الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البغاء الصحفي من حوارنا مع الكاتب العراقي والصحافي الموسوعي كرم نعمة -الحلقة الثانية- – السوق المريضة - في بؤرة ضوء

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2023 / 2 / 25
مقابلات و حوارات


البغاء الصحفي من حوارنا مع الكاتب العراقي والصحافي الموسوعي كرم نعمة "الحلقة الثانية" – السوق المريضة - في بؤرة ضوء

" إن بغايا السياسة أوسخ صنف، وأوسخ منهم بغايا الصحافة"
- مظفر النواب

"نحن الصحافيين أدوات وتوابع الرجال الأغنياء الذين يديرون وسائل الإعلام وراء الكواليس. نحن دمى تقفز وترقص عندما يحرك الممولون الخيوط، مواهبنا وإمكانياتنا وحياتنا كلها ملك الآخر، نحن عاهرات فكر!"
- من خطاب الصحافي جون سوينتون الوداعي


س.2 في السوق المريضة أين يتركز وجود" البغاء الصحفي" من الطفيليين الذين يحجبون الرؤية ويطمسون الملامح الحقيقية، والقائمين على إجراء الصفقات الصغيرة أو الكبيرة ؟

- في متن كتابي "السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي" الممتد على أكثر من 600 صفحة لم أغفل هذا السؤال وبطرق مختلفة، ومن المفيد هنا أن أعيدك إلى تصريح عرضي للصحافي والناشط العمالي الأميركي جون سوينتون (1829 -1901)، يتم تداوله كلما بدت الحاجة إلى القول إن فكرة الصحافة المستقلة أقرب إلى الوهم. يجزم سوينتون أنه لا يوجد في تاريخ العالم ما يعرف بالصحافة المستقلة، ويخاطب الصحافيين بقوله: لا يوجد أحد منكم يجرؤ على كتابة آرائه النزيهة، وإذا فعلت ذلك، فأنت تعرف مسبقا أنه لن ينشر أبدا في الصحيفة التي تعمل فيها.
ويبسّط الأمر بطريقة أنانية بالقول “أتقاضى أجرا أسبوعيا للحفاظ على عدم كتابة رأيي الصادق في الصحيفة التي أعمل فيها. وتدفع إلى آخرين منكم رواتب مماثلة لأشياء مشابهة، وأي واحد منكم سيكون أحمق لدرجة أن يكتب آراء صادقة، لأنه سيتجول في الشوارع في اليوم اللاحق بحثا عن وظيفة أخرى”. ليصل جازما بالقول “إذا سمحت لوجهة نظري الصادقة بالظهور في قضية واحدة بما أكتبه بالصحيفة، فسوف تنتهي مهنتي قبل أربع وعشرين ساعة”.
ويغالي سوينتون باتهامه الصحافيين باعتبارهم مصدر تدمير الحقيقة، أنهم وفق تعبيره: الخاضعون والمستلقون على بطونهم، مصدر الانحراف والتشويه من أجل خبزهم اليومي، هكذا يتساءل: فأي جنون بعدها يدفعنا للتصديق بوجود صحافة مستقلة؟
تأملي، عزيزتي فاطمة، كلام الرجل المحسوب بجدارة على الصحافيين انطلق من أميركا الديمقراطية آنذاك وليس من ألمانيا النازية!
ويعترف في النهاية بقوله “نحن الصحافيين أدوات وتوابع الرجال الأغنياء الذين يديرون وسائل الإعلام وراء الكواليس. نحن دمى تقفز وترقص عندما يحرك الممولون الخيوط، مواهبنا وإمكانياتنا وحياتنا كلها ملك الآخر، نحن عاهرات فكر”!
هذا المثال التاريخي هو ما يبحث عنه سؤالك عن "البغاء الصحافي" لكنه في النهاية ليس المثال الملائم دائما في النظر الى الصحافة، فأين تكمن الحقيقة بغض النظر عن اقتباسات جون سوينتون التي مر عليها أكثر من قرن، عاشت فيها الصحافة مراحل القمع والمصادرة والخضوع والتحدي وتقديم خدمات مدفوعة الثمن وشاركت انتفاضات الشعوب كما تواطأت مع الحكومات بإخفاء الحقيقة.
علينا في كل الأحوال النظر إلى المنتج الحقيقي للصحافيين عندما يتعلق الأمر بالفساد وإساءة استخدام السلطة. ولا نكتفي بنشر اقتباس سوينتون، كي نسوغ لمن يريد أن تكون الصحافة بلا ضوابط لتتنازل عن حساسيتها. لا أحد يتجاهل ضغوط السلطة على الصحافة لكسرها أو على الأقل دفعها إلى الانحناء وتقديم فروض الولاء، لكن لا يمكن أيضا تجاهل تحدي الصحافة للسلطة ومقاومة ضغوطها لمنع كسرها. لذلك من المهم بالنسبة لنا كصحافيين أن نكون قادرين على تحديد وإعلان قيمنا وأهدافنا واستقلالنا.


انتظروا حلقتنا الثالثة من السوق المريضة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي