الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يعني أن تكون كاتبا؟

حكمت الحاج

2023 / 2 / 24
الادب والفن


أن تكون كاتبا، يعني عندي أن تكون جزءا من العالم، وفردا ضمن الإنسانية، وأن تستعمل لتبرير وجودك هذا، إحدى أهم هبات الطبيعة، ألا وهي اللغة.
الكتابة هي اللغة، والنضال معها وضدها، من أجل التعبير عن نفسك وعن الفئة التي تنتمي إليها بشكل من الأشكال. ومع تنامي وعيك بالحياة وبالموجودات حولك، يتطور أسلوب تعاملك مع اللغة فتنتقل من اللغة المشتركة العمومية، إلى لغة خطابك الخاصة بك، فتبدا بتجميع مفردات قاموسك اللغوي، ما بين اللغة المحكية واللغة الراقية، لتتحول بعدها إلى مروض لهذه اللغة، وصانع ألعاب ماهر فيها، وسرعان ما سيتخذ خطابك اللغوي هذا منحى نحو جنس أدبي ما، قد تجد نفسك الأقرب إليه تعبيرا، فنراك بعدها شاعرا أو ناثرا أو كاتبا دراميا.
لقد اخترت من البداية أن اكتب الشعر وأتمرن في المسرح في عين الوقت، متأثرا بعبارة إغريقية، أو مأخوذة عن الإغريق، مفادها إن الشعر والمسرح صنوان.
وبينما أنا أخوض مغامرة الشعر وتاريخه وأشكاله وأعلامه، راسيا بشكل نهائي على قصيدة النثر دون غيرها من الأوعية الشعرية، كنت بدأت مسيرتي المسرحية ممثلا ضمن الكومبارس، وموضبا للديكور، ومساعدا للمخرج، ومعدا للنصوص، ومن ثم مخرجا لثلاث مسرحيات إبان حياتي الجامعية، ولكن بعد سنوات طويلة، وتقلبات في الحياة والمصير، رسوت على التأليف في الأدب المسرحي ضمن تيار اللامعقول أو مسرح العبث، تحديدا، وأنجزت في ذلك عدة مسرحيات نشرت في كتب، منها ما هو بالعربية الفصحى ومنها ما هو مكتوب بالعامية العراقية، ومنها المكتوب بالعامية التونسية، وقد تم تقديم بعض تلك النصوص على خشبات مسارح تونس وخارجها.
أنا الآن أعيش في السويد، بلد الشعر والمسرح، بلد غونار إيكولوف وتوماس ترانسترومر، بلد أوغست سترندبيرغ العظيم الذي أمضيت حياتي متتبعا خطاه مقلدا إبداعه في الرواية والدراما، لعلني ذات يوم أن اكتب عملا يشبه ولو قليلا مسرحية "ثلاثية الطريق إلى دمشق"، أو رواية "الغرفة الحمراء". ومن يدري، فلربما الأقدار هي التي قادتني، منصاعة إلى رغباتي الدفينة الغائرة تحت طبقات ذاتي، إلى أن ينتهي بي مطاف حياتي هنا، في هذه المدينة الجميلة التي تنام على كتف بحر البلطيق، فتذكرني كل يوم بساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يمتد حتى يقترب من شرفة بيتي في "سوسة" البهية، جوهرة الساحل، فأسمع كل فجر، تلاطم الأمواج تضرب كورنيش "بوجعفر" برفق، والنوارس ترقص للشمس تداعبها لكي تطلع من جديد.
-------------
* نص الكلمة التي ألقيتها يوم 21 فبراير أمام طلبة معهد تعليم السويدية لغير الناطقين بها، Sfi, بطلب من معلمتي الأستاذة ل.م. يوهانسون..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش


.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان




.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص