الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقذر اغتيال للديمقراطية في التاريخ

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 10 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


الديمقراطية هذا الحلم الذي عاشته الشعوب المقموعة بفعل أنظمة حاكمة متخلفة، جعلت من بلدانها مرتعا للهو تم بناؤه على خواء نفسي داخلي بالمعنى الشخصي وربما العائلي،خواء موروث من بيئة همها الجانب التعويضي لتاريخ كان ظالما، فحولته إلى عقد لدى هذا المسؤول أو ذاك بدلاً من حلحلته على أسس علمية اجتماعية حقوقية،هذه العقد التي شكلت الدافع الأساس في عملية الوعي وتطوره بدءاً من الأسرة والعائلة والقرية والمدينة نحو الوطن الجامع للفقر والغنى الذي يمكن معالجته بتحقيق العدالة ، هذا الوطن الذي تمت صياغته على ضوء المنفعة الشخصية، والأسرية، والعائلية، وربما الطائفية والقبلية والعشائرية كونها شكلت الحامي الوحيد في الوعي أو الواقع حسبما رأى أصحاب المشروع الثوري الطريقة المثلى لقيادة مجتمعها.
600.000ألف مواطن من شعبنا العراقي فارق الحياة منذ الاحتلال الأمريكي وحتى الآن، وذلك حسب التقارير الرسمية، بينما التقارير الميدانية تعلن أكثر من هذا العدد بكثير.
جزء كبير من هذا العدد تم قتلا،ً أما الباقي فكان بسبب افتقار المؤسسات الصحية العراقية للمواد الأساسية للخدمات الصحية.
مايدور في العراق ليس بين جيشين أحدهما يحمل لواء الديمقراطية والآخر يحمل لواء الاستبداد،بل بين العسكر القادمين من وراء البحار مع العسكر من داخل العراق الذين تم تجنيدهم لخدمة القادمين من جانب، وبين المجتمع العراقي ومقاومته من جانب آخر،المجتمع/الشعب/الذي يدفع الثمن ويموت يوميا دون ذنب،أما المقاومون فهم الذين يتبنون فكرة الدفاع عن الوطن والاستشهاد في سبيله، وهي ثقافة كل الشعوب التي ترفض الذل والاحتلال ديمقراطيا كان هذا الاحتلال أم استبداديا،وكل الضحايا اليومية المقتولة هم ممن كانوا يحلمون بالديمقراطية كطريق للخلاص من الاستبداد والديكتاتورية.
الديمقراطية في وعي الناس هي الحل الإنساني القائم على الحرية والعدالة والمساواة،لكن الأمريكيون شوّهوا هذا المفهوم ونفّروا الناس منه في العراق والعديد من البلدان الأخرى،وصار الناس يبحثون عن حل آخر يُحقق لهم تطلعاتهم نحو الخلاص من الاستبداد، فاختلطت المفاهيم في وعيهم بين رفض ديمقراطية القتل غير المحدود، وقبول الاستبداد ذو القتل المحدود المُقاس على ديمقراطية الموت اليومي، صار الناس يبحثون عن مشروع خلاص آخر بعد تجربة الديمقراطية الوافدة التي قتلت من الشعب العراقي الكثير الكثير،وتمضي الآن باتجاه التقسيم الجغرافي الطائفي،وكان هذا التحول الذهني للمواطن الحالم بالديمقراطية نتيجة طبيعية لأقذر اغتيال للديمقراطية فعله الأمريكيون في تاريخ هذا المفهوم.
هل يستطيع دعاة الديمقراطية الدعوة لها مُجددا بعد أن صار الناس يرفضونها نتيجة ما يحدث في العراق؟هل يُصدّق أحد أن مليون عراقي قُتل حتى الآن باسم الديمقراطية وما من سبيل على الإطلاق لانتصارها، بل الأكثر شناعة وبشاعة أن العراق اليوم أصبح ميدانيا بمواجهة التقسيم المناطقي الطائفي.
نحن نؤمن أنه لاخيارأمام بلداننا غير الخيار الديمقراطي،لكن أي خيار؟هل الخيار الديمقراطي الوافد،أم الخيار الديمقراطي المولود من رحم مجتمعنا وثقافتنا بعد نقدها،ومن وعينا بعد تطويره من الانغلاق والتحزب والأصولية الدينية والسياسية نحو المواطنة والسيادة الفردية والمجتمعية.
ليس للأمريكان مصلحة بقيام ديمقراطية تخدم شعوب منطقتنا المحتاجة للحرية بكل معانيها،لأن في ذلك يقظة لهذه الشعوب، فالأمريكان يتعاملوا مع منطقتنا على أساس المداليل التاريخية البعيدة والقريبة كبنية ثقافية، وكإمكانات اقتصادية فرضتها الاكتشافات النفطية في القرن الماضي،لذلك تُعتبر عملية تشويه الديمقراطية التي مورست في العراق ليست خطأً في الحسابات، بل عملية مدروسة بدقة، الغاية منها ضرب كل المشاريع الثقافية والسياسية التي يمكن لها أن تنهض بمنطقتنا وتطورها، وما الشكل الهمجي الذي مورس على لبنان في حرب ال33يوم إلاّ دليلا قاطعا على ذلك.
أمريكا ضد الأنظمة الاستبدادية التي لم توقع مع اسرائيل،وضد الديمقراطية التي تخدم شعوب المنطقة،فهي بهذا تسعى لإفشال الاستبداد والديمقراطية في آن معاً،وتكون بذلك قد حققت توازن الضعف الذي يُبقي المنطقة متعلقة بملهاة التوازن، ومثال على ذلك ما يحدث في لبنان من تجاذبات وصراعات تُبقي لبنان على هذا الحال حتى يشاء الله، ولاتتم خدمة المواطن اللبناني من قبل الدولة اللبنانية بشيء من حل لأزماته المتعددة، التي تأخذ البلد باتجاهات غير واضحة، بل وضوحها أنها ضبابية بامتياز،ومن هذا الضباب ينبت المجهول ذو السمة السلبية التي لاأتمناها لشعبنا اللبناني.
موهوم كل من يُفكّر للحظة أن الغرب يساعد شعوب المنطقة للتخلص من أنظمة الاستبداد،والشعوب التي تستعين بالغرب لتحقيق هذا الخلاص ستدفع ثمنا إمّا على الطريقة العراقية/الموت اليومي/، أو على الطريقة اللبنانية/نوم المشاريع/، لكن هناك حل ثالث لابد منه لحل هذه الإشكاليات، هذا الحل يرتبط بعمق كبيربخيار الشعب الذي تقوده نخب/إن وُجدت/ تتوفر على المصداقية الأخلاقية والمعرفية والمسلكية، وعلى فضاء الوعي الوطني لديها،ومتحررة من العديد من العقد الصغيرة والكبيرة التي تشكل عائقا أمام تقدمها بالمعنى الاجتماعي والفكري والسياسي، وهذا مرهون بوعي هذه النخبة/والناس حاملي مشروع النهضة/ لهذه المهام السلمية الحضارية........فهل ستوجد هذه النخبة..أو هل هي حاضرة ومُستعدة وتمتلك المقومات النظرية والعملية لقيادة مجتمعها؟؟؟...الواقع سيقول كلمته بعفويته وعذريته وبراءته ولايخجل من تحليل كل ماهو قائم بكل معانيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا