الجرائم الجسيمة جريمة معاقب عليها بالسجن حتى خمس سنوات.
3-في بلجيكا يجرم القانون الصادر سنة 1990غسل الاموال كما ينص على مصادرة هذه الاموال
ويعتبر القانون البلجيكي حيازة الاموال والاشياء المحصلة من غسل الاموال جريمة.
4-في فرنسا اشار القانون رقم (90/614)في12يوليو1990بشأن مساهمة المؤسسات المالية في
مكافحة غسل الاموال المستمدة من الاتجار غير المشروع في المخدرات الى نصوص واردة في
المادة 627من قانون الصحة العامة والمادة415من قانون الجمارك.وكانت المادة 627 من قانون
الصحة العامة قد اضيفت سنة 1970وهي خاصة بسوء استعمال المخدرات وتنص الفقرة
الثالثة المضافة بالقانون رقم (87/1157)في31 مارس 1987 على مايلي : - ( يعد جريمة كل
من يسهل او يحاول بسوء قصد تسهيل تقديم تبرير كاذب عن اصل الارباح او الموجودات
المستمدة من جرائم المخدرات او ساعد تقنيا في ابدال او اخفاء او تحويل المتحصلات
المستمدة من هذه الجرائم.ويعاقب على هذه الجريمة بالسجن من سنتين الى
عشر سنوات والغرامة5000ألى500,000 فرنك فرنسي او باحدى هاتين العقوبتين .وتطبق
هذه العقوبات ايضا اذا كانت الافعال المختلفة المكونة للجريمة قد ارتكبت في دول اخرى).
5-في المانيا اصبح غسل الاموال جريمة خاصة منذ سنة 1992طبقا للمادة(261)من قانون
العقوبات الالماني واوجب القانون مصادرة الاموال او الممتلكات المتعلقة بغسل الاموال
سواء كانت هذه الاموال او الممتلكات محصلة من عمل غير مشروع وقع داخل البلاد او
خارجها. ويعفي القانون من العقاب كل من يبلغ السلطات المعنية عن جريمة غسل الاموال,كما
اعطى للمحكمة سلطة تخفيف العقوبة على من يدلي بمعلومات امام سلطة التحقيق او المحكمة
تساعد في اكتشاف اخرين مشتركين او متورطين في جرائم غسل الاموال.
6-في سويسرا دخلت جريمة غسل الاموال لاول مرة في قانون العقوبات وذلك بتعديله
سنة1990.وقد نص تعديل 3مارس سنة1990 على نوعين من الجرائم.,.الاول .,غسل
الاموال عمدا وتنص عليه المادة(305)مكررا ثانيا من قانون العقوبات.
والثاني ,,عدم الحرص والاهمال في العمليات المالية التي تضمنت حصول الغسل وتنص
عليه المادة(305)مكررا ثالثاً.

ثانياً : الآثار الاقتصادية لجرائم غسيل الاموال
وبالنظر لما لهذه الجريمة من تاثير كبير على الاقتصاد,ولمساعدة الاموال المتحصلة منها الكثير
من المجرمين في تنفيذ جرائمهم وخاصة الذين يرتكبون جرائم ارهابية . وجريمة غسل الاموال
جريمة لاحقة لانشطة اجرامية حققت عوائد مالية غير مشروعة,فكان لزاما اسباغ المشروعية
على العائدات الجرمية او ما يعرف بالاموال القذرة,ليتاح استخدامها بيسر وسهولة,لذلك فان
جريمة غسل الاموال لا تعد مخرجا لمأزق المجرمين المتمثل بصعوبة التعامل مع
متحصلات جرائمهم وخاصة الجرائم التي تدر اموالا كثيرة,كتجارة المخدرات وتهريب
الاسلحة والاتجار بالبشر وانشطة الفساد المالي.وقد ارتبط غسل الاموال بجرائم المخدرات,
بل ان الجهود الدولية لغسل الاموال جاءت ضمن جهود مكافحة المخدرات,ولهذا جاء النص
الدولي على قواعد واحكام غسل الاموال ضمن اتفاقية الامم المتحدة المتعلقة بمكافحة المخدرات.
يؤدّي النشاط المجرم لغاسلي الأموال إلى فساد المناخ الاستثماري ذاته، حيث إن أصحاب
المدّخرات المشروعة يسعَوْن إلى محاكاة وتقليد أصحاب الأموال غير المشروعة؛ بقصد المنافسة
في الربح، وبذلك يسود مناخ استثمار فاسد. ويؤدّي أيضاً إلى تفشي الاحتكار غير المشروع،
وسيطرته على اقتصاد الدولة، بدلاً من حدوث المنافسة الشريفة، التي تنعكس على
اقتصاد الدولة وعلى مواطنيها(1).
وقد تطرّقت له بعض الإحصائيات، التي ذكرت أن سويسرا وحدها يوجد بها (14700) مصرف
يقوم نشاطها أساساً على مهمة غسل الأموال، وتمويل الأنشطة غير المشروعة بمختلف أنواعها،
وإيداع ثروات الحكام السياسيين المهرَّبة إليها. ويعمل 40% من سكان سويسرا في مصارف،
ويوجد فيها مكاتب خاصّة لاسترداد الأموال التي يتمّ غسلها في تلك المصارف مقابل 25% من
القيمة. ويعمل في هذه المكاتب رجال مخابرات ورجال مصارف تركوا الخدمة. وعادةً ما
يتم الإعلان في الصحف السويسرية عن مكافآت لمَنْ يدلي بأيّ معلومات توصل إلى
الأموال المطلوب استردادها، والناتجة عن الفساد السياسي والإداري في العديد من دول العالم،
لكنّ الحكومة السويسرية اعترضَتْ على هذه الوسيلة، وألزمت الصحف بالكفّ عنها(2).

ثالثا ً: قانون مكافحة غسيل الاموال العراقي لسنة 2004 .
مادة رقم 3.
كل من يدير او يحاول ان يدير تعامل مالي يوظف عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني
عرافاً بان المال المستخدم هو عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني او كل من ينقل او يرسل
او يحيل وسيلة نقدية او مبالغ تمثل عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني عارفاً بان هذه
الوسيلة النقدية او المال يمثل عائدات بطريقة ما لنشاط غير قانوني.
-----------------------------------------------------------------------------------------
1 -مجلة الحقوق، حلقة نقاشية (جرائم ذوي الياقات البيضاء) : 278، مجلس النشر العلمي، جامعة
. عمان،2001
2-حمدي عبد العظيم، غسل الأموال في مصر والعالم , الدار الجامعية للطباعة والنشر
. والتوزيع,2007,ص79
الكويت، السنة (23)، سبتمبر 1999. انظر أيضاً: هشام غرايبة، التأثير الاقتصادي
لعمليات غسل الأموال على المجتمع: 3، الحلقة العلمية (أساليب مكافحة غسيل الأموال).


أ– مع نية المساعدة على تنفيذ نشاط غير قانوني او الاستفادة من نشاط غير قانوني او لحماية
الذين يدرون النشاط الغير قانوني من الملاحقة القضائية.
ب – العلم بأن التعامل مفتعل كلاً او جزءاً لغرض:
1 – التستر او اخفاء طبيعة او مكان او مصدر او ملكية او السيطرة على عائدات النشاط الغير قانوني او
2 – لتفادي تعامل او لزوم اخبار آخر
يعاقب بغرامة لا تزيد عن 40 مليون دينار عراقي او ضعف قيمة المال المستعمل في التعامل ,
ايهما اكثر او السجن لمدة لا تزيد على 4 سنوات , او كلاهما.


رابعاً : أركان جريمة غسيل الاموال
لجريمة غسل الاموال ركنان,ركن مادي وركن معنوي
1-الركن المادي, ويتألف من ثلاثة عناصر هي
أ-السلوك الذي يكون ركناً مادياً للجريمة ويتضمن ثلاثة أشكال هي,حيازة او اكتساب او
. استخدام الاموال القذرة وتودع في حساب مصرفي او توضع كأمانة في خزانة مستأجرة في البنك
ب-اخفاء الاموال القذرة من حيث المصدر او المكان او التصرف او الحركة او الحقوق المتعلقة
. بها او الملكية
ج-المحل الذي يرد عليه السلوك وهي الاموال المتحصلة من الاتجار بالمخدرات او بالدعارة او
الرشاوي او الاتجار بالرقيق او بالاطفال.
د-الجريمة التي تحصلت الاموال بموجبها كالاتجار غير المشروع بالسلاح او المخدرات........وغيرها.

. 2-الركن المعنوي
يفترض علم الجاني او الجناة بالمصدر غير المشروع للاموال القذرة فهي جريمة عمدية تنصرف
ارادة الفاعل الى ارتكابها دون خلل بارادته الحرة,فالجاني يعلم علم اليقين بانه يمارس نشاطاً
اجراميا وهذه الجريمة في حقيقتها انما هي جريمة مستمرة.
جريمة غسيل الأموال من الجرائم العمدية التي يلزم لقيامها توافر الركن المعنوي للجرائم
العمدية وهو القصد الجنائي، ويتكون القصد الجنائي من عنصرين هما: عنصر العلم،
وعنصر الإرادة.
يجب أن يعلم الجاني في جريمة غسيل الأموال بأن المال غير المشروع محل الغسيل متحصل
من نشاط إجرامي، فإذا كان الجاني يجهل أن المال غير المشروع قانونياً عن حسن نية أنه
نظيف، فلا يقوم القصد الجنائي لتخلّف أحد شروطه وهو عنصر العلم، كما يتوجب أن يعلم الجاني
في جريمة غسيل الأموال أن العمليات التي يقوم بها من شأنها تنظيف المال القذر غير المشروع
وإدخاله إلى حيز الوجود المالي بصورة يبدو فيها المال مشروعاً، فاذا انتفى علم الجاني بذلك وكان
حسن النية فلا يتوافر القصد الجنائي لديه(1).















--------------------------------------------------------------------------------------------
1-الكيان القانوني لغسيل الأموال مع التعليق على نصوص القانون رقم 80 لسنة 2002 بشأن
مكافحة غسل الأموال في مصر / محمد عبدالله أبوبكر سلامة.ص9.

المطلب الثالث
جريمة تَلوّث البيئة
البيئة هي المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما يحتويه من مواد و ما يحيط بها
من هواء وماء وتربة وما يُقيمَهُ الإنسان من منشآت.وتُمثِّل البيئة الاطار الذي يعيش فيه
الانسان ويحصل منها على مقومات حياته. لقد كانت علاقة الإنسان بالبيئة حميمة
ويسودها التعقل والحكمة يستفيد بخيراتها بدون إسراف أو تبديد. لكن الآن تغيَّرت هذه
العلاقة بفعل زيادة عدد السكان والتطور الزراعي والصناعي والعمراني الذي حققه
الإنسان حيث رافَقَ هذا التطور ضغط هائل من الإنسان على موارد البيئة وتصاعدت
الغازات من المصانع وإستخدمت مُبيدات الحشرات والمُخَصِّبات الزراعية بإسراف شديد.
كان من نتائج ذلك تلوث البيئة وتدهورها وبناءً على ذلك ,فإن مشكلة البيئة
مصدرها الانسان المُسيطر بثقافته وتوجهاته. ففي بولندا مثلاً تعني البيئة طبقاً لنص المادة
الأولى من قانون حماية البيئة لعام 1980،العناصر الطبيعية دون القيم الثقافية أو الإجتماعية(1).
وقد عرفت المادة (1) من قانون وزارة البيئة العراقية رقم (37) لسنة 2008، البيئة، حيث نصت
على أنها : “المحيط بجميع عناصره الذي تعيش فيه الكائنات الحية والتأثيرات الناجمة عن
نشاطات الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
لقد أدركت الأمم المتحدة و"مجموعة الدول الصناعية السبع" و"مجموعة العشرين" والهيئات
الدولية الأخرى الحاجة إلى معالجة مشكلة التدفقات المالية من الجرائم البيئية. وفي
ديسمبر 2019م أصدرت الأمم المتحدة من خلال قرار الجمعية العمومية رقم 74/177 تحث فيه
جميع الدول الأعضاء إلى تجريم الإتجار غير المشروع في مختلف أنواع الحيوانات والنباتات
البرية المحمية، والجرائم الأخرى التي تؤثر على البيئة، مثل الإتجار بالأخشاب والمعادن
الثمينة والأحجار وغيرها من المصادر الطبيعية، وتلك الجرائم التي تشترك فيها الجماعات
-----------------------------------------------------------------------------------
1-د. صلاح عبد الرحمن عبد الحديثي، النظام القانوني الدولي لحماية البيئة ,2010م
منشورات الحلبي الحقوقية – لبنان.



الاجرامية المنظمة باعتبارها جرائم خطيرة (أي تجريم غسيل هذه الجرائم). ويدعو ذلك القرار
إلى تسريع العمل في استهداف مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، وغسيل الأموال، والتدهور
البيئي. كذلك هنالك حاجة ماسة إلى منع ومعالجة غسل الأموال الناشئ عن الجرائم البيئية
لمساندة لخارطة الطريق لتمويل خطة 2030م للتنمية المستدامة.
على الرغم من ظهور تلوّث البيئة في أول الأمر في الدول الصناعية إلاّ أنه في وقتنا الراهن
يُشكِّل خطراً يُهدِد كل دول العالم. مع وقوع الحوادث البيئية الجسيمة التفتت الدول
إلى خطورة التلوث البيئي وتم تشكيل الهيئات والمنظمات المعنية بشؤن البيئة وتم
أيضا تجريم التعديات الواقعة على البيئة ومن ثُم ظهرت طائفة جديدة من الجرائم في
القانون الجنائي عُرِفت بجرائم تلويث البيئة.
والمعنى القانوني لمصطلح البيئة، قد يجعل من المشرّع اللجوء إلى مفهوم واسع لهذا
المصطلح ، بحيث يشمل كافة العناصر الطبيعية للبيئة وهي الماء والهواء والفضاء وما
عليها أو بها من كائنات حيّة ، وكذلك العناصر الطبيعية أو الصناعية لها ، أي تلك التي
وضعها أو صنعها الإنسان في اطار البيئة الطبيعية من مرافق ومنشآت وغيرها
لاشباع حاجاته ، والمشرّع الفرنسي ، لجأ في القانون الصادر بتاريخ 10/ يوليو/1976م،
إلى أن البيئة تعبّر عن ثلاث عناصر الطبيعة ( إنسان – حيوانات – نباتات ) ، موارد
طبيعية ( ماء – هواء – أرض – مناجم ) ، الأماكن والمواقع الطبيعية السياحية ، وفي كندا
أيضاً تبنى المشرع المفهوم الواسع للبيئة حيث رأى أنها تشمل الوسطين الطبيعي
والصناعي , بل وفي بعض المقاطعات تشمل اضافة الى ذلك العناصر الإقتصادية
والإجتماعية والثقافية التي تؤثر في حياة الإنسان .
تُعد الجريمة البيئية في الوقت الحالي واحدة من أكثر أشكال النشاط الإجرامي ربحية.
وتُقدِّر المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) أنَّ قيمة جرائم الحياة البرية على النطاق
العالمي تبلغ مليارات الدولارات سنوياً. وتُقدَّر القيمة الإقتصادية لقطع الأشجار غير القانوني
على النطاق العالمي، بما في ذلك تصنيع الأخشاب، بما يتراوح بين ثلاثين مليار دولار إلى مئة مليار
دولار، أي حوالي 10% إلى %30 من التجارة العالمية في الأخشاب(1).
وتوفير بيئة يمكن فيها تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، فليست كثيرة هذه المفردات على
العراق مثلاً ألذي عرف أقدم الحضارات ، والذي حباه الله بالخيرات الوفيرة مما جعله من
--------------------------------------------------------------------------------------------
UNEP انظر–1
مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة- الدورة السابعة والعشرون لمجلس الإدارة/المنتدى
البيئي الوزاري العالمي- نيروبي، 18- 22 شباط/فبراير 2013- البندان 4 (أ) و4 (و) من
جدول الأعمال المؤقت العدالة والحوكمة والقانون لتحقيق الإستدامة البيئية- تقرير المدير التنفيذي.

أوائل البلدان في إمتلاك الثروات الطبيعية، فامتلاك البلدان للثروات لا يكفي لتحقيق تكافل
وتكامل إجتماعي وإقتصادي وتنمية إقتصادية ، ولنأخذ تجربة الدول الأسكندنافية مثلاً مملكة
النرويج ، وكيف عملت على إستغلال ثرواتها على الوجه الصحيح في رفاهية شعبها ،
فتقدم الشعوب وإزدهارها لا يكفي بإمتلاك موارد طبيعية ، بل يأتي بامتلاك مؤسسات علمية
رصينة متقدمة تطرح إستيراتيجيات وبرامج وأبحاث بما يدفع لابتكارات جديدة تواكب
التقدم والتطور التكنولوجي للأمم.


1-قانون حماية البيئة المصري
يُعتبر قانون حماية البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994 حدثاً بيئياً هاماً ونقلةً حضاريةً كبيرة، وهو
أوسع تشريع مصري يصدر تحت عنو ان حماية البيئة، ووضع تنظيماً قانونياً شاملاً لتلك
الحماية، أي حماية جامعة لكل مكونات البيئة. وقد أنشيء في مصر جهاز لشؤون البيئة بقرار
من رئيس الجمهورية رقم 631 لسنة1982 ،وقد حلَّ محله جهاز شؤون البيئة بالقانون
رقم 4 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم09 لسنة 2009 ،القانون لجهاز البيئة العديد من
الاختصاصات لحماية البيئة من التلوث، باعتباره هدفاً أساسياً من أهداف الجهاز، ومكافحة
التلوث بكافة صوره، والازالة الفورية لكل المخلَّفات، وسلطته في اصدار لوائح الضبط
الاداري، وتحقيق النتيجة المستهدفة، وهي حماية البيئة من التلوث، والتصدي لجرائم الاعتداء
على البيئة، وقد منح القانون العاملين بالجهاز صفة الضبطية القضائية في اثبات
الجرائم المتعلقة بحماية البيئة.

2- القانون العراقي لحماية البيئة
في مجال المحافظة على البيئة وخفض التلوث، بادر المشرّع العراقي إلى تجريم كل ما من شأنه
إلحاق التلوث بالهواء ( والمقصود بالمركبة .. كل واسطة نقل ذات عجلات تسير بمحرك آلي، أو
تُسحب بأية وسيلة ، وتشمل السيارات بمختلف أنواعها خاصة وعامة، وكي تشمل
المركبة الزراعية، كالساحبة والحاصدة، وتشمل المركبة الانشائية والدراجة النارية والعربة
والمركبة المقطورة (1). متى كان التلوث ناشئاً عن عوادم المركبات بأنواعها اذ عالج البيان
رقم 20 لسنة 1959 الصادر من مديرية شرطة النقليات والمرور العراقية وتعديلاته وقاية
الهواء من التلوث بالغازات والأبخرة المتصاعدة من مكائن وسائط النقل. وقد نصَّ المشرّع
العراقي من خلال قانون المرور رقم 48 لسنة 1971 في المادة(18) الفقرة ( 3) والتي جاء
فيها: عدم قيادة أية مركبة لا يتوفر فيها أحد شروط المتانة والأمان. وبمطالعة هذه الفقرة
نجد أنها تدعونا إلى القول بأن تسير مركبة في الطريق العام بحالة تؤذي مُستعملي الطريق،
بسبب ما ينبث منها من أبخرة وغازات أو دخان كثيف يستلزم حتماً إقرار مسؤولية مالكها أو
سائقها، وذلك لمخالفة شروط الأمان التي ينبغي أن تكون عليها المركبة، مما يستوجب القول
--------------------------------------------------------------------------------------------------
1-طارق إبراهيم الدسوقي عطية، النظام القانوني لحماية البيئة في ضوء التشريعات العربية
والمقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية. 2014 ،ص 22. .
بخضوع المخالف للعقوبة المفروضة بموجب المادة المذكورة ، وهي الغرامة التي لا تقل عن
خمسة دنانير، ولا تزيد على عشرة دنانير( قانون المرور العراقي رقم 48 لسنة 1971),
وقد سعى أيضا المشرِّع العراقي في الوقاية من الأضرار والأخطار التي يسببها التدخين في
البيئة، والصحة العامة محل عناية الأوساط الصحية في العراق، فنشطت جمعية مكافحة
السرطان العراقية في الحملة للحد منه منذ بداية السبعينيات، ففي عام 1976 عقدت الجمعية
المشار إليها ندوة علمية في بغداد تحت شعار,التدخين وأضرار ه على الصحة العامة وفي
عام 1979 وعلى إثرَ صدور توصيات مجلس الوزراء العرب حول أضرار التدخين، قامت
وزارة الصحة باعداد تقرير مفصَّل حول أضرار التدخين، و الإجراءات الوقائية لمنع الأضرار
التي يسببها، وتم رفعه إلى رئاسة الديوان، إذ تم اتخاذ القرارات التي جرى تعميمها على
دوائر الدولة والمؤسسات التابعة لها كافة، وهي كما يلي:
1 – تقليل ظاهرة التدخين في الأعمال الفنية والسينمائية المنتجة محلياً
2 – منع المعلمين والمدرسين والأساتذة في جميع المدارس والمعاهد والجامعات من التدخين خلال أوقات الدوام الرسمي أمام الطالب.
3 – منع بيع السجائر في المستشفيات والمستوصفات والعيادات الطبية كافة
– 4- وضع تحذيرات صحية على علب السجائر
5– تقليص مساحات الأراضي التي يزرع فيها التبغ , حمايةً للبيئة الهوائية والصحة العامة دائماً
من الأضرار ، طلبت وزارة الصحة من وزارة التربية إدخال منهاج مَضار التدخين ضمن
الدروس المخصصة لطلبة المراحل المتوسطة والثانوية، ودَخَّلا منهج مضار تم توزيع كراسات
لمنع التدخين على الطالب.
صدر قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لسنة 1997 في 10 آذار 1997 وقضى بإلغاء قانون
حماية وتحسين البيئة رقم 76 لسنة 1986 وحل محله في السريان وقد ورد في بيان الأسباب
الموجبة له، كما تم تعديل هذا القانون بالقانون رقم 73 لسنة 2001 الحفاظ على البيئية والحد من
التلوّث الناجم من الممارسات الخاطئة.
ولقد نصَّ قانون حماية وتحسين البيئة المعدَّل على تحسين مجلس حماية وتحسين البيئة برئاسة
وزير الصحة وممثلين عن الوزارات والجهات غير المرتبطة بالوزارة المعنية بالموضوع، لكن
تم إلغاء هذا المجلس، و تم تعليق الفقرات الأربعة المتعلقة به من القانون وأرقامه من
( 3 إلى 6 ) بموجب أمر سلطة الإتلاف رقم(44)الصادر بتاريخ 24/10/2003 كما تم
بموجب هذا الأمر تأسيس وزارة البيئة، تتولى مسؤولية حماية سكان العراق من الملوثات
والمخاطر البيئية التي تُعرِّض صحتهم للخطر، غير أنه تم إلغاء هذا الأمر بموجب نص
المادة 13من قانون وزارة البيئة لسنة 2008 ،الأمر الذي يترتب عليه اعادة العمل بالفقرات
والمواد المتعلقة بمجلس حماية وتحسين البيئة العراقي(1).

المادتان ( 37، 38 ) قانون حماية وتحسين البيئة العراقية رقم 27 لسنة 2009, فقد نصتا
---------------------------------------------------------------------------------------
1-محمود جاسم نجم الراشدي، ضمانات تنفيذ اتفاقيات حماية البيئة ، دار الفكر الجامعي
. 2014 ,ص27


المادتان ( 37، 38 ) قانون حماية وتحسين البيئة العراقية رقم 27 لسنة 2009, فقد نصتا
على مايلي :" يُلغى قانون حماية وتحسين البيئة رقم (3) لسنة 1997 وتبقى الأنظمة
والتعليمات الصادرة بموجبه نافذة بما لا يتعارض وأحكام هذا القانون حتى صدور ما يحل
محلها أو يلغيها " . لقد مرَّ العراق بظروف إستثنائية تعرَّضت من خلالها البيئة الى
أخطر صور التَلوث ، ولذلك حينما يتم إجراء مقارنة ما بين المواصفات القياسية العراقية
والمواصفات القياسية العالمية فإننا نعتقد : إنَّ العراق اليوم يتطلب نوعاً من التشديد
والصرامة بالمواصفات بحيث تتلائم مع طبيعة الملوثات التي تَعرَّضت لها البيئة وأسبابها.
والمادة (38) " أولاً من القانون نفسَهُ : يجوز إصدار أنظمة لتسهيل تنفيذ أحكام هذا
القانون . ثانياً : للوزير إصدار تعليمات وأنظمة داخلية لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون ".
منح الوزير من خلال هذه المادة إصدار أنظمة وتعليمات وفي هذه الحالة يتوجب
مراعاة خطورة المشاكل البيئية التي تواجه العراق ، وهنا يتوجب الاستعانة بذوي الخبرة
والفنيين في مجال البيئة.
البيئة في العراق شهدت تدهوراً شديداً، إذ أنها تعاني من مشاكل محلية وأخرى عالمية
تتقاسمها مع بقية بلدان العالم، المشاكل المحلية ,فهي تتفاوت درجة خطورتها حسب
تأثيرها على الكائنات الحية لا سيما الإنسان، وعدم علاجها سيؤدي إلى التأثير سلباً على
حياة الفرد الصحية والمادية وعلى المحيط، أما المشاكل المحلية فتُعتبر الأكثر خطراً نظراً
للأثار البيئية على المحيط من جهة، وعلى أكثر الكائنات الحية من جهة أخرى، ولعلَّ
هذا الإهتمام المحلي والدولي بالبيئة زاد نتيجة للتطور التكنولوجي الذي يُصاحبه الإستغلال
المفرط في مصادر الطاقة التقليدية خاصة البترول والغاز الطبيعي المصاحب للتَوَسِّع
الصناعي، اذ لا يقتصر الأثر الضار للملوثات على المنطقة التي تُستخدم فيها او تتعامل
بها، بل ان ذلك يمتد الى المناطق الأخرى المجاورة لها، إما عن طريق الهواء الجوي،
أو عن طريق مياه الري والصرف أو كلاهما معاً.
وقد لاحظنا أن بعض الدول العربية على غرار بعض الدول الأوروبية والتي منها
فرنسا تنشط في المجال الجنائي لتوفير الحماية للهواء مثل دولة مصر والمغرب والجزائر
والعراق ، وخاصة بعد إدراج المشرِّعون لهذه الدول لقواعد الحماية الجنائية للبيئة الهوائية
من التلوث، وتَقرَر ذلك بعد إعادة الإعتبار للجزاءات المكرَّسة، بحيث لم تُعد هذه
الجريمة مقصورة على مخالفات لا تحقق القصد والغرض من تلك الحماية والذي هو
الحماية الجنائية للهواء، إن لم نقل أغراض أخرى تترتب على تلك الحماية والتي منها حماية
الحياة والتي هي الهدف الأسمي من هذه الحماية.
والمشرع العراقي حينما شرّع قانون حماية البيئة رقم 27 لسنة 2009 استوعب كل ما في
البيئة من عناصر حتى تكون محل للحماية القانونية ، وهو بذلك لم يقم بحصر مكونات هذا المحيط
وذلك لكي ينسجم مع التطورات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم ، كما انه اعتبر التأثيرات
الناجمة عن نشاطات الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ضمن مكونات البيئة . وبذلك
فقد وسّع من نطاق الحماية القانونية لتشمل البيئة الطبيعية والبيئة الصناعية الناجمة عن نشاط
الانسان سواءً تمثّل بالنشاطات (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) ؛ إلا أننا نعتقد أن المشرع
كان لابد له من تخصيص (التأثيرات) الناجمة عن نشاط الإنسان ، بالتأثيرات السلبية التي
تعمل على الاخلال بالتوازن البيئي.
المادة (1)من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 نصت على :
(يهدف القانون إلى حماية وتحسين البيئة من خلال ازالة ومعالجة الضرر الموجود فيها أو
الذي يطرأ عليها والحفاظ على الصحة العامة والموارد الطبيعية والتنوع الاحيائي
والتراث الثقافي والطبيعي بالتعاون مع الجهات المختصة بما يضمن التنمية المستدامة
وتحقيق التعاون الدولي والاقليمي في هذا المجال) .
ونجد ان القانون المذكور قد خلا من النص على جزاء إلغـاء او سحب الترخيص – كما
هو الحال في تشريع البيئة الفرنسي والإماراتي - كجزاء إداري بيئي الى جانـب الجزاءات
الادارية الأخرى على الرغم من أهمية هذا الجزاء في زيادة فاعليـة دور
الضبط الاداري في حماية البيئة من خلال تطبيق الجزاء المناسب للمخالفات البيئية لردع
المشاريع الملوثة للبيئة والمستمرة في ممارسة نشاطها الملوّث على الرغم من انذارها. وكان
حرياً بالمشرع العراقي الأخـذ بهذا الجزاء كما فعل المشرع المصري وتخويل الجهات المختـصة
سـلطة إيقاعـه علـى المـشروعات والمنشآت مرتكبة المخالفة البيئية المسببة للتلوث ،إلا
ان جزاء إلغاء الترخيص وجد تطبيقاً له فـي إطـار نصوص نظام الحفاظ على الموارد المائية
حيث خوَّل المشرّع دائرة حماية وتحـسين البيئـة سلطة الغاء الترخيص الذي صدر منها طِبقاً
للشروط القانونية في حالتين بنصه على ان (... د- للـدائرة إلغاء الترخيص الصادر بموجب
هذه المادة في إحدى الحالتين الآتيتين:
أولا: إذا تبين لها ان التـصريف يؤثر على سلامة البيئة او الصحة العامة
ثانيا: إذا استخدم الترخيص لغيـر الغـرض الـذي مـنح مـن اجله)(1).

ثالثاً: التهديد البيئي للعالم والمؤتمرات الدولية
آثار التهديد البيئي تجاوزت الحدود السياسية للدولة وقد ساهم التطور الكبير لوسائل النقل
والإتصال في ذلك حيث أن تسرُّب غاز من أحد المفاعلات النووية لدولة ما أو انتشار فيروس
معدِ، أو تلوّث مياه البحر، أصبحت جميعها تُشكل تهديداً للبيئة الدولية كلها، ولأن التلوث أصبح
مقترناً بالتقدم التكنولوجي. تبادلت الدول النامية والمتقدمة التهم حيث حَمَّلت الدول المتقدمة
الدول النامية المسؤولية عن تلويث البيئة واتهمت الدول النامية الدول المُصنِّعة بالتنصل عن
مسؤولياتها عن ذلك وطالبتها بتقديم المساعدات وفي هذا الصدد عُقد عدد من المؤتمرات الدولية
--------------------------------------------------------------------------------------------
الأستاذ أحمد البديري والأستاذة حوراء حيدر – مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية-1
والسياسية – العدد الثاني – السنة السادسة,ص118.
أهمها مؤتمر ريو دي جانيرو، كما تم التوصل إلى بروتوكول كيوتو ومؤتمر جوهانسبورغ
ومؤتمر باريس عام 2015 . و تعني المسؤولية المدنية الشيئية التي وضعها الفقهاء لتغطية
الأضرار الناتجة عن فعل الأشياء التي تحتاج الى حراسة وحفظها الى عناية خاصة ، وقد
تولى الفقه هذه النظرية بالكثير من الدراسات الفقهية، وتطبيقاتها الهامة بالنسبة للأخطار
البيئية فهناك من العناصر الفلزية والكيميائية والأشياء الخطرة التي يتطلب حراستها عناية
خاصة أو التي تُسبب تلويث للبيئة الطبيعية بعناصرها المتعددة من هواء وماء (1) وتربة،
يلزم المسؤول بتعويض المتضرر عن الأضرار الناتجة.
انَّ دور القانون الجنائي وبلا شك يعتمد على أهم عنصر فيه وهو التجريم الذي يُعد جوهر
موضوعه. وبما أن القانون الجنائي البيئي حديث النشأة ومتميز بموضوعه، فذلك حتماً يُثير
اشكالات قانونية عديدة تخص الجريمة البيئية بأركانها الثلاثة، ولاسيما الركن المادي منها
الذي يُعد العمود الفقري فى أي جريمة. وتوصيفه وتحديده ومحاولة ايجاد حلول
قانونية تُسهِم فى تفعيل الحماية الجنائية للبيئة .



المطلب الرابع
تأثير الاسلحة والحروب على البيئة
إذا كان العلم قد وفّرَ لنا مجموعة من الوسائل والأساليب العلمية والأجهزة والآلات
والطرق التي من شأنها حماية البيئة والتخفيف من حِدَّة المشكلات التي تواجهها، فانَّه لابد
من تنبيه الإنسان للمحافظة على البيئة، وتحذيره إذا ما حاول الإعتداء عليها، وردعه
ومعاقبتهِ إذا ما إعتدى عليها فعلاً، وذلك هو دور القانون في حماية البيئة. إذ أنّ القانون
----------------------------------------------------------------------------------------------
-علواني أمبارك، المسؤولية الدولية عن حماية البيئة, أطروحة مقدمة لنيل شهادة -1
دكتوراه العلوم في الحقوق,جامعة بيسكرة ,2016-2017,ص174.


بشكل عام يجب ان يتماشى، بقواعده الملزمة المُنَظِّمة للسلوك البشري، مع ما يطرأ في
المجتمع من تطورات، ويلبي نداء ما يستجد في الدولة من حاجات. وغني عن القول انَّ
من أخطر التطورات التي أصابت المجتمع ليس المجتمع المحلي او الوطني فحسب، بل
المجتمع الدولي بشكل عام، تلك المشكلات التي باتت تُهدد سلامة الانسان وسلامة الكوكب
الذي يعيش عليه... وهذه هي مهمة قانون البيئة أو كما يسمى أحياناً قانون حماية البيئة
أو القانون البيئي. والمشاكل البيئية لم تُحَل او تُثار في الحوار العام بين البلدان النامية
والبلدان المتقدمة النمو، وفيما بينها. ولكن يجب التشديد على انه نظراً للانشغال
بالمسائل الاقتصادية والمالية التي تبدو اكثر إلحاحاَ لم يحظَ البعد البيئي بالأولوية التي
يستحقها، ويمكن القول في الواقع بأنَّ الازمة الاقتصادية الحالية لن يتسنى التغلب عليها
بدون استنباط أنماط جديدة لاستخدام الموارد، تكون سليمة بيئياً واقل تبديداً. وفي هذا
السياق، يتعيين ايضاً ان تُوضع في الإعتبار طبيعة بعض القضايا البيئية في منظورها الزمني.
فالاهتمام بمسالة البيئة برز من خلال استحداث المؤسسات المختصة بشؤون البيئة(1). فعلى
الصعيد الدولي أحدثت منظمة الأمم المتحدة جهازاً خاصاً للبيئة تحت إسم برنامج الأمم
المتحدة للبيئة، وهذا البرنامج يُخطِّط ويُشرِف ويرعى أهم النشاطات الموجَّهة لحماية
البيئة في العالم, كما أحدثت الكثير من الدول أما وزارة أو هيئة حكومية أو وكالة رسمية
واحـدة إلى وضــع قواعـــد قانونيـة لمواجهــة الأخطــار البيئيــة ولقــد أولى المجتمــع
الدولـي إهتماماً بهـا ونبّـه إلى خطـورتَها وحـرَصَ على الوقايــة منها.
ونودُّ أن نشير هنا إلى أن القانون الدولي البيئي قد اهتم بمشكلات المجتمع الدولي المعاصر،
حيث أنَّه قانون متطور فلم يُعَد قاصراً في موضوعه على معالجة المسائل التقليدية لذلك المجتمع
مثل: السيادة، الإقليم، المعاهدات، التنظيم الدولي، التمثيل الدبلوماسي، الحرب والحياد
وغيرها ، ولكنه تفاعل مع المشكلات الجديدة التي تهّم الدول في وقتنا الراهن، والقانون
-----------------------------------------------------------------------------------
1-المادة01 من بروتوكول بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة، البروتوكول الثالث لاتفاقية حظر أو تقييد التي استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مُفرطة
الضرر أو عشوائية الأثر، الصادرة في 10-أكتوبر-1980.


لا يمكنه أن يغض الطرف عن البيئة والأخطار التي تُهددها، بل على العكس كان له
السبق في التنبيه إلى المشكلات البيئية. وتَمثَّل ذلك عندما دعت الجمعية العامة للأمم
المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي حول البيئة الانسانية من أجل إيقاف هبوط مستوى تلك البيئة،
ووضع القواعد القانونية للحفاظ عليها، ومكافحة مصادر تلوّثها والتعدي على مكوناتها
ومواردها الطبيعية. وقد إنعقد المؤتمر بالفعل في الفترة من 5 ـ 16 يونيو عام 1972 في
مدينة ستوكهولم العاصمة السويدية ، وانتهى إلى تَبنّي مجموعة من المباديء والتوصيات
. على درجة بالغة من الأهمية شكَّلَت اللَبِنة الأولى في بناء القانون الدولي البيئي
ان القانون البيئي هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية وقد نشأ القانون البيئي مع
التطور الإقتصادي والإجتماعي للبيئة عندما تزايد النشاط الإقتصادي في مجال الصناعة
والزراعة، حيث لم تَعُد المعالجة للبيئة القضائية للتعويض عن الأضرار لحالات
التعدي التي تقع على الأشخاص وممتلكاتهم كافية لمواكبة الآثار البيئية الملازمة لذلك التطور،
مما أوقع على عاتق السلطة التشريعية مهمة الموازنة بين المصالح الحضارية والمصالح
البيئية، وترجيح مصلحة البيئة على مصلحة الفرد الناتجة عن فكرة المنفعة ومن
ثم تحديد الأعمال المحظورة (1).

--------------------------------------------------------------------------------------
1 -عبد الر ازق مقري، مشكلات التنمية والبيئة والعلاقات الدولية، الدار
الخلدونية، 2008، ص258.
ود. محمود بركات، الاشعاع في حياتنا وأخطار تلوث البيئة، مجلة النيل، العدد-
السنة التاسعة، يوليو 1988 ،ص94.
ود. إبراهيم علي العيسوس، الإشعاعات الناتجة عبر المحيطات النووية، مجلة التنمية
والبيئة، يصدرها جهاز شؤون البيئة، العدد05, ص20-23.




المطلب الخامس
تأثير الثورة الصناعية على البيئة ومدى نجاعة المؤتمرات الدولية
منذ الثورة الصناعية والتطور التكنولوجي، يتزايد التلوث البيئي بشكل مضطرد، ما يؤثر سلباً على الكائنات الحيّة ومصادر الحياة. الأسباب معروفة وكذلك الحلول، ولكن
الدول الصناعية الكبرى تماطل وتؤجل تطبيق الحلول لأنها تقلّص من أرباحها.
ولم يعد تلوّث البيئة مشكلة محلية أو تقتصر على الدول الصناعية الكبرى، فقد باتت مشكلة عالميّة
بسبب تراكم تأثيراتها وتأجيل تنفيذ الحلول.
تلوث المياه
قرر مؤتمر هامبورج بشأن الحماية الجنائية للوسط الطبيعي المنعقد في سبتمبر من
عام 1979 أنه لا تَستَقيم الأمور بمحاولة الحماية الجنائية للبيئة علي المستوي القومي،
ولكن لا بد أن يتعدي ذلك إلى المستوى الدولي لمواجهة كل صور الإضرار بالبيئة.
والذي يمكن ان يُصيب بالضرر دولاً أُخرى غير التي مورس بها النشاط. وأوصي
المؤتمر على أنَّ جرائم البيئة التي تُسبب ضرراً بالغاً للحياة الطبيعية من الجرائم
الدولية وتُقدَّر لها العقوبات اللازمة، وتدخل ضمن إتفاقيات دولية لحماية البيئة إلى جانب
ضرورة إيجاد نوع من التعاون الدولي في هذا المجال يتمثل في تبادل المعلومات الهامة
ومحاولة حل أي تنازع في القوانين المُنَظِّمة لحماية البيئة، سواءً على مستوى
القضاء الوطني أو القضاء الدولي، وهذا يُعد اعترافاً صـريحاً بفشل مبدأ الإقليمـية وحده
في مواجهة جـرائم تلويث البيئة. وهو الأمر الذي يصبح معه الأخذ بمبدأ الإقليمية
وحده في صدد المصلحة المحمية في جرائم تلويث البيئة أمراً غير كافِ، بل ينبغي أن
تتكامل معه الاتفاقيات الدولية في مجال تسليم المجرمين ونقل المحكوم
عليهم واتفاقيات الاعتراف بالاحكام الجنائية الصادرة في دول أخرى.
لقد نَجَمَ عن الثورة الصناعية مشكلات التلوث بالمواد الكيميائية التي تُقذَف بالهواء
والماء والأرض، وما يحدث ذلك من تلويث لمأكل الإنسان ومشرَبهِ.

انّ آثار التهديد البيئي تجاوزت الحدود السياسية للدولة وقد ساهم التطور الكبير لوسائل
النقل والاتصال في ذلك حيث أنّ تسرُّب غاز من أحد المفاعلات النووية لدولة ما أو انتشار
فيروس مُعدِ، أو تلوث مياه البحر، أصبحت جميعها تُشكل تهديداً للبيئة الدولية كلها، ولأن
التلوّث أصبح مقترناً بالتقدم التكنولوجي. تبادلت الدول النامية والمتقدمة التُهَم حيث
حَمَّلت الدول المتقدمة الدول النامية المسؤولية عن تلويث البيئة واتهمت الدول النامية
الدول المُصنِّعة بالتنصل عن مسؤولياتها عن ذلك وطالبتها بتقديم المساعدات وفي هذا
الصدد عُقدت العديد من المؤتمرات الدولية أهمها مؤتمر ريو دي جانيرو، كما تم التوصل
إلى بروتوكول كيوتو ومؤتمر جوهانسبورغ ومؤتمر باريس عام 2015 . و تعني
المسؤولية المدنية التي وضعها الفقهاء لتغطية الأضرار الناتجة عن فعل الأشياء التي
تحتاج الى حراسة وحفظها الى عناية خاصة ، وقد تولى الفقه هذه النظرية بالكثير
من الدراسات الفقهية، وتطبيقاتها الهامة بالنسبة للأخطار البيئية فهناك من
العناصر الفلزية والكيميائية والأشياء الخَطِرة التي يتطلب حراستها عناية خاصة أو التي
تُسبب تلويث للبيئة الطبيعية بعناصرها المتعددة من هواء وماء (1) وتربة،
يُلزم المسؤول بتعويض المتضرر عن الأضرار الناتجة.
والقانون البيئي يرتبط بالبيئة التي تشمل الإنسان والعوامل المحيطة به من ماء وهواء
وجماد وكائنات حَيَّة مختلفة حيوانية أو مجهريه، والظروف الناشئة عن تفاعل الإنسان
مع هذه العوامل وما يربطها من العوامل الإقتصادية والإجتماعية .
وبهذا الوصف العام للبيئة فإن القانون البيئي, هو عبارة عن مجموعة القواعد
القانونية وقد نشأ مع التطور الإقتصادي والإجتماعي للبيئة عندما تزايد النشاط
الإقتصادي في مجال الصناعة والزراعة، حيث لم تَعُد المعالجة القضائية
للتعويض عن الأضرار لحالات التعدي التي تقع على الأشخاص وممتلكاتهم كافية لمواكبة
الآثار البيئية الملازمة لذلك التطور. والنشاط المحظور الذي يؤدي إلى الاخلال
بين مكونات البيئة، والآثار القانونية
-----------------------------------------------------------------------------------------
-1--طارق إبراهيم الدسوقي عطية، النظام القانوني لحماية البيئة في ضوء التشريعات
العربية والمقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية. 2014 ،ص22 .
المترتبة على هذا النشاط(1 ).
اهتمت الدول بالبيئة ووضعت لها قوانين وتشريعات مختلفة وهذا بعد الثورة التي أحدثتها
المؤتمرات الدولية المختلفة للبيئة منذ سنة 1972 مؤتمر استوكهولم للبيئة وما بعدها،
وذلك نتيجة التدهور الذي لحق بالبيئة في جميع أنواعها الهوائية والمائية واليابسة
(التربة)، بسبب التطور التكنولوجي والصناعي والاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية
دون مراعاة للبيئة، والنتائج التي نجمت عنها من أمراض مختلفة وتَغيّر في المناخ وتلوث
في المواد الأساسية للحياة ونقص في الغذاء مما أوجب على الدول والمجتمع الدولي بصفة
عامة اعطاء الأهمية الكبرى للبيئة. هذا الإهتمام بالبيئة من المجتمع الدولي وكذلك
أشخاص المجتمع الدولي بصفة عامة أدى بالأمم المتحدة إلى تنظيم المؤتمر الخاص بالبيئة
في البرازيل سنة 1992 والذي يسمى بمؤتمر الأرض، حيث حظره عدد كبير من ممثلي
الدول وعدد كبير من الشخصيات والمنظمات الدولية الخاصة الحكومية وغير
الحكومية، وإنبثق عن هذا المؤتمر عدة اتفاقيات لها اهتمام كبير بالبيئة ومشاكلها المختلفة،
تَغيّر المناخ وعدة اتفاقيات أخرى. ولقد اثبتت العديد من التجارب التنموية في العالم بأن
البُعد البيئي له الدور المحوري في رسم إستراتيجية التنمية، على اعتبار أن الإستراتيجية
التنموية التي تهتم بالأبعاد السياسية والإقتصادية والإجتماعية دون غيرها ,قد يترتب عنها
(2). نتائج وخيمة يكون لها الأثر الكبير في تهديد مستقبل الأجيال القادمة

------------------------------------------------------------------------------------------
- محمود جاسم نجم الراشدي، ضمانات تنفيذ اتفاقيات حماية البيئة ، دار الفكر -1
الجامعي, 2014 ,ص27.
2 -د محمد لبيب شنب، المسؤولية عن الأشياء غير الحية، دراسة مقارنة في
القانون المدني المصري والفرنسي، إطروحة دكتوراه، 1975 ،ص118.




ويقوم النظام البيئي بالعديد من العمليات المختلفة التي تهدف
إلى تخفيض آثار التلوّث عن طريق التقليل من تركيز هذه الملوِّثات، فقد يقوم أحياناً بتبديدها،
كتشتيت الدخان المُتصاعد بعيداً عن مصدره، أو اذابة بعضها في مياه النهر؛ لتخفيف
تركيزها، وتساهم عمليات الترسيب كترسيب المواد الصلبة في مجرى النهر، وعمليات التحليل
لبعض الملوِّثات إلى مواد بسيطة لا تتسبب بتلوّث البيئة بتقليل تركيز الملوِّثات في البيئة،
وبالتالي تقليل نسبة التلوث، ويُعرَف التركيز بأنّه حجم هذه الملوِّثات بالنسبة إلى الحجم الكلي
المعلوم من الهواء أو الماء، وعلى الرغم من قيام النظام البيئي بالعديد من العمليات التي من
شأنها تخفيض تركيز الملوِّثات، الّا أنّ بعضها يبقى في حالته دون تأثّره بهذه العمليّات،
ويُطلق عليه اسم الملوِّثات الثابتة(1).
تطرقت المادة (2) فقرة 11 من اتفاقية المجلس الأوربي لعام 1993 وكذلك قرار معهد القانون
الدولي الصادر في 4 أيلول عام 1997 بخصوص المسؤلية الدولية الناتجة عن نشاطات خطيرة
على البيئة إلى تعريف البيئة ، حيث عرَّف كل منهما البيئة بأنها ما تحتوي الأرض عليه من
مصادر طبيعية حيوية وغير حيوية ، خاصة الهواء والتربة والحيوان والنبات وتفاعلها فيما
بينها ، ويتضمن أيضاً خواصها ، وتم التأكيد على أن البيئة لا يمكن تعريفها بمعزل عن العناصر
التي تتكون منها ، وكذلك يمكن تعريف البيئة بأنها عبارة عن مجموع العناصر الضرورية للبيئة
الإنسانية ، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في الرأي الإستشاري المتعلق بمشروعية الأسلحة
النووية، حيث جاء أن البيئة ليست شيئاً مجرداً فهي المكان الذي يحيا فيه الإنسان ويتعلق بجودة
حياته وصحته ، ويتضمن أيضاً الأجيال القادمة(2).
--------------------------------------------------------------------------------------
1-14-4-2020-جلسة دراسة 7" التلوث: أنواعه ومصادره وخصائصه"- استرجاع – تم تحريره- www.open.edu
2-د. عمر محمود أعمر – دور المسؤولية الدولية في حماية البيئة من التلوث- كلية
الحقوق جامعة العلوم التطبيقية الخاصة- الاردن- ص300.



الاستنتاجات
انَّ الجريمة مرتبطة بالانسان وجوداً وعدما والانسان مرتبط بالمجتمع فاعلاً ومتأثراً به
والصلة وثيقة بين الجريمة والمجتمع فان العلاقة وطيدة بين تطور المجتمع الحضاري
والعلمى والتكنولوجى والجريمة ,حيث ان الجرائم المستحدثة مثل جرائم غسيل الاموال
والجريمة الالكترونية وجرائم تلويث البيئة جميعها استفاد المجرمون من التقنية الحديثة.
الجريمة قد لا يقتصر ضررها على أمن المجتمع وسلامته أو تعرّض
مصالِحهِ للخطر بل قد تُسَبب ضرراً للافراد سواءً كان هذا الضرر يتعلق بحياتهم او
مالهم او شرفهم ,وغير ذلك مما يدفع المتضرر من الجريمة للمطالبة
بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به وبالوسيلة التي يستطيع من خلالها
اخذ حقه.
القانون الجنائي يقوم على أسس في اطار العمل على حماية المصالح الاساسية للمجتمع
ولكي يتدخل المشرع بوضع قوانين وجزاءات معينة في نصوص قانونية ، ولكي يقرر
القاضي المسؤولية والعقاب على شخص معين ، لابد وأن يأتي هذا الشخص أفعالاً يقوم بها ,
عليه العقاب. الركن المادي للجريمة ، والتي على أساسها يمكن أن نوجه إليه الاتهام ونوقع
والتطور التكنولوجي والتقني في مجالات عدّة ونمو التجارة والاقتصاد
الدولي وتوسيع مناطق التبادل الحر، وفتح الأسواق العالمية أمام التجارة،اصبحت الجريمة
المنظمة من اخطر التهديدات التي تواجه المصالح العامة وسلامة أمن الأفراد والمجتمعات.
وأصبح المبدأ (لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون ) من المباديء التي اقرَّتها الدساتير كقاعدة
واصبح مبدأً دستورياً حين تبنته الولايات الـمتحدة الأمريكية.
الجرائم المستحدثة لا تختلف عن الجرائم العادیة من حیث كونها أفعالاً محظورة قانونًا، إلاّ
أنَّ الجرائم المستحدثة تختلف عن الجرائم العادیة من حیث كون السلوك الاجرامي لها
ناتج بعد تخطیط دقیق ومتأنِ ومستمر یتجاوز الحدود الدولیة في الكثیر من الأحیان.
لذلك انتبهت التشریعات الجزائیة إلى انّ الجرائم الحدیثة تختلف عن نظیرتها العادیة
فلجأت لتنظیم قانوني خاص يمتاز بعالمیة النص القانوني الذي یُنَظمه سواءً من حیث
التجریم أو المتابعة الجزائیة.
و بادرت مختلف الدول الى انشاء أجهزة من شأنها الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين
من خلال تحقيق التوازن بين حق المجتمع في حفظ أمنه وتحقيق صالحه العام، وبين حق
الفرد في صون حقَّه وحريتَه. ولعل جهاز الأمن العام يكون أول جهاز يتدخل لتوفير الأمن
للمواطنين ويسهر على راحتهم بغية تحقيق الأمن العام والسكينة العامة،لذلك نجد أنَّ
المجتمعات البشرية وعلى مر العصور، تحرص على وضع ضوابط تكفل حق الدولة
في الحفاظ على أمنها وتحقيق صالحها العام،من خلال منح رجال الأمن العام صلاحيات
تهدف إلى منع وقوع الجريمة وتقديم الفاعل إلى القضاء لردعه، مع مراعات قرينة البراءة
التي تُعتبر أصلاً في كل إنسان قبل إدانته بحكم قضائي بات.
تُحدَّد التهمة موضوع تَحريك الدعوى العمومية بورقة التكييف ، لتأتي بعدها مرحلة
التحقيق الابتدائي بعدها اما تُغلق الدعوى لعدم كفاية الأدلة او رفعها للمحكمة التي تضع
خلالها هيئة الحكم يدها على القضية للبت فيها وفق التكييف المُسطَّر من طرف مُثير الدعوى العمومية.
التكييف الخاطيء يكون أثره واضحاً في قانون أصول المحاكمات الجزائية من خلال المحكمة التي
تُحال اليها القضية استنادً للتقسيم الثلاثي للجرائم فتُحال جرائم الجنح الى محاكم الجنايات او
جرائم الجنايات الى محاكم الجنح مما يسبب تأخيراً وإرباكاً في سرعة حسم القضايا لكثرة النقض.
كما استنتجنا انه عندما يضع القاضي يده على الواقعة يقوم بما يُسمى بعملية ( التكييف القانوني)،
وهذه العملية هي عبارة عن دراسة هذه الواقعة من جميع وجوهها، وما رافقها من ظروف وملابسات
تتعلق بها، أو بالشخص، والبحث عن النص القانوني المنطبق عليها. ودراسة القاعدة الجنائية
هي بداية لكل دراسة منهجية للبنيان القانوني للجريمة، التي يُلزم على الباحث القانوني بصفة
عامة والقاضي الجنائي بصفة خاصة أن يتناولها حتى يقف على أركانها ومقوماتها، وذلك
بعد مطابقتها بالواقعة الإجرامية. و تَتَميز القاعدة الجنائية عن سائر القواعد القانونية، بأنها الوسيلة
التي يَفرض بها المشرِّع إرادته على أعضاء الجماعة، و يُحدد فيها أنواع السلوكيات المختلفة
التي يَعدّها وقد تبَيَّنَ الإختلاف الواضح والبيِّن بين مفهوم الوصف القانوني للجريمة والتكييـف
. . القانوني لها
وأحياناً يجد المشرع في بعض الحالات أن العقوبة التي رصدها للجريمة لا تتلائم مع ظروف
ارتكابها، سواءً ما تعلق منها بالجريمة ذاتها أو بمرتكبها، ويرى أن هذه الظروف تستدعي
اما تخفيف العقاب؛ واما تشديده، فينص على ذلك، وقد يكون التخفيف أو التشديد وجوبا
أي يلتزم القاضي به دون أن يكون له أي سلطة تقديرية في هذا الشأن، وقد يكون اختيارياً.
الجرائم المستحدثة لا یتصور فیها الخطأ أو الاهمال، فهي جرائم عمدیة یقترفها
الجاني أو الجناة مع عِلمِه او علمهم بكافة عناصرها التي تتكون منها الجریمة، فهي وقائع
تُرتَكَب في اطار من التنظیم والتخطیط والسریة باستعمال أحدث ما توصل إلیه البحث العلمي
الاساليب المستحدثة هي أساليب مُعقدة ومُبتكرة وتستند إلى التقنيات الحديثة، مثل جرائم
غسيل الأموال القذرة وجريمة الاحتيال الالكتروني وجرائم تلويث البيئة.
جرائم تقنية المعلومات تُعتبر من أكثر الجرائم التي تُثير مشاكل تتعلق بالإختصاص على
المستوى الدولي، وذلك بسبب الطبيعة الخاصة لهذا النوع من الجرائم التي تمتاز
بقدرتها على التحرّك في مجال فضائي واسع لا توقفه حدود الدول وسيادتها الاقليمية، حيث
. يُمكن لجريمة تقنية المعلومات أن تقع في مكان وتُنتج آثارها في مكان أو أماكن أخرى
لذلك فان اغلب الدول لجأت الى اصدار تشريعات بقصد مكافحة الاجرام المعلوماتي ومنها جرائم
غسيل الاموال عن طريق الانترنيت. والمجرم استغل معرفته بالتكنولوجيا للايقاع بالضحية واختار
ضحاياه بعناية شديدة .
غسيل الأموال يُقصد من وراءها إخفاء مصدر المال الإجرامي و ظهوره بمظهر
المال الناتج عن عمليات مشروعة. من العوامل والاسباب التي ادت الى استفحال وتنامي جريمة
غسيل الاموال ظاهرة العولمة وزيادة حجم التجارة الالكترونية والمعاملات المالية
السريعة والانفتاح الاقتصادي والتقدم التكنلوجي في مجال المعاملات والتحويلات المصرفية
والمعلومات والاتصالات وضعف النظام المصرفي والمعلوماتي وعدم وجود الانظمة القانونية الكفيلة
للحد من هذه الجريمة وضعف الرقابة على المصارف في ظل الانفتاح الاقتصادي.
الاموال المتحصلة من غسيل الاموال تُستخدم لافساد الجهازين الإداري والقضائي ,
فهذه الاموال ترفع معدّلات رشوة رجال انفاذ القانون والضبط الجنائي ورجال القضاء
والإجرام المنظّم، من ناحية تمويل الجماعات الإرهابية من الأموال المغسولة الكمارك
والموانى والمطارات اضافة الى ذلك حرية تحويل وصرف العملة
تؤثر عملية غسيل الأموال على السياسة الخارجية مع الدول الأخرى والمنظّمات الدولية
والإقليمية.غسيل الأموال قد يساعد على التعاون مع أجهزة المخابرات والتجسُّس.


امّا تلوّث البيئة فقد ظهر في أول الأمر في الدول الصناعية ,الاّ أنه في
وقتنا الراهن يُشكِّل خطراً يُهدِد كل دول العالم. مع وقوع الحوادث البيئية الجسيمة إلتفتت
الدول .الانتباه لخطورة التلوث البيئي وتشكيل الهيئات والمنظمات المعنية بشؤن البيئة
وتجريم التعديات الواقعة على البيئة ومن ثُم ظهرت طائفة جديدة من الجرائم في
القانون الجنائي عُرِفت بجرائم تلويث البيئة.
توفير بيئة يمكننا فيها تحقيق التنمية الإجتماعية والاقتصادية ، فليست كثيرة هذه المفردات
على البشرية امتلاك البلدان للثروات لا يكفي لتحقيق تكافل وتكامل
اجتماعي وإقتصادي وتنمية إقتصادية ، ولنأخذ تجربة الدول الأسكندنافية مثلاً مملكة
النرويج والمملكة الدنماركية ، وكيف عملت على استغلال ثرواتها على الوجه الصحيح في
رفاهية شعبها ,فتقدم الشعوب وازدهارها لا يكفي بامتلاك موارد طبيعية ، بل يأتي بامتلاك
مؤسسات علمية رصينة متقدمة تطرح استيراتيجيات وبرامج وأبحاث بما يدفع لابتكارات جديدة
تواكب التقدم والتطور التكنولوجي للأمم.
ولم يعد تلوّث البيئة مشكلة محلية أو تقتصر على الدول الصناعية الكبرى، فقد باتت
. مشكلة عالميّة بسبب تراكم تأثيراتها وتأجيل تنفيذ الحلول
وقد نَجَمَ عن الثورة الصناعية مشكلات التلوث بالمواد الكيميائية التي تُقذَف بالهواء
والماء والأرض، وما يحدث ذلك من تلويث لمأكل الإنسان ومشرَبهِ.










التوصيات
1-ضرورة الاسراع في تشريع قوانين لمكافحة الجرائم الالكترونية وجرائم غسيل الاموال
وجرائم تلويث البيئة مع عدم المساس بالحريات الشخصية و ان ينسجم القانون مع الدستور.
2-ينبغي ان يتم البدء بخطوات لحسن تطبيق القوانين الخاصة بالجرائم المستحدثة ومنها تنظيم
عمل مكاتب الانترنت وشركات الاتصال المسؤولة عن توفيرها. كذلك مراقبة مصدر
الاموال المستحصلة سواءً عبر الانترنيت او الحوالات المصرفية.
3-ان تكون هناك توعية قانونية بمخاطر استخدام الانترنت من قبل ضعاف النفوس
ومخاطر الاستخدام من قبل الاحداث.
-4-وبما ان الجرائم المستحدثة حديثة العهد وذات خطورة كبرى تتمثل في انها تهدد الامن
الوطني من خلال التجسس والاطلاع على المخططات العسكرية او الاطلاع على الخطط الامنية .
5-بما ان الجرائم الالكترونية تمس حرمة الحياة الخاصة للأفراد، وبإمكانها اثارة النعرات
الطائفية والدينية ونشر الاشاعات والافكار الارهابية، وخطورتها تكمن في طابعها العالمي
حيث انها تتجاوز المكان والزمان لأن الحواجز الجغرافية لا تمثل عوائق امام مرتكبيها،
اضافة الى صعوبة جمع الادلة التي تواجهها اجراءات التحقيق في هذه الجرائم لسهولة محوها
في وقت قياسي ,لذلك ينبغي تشريع قوانين صارمة للحد مهنا.
6-ضرورة تدريب المحققون في الجرائم الالكترونية حتى يستطيعون التعامل مع هذه الجرائم، لما تحتاجه من خبرة ومعرفة حتى يتمكن من يحقق في هذه الجريمة الوصول إلى الأدلة.
7-ظاهرة غسيل الأموال من الجرائم المرتبطة بالنظام المالي العام، وهي ظاهرة مستحدثة، لها
آثارها الخطيرة على مستوى الأفراد والمجتمعات والدول، وتشكل أحد الأخطار المهددة للنظام
القانوني، والاقتصادي، والمالي، والاجتماعي، والديني، والأخلاقي. ومن أجل ذلك جرَّمها القانون.
وقد قامت الهيئات الدولية بالعديد من الجهود التي تهدف إلى مجابهة غسيل الأموال، من خلال
ابرام العديد من الاتفاقيات والوثائق وبرامج العمل والندوات والمؤتمرات. وتنوّعت هذه الجهود
إلى جهود عالمية مختلفة؛ وجهود اقليمية ووطنية.
ظهور متخصّصين ومحترفين يبتكرون طرقاً وأساليب، ويتفنَّنون في إخفاء الأصل
غير المشروع للأموال.
اغلاق أبواب الكسب الحرام، كاجراءٍ وقائي احترازي. فلا تكون هناك أموال محرّمة، وبالتالي
لا تكون هناك حاجةٌ إلى ممارسة غسيل لهذه الأموال، وتبييضها .
8-ضرورة تطوير نظام المعلومات حول كافة المعاملات المصرفية التي تجاوز حداً معيناً
مع التبليغ عن العمليات المصرفية المشبوهة للسلطة النقدية لدعم دورها الرقابي ,في هذا الاطـار
مـع تغليب المصلحة العامة في مكافحة هذه الجريمة على المصلحة المتعلقة بالمحافظة علـى
الـسرِّية المصرفية للمشتبه فيه حفاظاً على كيان المجتمع من الأخطار المترتبة على تلك الجريمة.
8- نتمنى على التشريعات البيئية العربية ملاحظـة , الغرامات اليومية والنص عليها ، لما لها من أثر
ايجابي ملموس لأنها تحقق الردع ، كما أنهـا أكثـر عـدلاً لمراعاتها أصحاب الدخول الصغيرة.
9- مكونات البيئة متعددة ومتنوعـة، كمـا أنهـا تختلف حسب نظرة المشرع الجنـائي لهـا، ولهـذا
لاحظنا وجود جزاءات جنائية على انتهاكات بيئية في تشريع بيئي معين ، لم نجدها في
تشريع آخر بـسبب تباين النظم القانونية العربية بصدد حماية البيئة.




















المراجع
الكتب والمؤلفات القانونية
د. سرور أحمد فتحي ، الوسيط في قانون الإجراءات الجزائية، دار النهضة العربية،1993 .
الأمين سمير,مراقبة التيلفون والتسجيلات الصوتية والمرئية، الطبعة الثالثة -2000.
دار الكتاب الذهبي.
ألجداوي احمد حسين حسين ، سلطة المحكمة في تعديل و تغيير التھمة الجنائية،
دار الجامعة الجديدة، د.ط ، 2010 .
السنھوري عبد الرزاق ، الوجيز في شرح القانون المدني، د. ط ، منشورات
الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 1966 .
-عزمي عبد الفتاح، تسبيب الأحكام وأعمال القضاة في المواد المدنية والتجارية، 2016
مجلس النشر العلمي_لجنة التأليف والتعريب والنشر_جامعة الكويت.

السید یس، السیاسة الجنائیة المعاصرة، دراسة تحلیلیة لنظریة الدفاع الاجتماعي، دار
الفكر العربي، مصر, 1973 .
الدكتور حسني محمود نجيب قانون العقوبات – القسم العام -الطبعة الخامسة 1982,
دار المطبوعات الجامعية.
سيد كامل شريف, “الجريمة المنظمة المنظمة“، الدار العلمية و الدولية ودار الثقافة للنشر
,2000. والتوزيع – عمان، طبعة الأولى
-الدليمي مفید نایف ، غسيل الأموال في القانون الجنائي - دراسة مقارنة, دار
الثقافة والنشر والتوزيع, 2006 .
بغدادي مولاي ملياني بغدادي، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، الجزائر المؤسسة
الوطنية للكتاب،1992.
مصطفى يوسف،الحماية القانونية للمتهم في مرحلة التحقيق، الاجراءات الاولية السابقة على
. تحريك الدعوى الجزائية الغرض منها جمع الادلة, دار الكتب القانونية س،ن 2009
د.حربة سليم ابراهيم ,بغداد ,تاریخ النشر: 1988 جنائي, القانون رقم الكتاب: 11,2,,37 المكتبة المركزية .
د. السعدي واثبة ، قانون العقوبات – القسم الخاص، بغداد 1988.
-1989 د.الحديثي فخري ، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص،بغداد،
د. الحديثي فخري ، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص,1996 بغداد
د. الحديثي فخري ، شرح قانون العقوبات – القسم العام، بغداد –1992 .
الشوا محمد سامي: ثورة المعلومات وانعكاساتها على قانون العقوبات،دار
النهضة العربية،القاهرة ،1994،
-د.فريد رستم، هشام محمد ، قانون العقوبات ومخاطر تقنية المعلومات،
مكتبة الآلات الكاتبة، 1995.
. نبيه نسرين عبد الحميد ، مبدأ الشرعية والجوانب الإجرائية، الطبعة الأولى
. الناشر مكتبـة الوفـاء القانونيـة 2008
د. مصطفى محمد موسى – أساليب اجرامية بالتقنية الرقمية ومكافحتها – مطابع الشرطة
. للطباعة والنشر والتوزيع – الطبعة الاولى – 2003 –
حجازي عبدالفتاح بيومي: جريمة غسيل الاموال بين الوسائط الالكترونية ونصوص التشريع , القاهرة, 2007.
-باخوية دريس : جريمة غسيل الاموال ومكافحتها في القانون الجزائري ص ٥۸ دراسة مقارنة
الجزائر ۲۰۱۲ .
. حسين طه: -: غسيل الاموال ظاهرة من مظاهر الفساد الاداري , بغداد 2008.
غرايبة هشام ، التأثير الاقتصادي لعمليات غسل الأموال على المجتمع:
الحلقة العلمية (أساليب مكافحة غسيل الأموال عمان،2001. .
سلامة محمد عبدالله أبوبكر,الكيان القانوني لغسيل الأموال مع التعليق على نصوص
القانون رقم 80 لسنة 2002 بشأن مكافحة غسل الأموال في مصر . ,
د .الحديثي صلاح عبد الرحمن عبد ، النظام القانوني الدولي لحماية البيئة ,2010م
منشورات الحلبي الحقوقية – لبنان.
- الدسوقي طارق إبراهيم عطية، النظام القانوني لحماية البيئة في ضوء التشريعات العربية
والمقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية. 2014 .
2014. – الراشدي محمود جاسم نجم ، ضمانات تنفيذ اتفاقيات حماية البيئة ، دار الفكر الجامعي

مقري عبد الر ازق ، مشكلات التنمية والبيئة والعلاقات الدولية، الدار
الخلدونية، 2008.
مونتيسكيو (يناير 1689 - 10 فبراير 1755)، هو قاضِ ورجل أدب وفيلسوف
سياسي فرنسي.الفيلسوف مونتسكيو- من مؤلفاته,روح القوانين الجزء الاول -الكتاب
. السادس,الفصل12

البحوث
عبد الرحمن د. احمد شوقي ، مسؤولية المتبوع باعتباره حارساً، القانون المدنى - التعويض
بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والإقتصادية، جامعة المنصورة ، 1975.
-بوستة نور الدين: اشكالية التكييف القانوني في الميدان الزجري، أعمال محكمة الاستئناف
. بالرباط ، العدد 2 – 1997
عوض د.فاضل نصر الله: ضمانات المتهم امام سلطة الاستدلال واثناء
مباشرتها لاجراءات التحقيق ، المخولة لها كاستثناء في التشريع الكويتي ، دراسة
مقارنة ، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ،ع1+3، كلية الحقوق ,جامعة الاسكندرية, 1997,
العبودي عبد العلي: قضاء النقض و تقنياته، أشغال ندوة ” عمل المجلس الأعلى
والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، مطبعة الامنية ,الرباط، 1999.
جيلالي بغدادي، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الثاني، الطبعة الأولى،
الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2001 .
عيسى حسين عبد علي: الأسس النظرية لتكييف الجرائم ، مجلة الرافدين للحقوق
عدد 24 سنة2000 .
فوناني منير : صناعة النقض المدني- وسيلة النقض صياغتها و تعامل محكمة النقض
مع العريضة، مجلة القضاء و القانون، عدد161.
. الأستاذ البديري أحمد والأستاذة حوراء حيدر – مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية-
والسياسية – العدد الثاني – السنة السادسة ,
بركات د. محمود ، الإشعاع في حياتنا وأخطار تلوث البيئة، مجلة النيل، -
السنة التاسعة، يوليو 1988 ،ص94
د. إبراهيم علي ، الإشعاعات الناتجة عبر المحيطات النووية، مجلة التنمية العيسوس
والبيئة، يصدرها جهاز شؤون البيئة، العدد05,
د. عمر محمود– دور المسؤولية الدولية في حماية البيئة من التلوث- كلية أعمر
الحقوق جامعة العلوم التطبيقية الخاصة- الاردن. -
مجلة الحقوق، حلقة نقاشية (جرائم ذوي الياقات البيضاء) : 278، مجلس النشر
العلمي، جامعة الكويت، السنة (23)، سبتمبر 1999.



المراجع الاجنبية
51Johannes andanaes the general part of criminal
law of Norway London 1965.


الرسائل والاطاريح
علواني أمبارك، المسؤولية الدولية عن حماية البيئة, أطروحة مقدمة لنيل شهادة
دكتوراه العلوم في الحقوق,جامعة بيسكرة ,2016-2017.
-د محمد لبيب شنب، المسؤولية عن الأشياء غير الحية، دراسة مقارنة في
القانون المدني المصري والفرنسي، إطروحة دكتوراه، 1975 .





الاتفاقيات الدولية و القوانين
UNEP
مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة- الدورة السابعة والعشرون لمجلس الإدارة/المنتدى
البيئي الوزاري العالمي- نيروبي، 18- 22 شباط/فبراير 2013- البندان 4 (أ) و4 (و)
من جدول الأعمال المؤقت العدالة والحوكمة والقانون لتحقيق الإستدامة البيئية- تقرير
المدير التنفيذي .
• اتفاقية فينا لحماية طبقة الأوزون الموقعة في 1985/3/22
• اتفاقية ريودي جانيرو بشأن تغير المناخ في البرازيل عام 1992
• اتفاقية مكافحة التصحر باريس 1994
• بروتوكول كيوتو بشأن تغير المناخ في ديسمبر 1997
الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، التي تم التوقيع عليها
بتاريخ 4 نوفمبر1998 بروما.
المادة01 من بروتوكول بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة،
البروتوكول الثالث لاتفاقية حظر أو تقييد التي استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن
اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر، الصادرة في 10-أكتوبر-1980 .
إتفاقية المجلس الأوربي لعام1993.
قرار معهد القانون الدولي الصادر في 4 أيلول عام 1997 بخصوص المسئولية الدولية
الناتجة عن نشاطات خطيرة.
القوانين
قانون العقوبات العراقي رقم (111)لسنة 1969 المعدل
قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23لسنة 1971
قانون الإجراءات الجزائية القطري رقم ١٥ لسنة ١٩٧١) ،
قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي رقم ١٧ لسنة ١٩٦٠،
قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم 150,
قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم13,لسنة 1994.
قانون الــمسطرة الجنائية المغــــربي لـسنة ١٩٥٩
قانون أصول المحاكمات الجزائية البحريني لسنة ١٩٦٦ .
قـانون الإجـراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي رقم ١٧ لسنة ١٩٦٠
ايطاليا ضمنت قانون عقوباتها المادتان648 مكررا ثانيا التي اضيفت بالقانون رقم191في
18/5/1975 وعدلت بالقانون رقم 328في أغسطس1993 ,648 مكررا ثانيا ثالثا التي
اضيفت بالقانون رقم55لسنة1990 في19مارس سنة1990.
-النمسا بعد تصديقها على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات
والمؤثرات العقلية لسنة 1988عدلت قانون عقوباتها سنة1993بجعلها
بلجيكا يجرم القانون الصادر سنة 1990غسل الاموال كما ينص على مصادرة هذه الاموال
ويعتبر القانون البلجيكي حيازة الاموال والاشياء المحصلة من غسيل الاموال جريمة.
فرنسا اشار القانون رقم (90/614)في12يوليو1990بشأن مساهمة المؤسسات المالية في
مكافحة غسل الاموال
سويسرا دخلت جريمة غسل الاموال لاول مرة في قانون العقوبات وذلك بتعديله
سنة1990.وقد نص تعديل 3مارس سنة1990.
قانون مكافحة غسيل الاموال العراقي لسنة2004.
قانون حماية وتحسين البيئة العراقية رقم 27 لسنة2009.
قانون حماية وتحسين البيئة رقم (3) لسنة 1997.
قانون المرور العراقي رقم 48 لسنة 1971. .
قانون حماية البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994.
القانون المصري رقم 4 لسنة 1994 لحماية البيئة المعدل بالقانون رقم09 لسنة 2009
قانون أصول المحاكمات الجزائية 2013 الفرنسي/ الطبعة 54/2013 / دالوز -
المقالات
مقال الدكتور أحمد حسن الرشيدى , السياسة الدولية – العدد 154,أكتوبر 2000.



الجرائد
الاهرام العدد 1912 في 5/9/2001
جريدة الاتحاد 2013

احكام المحاكم
-قرار بتاريخ: 29/05/1984 ،رقم 27369 ،
-نقض ١٥ مايو سنة١٩٧٧ ،س٢٨ ،رقم (١٢٥) -ص591
نقض ٦/٢/١٩٦١م، مجموعة احكام النقض، السنة١٢ ،رقم (٢٦) -ص170
طعن جنائي ليبي رقم 01/11 ق ، جلسة 09/05/1964 ،
مجلة المحكمة العليا ، س 1 ، ع3.


الصورة من صفحة قناة الميادين الفضائية على الانترنيت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط