الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة.. بين الطفولة ومرحلة الشيخوخة

محمد علي حسين - البحرين

2023 / 2 / 26
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


بسبب ضعف الذاكرة نسيت توزيع مقال صديقي العزيز "بو بدر"، المنشور في الحوار المتمدن يوم أمس بين الأهل والأصدقاء. لكن أستغرب من أنني أتذكر ذكريات الطفولة في الأربعينات والخمسينات بوضوح!.

أعاني من عدة أمراض والمشاكل الصحية والنسيان في الشيخوخة. في عام 2010 أصبت بـ"طنين الأذن" المزعج في الأذن اليسرى الذي تسبب لي في فقدان نحو 90% من السمع في الأذن اليسرى. وقبل نحو 10 سنوات أصبت بتضخم البروستات، وثم التهاب والحكة الجلدية بسبب تناولي أقراص البروستات. لقد أكد لي أحد الكتاب البحرينيين وقال: "ألعن حبة البروستات "زاترال" التي تسببت لي الحكة الجلدية".

كما أعاني من التهاب العين بسبب انسداد القناة الدمعية، وانحراف الرموش (النمو العكسي داخل العين). وفقدان نحو 10 أسنان، وعودة مشاكل الجيوب الأنفية التي كنت أعاني منها قبل نحو 35 سنة، وكثرة البلغم.

لقد قال الشاعر الايراني "ايرج ميرزا" في أحد أشعاره قبل أكثر من 80 عام: "ماذا أقول.. الشيخوخ كلها بلغم وضراط".

ينسى الكثير من الناس أشياء صغيرة، مثل مكان مفتاح المنزل أو ما حدث بالضبط الأسبوع الماضي. ولكن إذا تكررت حالة النسيان بشكل دائم، أو إذا تضمنت أشياء بسيطة تحدث بشكل يومي، مثل عنوان المنزل أو أشياء من هذا القبيل، فيمكن أن تكون هذه الحالة من أعراض مرض الزهايمر.

فيديو.. النسيان وضعف الذاكرة وكيفية التغلب عليه..طرق مثبتة علميا
https://www.youtube.com/watch?v=iJtiaSEAXhE


آفة النسيان

النسيان قرين الإنسان في كل زمان ومكان. ولكنه في عصرنا هذا أصبح ظاهرة شائعة، حتى أنني أتذكر زميلاً لي رأيته قبل عدة سنوات يحك رأسه في ذهول وحيرة عجيبة وفي يده القلم. قلت له: ما لك يا عبد الستار؟ قال: آه! أيوه. عبد الستار، عبد الستار. ووقع على دفتر الشيكات الذي كان بيده. لقد نسي اسمه!

وليس في هذا من جديد، فكُتب الأدب تروي أن معلمنا أبا عثمان الجاحظ قال: نسيت كنيتي ثلاثة أيام حتى أتيت أهلي فقلت: «بم أكنى»؟ فقالوا: «بأبي عثمان!».
إذا كان هذا العالم الكبير قد نسي كنيته، فلم لا ينسى زميلي في الإذاعة البريطانية اسمه كما سجله في البنك؟!

ولكن يظهر أن ضغوط عالمنا المعاصر قد ضاعفت من آفة النسيان حتى أصبح حالة مَرضية تشغل المؤسسات الطبية والأمنية. وأخذت صوراً مرضية مختلفة، فهناك «الديمانشا» وتفرع منها «ألزهايمر»، وهذه علة فظيعة، فلا يعود الإنسان يتذكر من هو وما اسمه وأين بيته. يسبب ذلك كثيراً من المشاكل لأهله وجيرانه ورجال الأمن. يضطر أهله بناء على نصيحة الطبيب أن يضعوه في دار حجْر خاصة لا يُسمح بالخروج منها. وبالنسبة للموسرين يضطرون إلى استخدام معتنٍ Carer يسهر على رعايته، ويذكّره بوجبات طعامه، وتناول أدويته ويصحبه أينما ذهب.

ويظهر أن هؤلاء المصابين بـ«الديمانشا» قد تضاعفوا في عصرنا هذا. دربوا رجال الشرطة على اكتشافهم أينما يجدونهم فيقتادونهم إلى بيوتهم ويسلمونهم لذويهم. فالمعتاد فيهم أن ينسوا عنوانهم وأهلهم. كان أحد جيراني مبتلى بهذه العاهة. وكنت من باب العطف عليه أن أدعوه لتناول طعام أو شراب في بيتي. وقلّما تذكرني أو تذكر زوجتي، أو حتى زوجته. إنها مأساة حية تعيش بيننا.

لا أدري كم عانى منها الأقدمون. فالظاهر أنهم لم يجدوا فيها أي صفة مرضية. نعرف أنهم كثيراً ما وصفوا مثل هؤلاء القوم بأنهم مخرفون. يصفون العلة بالخرف، ويربطونها بكبر السن والشيخوخة. ولا ندري مما وردنا منها أي وصف دقيق عنها وما كانوا يعانون منها.

ذكروا أن القوم سألوا الأديب الكبير الأصمعي بعد أن شاخ وهرم: ما عمرك؟ أجابهم وقال: كنت شاباً مقتبلاً. فتزوجت. فولد لي أولاد وولد لأولادي أولاد، وأنا حي!
لكنه لم يستطع أن يتذكر عمره. واستطاع أن ينشد لهم هذين البيتين من الشعر:

إذا الرجال ولدت أولادها
واضطربت من كبر أعضاؤها
وجعلت أسقامها تعتادها
فهي زروع قد دنا حصادها

لم تمنعه شيخوخته من الاستشهاد بهذا الشعر الحكيم. فيصعب عليّ أن أقول ما إذا كان الأصمعي قد ابتلي بـ«الديمانشا».

أصبحت ظاهرة «الديمانشا» تكلف أهلها وحكوماتها مبالغ طائلة في الحفاظ عليهم أحياء ورعايتهم. ولا يجرؤ أحد أن يأخذ بقول الأصمعي قد دنا لها حصادها.

بقلم خالد القشطيني - صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ – الشرق الأوسط

فيديو.. أسباب النسيان و ضعف الذاكره وطرق العلاج - أ.د.عمرو حسن الحسني أستاذ المخ والأعصاب
https://www.youtube.com/watch?v=5xBVlwcGU9w








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مثلث -حماس- الأحمر المقلوب.. التصويت على قانون يحظره في البر


.. الجيش الإسرائيلي: عناصر من حركتي حماس والجهاد يستخدمون مقرا




.. زعيم الحوثيين يهدد باستهداف منشآت سعودية | #ملف_اليوم


.. حماس.. لماذا تراجعت الحركة عن بعض شروطها؟ | #رادار




.. قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مواقع عدة جنوبي لبنان | #الظهيرة