الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-أفرقة- تونس و مصر…و..؟؟!!..

اكرم هواس

2023 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في الوقت الذي ضربت الزلازل مناطق شاسعة من جنوب تركيا و شمال غرب سوريا … قتلت الالاف و شردت مئات الالاف و تركت تاثيراً رهيباً من اللا استقرار في حياة الملايين و عبئاً اقتصاديا هائلاً يضاف الى اعباء وباء الكورونا و الازمة الاوكرانية التي تلعب فيها تركيا دوراً مهماً قد يؤدي الى انشطار البلد سياسيا في مرحلة ليست بعيدة .. (موضوع اخر سنتابعه لاحقاً)

قوة الزلزال الهائلة اعادت فكرة قديمة عن احتمال انفلاق القارة الافريقية الى قارتين في مرحلة تاريخية مقبلة … لكن الاهم انه ظهرت في هذه اللحظة التاريخية القلقة ايضا مؤشرات على تصدع في العلاقات العربية الافريقية و هو ما يثير فكرة التصادم و ربما الانشطار بين الكتلتين الشمالية و الجنوبية سياسيا و اجتماعيا..

الرئيس بن سعيد يظهر "فجأة" و يتهم مجموعات مهاجرين غير منظمين بمحاولة "افرقة" تونس ..!!.. هذا التصريح احدث صدى عند الكثيرين و جابه العديد من الانتقاد خاصة ان الرئيس بن سعيد لم يقدم الكثير من التوضيح حول مفهوم "افرقة" تونس .. و هذا ما احاول ان اناقشه في هذه المقالة ..

لكن قبل ذلك لابد من المرور سريعا على اشكالية اتفاقات اوروبية -عربية (شمال افريقية) حول كيفية وقف الهجرات و طبيعة دراسة تاثيرات وضع الكابحات عند الشواطيء العربية و مالذي يجب عمله مع مئات الالاف و ربما الملايين من الافارقة الذين يدخلون الدول العربية بحثا عن ممرات للوصول الى شواطي اوروبا..هل يجب اعادة هؤلاء المهاجرين الى بلدانهم و ما هي الاليات التي يمكن اتباعها في ذلك .. او ارسالهم الى بلدان اخرى .. ايضا كيف.. او توطينهم في البلدان العربية .. و ما هو الثمن السياسي و الاقتصادي و الديمغرافي - الاجتماعي في ذلك.. و طبعا ايضا السؤال التاريخي الاخلاقي حول "محاولات تفريغ افريقيا" و عودة الاستعمار و هكذا..؟؟؟…

الان و لكي اعود الى مفهوم "الافرقة" اود اولا ان اذكر انني تحدثت عن هذه الاشكالية في العلاقات العربية الافريقية من خلال مساهمتي مع مجموعة من الباحثين الافارقة و العرب و الاوربيين و من الصين صدر عام 2003 باللغة الانكليزية .. ( Akram Hawas: Pan-Africanism and Pan-Arabism: Back to the Future? in Mammo Muchie “ed” The Making of The Arican Nation , Adonis and Abbey Publishers, London, 2003, pp 288-306

الكتاب موجود في مكتبة مركز الدراسات العربية و الافريقية باعتبار ان الدكتور حلمي شعراوي رئيس المركز آنذاك كان احد المشاركين في الكتاب … في ذلك الوقت اهتم بعض الباحثين الشباب المصريين بالافكار التي قدمتها في بحثي .. كما ظلت ورقتي منذ ذلك و ما تزال اهم مصدر لكثير من الباحثين الافريقيين في دراسة علاقات افريقيا مع العرب و يتم استخدامها مادة للتدريس في العديد من الجامعات الاوروبية و الافريقية ..

لكن المثير هو ان مفهوم "الأفرقة" الوارد في بحثي لم يتم توظيفه من قبل او سياسيين بالشكل الذي يوحي به توظيف الرئيس السعيد و الذي يفهم منه و كأنه يقصد نوعا من "الاستعمار" كما توحي ايضا بعض ردورد الفعل في مصر ازاء احداث ساذكرها لاحقا … حيث يتم ربط المفهوم بحركة افروسنتريك Afrocentrism ..

و هنا لابد ان نعيد قراءة التاريخ و لو بشكل مبسط ذلك ان القوى الأفريقية بشكل عام لا تحتفظ بسجل واسع من عمليات تمدد امبراطوري خارج اطار الصراعات الاثنية و القبلية التي تدور عادة بين مجموعات افريقية .. بل ان التاريخ الاستعمار الغربي يحتفظ بتبرير "غير اخلاقي" عن الدوافع وراء تجربة العبودية الرهيبة و هو ان الافريقين هم شعب "خامل" و غير قادر على بناء الدول و خلق التنمية .. الخ..

ثم ان حركة الافروسنتريزم لم تدعو الى استعمار مجتمعات اخرى … بل ربما كانت تستخدم العنف في سبيل التحرر من العبودية القديمة و الحديثة .. بشكل رئيسي كانت الحركة بمنهجها الفكري الايديولوجي و التنظيمي السياسي تمثل رد فعل مباشر للمركزية الاوروبية Eurocentrism اي ان نشوئها كان يمثل محاولة اعادة اعتبار للذات في مواجهة التأويل الاستعماري للمركزية الاوروبية .. لكنها في النهاية كانت تدعو الى تحرير جوهري اكثر عمقاً سيكولوجيا من التحرير السياسي Decolonization الذي لم يؤدي سوى الى بناء الدولة القومية (الوطنية) التي ظلت تدور في عجلة الاستعمار ( يمكن مراجعة نظريات و مقالاتي عن "الاستعمار المستدام "و "الاستعمار اللولبي " .. و غيرها…)

اذن..هل في استخدام الرئيس بن سعيد لذات المفهوم "افرقة" علاقة بمآلات الاتفاقيات مع الجانب الاوروبي و مازق الخروج من ازمات ما بعد كبح الهجرات الافريقية من الوصول الى اوروبا .. ام ان العلاقات العربية الافريقية الى تسير نحو تخوم "الانشطار السياسي" و بالتالي فالمفهوم اصبح "آلية" لادارة ذلك المأزق او هذا الانشطار او كليهما او اشياء اخرى لا يغيب عنها عامل الصراع الداخلي ..؟؟..

ام ان هل هناك عقلانية جديدة في العلاقات العربية الافريقية باتجاه نمط مختلف من حالة الهيجيمونية المتماهية مع التطور غير المتناسق في النظام العولمي ..؟؟.. سنتابع في المقالة القادمة … حبي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ