الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطأ الاستراتيجي الفلسطيني في ادارة ملف مشروع القرار الأممي

محمد زهدي شاهين

2023 / 2 / 24
القضية الفلسطينية


هل تجهض الحامل جنينها؟ وهل يفشل صاحب الرؤيا رؤيته وتوجهه؟ بالتأكيد لا، وهذه هي الاجابة الصحيحة عن مثل هذه الاسئلة مجتمعة. لقد كانت خطوة التراجع عن طرح مشروع قرار ادانة الاستيطان في مجلس الأمن الدولي بمثابة خطأ استراتيجي قاتل اصابنا في مقتل، أعزوه الى خلل في كيفية ادارة المعركة من خلال عدم قراءة الموقف بشكل سليم.
عندما يتم تبني توجه سياسي معين، يقاتل حامل راية هذا التوجه على عدة جبهات، منها وفي مقدمتها اقناع جبهته الداخلية في توجهه، وهذا الأمر بالذات كان لا بد بأن يكون حاضرا في ذهن الساسة وصناع القرار كون الحالة الفلسطينية مشتتة ومنقسمة على ذاتها، بين مؤيد ومعارض للتوجه السياسي الفلسطيني الرسمي في كيفية ادارة الصراع، والتي تعتبر الجبهة الدولية أحد أركانها وجبهاتها الأساسية، وفي مقدمتها المعركة على جبهة القانون الدولي. بالتأكيد فالحالة الفلسطينية الرسمية بحاجة الى تعزيز ثقة الشارع الفلسطيني في توجهها وسلوكها النضالي. فهذا التراجع عمّق الأزمة الفلسطينية ، ومن جهة أخرى أخرج الإدارة الأمريكية من دائرة الحرج أمام العالم، كون حق النقض "الفيتو" الامريكي كان حاضراً لمنع قرار إدانة وشرعنة الاستيطان، وهذا التراجع بحد ذاته كان بمثابة طوق نجاة للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت ستتعرى تماما من قيمها جراء استخدامها حق النقض الفيتو من أجل إجهاض مشروع القرار الذي يدين ويجرم الاستيطان في أراض عربية محتلة باعتراف واقرار المجتمع الدولي.
قد تكون الدبلوماسية الفلسطينية تراجعت عن تقديم هذه الورقة الدبلوماسية والقانونية تحت الضغط الأمريكي والتلويح والتهديد باستخدام حق النقض الفيتو، ممّا حدى بالجانب الفلسطيني بقبول الحصول على بعض التعهدات والتطمينات الأمريكية التي تعتبر مصلحة فلسطينية عاجلة بإلزام اسرائيل بوقف اجراءاتها أحادية الجانب، كالاستيطان وهدم المنازل واقتحامات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، واقتحامات المسجد الأقصى وأعمال قتل واستباحة دماء الفلسطينيين.
ولكن الصواب كان في استمرارية تقديم المشروع حتى لو استخدمت أمريكا حق النقض الفيتو، فهذا كان سيزيد من ثقة الشارع الفلسطيني بصانع القرار الفلسطيني. وكان الفلسطينيون واحرار العالم سيصبون جام غضبهم على الادارة الامريكية وربيبتها، اللتين تخالفان الشرعية الدولية، لأن الاستيطان يعد انتهاكاً صارخا للقانون الدولي، الذي يعتبر جميع المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة غير شرعية، فنحن نقاتل هناك ولكننا ننتصر هنا.
في اقتحام مدينة نابلس وإراقة الدم الفلسطيني غدر الاحتلال بالجميع، وذهبت التفاهمات والتطمينات الامريكية أدراج الرياح، وكان هذا العدوان السافر على أبناء شعبنا بمثابة ضربة موجعة للكل الفلسطيني، ممّا زاد الطين بِلة، كونه أثر سلباً في متانة الجبهة الداخلية الفلسطينية وتماسكها، وأصاب شريحة واسعة منهم بالإحباط بسبب آداء المستوى السياسي، في حين كانت حالتنا الفلسطينية بأمس الحاجة لبناء جسور الثقة من جديد بين مكونات شعبنا الفلسطيني.
كان الحصول على قرار يدين شرعنة الاستيطان مطلبا فلسطينيا، وكان سيعد بمثابة انتصارا فعليا لقضايا شعبنا لو مرّ في حال لو تم تقديم مشروع القرار واخضاعه للتصويت، فاحتمالية امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت كانت واردة ولو بشكل ضئيل كما حصل عام 2016، ومن المحتمل أيضاً بأن الضغط الامريكي الهائل على الجانب الفلسطيني كان من باب المناورات السياسية.
لقد اصدر مجلس الأمن بعد تراجع وسحب وتأجيل الإمارات العربية المتحدة تقديم مشروع قرار الإدانة بيانا رسمياً مخففا، ندد فيه بخطة اسرائيل التوسع في المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومع هذا وذاك فقد قامت حكومة الاحتلال بالتنديد بهذا البيان معتبرة إياه بأنه أحادي الجانب، وبأنه ينكر الحق "التاريخي لليهود"، وهنا لا بد لنا من وقفة، فعن أيّ حق تاريخي يتحدثون والمستوطنات تقام على اراض الضفة الغربية؟ هذا اعتراف صريح بأنهم ما يزالون يحلمون بيهودا والسامرة. كيف لا وهذه الحكومة هي حكومة يمينية متطرفة تضم بن غفير الذي هدد بالوصول الى اسحق رابين بعد توقيعه لاتفاقية اوسلو، وقد وصلوا إليه بالفعل. انهم يسعون للتنصل من هذه الاتفاقية التي يعتبرها اليمينيون المتطرفون كارثة ولعنة حلت عليهم، وما يؤكد هذا الحديث هو ابرام ما يسمى بوثيقة التفاهمات بشأن تقسيم الصلاحيات بالأراضي الفلسطينية بين وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت ووزير المالية سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، وهذا يعد بمثابة تحد جديد وطارئ امام القيادة والشعب الفلسطيني والشرعية والقانون الدولي، فهي خطوة تشرعن ضم الضفة الغربية.
لهذه الاسباب مجتمعة يجب أن يبتعد الفلسطينيون عن لغة التخوين والتناحر والتنافس فيما بينهم، وعليهم رأب الصدع ومداوة الجرح والبحث عن القواسم المشتركة كون تناقضنا الرئيس والوحيد هو مع هذا الاحتلال فقط، الذي لا يعير انتباها لا للمجتمع الدولي ولا للقرارات والأعراف والمواثيق الدولية. وبممارساته تلك يقلص الخيارات امام الفلسطينيين، فماذا يجب علينا أن نفعل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال