الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أن تكون يسارياً

عايدة الجوهري

2023 / 2 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كلما جرت محاورتي حول كتابي "اليسار الماهية والدور"، تعززت قناعتي بأنّ تعريف المفاهيم وضبط معانيها ودلالاتها من أولويات المعرفة، وأنّ هذا التعريف هو الشرط الأولي لأي بناء نظري متماسك، وبالتالي تفتح لي إعادة التعريف أبواباً جديدة ومتنوعة للتحليل والنقاش، وهذا ما تمثّل في الحوار الذي أجراه معي الصحافي العراقي كه يلان محمد والذي نُشر في صحف ومواقع عدة، منها "الشارع المغاربي" و"القدس العربي":


يقولُ الفيلسوف الألماني هربت ماركوز بأنَّ كل ما حققهُ الإنسان على مرِ التاريخ من الإنجازات والاكتشافات يخسرُ قيمته ولن يكون إضافة إلى جوهر هذا الكائن المتفرد إذا غاب لدى الأخير حُلم العدالة. وفي الحقيقة إنّ ما يتطلعُ إليه اليسارُ الفكري هو تحويل هذا الحلم المُصاحب للحراكات الثورية والنهوض التنويري إلى مشروع نضالي قوامه الوعي بالواقع والعمل على اكتشاف النواميس الفاعلة في السياقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. حول مفهوم اليسار وما يمكنُ أن يقدمهُ هذا التيار الفكري في مرحلةٍ لايعلو فيه صوت على صوت النيوليبرالية وأتباعها المروجين لنهاية التاريخ، كان لنا حوار مع الباحثة اللبنانية "عايدة الجوهري" التي صدر لها كتاب "اليسار الماهية والدور" يتناولُ مضمونه نشأة اليسار وجذوره الفكرية ومنظوره المختلف لموقع الإنسان وقيمة العمل.
أجرى الحوار /كه يلان محمد

1-لماذا العودة إلى اليسار فيما يبدو بأن أدبياته لم تعدْ فاعلةً في المنابر العالمية؟

كيف لا نعود إلى مصطلح اليسار مفهومًا وموضوعًا للنضال، فالعودة إليه هي العودة إلى منظومة قيم أخلاقية واجتماعية واقتصادية، أصلية ومتأصّلة في النفس البشرية، فمطلب العدالة، الذي هو مطلب يساري جوهري، لصيقٌ بالعقل والوجدان البشريّين، ومنظومة المفاهيم والقيم اليسارية، مبنية أساسًا على أفكار التوازن والاعتراف، وعلى الحقائق العلمية، فالاعتراف بحق المنتجين بالثروة العامة، على سبيل المثال، مبنيّ على الحقيقة الموضوعية بأنّ هؤلاء أسهموا في إنتاج الخيرات المادية والرمزية، وبأنّ ثروات الآخرين وخيراتهم إنّما تعود جوهريًّا لجهود هؤلاء، كما أنّ التحليلات العلمية اليسارية لمآلات الحرية الرأسمالية المتفلّتة من عقالها، تُثبت يومًا بعد يوم صحتها. فلو نظرنا إلى التجارب العربية الاقتصادية الحديثة، القائمة على تحرير رؤوس الأموال والاستثمارات من كل الكوابح، وفتح الأسواق أمام السلع الأجنبية على حساب الإنتاج المحلي، لَوجدنا أنّ هذه السياسات أدت إلى تدمير القطاعات الإنتاجية المحلية، أو على الأقل إلى إضعافها، وإلى انتشار البطالة، والهجرة وتفاقم الغلاء، وانحسار التأمينات الاجتماعية حرصًا على مصالح الرأسماليين، ومضاعفة أرباحهم، ولنا في لبنان مثال صارخ على سوء هذه السياسات، وعدم صوابيتها، فالسياسات النيوليبرالية التي اعتُمدت منذ التسعينات، فضلاً عن سوء الإدارة والتخطيط، أدت إلى انهيار اقتصادي ومالي نقدي واجتماعي قلّ نظيره.
نحن نعيش عصرَ انحسار دور الدولة بصفتها الناظم الحيادي لحياة الناس، لصالح الرأسماليين والمتمولين، والمالكين والأوليغارشيين، ولصالح الطبقات السياسية الحاكمة وحلفائها، التي تُكيّف مؤسسات الدولة المتهالكة مع مصالحها، بحيث تحولت هذه الأخيرة إلى أداة مطواعة في يدها.
ففي لبنان، على سبيل المثال، تكاد تتحول الأجهزة القضائية والأمنية إلى أجهزة خاصة بالحكام، وإلى أدوات لخدمة مصالحهم ومراميهم ومخططاتهم.
إنّ استعمال مصطلح «يسار» كمنظومة مفاهيم ومقولات متجانسة مؤسّسة على مفهوم العدالة بالمطلق، وعلى مقولة العدالة الاجتماعية، كإحدى تجلياتها على وجه التخصيص، وعلى مبدأ المساواة الأولية بين البشر، وعلى تثمين العمل كنشاطية بشرية أساسية، تتقدم على رأس المال، وعلى فكرة وضع الاقتصاد في خدمة الإنسان وتفتّحه ورفاهيته، سيظلّ حاضرًا في الخطاب الفكري والتنظيري والبحثي، والسياسي والإعلامي، والنضال اليومي، ما دام الإنسان المعاصر واعيًا بذاته وكينونته، وحقوقه، وما دامت الحريات الرأسمالية، المنفلتة من عقالها، تعبث بالاقتصاد، والثروات الطبيعية، وبحاجات الإنسان وحقوقه، وبالدولة والقانون، والإعلام، والمؤسسات.
إنّ انفلات رأس المال، والذي يزداد عتوًا وهذيانًا، من عقاله، يكاد يهدم الإنجازات البشرية الأخلاقية والفكرية، والحقوقية، التي تحققت عبر التاريخ.
نعم تسيطر على المنابر العالمية الخطابات اليمينية، لا بل تشهد على صعود ساطع لليمين العنصري والفاشي في بعض أصقاع أوروبا، لأنّ الرأسماليين الكبار يسيطرون على وسائل الإعلام الجماهيري، وهم يروّجون لقيمهم، وقادرون على تضليل الرأي العام، والتعمية على الحقائق، وزرع الأوهام، فمن يستطيع التصدي الإعلامي لهذه الهجمة؟ تحتاج استعادة المنابر أو المشاركة فيها، وبالتالي المشاركة في أخذ القرار، إلى امتلاك منابر بديلة، غير تقليدية، وإشاعة خطاب بديل هو في الحقيقة، أقرب إلى العقل والمنطق والوجدان، والواقع.
فمن ذا الذي يستطيع التغاضي عن التفاوتات التي أنتجتها الحريات الرأسمالية النيوليبرالية، بين بلد وآخر، بين طبقة وأخرى، بين شخص وآخر، وعن الكوارث البيئية التي تسببت بها هذه الحريات، عن حجم الأضرار المجتمعية، البطالة، الهجرة، الفقر، ...
بأية حال نرى أنّ الصراع بين التيارات اليسارية واليمينية، لم ينتهِ، فإذا شهدنا صعودًا لليمين في بعض البلدان الأروبية من مثل إيطاليا والمجر والنمسا والسويد، الناجم عمومًا عن السياسات النيوليبرالية المتوحشة، نشهد في المقابل على صعود لليسار في بعض بلدان أميركا اللاتينية: إنّه صراع أزليّ بين النوازع البشرية المتضادة.

2-يُفهم مما يقدمُ في كتابك "اليسار الماهية والدور" بأنَّ ثنائية اليمين واليسار مُتجذرةُ في التربة الفلسفية هل من الضروري التعاطي مع المباحث الفكرية بناء هذا التصنيف المانوي؟

نعم، إنّ ثنائية اليمين واليسار متجذرة في التربة الفلسفية التاريخية كما برهنت عليه في كتابي، إذ إنّ منظومة المفاهيم اليسارية منبثقة من نظرة مختلفة للإنسان، نافية لعبوديته، وعجزه.
ينطلق الفكر اليساري من مقولات جوهرية قبلية، تمثّل نظرة هذا الفكر إلى الإنسان وعلاقته بنظرائه، وبالوجود، كما نشاطه وفاعليته، وأولى هذه المقولات هي وحدة الطبيعة البشرية، ووحدة القدرة على التفكير العقلاني والاستدلال المنطقي، ووحدة القدرة على الفهم والتعلم والتمييز، وهذه الوحدة تسوغ المطالبة بالمساواة أمام القوانين والحقوق والفرص، والحريات، ما يرتب بناء تنظيمات اجتماعية وسياسية متجانسة.
إنّ الفكر اليساري يسلّم بأنّ الإنسان قادر على تسيير مجتمعه، وأنّ المظاهر الأساسية للمجتمع ليست مقدرة من الطبيعة، وأنّ مصائر البشر الاجتماعية وحتى الشخصية، ليست قدرًا لا مناص منه، وأنّ الروابط السياسية ليست من الطبيعة، بل هي من نتاج براعة البشر، ويمكن إدخال تعديلات عليها، وهذا الرأي هو بمنزلة الركيزة التي استند إليها الفكر السياسي والاجتماعي الغربي. هي إذًا نظرة مختلفة، إلى الإنسان والوجود، وإلى دينامية المجتمع الذي يحيا فيه هذا الإنسان، وهذه المقولات هي مقولات تنويرية في صميمها.
كما أنّ الفكر اليساري ينطلق من نظرة مختلفة إلى مفهوم «العمل»، تجعل من هذا الأخير أساسًا، لكل إنتاج مادي أو رمزي، وأساسًا لكل استحقاق لا رأس المال فحسب، وينطلق أيضًا من نظرة مختلفة إلى الثروة وكيفية مراكمتها، لا تقتصر على الكد والسهر والتعب والذكاء، بل أيضًا وخصوصًا على قطاف جهود الآخرين، وازدراء حقوقهم.
والاقتناع بقدرة الإنسان على صناعة التاريخ، لم يأتِ من فراغ، بل تولّد من قناعات أكثر شمولية، انطلقت من وعي الإنسان بذاته وسيادته على نفسه، وعدم تسليمه بالقوى الغيبية، ولا بالمقولات الدينية المنافية لسنن الطبيعة، وإقراره بدور التقدم والعلم، وكلّها متغيرات حرّضت الإنسان على قلب المفاهيم القدرية السائدة.
في المقابل، تقوم فلسلفة «اليمين» على افتراضات غير قادرة للإثبات والتثبت، فيعتقد أرباب الفكر اليميني، وحماته، بالتفاوتات الأصلية الفطرية والتي تتسبب بالتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، منافحين عن التنظيمات والهيكليات الاقتصادية والاجتماعية السائدة، ويدعي أنصار أنظمة الحكم اليميني أنّ الطبيعة وإرادة التاريخ، والحظ والمصادفة، والقدر، وأحيانًا الآلهة، هي التي شاءت أن تكون الوضعيات على هذه الصورة.
وفي المقابل أيضًا، يجد الفكر اليميني ضالته في النظريات الزمنية أو الدينية، التي توزّع، باسم الطبيعة، الكفاءات والملكات والأقدار والمصادفات والحظوظ والثروات والمقامات، على البشر، وتنفي المؤثرات الاجتماعية والسياسية.
ومن أهل اليمين من يستغني عن النظريات الفلسفية، التي تعنى بالكائن والوجود، ويفكّر تفكيرًا اقتصاديًّا بحتًا، فيمجّد «حرية السوق» و«حرية الاستثمار» دون قيد ولا شرط، واعدين بالمنّ والسلوى والرخاء والازدهار.
ويرى أهل اليمين في الحريات الاقتصادية، حريات بديهية، لا نقاش فيها، ومنهم من يجمع بين الإيمان بالحريات الاقتصادية وإنكار الحريات السياسية والاجتماعية، في تناقض معبّر وبليغ، ومنهم من يتكيف مع الحريات السياسية المكرسة تاريخيًّا، والتي لا عودة عنها.

3 - تشيرين في المقدمة إلى أنَّ مرجعيتك في دراسة مفهوم اليسار هي تاريخ الفكر الأوروبي ماذا عن الحراك اليساري الذي شهده العالم العربي في النصف الثاني من القرن المنصرم ؟ هل كان مجرد انسياق مع الموجة العالمية؟

نعم، لتقصي جذور منظومة المفاهيم والمنطلقات التي شكلت فلسفة «اليسار»، أنا رجعت إلى الغرب الأوروبي، لأنّ هذه المنظومة من المفاهيم انبثقت وتبلورت في عصر التنوير الأوروبي، وفي وقت مبكر، ابتداءً من القرن السادس عشر، إذا أخذنا مضامين خطاب «الثورة الفلاحية الألمانية» (1524) معيارًا، وشاهدًا، ومن بعدها الثورة الإنكليزية (1640)، بصفتهما انعكاسًا لتطور الخطاب الفكري والفلسفي والحقوقي، الأوروبي، ذاك الخطاب، الذي لم يكف عن التطور حتى تبلور في نظرية متكاملة هي النظرية الماركسية.
بأية حال، نهل اليسار كحراك فكري فلسفي، ثم كحراك سياسي واقعي، مادته من عدة روافد وطروحات واستحقاقات، شهدها عصر التنوير، جعلت الإنسان المدرك يواجه، ويناضل، موقنًا أنّه يستطيع صناعة التاريخ.
نستطيع وبشكل موازٍ، إبراز دور الشرق في صياغة المفاهيم التنويرية، التي ارتكز إليها الفكر اليساري العالمي، ويُختزل عمومًا الحراك اليساري بالحراك السياسي، بأبي ذر الغفاري وثورة الزنج وثورة القرامطة وثورة «مزدك»، وأفترض أنّه إذا قاربنا تاريخ الشرق الفكري والفلسفي منذ ما قبل الميلاد حتى اليوم، لعثرنا على رؤى فلسفية تصب في الخطاب التنويري، بشقيه اليساري والعام. ولكن للأسف يتمّ عمومًا طمس البقع المضيئة في تاريخنا لصالح تلك الظلامية والراكدة، وهذا الشأن ينطبق في العصر الحديث على الإنتاج الفكري النهضوي، الذي وسم القرن التاسع عشر بأكمله وصولاً إلى بدايات القرن العشرين.
إنّ التنقيب في هذا التاريخ واجب علمي وفكري وأخلاقي وسياسي.
أما الحراك اليساري الذي شهده العالم العربي منذ منتصف القرن العشرين، وما زال، يخرج عن إطار دراستي، وإن كنت معنيةً به، وأتمنى الوقوع على دراسة تستخرج الإضافات النظرية والعملانية التي أتى بها هذا الحراك.
ثمة غليان فكري وسياسي شهدته هذه الحقبة، أتمنى أن يجري تحديد أوجه التجديد النظري فيها، كما أوجه المحاكاة والتقليد، والانسياق، علمًا أنّ الانسياق التام تسبب بضياع الفرص.
ولأول وهلة نستنتج أنّه انبثق من هذا الفكر، الحركات الناصرية والبعثية، وبعض التكوينات اليسارية الماركسية أو الاشتراكية، التي حاولت التمايز.
في المحصلة، نستطيع الافتراض بقوة، أنّ الإنسان، في الشرق أو الغرب، هجس بالحرية والعدالة والمساواة والتوازن، وأنّه عبّر عن هذه الهواجس كلما أتيح له، وأنّ سكوته عنها كانت مرتبطة بحجم القمع والكبح اللذين كان يتعرض لهما.

4-مارايك عن المساعي الرامية لرصد النواة اليسارية في الموروث الصوفي وبعض المذاهب الدينية؟

صدقًا، لم أطّلع على هذه المساعي، ولست ملمّةً بها، ولكنّي أفترض أنّ المذهب الصوفي الذي يقوم على المساواة الروحية والأنطولوجية بين البشر، والذي يهتمّ بمقام التربية والسلوك، ويعنى بتربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل والنوازع السيئة والشريرة، قد يلتقي مع مساعي اليساريين الصادقين والأقحاح في التأسيس لأخلاقيات بديلة عن الأخلاقيات الرأسمالية واليمينية.
إنّه الانتقال من البلاغة الدينية والكلامية إلى أرض الواقع والتعامل.

5-تصحيح ما ساد عن اليسار بأنَّه يهدف إلى تقويض المباديء الدينية جزء من أجندة الكتاب برأيك كيف يمكن التوافق بين ماتذهب إليه المعتقدات الدينية بأن مايعيشه المرءُ مقررُ مُسبقاً ومايقولهُ اليسار بأنَّ الإنسان يصنعُ تاريخه؟

إذا تأملنا منطلقات اليسار الأساسية وكوكبة المفاهيم التي يستند إليها الفكر اليساري، سنجد أنّها ليست متخصصة بتقويض الدين، ولا منكبة على تفكيكه وتفسيره، وقد تتقاطع بعض قيم الدين مع قيم اليسار، من مثل القول بالعدل والرحمة، وقيمه هي في الأصل قيم إنسانية انبثقت عن العهود العبودية، ولم تعد صالحةً لعصرنا وإنساننا.
والدين، كل دين، قابل للتأويل، وإعادة التأويل، والرفض والقبول، فإذا كانت غاية الدين خدمة الإنسان، يحق لهذا الإنسان، اليساري وغير اليساري، الذي يخدمه الدين، أن يعيد النظر في بعض المقولات أو التفسيرات، التي لم تعد تخدم الإنسان المعاصر، والتنظيمات والهيكليات المعاصرة، كما التي لم تعد تتوافق مع الإنجازات التي حققها هذا الإنسان.
هو شأن يتخطى الإيمان من عدمه، هو الإنسان الذي يُعمِل عقلَه في كل المعتقدات والقيم، ويُخضعها للمنطق السليم.
إنّ أدعياء التديّن والتفقّه، يصبحون هدفًا، إذا استغلوا الدين لتدعيم السلاطين والحكام، والأنظمة، لا إذا اهتموا بتحويل التعاليم الدينية إلى ممارسات يومية إيجابية، وإنسانوية.
أما لناحية أن تكون مقولة الإنسان صانع تاريخه على تضاد مع الطروحات الدينية، فأعتقد أنّنا على تماس مع مفارقة دينية لم تُحسَم بعد، فإذا كان الإنسان سيخضع للحساب والعقاب أو الثواب يومًا ما، فهو يُعَدّ مسؤولاً عن أفعاله، ويصنع تاريخه

6-من الأزمات التي يعاني منها واقع السياسي العربي حسب تشخيصك هو تبنى المصالح الفئوية والمذهبية وغياب المشروع الوطني لماذا لم ينجح اليسار بأن يكون استثناء في هذا المشهد؟

اليسار العربي يبدو لأول وهلة مربَك سياسيًّا ونظريًّا، ولم يتمكن منذ انهيار الاتحاد السوفياتي من ابتكار جهاز نظري، يستفاد منه محليًّا وعالميًّا، علمّا أنّي أقرأ بعض الدعوات الرصينة إلى إعادة النظر، التي قد تؤدي على الأمد القريب، أو البعيد، إلى مقاربات تولّد رؤَى، وأهدافًا، واستراتيجيات عمل وتنظيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل الحركات الناصرية والبعثية يسارية وبأي مقياس
د. لبيب سلطان ( 2023 / 2 / 26 - 06:02 )
سيدتي الكريمة
تشيرين في اجابتك على السؤال الثالث انه منذ منتصف القرن للعشرين برزت حركات يسارية مثل
التيارات الناصرية والبعثية فهل حقا تعتقدين انها يسارية ، ولماذا تعتقدين بذلك ؟ أي هل تكفي دعوة قومية لتصنف يسارا وما هي مقاييس ذلك
انك تجيبين جزئيا عنه في السؤال 2 ولكنه ملتبس في تاريخه ووضوحه، مالمقصود باليسار ؟
الجوانب النظرية والتاريخية تشير لبرجوازية المدن ومفكريها التي وقفت ضد اليمين المحافظ بشكليه الديني والاقطاعي ودعوته لمنع التمييز واقامة الديمقراطية وضد الاستبداد ، هكذا ولد هذا المصطلج تحديدا من الثورة الفرنسية ورفعته برجوازية المدن ومنه سيبقى هكذا اليسار الليبرالي الفكر للتحرر من الهيمنة واطلاق الحريات ومنع التمييز والنظم الديمقراطية
المدارس الايديولوجية يمكن ان تطرح نفسها يسارا ولكن لفترة فقط هي قبل وصولها للسلطة حيث بعدها يبدأ القمع والتمييز
هذا ماحدث مع الناصرية والبعث والنظم الماركسية في العالم، ومنه ادعائها باليسار هولفترة ماقبل الوثوب للسلطة، بعدها تتحول يمينا ..قمعيا فكريا وسلطويا ..فهو يسار ربيعي خلال فترة التحريض وليس يسارا ديمقراطيا حقا كما نشأ المصطلح


2 - 1ضرورة ضبط المفاهيم في مقاربة إشكالية اليسار
محمد بن زكري ( 2023 / 2 / 26 - 23:58 )
تحية طيبة للكاتبة السيدة د. عايدة الجوهري
في السبعينات الفائتة ، كان حاكم ليبيا العقيد معمر القذافي ، يرفع شعار ’’ اليسار الجديد ‘‘ ؛ مزايدا بذلك على الماركسية ، على اعتبار أنها - بزعمه - قد باتت نظرية بالية ورجعية و تقع على يمين ما سماها بـ ’’ النظرية العالمية الثالثة ‘‘ التي طرحها في (الكتاب الأخضر) كطريق لتحقيق الاشتراكية والعدالة الاجتماعية ، وكرر في خطاباته أن الماركسيين هم يمينيون ورجعيون مثلهم مثل الإخوان المسلمين !
والغريب (والمريب) أن نجد في العشرية الثالثة من القرن الواحد والعشرين ، من يسوّقون - على موقع الحوار المتمدن ’’ اليساريّ ‘‘ - لفكرة مماثلة ، مؤداها أن الليبرالية هي اليسار الحقيقي ، وأن اليسار الليبرالي (‘‘ يسار ’’ و ‘‘ ليبرالي ’’ معا وبذات الوقت !؟) هو مناط تحقيق الاشتراكية والعدالة الاجتماعية ! أما الماركسية فهي - على أحسن الافتراضات لديهم - مجرد حلم وردي ويوتوبيا معلقة في الفراغ ! فحسب منظورهم : عصر الايديولوجيات قد انتهى ، والليبرالية هي الحل ، والراسمالية هي الخيار الأمثل ، وديموقراطية السوق هي نهاية التاريخ . إلخ ، في مزيج من جيجيك وفوكوياما وهنتنغتون !


3 - ضرورة ضبط المفاهيم في مقاربة إشكالية اليسار 2
محمد بن زكري ( 2023 / 2 / 26 - 23:59 )
وإذ أتفق مع المحتوى العام للمقال ، أعود لأطرح هنا ما كنت قد أبديته بمكان آخر ؛ لأشدد على ضرورة ضبط المفاهيم ، تحديدا دقيقا لمدلولات المصطلحات ، وذلك درءً للشواش ، وسدا لثغرات خلط الأوراق .
ومن الأسئلة التي يطرحها واقع الصراع الاجتماعي والفرز الطبقي ، وطنيا وعالميا : ما المقصود بمصطلح (اليسار) ؟ ومن هو اليساري ؟ وما هي القوى الاجتماعية المؤهلة موضوعيا لحمل مشروع العدالة الاجتماعية وتبني هدف تحقيق الاشتراكية ؟ ؟ وبأي منظور تغييري ، وبأي منهج فكري ؟ وبأية أداة سياسية ؟
فدون الإجابة الواضحة على مثل هذه الأسئلة ، يظل الكلام عن (اليسار) والعدالة الاجتماعية والديموقراطية والحرية و(الاشتراكية) ، كلاما ملتبسا مائعا فضفاضا ، يحتمل الشيء ونقيضه ، الأمر الذي يتنافي مع منهجية التناول العلمي المضبوط أكاديميا ، ويتجاوز ذلك إلى الإضرار بحركة النضال الجماهيري من أجل قيام مجتمع العدالة الاجتماعية (بمنظور الاشتراكية العلمية) والرفاه والمساواة وحقوق الإنسان والديموقراطية .
والموضوع ليس ترفا فكريا ، بل أزعم أنه مسؤولية تاريخية ، للمثقف اليساريّ ، في مواجهة ما يطرحه الواقع من تحديات القوى اليمينية .

اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم