الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نعيش في حالة انغلاق عن العالم أم انفتاح ؟

أحمد فاروق عباس

2023 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لا يوجد عصر يبدو - فى الظاهر - أن مصر وشعبها منفتحة على العالم كله ومع ذلك هو - فى الواقع - أشد عصورها انغلاقا وبعدا عن العالم وتياراته من العصر الحالى ..
ربما لا يصدق الأمر على الاقتصاد ، فنحن منفتحون اقتصاديا على اغلب دول العالم ، وربما بصورة أقل فى السياسة ، فنحن منفتحون نسبيا على دول كثيرة حول العالم ، مع إعطاء أولوية للغرب لأسباب مفهومة تتعلق بقوته العالمية ..
أما باستثناء الاقتصاد ، وإلى حد ما السياسة ، فرأيي اننا نعيش أكثر عصور مصر الحديثة انغلاقا ..
لكن ما أقصده هنا ليس الاقتصاد ولا السياسة ، لكن قصدت الفن والأدب والترجمة والموسيقى والتبادل الثقافى والعلمي
هل يعقل مثلا أن فرقا موسيقية مثل البولشوى الروسية العريقة مثلا كانت تأتى إلى القاهرة أكثر من مرة فى الستينات ، ومثلها الفرق الموسيقية والغنائية الإيطالية والألمانية والإسبانية .. الخ ، أما الآن فلا !!
ففى الماضى - فى العصر الملكى أو فى بدايات العصر الجمهورى - كانت تأتى إلينا فرق الأوبرا والفرق السيمفونية من أكبر مسارح أوربا ، أما الآن فمنذ كم سنة - أو كم عقد - لم تأتى إلينا هذه الفرق ..
ومثلها الفرق الموسيقية من دول آسيا على اتساعها .. الصين والهند وفيتنام واليابان وتركيا ، أو من البرازيل والأرجنتين وباقى أمريكا اللاتينية ..
ومثل ذلك بالنسبة للسينما ، اننا انغلقنا عن العالم كله وانفتحنا - فقط - على أمريكا ، والى حد ما بريطانيا ، فالافلام فقط أمريكية ، والكتب فقط أمريكية ، والمسلسلات أمريكية ، وما نتابعه ونهتم به هو السياسة الأمريكية وبعدها البريطانية ، فهما فقط السياسة الدولية بالنسبة لنا ..
وبالنسبة للترجمة ، كم مثقف مصرى - وليس مصريا عاديا - يعرف شيئا عن البرازيل ، سياسة واقتصاد وأداب وفنون ( باستثناء اننا نستورد منها الفراخ في أوقات الأزمات )
، أو من يعرف شيئا عن الارجنتين- باستثناء ميسى - وعن باقى أمريكا الجنوبية ؟!!
كما كتاب ترجم عن البرازيل أو عن الأرجنتين أو شيلى وبيرو وأورجواى .. الخ .
هل قرأ المصريون شيئا عن الصين وبأقلام صينيين ، أو عن الهند بأقلام كتاب هنود ، أو عن روسيا بأقلام كتاب روس ؟!!
كل ما نقرأه ونترجمه كتب أمريكية وبريطانية وفرنسية تتحدث عن تلك الشعوب من منظور مصالحها هى - أمريكا وبريطانيا وفرنسا - وبعيونها هى ..
إن سينمات القاهرة لا تعرض سوى الأفلام الأمريكية ، ومكتبات القاهرة لا تعرض سوى الكتب المترجمة عن الانجليزية ، وعن سياسات الغرب أو أدابه أو اقتصاده أو مشاكله وهواجسه ..
ومسارح القاهرة لا تعرض من المسرحيات الأجنبية - اذا عرضت - سوى لشكسبير وابسن وبيراندلو .. وغيرهم من كتاب غرب أوروبا ..
وفى المرتين اللتين دخلت فيهما المسرح القومى فى القاهرة كانت واحدة منهما - عام ٢٠٠٥ - مسرحية الأشجار تموت واقفة للكاتب الاسباني اليخاندرو كاسونا ، ومثلتها سميحة ايوب وعبد الرحمن أبو زهرة ..
بينما كانت الثانية - فى نفس السنة - مسرحية ليالى الأزبكية ، عن نص للكاتب الإيطالي لويجى بيراندللو ، وكانت بطولة عمر الحريرى وأحمد زاهر وبثينة رشوان ، ومن حديث بعض الشباب حولنا كان من الواضح أن بثينة رشوان هى أكثر ما كان يعجبهم في كل عناصر المسرحية !!
أن العالم فى عقل الإنسان المصرى العادى معناه ما يحدث في أوربا وأمريكا فقط ، وكأن باقى دول العالم وقاراته وشعوبه كمية مهملة لا تستحق عناء الإهتمام والفهم والمتابعة ..
من عشرين سنة أقترح د أنور عبد الملك انشاء جامعة للشرق فى مصر ، تكون مهمتها عقد أواصر العلم والمعرفة والتقارب مع الصين واليابان والهند وفيتنام واندونيسيا وإيران وباقى آسيا الناهضة ، وعقد ندوات ومؤتمرات مشتركة مع جامعات الشرق الكبرى ، وترجمه الكتب المهمة - فى كل الشئون - من تلك البلدان وباقلام كتابها هى ..
ودراسة تجارب تلك البلدان التى يوشك أن تنتقل إليها السيادة العالمية فى الاقتصاد والسياسة والعلم ..
وأن يتخفف المصريين من المركزية الأوربية والأمريكية على عقولهم وعلى شئونهم وعلى حياتهم ..
ربما كان من الواجب على الثقافة والفن والأدب والترجمة أن تفتح الطريق أمام المصريين لفهم شعوب العالم فى آسيا وفى أمريكا اللاتينية وأفريقيا ، والتقارب مع تلك الشعوب ، استعدادا ليوم تكون السياسة المصرية قادرة ومستعدة للتحول بأنظارها إلى هذه القوى الجديدة فى العالم ..
وهى قوى لنا معها تاريخ مشترك ، ونظرة متقاربة للسياسة العالمية ..
وهى دول سنكون بينها - كما يقول المثل الشهير - من الأوائل فى قطيع الماشية ، ولسنا ذيولا فى قطيع الذئاب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح