الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروز والعلم والعراق

ثائر زكي الزعزوع

2006 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في لقاء أجراه الإعلامي المتميز نيشان مع الشاعر المصري الرائع أحمد فؤاد نجم، دعا نجم اللبنانيين إلى وضع صورة فيروز على علمهم وسط شجرة الأرز، فهي رمز عظيم، وكما عبر نجم وبلغته العاطفية التي يغلب عليها الانفعال فإن فيروز "حاجة كبيرة جداً" وهي رمز لكل اللبنانيين، وهو أيضاً دعا اللبنانيين ليحتضن أحدهم الآخر مسقطين تحت علمهم اللبناني الطائفية والمذهبية، التي صارت في الكثير من المفاصل خبراً رئيساً قبل لبنان.
منذ سنة تقريباً تنادى الكثير من المثقفين والمبدعين اللبنانيين والعرب إلى اعتبار عيد ميلاد فيروز في 21 تشرين الثاني من كل عام يوماً وطنياً، يُحتفل به كما عيد الاستقلال، وأي عيد آخر لأن فيروز رمز لبناني، تجتمع عليه الطوائف كلها، فلا يجد أحد نفسه مارونياً أو شيعياً أو سنياً في حضرة فيروز، ففيروز يعني لبنان كله، بطوائفه ومناطقه، من شماله إلى جنوبه وعلى مدى بقاعه الغربي وصولاً إلى عاليه، مروراً بالشياح، والضاحية الجنوبية، وصيدا وصور، وطرابلس، إذ تختلط في حضرتها الطوائف كلها، ويبقى صوتها اللبناني طاغياً على الجميع.
المعروف عن السيدة فيروز أنها كانت ولا زالت على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وهي لم توجع رأسها بالحديث في السياسة أو عنها، نائية بنفسها عما يحاك، ولم تنقد مثل سواها في اللعبة اللبنانية، فهي أكبر من أن تنجرف بسهولة، لذا فقد ظلت رمزاً، وأذكر أنها قالت مرة: غنائي هو رسالتي الوحيدة.
فهل يستجيب أصحاب القرار في لبنان وما أكثرهم لدعوة أحمد فؤاد نجم بوضع صورة فيروز على العلم، وقبلها دعوة المثقفين لاعتبار يوم ميلاد فيروز يوماً وطنياً، أم أن لهم حسابات أخرى بعيدة كل البعد عن لبنان؟
وإن كان العلم العراقي قبل فترة أثار اختلافاً وخلافاً، كونه، لا يعبر عن العراقيين كلهم، ولأنه كان علم نظام استباح دماء العراقيين على مدى سنوات حكمه، فإن الاختلاف لم يقد إلى اتفاق، علماً أن تصوراً للعلم اقترح من قبل مجلس الحكم الانتقالي أيام بريمر أثار استهجان العراقيين، كونه يشبه إلى حد كبير علم إسرائيل، وهو أيضاً لا يعبر عن الصورة الحقيقية للعراق وأهله، وإن صارت الفكرة واقعاً، خاصة وأنها شرط دستوري فإن البحث عن بديل للعلم الحالي لابد وأن تأخذ شكلها الواقعي في القريب من الأيام، فإن كان ذلك فليبحث العراقيون عن علم يكون رمزاً، ولا يأتي يوم يختلفون عليه، ويقررون فيه إزالته بزوال أسباب وجوده، ولا يعتبرونه عبئاً ثقيلاً وهم ينظرون إليه يرفرف فوق أسطح دوائرهم الرسمية، بل يحملونه اعتزازاً لا خوفاً ولا تحدياً.
هذه ليست قصة علم عراقي فحسب، وإنما قصة وطن عراقي بأسره، يراد له في الآتيات من الأيام أن تعمل المقصات تقطيعاً في أوصاله، حتى يصير عراقات، وساعتها لن يكون ثمة علم للعراق كله بل أعلام لكل عراق على حدة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا