الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممنوع التصوير مع الحمير

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2023 / 2 / 25
كتابات ساخرة


في المرحلة الإبتدائية، وهبنا الله أستاذاً غريب الشكل والطبع، فهو أصلع، ويبدو من وجهه أنه ردحاً من الزمن في معركة داحس والغبراء. أما من ناحية الطباع، فهو مقطب الحاجبين لايبتسم للرغيف الساخن. يتلفت حوله وكأن جنياً يتخفى وراءه، ثم يشرد في نقطة غير مرئية لدقيقة أو دقيقتين. لاشك أنه مصاب بالسادية، لايمر درس إلا وينتقي طالباً أو إثنين من الكسالى وينزل بهم ضرباً لإتفه الأسباب بالمسطرة التي فصلها خصيصاً لهذا الغرض،. أظن أنه أخطأ وظيفته، فمن المفروض أن يكون ضابط تحقيق في سجن أو مركز إعتقال. بعد الضرب للأطفال المساكين، يجعلهم يقفون على رجل واحدة طوال الدرس. شخصية مريضة بكل المعايير النفسية، حاقد حتى على النمل. أحياناً، يمل ويتعب من الشرح، فيجلس على الكرسي ويلهث مثل حصان مصاب بالحمى، ثم يأمر أحد التلاميذ المتفوقين أن يقرأ من الكتاب على بقية التلاميذ الغير متفوقين.
إضافة لعقدة السادية في شخصيته، فهو جبان، لأنه أتى يوماً ودخل الصف وقد ازرق حول عينه اليمنى من لكمة نسائية، وجرح غائر في صلعته بضربة من كعب كندرة نسائية أيضاً. عرفنا فيما بعد أن زوجته هي التي فعلت به هذه الأفاعيل. ينظر في الساعة حتى تصبح الحادية عشر ثم يأمر بعض التلاميذ بأن يذهب إلى السمان ويشتري حليباً لزوجته التي تنام متأخرة وتستيقظ متأخرة.
خرج مرة عن سياق الدرس الذي مل ترديده وقال لنا مجتهداً في رأيه: "هل تعرفون أن الغرب يكره العرب، حتى عندما يأتون إلينا بغية السياحة، يكون نصفهم جواسيس والنصف الآخر ينقل لمجتمعاتهم الصليبية صورة خاطئة عن تخلفنا". صمت قليلاً ثم تابع: " عندما يتصورون هم وصغارهم مع الحمير في الأسواق يأخذون هذه الصور ويخبرون أقرانهم أن العرب مازالوا يركبون الجحاش ولذلك هذا يعطيهم السبب لأحتلالنا". وقد يجتهد تلميذ ويرفع أصبعه بأدب ليقول: " نعم أستاذ، أنا شاهدت أجنبي يتصور بجانب حمار في سوق الدواب".
إذاً، يأتي الأجانب إلينا يتجسسوا علينا ويتصورون مع الجحاش كي يوثقوا تخلفنا. هذه النظرة استمرت في معظم الدول العربية المحترمة. وهذا أحد الأسباب أن السياحة عندنا في الحضيض. لأن معظمنا غارق في نظرية المؤامرة. وربما تستغرب وتندهش، ماذا عندنا من أسرار عسكرية أو اقتصادية أو مواقف سياسية تهدد الغرب حتى تتجسس علينا الدول الأجنبية. فدولنا ظاهرة للعيان بكل تفاصيل التخلف والركود، ومعظم الأنظمة العربية هي تابع بشكل أو بآخر للألة الإقتصادية والسياسية الغربية والأمريكية.
ولوقف هذا العبث في التصوير مع الجحاش، أصدرت بعض الدول العربية أن التصوير ممنوع في الساحات العامة إلا بترخيص وبعد دفع مبلغ كي يسمح لأي مواطن أو أجنبي بالتصوير. ولاننسى أيضاً أنه مرت فترة محمومة في الولايات المتحدة حيث كانوا كلما شاهدوا أجنبياً أسمر يصور في الأسواق العامة يتصلون بالشرطة خوفاً أن يكون من جماعة القاعدة، يوثق كي يفجر في اليوم القادم. أستمر هذا لسنين ليست قليلة.
وعودة للأستاذ الذي يحقد على النمل، لاشك أن هذا الأستاذ هو نتاج ثقافتنا المريضة التي تفرخ مثل هذا السادي، لأنه ليس هناك رادع لنشاطه المريض ضد الأطفال، ناهيك أن فلسفة الضرب عندنا هي الحل الوحيد لتقويم الكائن الحي سواء كان هذا الكائن إنسان أو حيوان.
ولنا في جمعية حقوق الحيوان عبرة يا أولي الألباب.
شباط- 25-2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وممنوع أيضاً التصوير مع الجمال
سامي السمار ( 2023 / 2 / 25 - 19:09 )
مقال معبر عن تخلفنا العميق
الشكر للأستاذ خليل الشيخة


2 - هذه ثقافة الضرب التي يعيشها وطننا المتخلف
زاهد سلام ( 2023 / 2 / 26 - 13:52 )
كان عندنا استذ ابتدائي يتمرن بالضرب بالأطفال أيضاً
مقال معبر أستاذ خليل الشيخة


3 - مقال جميل
صباح كنجي ( 2023 / 2 / 26 - 20:05 )
مقال ساخر وجميل من حالة من الاف الحالات التي تشابه هذا الاستاذ في الوسط السياسي اما في الوسط الديني فيمكنك ان تكعب الرقم وهكذاهي الحال مع معشر الحمير المستخدمين للشبكة الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي ممن قرروا منح عقولهم اجازة من العمل ..


4 - الشكر لجميع من علق
خليل الشيخة ( 2023 / 2 / 26 - 21:44 )
أشكراً لكل من زاهد سلام وسامي سمار وأيضاً صباح كنجي
صدقت يا أستاذ صباح كنجي
خليل الشيخة

اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال