الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتح بين كونها حزب سلطة وحركة تحرر (2 من2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2023 / 2 / 27
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


ذكرنا في الحلقة السابقة أن التناقض المحتدم في حركة فتح وإلى حد ما في باقي فصائل منظمة التحرير، هو بين كون حركة فتح نشأت كحركة تحرر وطني مهمتها الرئيسية ومصدر شعبيتها هو النضال ضد الاحتلال، وبين كونها حزبا حاكما، اي حزب سلطة يوزع المنافع والمغانم على قياداته وأعضائه، ويبرز هذا التناقض ويشتد في المحطات المفصلية كما خلال الانتفاضة الثانية، وكما هي الحال الآن مع انسداد الآفاق أمام اي عملية سياسية وعودة المقاومة بأشكال وتشكيلات جديدة أبرزها مجموعة "عرين الأسود".
لم يتوقف الامر عند القيود الرسمية التي كبّلت قيادة السلطة وفتح والمنظمة، بل تطور الأمر بسلسلة من الخطط والبرامج التي حملت عناوين "الإصلاح" والتي فرضت كشروط على السلطة الفلسطينية في أواخر عهد الانتفاضة الثانية، وتعددت وتدرجت من خطة خارطة الطريق وخطة ميتشيل وخطة زيني وتوّجت بخطة دايتون التي هدفت إلى إعادة صياغة دور السلطة والأجهزة الأمنية، بما يشمل إعادة هيكلتها وتجديد عقيدتها الأمنية، وإخضاع الصفوف العليا من ملاكاتها إلى دورات مكثفة داخل الوطن وخارجه، بما ساهم في تغيير دماء هذه الأجهزة لخدمة الدور المنوط بها والقائم على الالتزام المطلق ب"المؤسسة" وقراراتها وتوجيهاتها.
برامج الإصلاح والتطويع

سوف يبقى التناقض بين طابع "التحرر الوطني" والطابع السلطوي الوظيفي مرافقا لمسيرة حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح) ومعها باقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعموم أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية، لما لهذا التناقض من أثر على العلاقات الوطنية الداخلية والجهود المبذولة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، كما اثره على قضية تجديد شرعية المؤسسات وإجراء الانتخابات العامة، وكذلك على العلاقة بدولة الاحتلال التي لم تعد تكتفي بما أنجزته من خلال اتفاق اوسلو باحتواء الحركة الوطنية الفلسطينية وتحييد جزء رئيسي منها، ولكن دولة الاحتلال باتت الآن، مستفيدة من الظروف الدولية والإقليمية والمحلية المواتية، تطمح إلى حسم صراعها مع الفلسطينيين وإنهائه على قاعدة إخضاع الفلسطينيينن والضغط على السلطة لتحويلها إلى أداة وظيفية تخدم الاحتلال على عدة صعد هي : إعفاء الاحتلال من عبء التعامل مع ملايين الفلسطينيين، الدور الأمني المكمل والمنسجم مع ادوار أجهزة الاحتلال، وإيهام العالم بوجود عملية سياسية مان صحيح أنها متعثرة ومجمدة، ولكن يمكن استئنافها في حال وفاء الفلسطينيين بما هو مطلوب منهم من شروط، وفي حال رفض السلطة قبول هذا الدور المرذول والمرفوض وطنيا، فإن دولة الاحتلال تواصل ضغطها على هذه السلطة دون ان تبالي حتى بإمكانية انهيارها كما يصرح بذلك عدد من قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
كلفة الخيار البديل
من البديهي القول ان قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح لا يمكن لها أن ترتضي هذا الدور المناقض لمبررات وجود الحركة أصلا، لكنها ما زالت مترددة في اعتماد خيارات وسيناريوهات بديلة تنقذها من هذا المصير المرفوض شعبيا ووطنيا، كما برز في تلكؤها وتسويفها في تطبيق قرارات الدورة 23 للمجلس الوطني الفلسطيني في نيسان /أيار 2018، وقرارات المجلس المركزي، وهذا التردد مرده إلى استمرار وجود اوهام وآمال معلقة بإمكانية قيام المجتمع الدولي والغرب بشكل خاص بالضغط على إسرائيل لإلزامها باحترام الاتفاقيات وتبني حل الدولتين، ومع تبخر هذه الآمال وتضاؤلها يوما بعد يوم تقف المصالح والحسابات الفئوية خلف تمنع القيادة عن اعتماد خيارات بديلة لن هذه الخيارات كلفتها باهظة ومكلفة وتتمثل في الانصياع لراي الشعب وصندوق الاقتراع من جهة، وقبول شروط الشراكة الوطنية بكل ما يترتب عليها من مساس بالمصالح والامتيازات والحد من كل اشكال الاستفراد.
استمرار هذا التناقض في سلوك وشعارات حركة فتح والمنظمة يعني توليد أزمات دورية نتاج تحديات الواقع ومزاج قواعد الحركة التنظيمية والجماهيرية الرافض للاحتلال وممارساته. وبالتالي، وكما حصل عشية الانتخابات التي كانت مقررة في ايار 2021 من المتوقع أن تشهد الحركة مزيدا من الانقسامات والأزمات الداخلية عند كل منعطف، خصوصا مع تعطيل انعقاد المؤتمر، ليس بالضرورة أن تخرج اجنحة وتيارات من الحركة، بل يمكن ان يتمثل ذلك بانكفاء قطاعات واسعة من كوادر الحركة، وأزمات دورية مع أطرها الجماهيرية (النقابات المهنية مثلا)، أما القيادة الرسمية للحركة فهي تواصل تقطيع الوقت، وقد وجدت لها في السنوات الخيرة صيغة مؤقتة للحل من خلال مواصلة الانتقاد اللفظي لسياسات الاحتلال وممارساته وإدانتها وشجبها والتلويح باللجوء للمؤسسات الدولية، ولكن عمليا الامتناع عن كل ما من شأنه تحطيم قواعد اللعبة، وبالتالي التعايش عمليا إلى درجة التكيف مع مخططات الاحتلال بانتظار ما سياتي به القدر!
*عضو المجلس الوطني الفلسطيني، كاتب مختص في الشؤون الإسرائيلية وقضايا الصراع الفسطيني الإسرائيلي، ومدير مركز المسار للدراسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز