الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب بوتين ... وزيارة بايدن !!

أحمد فاروق عباس

2023 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


للأمريكان والبريطانيين باع طويل وتاريخ عريق في فنون الدعاية والتأثير والحرب النفسية ..
وقد درسوا هذه الأمور باستفاضة ، ويعرفون مواطن التأثير النفسى على الخصم جيدا ..
فبمجرد أن أعلن فى موسكو أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين سوف يلقى خطابا مهما يوم ٢١ فبراير ، بمناسبة مرور سنة على الحرب الروسية الأوكرانية حتى انطلقت ألة الدعاية الغربية تتحدث عن أن بوتين سوف يفجر مفاجأت عظمى في خطابه ، وأن العالم يحبس أنفاسه بإنتظار ما سيقوله قيصر الكرملين ..
وكان القصد - وهم يعرفون بوتين جيدا ، وأنه هادئ الأعصاب جدا ، وبارد في ردود أفعاله - أن يظهر خطابه والمتوقع أن يأتى استعراضا لما حدث خلال السنة الماضية عاديا ، ولم يأت بشئ جديد ، وهو بالتالى دليل - فى نظرهم ونظر ما يستمع إلى وسائل إعلامهم ويتأثر بها - على إفلاس بوتين وتراجعه وتخبطه !!
الأمر الآخر في قصة الحرب النفسية التي يشنها الغرب على روسيا ورئيسها ، بجوار حرب الدبابات والمدافع فى شوارع ومدن أوكرانيا هو ترتيب زيارة سريعة للرئيس الأمريكى - لم تكن مدرجة على جدول أعماله أصلا - إلى مسرح الحوادث .. كييف عاصمة أوكرانيا ، يوم ٢٠ فبراير ، وقبل خطاب بوتين بيوم واحد !!
ثم زيارة لبولندا التى يدار منها معظم المجهود الحربى الغربى الخاص بأوكرانيا ، وإلقاء بايدن خطاب فى عاصمتها في نفس يوم خطاب بوتين .. يوم ٢١ فبراير !!
والقصد من ذلك ألا يأخذ خطاب بوتين وكلامه الاهتمام اللائق به ، أو حيزا كبيرا في إعلام العالم أو ذاكرته ..
وأن يصبح هناك حدث آخر مواز له ، وله نفس الأهمية ، ويأخذ منه إهتمام العالم ، بحيث لا يترك كلام قيصر روسيا أثرا باقيا ، بعد أن يضيع في الزحام ..
أى أن تؤخذ منه اللقطة بلغة الكاميرا .. وهو ما حدث بالفعل !!
والأمريكان بارعون في ذلك ، وقد مارسوا تلك الفنون من زمن بعيد ..
وفيما يخصنا هنا فى مصر ، فقد كان الامريكان هم من طلب من الإخوان الذهاب إلى مقر الحرس الجمهوري فجر يوم ٢٧ يوليو ٢٠١٣ ..
كان الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقتها قد طلب من المصريين النزول يوم ٢٦ يوليو ، كرسالة للعالم أن ماحدث في مصر لم يكن انقلابا ، بل كانت تلك إرادة المصريين التى أنفذها الجيش المصري ، وليعطوه أمرا بمواجهة الإرهاب والعنف المحتمل من الإخوان ..
وقبلها كان الامريكان وسفيرتهم في القاهرة هم من طلب من خيرت الشاطر ومرشد الإخوان قبل يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أن تكون مظاهرات وتجمعات الإخوان واعتصامهم أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر ، وليس فى أي ميدان من ميادين القاهرة المعروفة والأكثر اتساعا ، مثل ميدان التحرير ، أو ميدان العباسية ، أو ميدان كوبرى القبة ، أو ميدان روكسى ، أو ميدان الكوربة أو المطرية ، أو ميدان مصطفى محمود ، أو ميدان الجيزة ... إلخ .
كان اختيار مسجد رابعة العدوية ، وهو ليس ميدانا ، بل تقاطع بين شارعين ، شارع الطيران وطريق النصر ، لأنه مجاور لوزارة الدفاع ، وملاصق لمبنى المخابرات الحربية !!
كانوا يعرفون - وكان الامريكان يعرفون قبلهم - أن موقف الجيش هو ما سيحسم الأمور في النهاية ، فأردوا تخويف الجيش وقائده ..
نرجع إلى فجر يوم ٢٧ يوليو ٢٠١٣ ..
كان عشرات الملايين قد خرجوا من بيوتهم ونزلوا إلى الشوارع ، تلبية لنداء وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، وكانت الحشود أكبر من يوم ٣٠ يونيو ذاته أو من يوم ٣ يوليو ..
وفوجئ الامريكان ...
كانت مظاهرات المصريين فى كل مدن وأنحاء مصر أكبر بأضعاف مضاعفة من تجمعات الإخوان ، والتى جمعها الإخوان من كل مصر ووضعوها عند مسجد رابعة العدوية ، أو تجمعات السلفيين في ميدان نهضة مصر فى الجيزة ..
وأتذكر يومها - وقد لاحظ ذلك الجميع - أن بعض القنوات الفضائية الدولية مثل CNN وقناة فرنسا ٢٤ قد كتبت على شاشتها التى التى يظهر فيها حشود المصريين الهائلة أمام القصر الجمهورى والمؤيدة للجيش بأنها لأنصار مرسى !!
وحاول صحفيون كثيرون الإتصال بمكاتب تلك القنوات فى القاهرة ، ولفت نظرها أن خطأ ما قد حدث ..
ولكن لم يكن الأمر خطأ غير مقصود .. بل كانت نية مقصودة !!
وبعد انتهاء ذلك اليوم المشهود ، وذهاب المتظاهرين إلى بيوتهم ، وعند الفجر ، أُمر الإخوان بالتحرك إلى القصر الجمهورى لتحرير مرسى كما قالوا ، ولم يكن مرسى بداخله بالطبع ، وهنا حدث ما يمكن توقعه .. اصطدام الإخوان بقوات الحرس الجمهوري التى تحمى القصر ..
وحدث ما سعى إليه من أمر الإخوان بالتحرك .. قتلى وجرحى من الإخوان أمام القصر الجمهورى ..
وفى صباح اليوم التالى لم يذكر الإعلام الدولى - الأمريكى والبريطاني والاوربى - والذى ينقل عنه باقى العالم للأسف شيئا عن مظاهرات المصريين العظيمة والهائلة بالأمس ، بل كانت " مذبحة الحرس الجمهوري " هى واجهة الشاشات فى كل أنحاء الدنيا ، وهى كل الأخبار الآتية من مصر ... ولا شئ غيرها !!
هى أساليب برع فيها الغرب بمكره الذى ليس له حدود ..
ولكن العزاء أن الصراعات - فى روسيا أو فى مصر أو فى غيرهما - لا تحددها أثر الصور أو أخبار الشاشات أو فنون الدعاية والحرب النفسية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع