الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمفصلات النقد الجندري والخطاب اللغوي - الإنساني

عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)

2023 / 3 / 1
الادب والفن


د. ادريس عبد النور

أستاذ التعليم العالي مساعد بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس - مكناس/ المغرب
أستاذ مادة اللغة العربية و علوم التربية والنقد الأدبي النسائي والثقافة الرقمية
[email protected]
الكلمات المفاتيح: مقاربة النوع الاجتماعي ، النقد الجندري، النقد الأدبي النسائي، الكتابة النسائية، كتابة الجسد، السؤال اللغوي,
ملخص:
ان مفهوم "الجندر" بالرغم من كونه مفهوما إشكاليا، يسهل على الباحث عملية فك رموز المعاني والدلالات التي تمنحها الثقافات للفوارق الجنسية حيث يمكن استعماله أداة تحليلية، فبالإضافة لانتقاده للتصورات السائدة والمؤسسات والقيم الاجتماعية والثقافية، بإمكانه أيضا بناء معارف وتصورات جديدة في الأدب والفن والفلسفة والقانون، وهنا إذ نلامس المنحى النقدي لقضية الخصوصية والاختلاف في كتابة المرأة، نعتبر مقاربة النوع الاجتماعي (الجندر) مدخلا لفهم تعقيدات التواصل ما بين أشكال مختلفة من التفاعل الإنساني، لمـا له من تأثيرات وتمظهرات في فعل التواصل الرمزي الكتابي، فمفهوم النوع الاجتماعي قادر على تأويل الاختلافات بين الرجل والمرأة على أساس أنها نتاج للسيرورات التاريخية وتقسيماتها إلى رموز اجتماعية تحدد كل جنس (ذكر وأنثى) داخل ثقافة معينة. إن الحدود والفواصل التي يقيمها المجتمع بينهما حدود هشة، واهية غير ثابتة أمام زحزحتها، ويلعب مفهوم النوع هنا دورا رائدا في كشف ثغرات الدراسات الأدبية السابقة التي اعتبرت الكثير من السمات خاصيات أنثوية طبيعية، وأقامت عليها فرضياتها النظرية، وهي ليست سوى صفات اكتسبتها النساء وتقمصنها عبر سيرورة بالغة التعقيد، يتداخل فيها ما هو فردي بما هو جماعي داخل كل ثقافة معينة، حيث اتخذ المفهوم وظيفة نقدية، كاشفة عن الثغرات في الدراسات الأدبية والاجتماعية والسياسية والعملية. هذا دون أن نغفل أن مفهوم النوع الاجتماعي (الجندر) لا يلغي ولا يهمش الفوارق البيولوجية القائمة بين الرجل والمرأة، على اعتبار أن هذه الفوارق مبرمجة في طبيعتنا كبشر.
Les charnières de la critique de genre et du discours humain
Dr driss Abdennour
Mots clés : approche genre, critique de genre, critique littéraire féminine, écriture féminine, corps d écriture: Question linguistique
abstrait:
Le concept de « genre », bien qu il soit un concept problématique, permet au chercheur de déchiffrer plus facilement les significations et les connotations que les cultures donnent aux différences de genre, car il peut être utilisé comme un outil d analyse. Et ici, alors que nous abordons l approche critique de la question de la vie privée et de la différence dans l écriture des femmes, nous considérons l approche de genre comme une introduction à la compréhension des complexités de la communication entre les différentes formes d interaction humaine, en raison de ses effets et de ses manifestations dans l’ acte de communication écrite symbolique, car le concept de genre est capable d interpréter les différences entre les hommes et les femmes sur la base qu elles sont le produit de processus historiques et de leurs divisions en symboles sociaux qui définissent chaque genre (homme et femme) au sein d une culture particulière . Les frontières et les séparations que la société établit entre eux sont fragiles, des frontières fragiles qui ne sont pas fixées avant leur mouvement, et le concept de genre joue ici un rôle de premier plan pour révéler les lacunes des études littéraires antérieures, qui considéraient de nombreux traits comme naturels féminins. caractéristiques, et sur la base de leurs hypothèses théoriques, qui ne sont que des qualités que les femmes ont acquises et imitées à travers un processus très complexe, dans lequel l individuel se superpose au collectif au sein de chaque culture particulière, où le concept a assumé une fonction critique, révélant les lacunes dans les études littéraires, sociales, politiques et pratiques. Ceci sans oublier que le concept de genre n élimine ni ne marginalise les différences biologiques qui existent entre les hommes et les femmes, étant donné que ces différences sont programmées dans notre nature humaine.

مداخل نقدية
منذ أواخر القرن المنصرم ظهرت موجات نقدية، من أهم سماتها الانتصار للمرأة، ورصد المنجزات الأدبية التي تقف وراءها. وهنا برزت تسميات عديدة للنقد الذي ينقّب عن نصوص المرأة ويقرأ خطابها، نذكر منها: النقد الأنثوي والنقد الجينثوي ( ) والنقد النسوي ثم النقد النسائي، ويهمنا هنا بالأساس معرفة وتحديد الفرق النظري الموجود بين النقد النسوي والنقد النسائي.
ونظرا للتأثير الذي مارسته الحركة الأدبية النسوية في فرنسا على الحركة النقدية النسوية العربية، والدور الذي لعبته في صياغة مفاهيمها ومنطلقاتها، وأسسها النظرية والإجرائية، لابد من القول أن ظهور النقد مواكبا صعود الحركات العربية النسوية الاجتماعية والسياسية والثقافية، ورغم هجومه على النقد السائد باعتباره محكوماً بثوابت ومحددات ذكورية، فقد انفتح على النقد الثقافي وتمثل معطياته ومفاهيمه وانجازاته، حيث مرت النظريات والمناهج الخاصة بالنقد النسائي بأربعة أنماط هي: النمط البيولوجي واللغوي والتحليل النفسي والثقافي، وانشغلت هذه الأنماط في تحديد وتمييز خصائص ومميزات المرأة الكاتبة. وفيما يلي بعض المناحي التي تمايز النقد النسائي عن النقد النسوي:
-أ- النقد النسوي:
• ما المقصود بالنقد النسوي؟
• هل هو النقد الذي تكتبه المرأة حول أدب المرأة؟
• ومن ثمة هل هناك نقد نسوي ونقد ذكوري؟
• ما المقصود من استعمال المصطلح ؟
يتطرق النقد النسوي بالتحليل والنقد للأدب النسوي المتصل بحركات النساء المطالبة بالحرية والمساواة الاجتماعية والسياسية والحقوقية والاقتصادية، فهو يعمل على تحليل ومقاربة النصوص الأدبية من وجهة نظر المرأة ذاتها، وينطلق من منطلق الدفاع عن قضيتها وحقوقها. ويندرج هذا النقد في نطاق الحركة النسوية المطالبة بالمساواة، في مواجهة نصوص إبداعية للمرأة أهملها الرجل، كما يأتي النقد النسوي ليعلن عن غايته المتمثلة في البحث عن خصوصية أدب المرأة وعلامات الأنوثة فيه، ويشكل النقد النسوي أحد التوجهات المعرفية التي تحاول مساءلة النصوص الأدبية في ضوء معطيات الوعي الحديث بقضية المرأة، انطلاقا من مفاهيم فلسفية مرتبطة بالحرية والمساواة، والعمل على تجسيدها من خلال إبراز الفوارق الجنسية بين الرجل والمرأة، ومنح كل منهما هوية جنسية خاصة.
ب- النقد النسائي
إذا كان النقد النسوي قد ارتبط منذ بدء نشأته بالحركات النسائية المنادية باسترداد حقوق المرأة المهدورة من طرف الذكور، فإن أسئلة النقد الأدبي النسائي انطلقت من مساءلة الهيمنة الذكورية الجائرة، وتأكيد المطالبة بالحرية الثقافية، متجاوزا المطالبة بالتمكين الاجتماعي والاقتصادي، التي يدافع عنها النقد النسوي. إن تصورات النقد الأدبي النسائي ترتكز على خطاب المطالبة بحقوق المرأة على المستوى الرمزي والثقافي، باعتبار مسؤولية الثقافة الذكورية المهيمنة، ودورها الكبير في تهميش صوت المؤنث الأدبي وطمس معالمه،:" مما يصبح معه "الجندر" من الزاوية الأنتروبولوجية ، مفهوما يحيل على النظام الرمزي الذي تحدد من خلاله الفوارق الجنسية داخل كل ثقافة على حدة، على اعتبار أن ما يهيكل الكائن البشري ليس التاريخ وإنما الثقافة، باعتبارها النواة المؤسسة لجهازنا النفسي ونقطة البداية في التفكير الرمزي المتمثل في اللغة." ( )، ومن المبررات القوية لبروز هذا الخطاب أيضاً خصوصية الجنس النوعي ذي الهوية "الجندرية" الذي لا مفر من أن يتميز بخصوصيته، وهو ما يؤدي إلى حقيقة أكيدة، أنه لا يمكن لأحد الجنسين التعبير عن خصوصيات الجنس الآخر. ولذلك ينحو هذا الخطاب إلى محاولة تشكيل صورة التجربة الأنثوية الذاتية الفريدة المتميزة في إدراك الذات وإدراك الظواهر، إذ الحقيقة لا تنبع إلا من أعماق الذات، وبالتالي فالإنسان لا يفهم بشكل تام سوى ذاته.
ليس النقد الأدبي النسائي في نظرنا هو النقد الذي تكتبه المرأة فقط، بل هو النقد الذي يبحث في أدب المرأة، عن صوتها وهويتها وخصوصية كتابتها، التي تمايز كل العلامات الذكورية في الكتابة، سواء كان الناقد ذكرا أو أنثى، فالنقد الأدبي النسائي لا يهتم بجنس الناقد بقدر ما يهتم بالمنهج الموظف في مقاربة إبداع المرأة، ومن ذلك عليه أن يحتوي على آليات يقرأ بها هذا الإبداع، وخاصة إلقاء الضوء على صورة المرأة في التمثلات، كما بالنص الأدبي.
ويرتكز النقد الأدبي النسائي على أطروحة أساسية ينتج عبرها توجهه النقدي، ملخصها أن النقد الأدبي بحكم ممارسة الرجال له، أصبح مجالا للهيمنة الذكورية يعبر عن قيم الرجل وعقليته ويضعها موضع الصدارة في نظرته للأدب، الشيء الذي انعكس على العدسة التي يستخدمها في التحليل والتفسير، كما انعكس على المناهج النقدية التي استخدمت هذه العدسة ولو كان النقد بقلم أنثى ناقدة، ويتجلى الهدف الرئيسي للنقد الأدبي النسائي في تقديم تفسير نسائي للنصوص الأدبية ولوضع الأصبع على المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالمرأة في النقد الأدبي.
إن قراءة النصوص من وجهة نظر الرؤية النسائية تحتاج لكي يستقيم أودها إلى تحرير الذهنية التقليدية التي اعتاد النقد أن يفسر بها وجود المرأة باعتبارها مجموعة من القيم المرجعية المدعمة بالنموذج الارشادي، وبناء عليه، فالنقد الأدبي النسائي يسعى إلى إزالة الغموض عن كل التساؤلات والأجوبة الخفية التي تستّرت عن العلاقة بين النص الأدبي ومنتجه باعتباره يحمل جنسا.
إن هذا التجلي وإزاحة ملابسات النص النسائي هو الذي يغذي الأشكال والاتجاهات المتعددة للمدارس النقدية النسائية التي اختلفت بحسب النظريات الخاصة بكتابة المرأة ومنها:
• الاتجاه البيولوجي أو العضوي: يعود النقد البيولوجي إلى النظرية التي ترتكز على الأعضاء التناسلية، كما يؤكد أن اختلاف المرأة على المستوى الجنسي يعتبر بمثابة متغير هام يساعدها على الإبداع.
• الاتجاه اللغوي: اتجهت النظرية اللغوية إلى دراسة الاختلافات اللغوية في الأدب النسائي مُبرزة اختلافها عن لغة الرجل، مستبعدة الدراسة الأسلوبية للُّغة في سياق أدائها اللغوي.
• اتجاه التحليل- نفسي: أما مدرسة التحليل النفسي في النقد، فقد أبانت هشاشة الطرح الفرويدي الذي يرى أن المرأة وهي تكتب، ما تزال تعبر عن جرح لا شعوري اتجاه اكتشافها أنها محرومة من عضو الذكورة.
ويمتاز النقد الأدبي النسائي بوظيفة أساسية تهُمُّ الولوج إلى عالم المرأة التي عُرِّفت كمجهول، حيث استند هذا النقد في بلورة منهجيته النقدية على استراتيجية قرائية نسائية تعتمد على إعادة تعريف اللغة، بما هي مفتاح العالم الداخلي للذات الأنثوية، نظرا لكون الرجل والمرأة لا يتواجدان في نفس النقطة ذاتها، فهما يستوعبان العالم بمنحنيات متعددة لا تتقاطع ولا تتماثل. ومن شأن هذه النظرة غير المتماثلة لنفس العالم أن تجعل الرؤية النقدية الذكورية أحادية القطب، الشيء الذي نعيه منذ البداية مع كل الصياغات الذكورية التي مست الأجناس الأدبية الشعرية والسردية، والتي تعتبر كما جاء مع أليشا أوسترايكر التي وصفت هذه الصياغات : "كما لو أنها نتيجة منطقية لتدريب مبكر سيحدد هوية الجسد الذكوري فيما بعد ويصوره على أنه أداة أو سلاح، ويمنعه من إظهار الضعف أو التعبير عن الألم، وبالتالي يحرمه من غالبية الإحساس الكامن بالمتعة. فالرجل الحسي هو رجل "أنثوي" بخلاف تلك المتعة المقترنة بالقتال والنزال أو الغزو. ويشتق خطاب الذكورية من خرجات القنص وألعاب الصيد بكل أنواعها، وملاعب التنس، أو من تلميحات وإشارات مبهمة حول استجابة النساء في المخدع" ). )
إن الاهتمام بالكتابة النسائية يتطلب التسلح المعرفي بالقضايا "الجندرية"، بما هو الشكل الأولي للعلاقات الدالة على السلطة، خاصة أخذ الحيطة والحذر مما تنتجه اللغة من معاني تحجرت في المعجم الذكوري وفي سياقاته، فانعكست تلك الهيمنة على قراءة النص النسائي، فتمثلت المرأة هامشا في اللغة والخطاب. إن النقد الأدبي النسائي وهو يوظف مقاربة النوع ينطلق من كون "الجندر" مفهوم يهيكل الإدراك والتنظيم الرمزي لسائر الحياة الاجتماعية، من خلال: الرموز والطقوس الثقافية، والمفاهيم الناتجة عن الدلالات والمعاني الرمزية الواردة في مختلف المذاهب الدينية والعلمية والتعليمية التي ترسم خريطة مختلف التمثلات من جهة، وتحدد بشكل يقيني وموحد معنى كل من الرجل والمرأة والمذكر والمؤنث، من جهة ثانية.
و يحقق النقد الأدبي النسائي انسجامه مع النقد الثقافي، بما هو نقد يستطيع تحويل الرؤية المعرفية للمرأة إلى علاقات نصيّة، نقد يرصد الأنثوي الذي يشكل وجوده المُفكر فيه خلخلة لثقافة النسق المهيمنة، وهو الأنثوي الذي يشغل الهامش الكامن في فجوات هذه الثقافة، إنه نقد يستمع ويقرأ النص الأدبي للمرأة بمرجعية نقدية منفتحة على كل الإطارات النقدية السابقة، فهو يصغي إلى الشفرات المؤنثة المبثوثة في النصوص، ويدرك إيحاءاتها التي تعلن عنها مجمل الفروق الجنسية، لا فيما يتعلق ببنائها المادي الفيزيولوجي أو ببنائها الثقافي والاجتماعي، وخاصة رصد الموقف "الجندري" للأدب المتضمن في لاشعور النص، الشيء الذي يسمح لنا بالدخول إلى المكون الأدبي عبر عدة تساؤلات منها:
• هل هناك حقا كتابة للمرأة؟
• هل هناك تقاليد أنثوية للكتابة النسائية؟
• هل من الممكن تحديد الآليات التي تخضع لها هذه الكتابة؟
لقد قارب النقد الأدبي النسائي جل المناهج المستخدمة في النقد الأدبي دون الإقتراب من المنهج الشكلي والبنيوي، بسبب تجاهل النقد البنيوي لسؤال الاختلاف الجنسي، وقد تطرقت سوزان لانسر في حديثها عن علم السرد النسوي لهذا التجاهل حينما قالت: «نجد أنه حتى الناقدات النسويات اللاتي يقدرن الشكلانية أوالبنيوية ينتقدن بشدة محدوديتهما، مثلا عاهدت ناعومي شور Naomi schor ألا تمارس النقد النسائي على الإطلاق في ظل هذا الإضطهاد الماكر الذي تمارسه الشكلانية في عقيدتها"( ). وخير مثال على ما عانته السرديات من برود نظري أساسه الاعتماد على الشكلانية، تلك الصورة التي جاءت مع تيري إيجيلتون، الصورة التي تقول أن الشكلانية تريد أن تقتل الشخص من أجل أن تدرس الدورة الدموية.
إن المناهج الذكورية عندما لا تستطيع فهم نص المرأة الإبداعي، لا يمكن أن تفهم نص الرجل الذي يتحدث عن المرأة باعتبارها موضوعا، نظرا لاعتماد هذه المناهج على معجم نقدي تحجرت فيه المعاني الذكورية، إذن :" ألا تعني قراءة النص الابداعي وفق خلفية خارج- نصية، استمرار أسئلة النقد التقليدي، ومعها استمرار التعامل مع مفهوم الحقيقة الواحدة التي " يقولها" العمل، ومفهوم العالم الثابت بعلاقاته وأنماط وعيه الذي "يعكسه" (يشخصنه) العمل الابداعي ( )".
ولا شك أن الأسئلة الجديدة التي أثارها ويثيرها هذا التِّزْواج بين الأدب والنوع الاجتماعي الذي ينخرط البحث في بناء إرهاصاته، لمن شأنه أن يُغني الخطاب الأدبي وينعكس بالإيجاب على الحقل المنهجي.
لقد اعتمد النقد الأدبي النسائي على ما يثيره النص لدى القارئ من تساؤلات تهم السياق المرجعي الرمزي واللغوي والتاريخي والسياسي والثقافي والاجتماعي، في سبيل تمكين القارئ من فهم الإشكال الأساسي الذي يثيره الطرح المؤنث داخل النص وخارجه، وخاصة الكيفية التي ينفلت بها الإبداع الأنثوي من الرقابة الذكورية بخلق نص مختلف، نص تحتي لا ينكشف إلا لقارئ جديد، بإمكانه تتبع نقد السيطرة الذكورية. حيث لا يوجد في النص النسائي جوهرا مركزيا، بل تشظيا وعدم انتظام، على خلاف ما صرحت به البنيوية التكوينية، من أن النص يملك بنية ذات مركز يحتلها الذكر مهيمنا.
1- في التشكيل النقدي
تعتمد ممارستنا النقدية المعتمدة على هذه المقاربة على تفكيك الخطاب الذكوري، بالعمل على خلخلة المفاهيم التي تجعل المرأة صوتا مخنوقا وسط دوائر متعددة من الحجب والمنع، وسط العديد من الأشكال المجتمعية المشمولة بالثبات : الرموز والطقوس والتقاليد والعادات والثقافة الأبوية المكتسبة، التي تحول دون انبثاق الصوت الخاص للمرأة.
إن النقد الأدبي النسائي الذي سننحت له اسما تركيبيا يجمع بين النقد الأدبي النسائي ومقاربة النوع الاجتماعي مع توظيف كلمة جندر التي تم شرحها سابقا إحالة عليه وهو: النقد الجندري الذي يتخذ إبداعية المؤنث موضوعا له، ويبحث في النص المؤنث عن الوعي الذي يفيض في حناياه، وهو ينوب عن المرأة في التعبير عن صمتها، مستجليا فكرة تمثيل المرأة الكاتبة لذاتها ولبنات جنسها.
إن المرأة مُحاطة بالعديد من الإنشاءات الثقافية والسياقات التقليدية الضاغطة التي تجعلها غير قادرة على تمثيل نفسها فبالأحرى باقي النساء، وذلك بسبب تعدد الحُجُب وسمك الستائر الأيديولوجية التي تقف حائلا أمام الكاتبة لزعزعة بعض قناعات المجتمع الذكوري، قناعات غذت مسلمات وبديهيات مع مرور الوقت، وبذلك فقد وضعت المرأة الكاتبة بسبب إصرارها في فعل الكتابة، يدها على موضع جرح النساء.
• فكيف تعبر المرأة عن الفرح والحمل والمعيش والزمن ومدة عادة النساء الشهرية؟
إن اللغة تعمل على نقل وبلورت الأفكار والممارسات المتعلقة بالنوع الاجتماعي، فاللغة المتداولة والمكتوبة والمبثوثة في حركات الجسد، مازالت تحمل علامات الذكر الذي رسّخ فيها معطيات مذكرة، مع إقصاء عالم المرأة على المستوى اللسني، وتكمن إحدى إشكالات اللغة في أنها توجد ضمن أعمدة ثقافة المذكر من حيث أنه يعتبرها طريقته الفضلى للتموضع في بؤرة كل نقاش نظري أو فكري، كما تعتبر أحد أهم أدوات هذه الثقافة للاستمرار وإعادة إنتاج ذاتها، وهذا الإحساس بذكورة اللغة مستنتج من الإحساس بذكورة الثقافة التي تعتبر مجالا حيويا وطبيعيا لهيمنة النظام الأبوي، ولهذا لم تستطع المرأة إلا أن تبادل اللغة بالجسد، فحتى وإن شاركت مع الرجل في التعبير العادي، فهي تتفوق عليه في تعبيرات الجسد، فاللغة المباشرة للجسد تعتبر إحدى أسلحة المرأة للدفاع عن وجودها المباشر أمام سلطة المؤسسة اللغوية السائدة، وضد الذوبان والانصهار المعلن والخفي في صف الذكورة. فيقابل احتفاء المرأة بجسدها ولغاته، احتفالية الرجل بفحولته التي يعبر من خلالها عن كينونته وتفوقه في مدارج السلطة المعرفية والثقافية، ولهذا من حق المرأة أن تنظر لقضية الاختلاف بمفهوم التمايز لا بمفهوم المساواة.
2- هندسة نقدية في رحاب الجندر
يأمل النقد الجندري الذي نتبناه في هذا البحث أن يحدث خطوطا جديدة في هندسة النقد التقليدي الذي ظل يستعمل مفاهيم الموضوعية والحياد في التحليل والمقاربة في تعاطيه مع كتابة النساء، من حيث أن الخطاب النقدي العربي مُورس في غالبيته من طرف الرجال الذين عبّروا عن أيديولوجية ذكورية مركزية، حاولت مناقشة الكتابة النسائية من معيار المساواة، على حساب الخصوصية والاختلاف والتمايز. هذا الخطاب إذ بجهله مسألة الاختلاف الجنسي، إنما يؤكد ضعف خطابه ورؤيته ومحدودية تصوره لأدب المرأة، مما يعكس بعض عوائقه المعرفية والتاريخية.
إن النقد الجندري في سياق طرحه لإشكالية الأدب النسائي يجعل من مشروعية الاختلاف الجنسي وأثره في فعل الكتابة مبحثا مستقلا، وهو بذلك يسعى إلى إحداث منافذ جديدة في الدراسات والسرديات النسائية، نظرا لما يحمله النص النسائي من موقف فكري اتجاه المؤسسة الرسمية وسلطة المجتمع وهيمنته، وقد ينظر مثلا إلى مؤسسة الحجاب على أنها عملية رسم جندري للجسد أكثر منه عملية رسم أيديولوجي، فنلمس مع هذا النقد أن إعادة تنظيم الفوارق بين الرجال والنساء على أساس الحجاب إنما هي عملية إحياء المنع المجتمعي الذي يلغي جسد المرأة، ويجعلها لا تتحرك إلا بما تسمح به آلية التأثيم.
إن منظومة الفكر الذكوري منتجة لكل أنواع العنف ضد المرأة، من العنف الجسدي إلى العنف المعنوي والرمزي، بينما يشكل" إلغاء الآخر" أحد المقومات التي أصبحت غير قابلة لأن تكون أساسا لمعرفة ونقد جديدين يمثلان التنوعات العالمية، وبالتالي تجاوز مرتكزات العقل الغربي فيما يخص اعتماده على الطابع الأداتي للعقل، وإغفال الطابع الثقافي الإنساني الذي يرتكز عليه النقد الجندري ، الذي ينتهج معاينة حقيقة المرأة: ذاتا وجسدا وفكرا انطلاقا من تموضعها في العالم، وتحليل هذا التموضع والإصغاء إلى حقائقه الكلية والجزئية.إن مفهوم التمثلات Représentation الذي يعرفه المصطفى تميم بأنه، " إحضار الشيء ومثوله أمام العين أو في الذهن بواسطة الرسم أو النحت أو اللغة أثناء الكلام" ( )، يعتبر الجسد الأنثوي حاملا مثاليا لكل التمثلات التي يتخيل بها المنطق الذكوري عالم المرأة العام والخاص، ومكونا أساسيا لبنية هذه التمثلات من خلال ما تُضَمِّنُه المرأة في خطابها وهو يستنطق جسدها، وينوب في أحيان كثيرة عن خطابها المباشر. إن حقيقة التمثلات التي يحملها الجسد الأنثوي عن نفسه وعن الآخر، تعبير عن الكيفية التي تتجلى فيها الصورة المتخيلة عن المرأة في الخطاب بكل أنواعه.
لهذا يوظف النقد الجندري مقاربة النوع الاجتماعي ويتخذها إستراتيجية له للتحكم في المسارات التأويلية للفعل الأدبي والتعامل معه وفق ما يشكله من تمثلات، وهي تندرج في سلسلة من التحيزات الثقافية الخاضعة لسياق النسق. كما يندرج هذا التصور النقدي ضمن المنهج الثقافي، بتركيزه على أشكال الخطاب الأدبي وتحليله وخاصة مجال الدراسات اللغوية، للكشف عن الوضع الأصلي والطبيعي للمرأة فيه وطبيعة التعارض بينه وخطاب الفكر الأبوي. ولا يمكن للنقد الجندري إلا أن يثمن جل تجليات الكتابة حول المرأة سواء كانت من طرف الرجل أو من طرف المرأة ذاتها، خاصة ما تكتشفه هذه التجليات من قضايا مغايرة تشكل نوعا من الحراك الثقافي المتمرد على الأنساق الجاهزة، الشيء الذي يعطي لهذا النقد الأدبي النسائي الموسوم بالنقد الجندري بُعده النظري والمنهجي.
3- النقدالجندري
تعتمد ممارستنا النقدية المعتمدة على هذه المقاربة على تفكيك الخطاب الذكوري، بالعمل على خلخلة المفاهيم التي تجعل المرأة صوتا مخنوقا وسط دوائر متعددة من الحجب والمنع، وسط العديد من الأشكال المجتمعية المشمولة بالثبات : الرموز والطقوس والتقاليد والعادات والثقافة الأبوية المكتسبة، التي تحول دون انبثاق الصوت الخاص للمرأة.
إن النقد الأدبي النسائي الذي سننحت له اسما تركيبيا يجمع بين النقد الأدبي النسائي ومقاربة النوع الاجتماعي مع توظيف كلمة جندر التي تم شرحها سابقا إحالة عليه وهو: النقد الجندري الذي يتخذ إبداعية المؤنث موضوعا له، ويبحث في النص المؤنث عن الوعي الذي يفيض في حناياه، وهو ينوب عن المرأة في التعبير عن صمتها، مستجليا فكرة تمثيل المرأة الكاتبة لذاتها ولبنات جنسها.
إن المرأة مُحاطة بالعديد من الإنشاءات الثقافية والسياقات التقليدية الضاغطة التي تجعلها غير قادرة على تمثيل نفسها فبالأحرى باقي النساء، وذلك بسبب تعدد الحُجُب وسمك الستائر الأيديولوجية التي تقف حائلا أمام الكاتبة لزعزعة بعض قناعات المجتمع الذكوري، قناعات غذت مسلمات وبديهيات مع مرور الوقت، وبذلك فقد وضعت المرأة الكاتبة بسبب إصرارها في فعل الكتابة، يدها على موضع جرح النساء.
• فكيف تعبر المرأة عن الفرح والحمل والمعيش والزمن ومدة عادة النساء الشهرية؟
إن اللغة تعمل على نقل وبلورت الأفكار والممارسات المتعلقة بالنوع الاجتماعي، فاللغة المتداولة والمكتوبة والمبثوثة في حركات الجسد، مازالت تحمل علامات الذكر الذي رسّخ فيها معطيات مذكرة، مع إقصاء عالم المرأة على المستوى اللّسني، وتكمن إحدى إشكالات اللغة في أنها توجد ضمن أعمدة ثقافة المذكر من حيث أنه يعتبرها طريقته الفضلى للتموضع في بؤرة كل نقاش نظري أو فكري، كما تعتبر أحد أهم أدوات هذه الثقافة للاستمرار وإعادة إنتاج ذاتها، وهذا الإحساس بذكورة اللغة مستنتج من الإحساس بذكورة الثقافة التي تعتبر مجالا حيويا وطبيعيا لهيمنة النظام الأبوي، ولهذا لم تستطع المرأة إلا أن تبادل اللغة بالجسد، فحتى وإن شاركت مع الرجل في التعبير العادي، فهي تتفوق عليه في تعبيرات الجسد، فاللغة المباشرة للجسد تعتبر إحدى أسلحة المرأة للدفاع عن وجودها المباشر أمام سلطة المؤسسة اللغوية السائدة، وضد الذوبان والانصهار المعلن والخفي في صف الذكورة. فيقابل احتفاء المرأة بجسدها ولغاته، احتفالية الرجل بفحولته التي يعبر من خلالها عن كينونته وتفوقه في مدارج السلطة المعرفية والثقافية، ولهذا من حق المرأة أن تنظر لقضية الاختلاف بمفهوم التمايز لا بمفهوم المساواة.
ويأمل النقد الجندري الذي نتبناه في هذا البحث أن يحدث خطوطا جديدة في هندسة النقد التقليدي الذي ظل يستعمل مفاهيم الموضوعية والحياد في التحليل والمقاربة في تعاطيه مع كتابة النساء، من حيث أن الخطاب النقدي العربي مُورس في غالبيته من طرف الرجال الذين عبّروا عن أيديولوجية ذكورية مركزية، حاولت مناقشة الكتابة النسائية من معيار المساواة، على حساب الخصوصية والاختلاف والتمايز. هذا الخطاب إذ بجهله مسألة الاختلاف الجنسي، إنما يؤكد ضعف خطابه ورؤيته ومحدودية تصوره لأدب المرأة، مما يعكس بعض عوائقه المعرفية والتاريخية.
إن النقد الجندري في سياق طرحه لإشكالية الأدب النسائي يجعل من مشروعية الاختلاف الجنسي وأثره في فعل الكتابة مبحثا مستقلا، وهو بذلك يسعى إلى إحداث منافذ جديدة في الدراسات والسرديات النسائية، نظرا لما يحمله النص النسائي من موقف فكري اتجاه المؤسسة الرسمية وسلطة المجتمع وهيمنته، وقد ينظر مثلا إلى مؤسسة الحجاب على أنها عملية رسم جندري للجسد أكثر منه عملية رسم أيديولوجي، فنلمس مع هذا النقد أن إعادة تنظيم الفوارق بين الرجال والنساء على أساس الحجاب إنما هي عملية إحياء المنع المجتمعي الذي يلغي جسد المرأة، ويجعلها لا تتحرك إلا بما تسمح به آلية التأثيم.
إن منظومة الفكر الذكوري منتجة لكل أنواع العنف ضد المرأة، من العنف الجسدي إلى العنف المعنوي والرمزي، بينما يشكل" إلغاء الآخر" أحد المقومات التي أصبحت غير قابلة لأن تكون أساسا لمعرفة ونقد جديدين يمثلان التنوعات العالمية، وبالتالي تجاوز مرتكزات العقل الغربي فيما يخص اعتماده على الطابع الأداتي للعقل، وإغفال الطابع الثقافي الإنساني الذي يرتكز عليه النقد الجندري ، الذي ينتهج معاينة حقيقة المرأة: ذاتا وجسدا وفكرا انطلاقا من تموضعها في العالم، وتحليل هذا التموضع والإصغاء إلى حقائقه الكلية والجزئية.إن مفهوم التمثلات Représentation الذي يعرفه المصطفى تميم بأنه، " إحضار الشيء ومثوله أمام العين أو في الذهن بواسطة الرسم أو النحت أو اللغة أثناء الكلام" ( )، يعتبر الجسد الأنثوي حاملا مثاليا لكل التمثلات التي يتخيل بها المنطق الذكوري عالم المرأة العام والخاص، ومكونا أساسيا لبنية هذه التمثلات من خلال ما تُضَمِّنُه المرأة في خطابها وهو يستنطق جسدها، وينوب في أحيان كثيرة عن خطابها المباشر. إن حقيقة التمثلات التي يحملها الجسد الأنثوي عن نفسه وعن الآخر، تعبير عن الكيفية التي تتجلى فيها الصورة المتخيلة عن المرأة في الخطاب بكل أنواعه.
لهذا يوظف النقد الجندري مقاربة النوع الاجتماعي ويتخذها إستراتيجية له للتحكم في المسارات التأويلية للفعل الأدبي والتعامل معه وفق ما يشكله من تمثلات، وهي تندرج في سلسلة من التحيزات الثقافية الخاضعة لسياق النسق. كما يندرج هذا التصور النقدي ضمن المنهج الثقافي، بتركيزه على أشكال الخطاب الأدبي وتحليله وخاصة مجال الدراسات اللغوية، للكشف عن الوضع الأصلي والطبيعي للمرأة فيه وطبيعة التعارض بينه وخطاب الفكر الأبوي. ولا يمكن للنقد الجندري إلا أن يثمن جل تجليات الكتابة حول المرأة سواء كانت من طرف الرجل أو من طرف المرأة ذاتها، خاصة ما تكتشفه هذه التجليات من قضايا مغايرة تشكل نوعا من الحراك الثقافي المتمرد على الأنساق الجاهزة، الشيء الذي يعطي لهذا النقد الأدبي النسائي الموسوم بالنقد الجندري بُعده النظري والمنهجي.
4- الانشغالات المنهجية والتحليلية للنقد الجندري
لا يمكن للنقد الجندري، معتمدا على الأسس النظرية للإختلاف الجنسي، ومنطلقا من قناعات تحليلية، إلا أن يساهم في تطوير نظرية النقد الأدبية، كما يساهم في استجلاء الجوانب الإبداعية والمتخيلة للمرأة، ويفسح بذلك المجال أمام كتابة نسائية جديدة تؤرخ لأنوثة أدبية ضمن خطاب ذكوري، من خاصياته الكبرى إقصاء المؤنث، حيث يظهر أن المرأة تحتل مكانة التابع والمهمش والمقصي بسبب هيمنة المفاهيم المتعالية للفكر واللغة، وبسبب الثقافة الذكورية التي أحالت المرأة إلى تابع ومريد.
وقد تم التركيز في تعاطينا النقدي على مفهوم النوع الاجتماعي (الجندر) للكشف عن الجانب المغيب في عالم الأنوثة -التي تم تغييب تمثلها الواعي في المدارس النقدية الحديثة- على أساس الارتباط الوشيج بين البعد الأدبي والبعد المرجعي الذي يدعو لنقد وفحص النصوص، مستدعيا أدوات تحليله من ميدان المرجع، تقول خالدة سعيد:" إذا نظرنا إلى العمل الفني ببعده المرجعي، كان شهادة أو علامة على حقيقة سابقة على النص وقائمة خارجه وباستقلال عنه وعن قوانينه.آنذاك، وآنذاك فقط تمكن تسميته باسم مرجعه : أدب نسائي، أدب اجتماعي، ذكوري، ثوري، حضري ، بدوي... وفي هذه الحالة فإن فحص هذا المستوى المرجعي في النص يتم بأدوات للتحليل والدرس المستعارة من ميدان المرجع"( ).
تشكل المرأة الكاتبة موضوعة أساسية للنقد الأدبي النسائي أي النقد الجندري، نظرا لاستعارة أدوات مقاربته النقدية من ميدان المرجع والمنبنية أساسا على المستنتجات العلمية لمقاربة النوع الاجتماعي، وكذا من حيث أخذ قضية الاختلاف الجنسي بعين الاعتبار في بُعدها النظري والتحليلي، وإيلاء مسألة اللغة أهميتها باعتبارها آلة لكشف الخداع الثقافي والاجتماعي، وانتهاءً بالجسد الأنثوي الحامل للتشكيل النفسي والمجتمعي للمرأة وللمجتمع معا، والذي يسمح بانتهاك الموقف الذكوري المتحيز ضد المرأة بواسطة اللغة والثقافة.
إن المرأة كائن جرى تمثله دائما عبر الخطاب الذكوري، نظرا للفرق الواضح بين "الحديث عن" و"الحديث إلى" التي شغلت هذا الخطاب، فعندما يتم الحديث إلى الآخر يشكل اللاوعي علاقة اندماج في السياق الثقافي للمخاطَب، وعندما يتم الحديث عن النفس يتشكل الإنتماء إلى السياق الثقافي الأصلي والذي يعبر عن الهوية والذات.
1) المرتكزات النقدية للنقد الجندري: الوعي بأهمية الطرح اللغوي
إن أول مبحث يقاربه النقد الجندري يتعلق بالتمثيل اللغوي الذي يستهدف طرح إمكانية فك شفرات الخطاب لغويا، والكشف عن الطابوهات التي تمثلها اللغة في الوعي المجتمعي، وقد سبق لـ غياتري سبيفاك( ) صاحبة فكرة دراسات التابع، التي بلورت فكرتها الأساسية في تساؤل فلسفي عميق، قدمته في "مؤتمر الماركسية وتفسير الثقافة" المنعقد سنة 1983م وعنوانه:"هل يستطيع التابع أن يتكلم؟"،حيث ارتبطت دراسات التابع بهذا التساؤل، من خلال ما بلوره هذا الجدل حول الهويات الثقافية ومفهوم التبعية طبقيا وجنسيا، فركزت على مسألة اللغة التي تجعل كتابة المرأة تنتمي بالقوة والفعل إلى مجال الهامش بحكم الجنس أو العرق أو كليهما، بينما ركز ر.ل.تراسك على التقسيم الذي يظهر بوضوح في لغة المجتمع يقول:" يعد التقسيم بين الرجال والنساء في مجتمع ما واحدا من أوضح التقسيمات الاجتماعية، ومما يدعو إلى الدهشة أن هذا التقسيم يتضح بشدة في كلام ذلك المجتمع" ( )، ولهذا تعتبر اللغة علامة فارقة لتخصيص أدب المرأة. ويمكن أن يثبت النوع الاجتماعي فائدته المعرفية كمفهوم يشكل متغيرا في بناء المنهج النقدي الذي يتعرض للموقف الجنسي للمؤلف، سواء كان المؤلف رجلا أو امرأة. كما يؤدي مفهمة الجسد الأنثوي وهو يتماهي مع الأنوثة التي تستوطن اللغة والحركات والتمثلات الاجتماعية.
وتكمن ملامح وسمات النقد الجندري في الأسئلة التي يطرحها على النص النسائي المكتوب مثل:
• ما الذي تجترحه المرأة في كتابتها؟
• هل جنس السارد مهم من الناحية الابداعية؟.
• هل لإبداع المرأة آلية واحدة تنخرط فيها الكتابة النسائية؟
• ماهي هواجس هذه الكتابة ؟
• وكيف تجعل الكاتبة من خطابها معبرا أساسيا وسجلا لواقعها المعيش في المجتمع؟
ومما يجعلنا مقتنعين بجدوى رؤية وتصور النقد المعتمد على النوع الاجتماعي، هو ما تتمتع به الكتابة النسائية سواء كان النص النسائي قصيدة شعرية أو قصة أو رواية أو لوحة تشكيلية أو فيلما سينمائيا أو مسرحية، أو جنسا أدبيا آخر، من خصائص وعلامات مميِّزة، ومنظورات فكرية وأنساق جمالية تُسهم في إبداعية النص النسائي الذي تمنحه قدرة الترميز العالية طابع الاستمرارية والحضور بعد انقضاء أثره المباشر، والشيء الأكثر أهمية هو استجلاء مغالق النص الأدبي النسائي في ضوء تصور قهر المرأة، وما تتشبع به الكتابة النسائية من تجارب حياتية مليئة بالمأساة الإنسانية، ابتداء من اللاوعي المتشكل في تجربة قتل الفتاة من طرف عائلتها غسلا للعار، ومرورا بالوأد والسبي وتحويل الجسد الأنثوي أداة للمتعة في ظل ازدواجية أخلاقية، بقدر ما تحتقر الجسد، تعمل على المغالاة في تقديسه، واختزال المرأة في عذريتها وإجبارها على الزواج، مع مطالبتها بإنجاب الصبي وإدانتها لإنجاب البنت، وممارسة العنف ضدها والزواج عليها وتطليقها وحجبها، ومع أن هذه الممارسات وإذ تبلورها الكاتبة في كتابتها النسائية، تُشكل عمق المفردات والمفاهيم والقضايا الرئيسية التي يحفل بها النص النسائي فتجعله متحولا بالقوة من إطار النص المسترجل إلى نمط كتابة جديدة تبحث عن المساواة والحرية والتمايز من خلال التمرد. ولئن كان النقد الأدبي يوجه أنساق التفكير نحو المكونات الإبداعية بالنص استنادا إلى رؤية نقدية تهدف إلى تحليل الأنظمة الأسلوبية والبنائية والدلالية لأدب المرأة، فخطاب النقد الجندري يتأثر بالمنجز الإبداعي للنساء، ويحاول أن يعمل على استكشاف الكيفية التي يقوم بها الأدب النسائي لتمثيل عالم المرأة لغويا وجسديا وثقافيا ونفسيا، بالرغم من ضعف هذا المنجز وحداثته في التأثير على المجتمع نظرا لوصفه بهامشية ما يمثله، ونظرا للحصانة التي تتمتع بها المعتقدات الراسخة اجتماعيا، وغير المسموح بمناولتها من طرف النقد، بعد أن رضيت الهوية المذكرة التي اخترعت منطق الفحل، أن تتحول إلى ديوان يستطيع ترجمة الذات والآخر في نفس الآن.
وإذ يتجه النقد الجندري نحو الماضي لتفكيكه وخلخلة مرجعياته التي أهانت النساء عبر التاريخ، يتجه بقوة إلى التحليل المُفضي إلى اكتشاف العناصر المكونة للنص الحديث المندرج في خانة الكتابة النسائية، وحصر معالمه البارزة وخلخلة القار من معطياته في السلوك وبنية التفكير العام، إذ ليس النص النسائي تعبيرا عن أديولوجية كاتبته، وليس انعكاسا لمجتمع تسوده الأغلبية، وإنما هو نص يمنحك الشعور بأزمة أقلية، تسكن مساحات الصمت داخل النص وخارجه، كما تسكن في نوعية تعثراته وهو يتطرق للمسكوت عنه، كما يعكس حقيقة أن الذات الانسانية ينخرها التعدد، بمعنى أن "الآخر" يسكن الذات ولا يوجد خارجها، وهذا يدفع للقول بأن كون الانسان ذكرا أو أنثى ليس قدرا محتوما إلا حينما توهم به الثقافة السائدة. ففي حين يصعب حصر الكيان الإنساني في عقيدة أو تقليد أو جنس، فكل ذات ذكرا أو أنثى لا تصمد أمام كون الانسان عبارة عن ذوات تختلف باختلاف أحوال الذات نفسها في الأزمنة والأمكنة المختلفة.
إن مهمة الناقد الأدبي النسائي ( =الناقد الجندري) هنا بالإضافة إلى رصد أدبية النص، هي أن يكشف عن شبكة الممارسات المادية والأيديولوجية والرمزية التي تغلّف كل فعل تعبيري صادر عن النساء، ولهذا يرتبط النقد الجندري بشكل عضوي بإبداع المرأة، وبإعادة اكتشاف وتقييم أعمالها الأدبية التي ظلت بعيدة عن أن تنشئ في الماضي تقليدا قائما بذاته، أو أن تكون حاليا جزءً عضويا من التقليد الأدبي المعترف به، ولعل اللغة الأدبية والجسد الأنثوي اللذان منحناهما جانبا تحليليا مهما، يعتبران من بين الآليات التي استعملت لكبت المغايرة وكبث الأنثى، ولعل اعتمادنا على التفكيكية كمنهجية أكثر من المنهج السيميائي ترجع إلى :"أن الميل إلى سيميائية محضة سبب ومؤثر في الوقت نفسه لميل أكثر عمومية في السرديات لعزل النصوص عن سياق إنتاجها واستقبالها"( ).
إن الاستنتاج الذي يقول بأن الثقافة الأبوية تُخضع لها هذا التغاير بواسطة الطرق اللغوية، من الواجب كشفها ومعرفة آليات اشتغالها التي مكنت الرجل من طمس معالم المرأة والمؤنث فيها، حيث عملت على شيوع أديولوجية التضاد بين الرجل والمرأة.
وقد شملت تمثلات اللغة كل شيء، وامتدت فضاءاتها إلى القانون اللغوي المؤطر للعلاقة بين الذكر والأنثى، فساد الضمير المذكر وهيمن على الخطاب ومَحْوَرَهُ حول نفسه، بالرغم من أن أغلب النحويين يقولون بعشوائية الجنس النحوي واستقلاله عن الدلالات والإشارات الجنسية، وعلى إثر ذلك اختارت النساء المشتغلات بالسياسة أساليب لغوية جديدة وفرت لهن الإقتراب من اللغة السائدة ، لغة السلطة، التي هي لغة الرجل. إن الخطاب اللغوي في مجمله، ومهما كانت طبيعته يبقى مسكونا بامتدادات ذكورية لها من القوة بحيث تستطيع الاستحواذ على جنس المتكلم، فالجسد الأدبي يلخص الجسد الفيزيقي باعتباره تمثيلا رمزيا داخل النص، فلكل كاتب أو كاتبة تصوره(ها) الخاص للجسد، يقدم في حلة لغوية تدعم هذا التصور، فاللغة عملت بشكل متواصل على تقديم تصور المجتمع للجسد الذي يحدد النسق الثقافي بشكل آلي، فيجعل منه جسدا مطلقا لا يخاطب وعينا بقدر ما يخاطب الذاكرة الممتدة في الزمان.
• إذن كيف وظفت المرأة جسدها في مواجهة النسق الثقافي، وكيف كتبت به تلك المواجهة ودوَّنتها؟
2) المرتكزات النقدية للنقد الجندري: رصد التوظيف الأدبي للجسد الأنثوي
يعتبر الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية تلك القارة الشبه المجهولة التي تعلن تحديها أمام الأدب، ومحورا تتمركز حوله تحليلاتنا المنصبة على النص الأنثوي، فهو موضوع استأثر باهتمام الكاتبات أنفسهن، فالجسد كانت له دائما أهميته الخاصة في عالم المرأة، وفي التمثيلات التخييلية السردية التي تجعل منه محورا تتمركز حوله العلاقات الخاصة بالأحداث والأفعال والوقائع، وبما أن التمثيل السردي يعمل على إعادة تركيب المهيمنات الثقافية التي تظهر تجلياتها بكل وضوح في النص الأنثوي، فإننا سنسلط الضوء على موضوع الجسد الأنثوي، باعتباره موضوعا مارست عبره المرأة الحاكية الانتقال من الشفهية نحو الانكتابية، وذلك لما تم تحميله من إيحاءات مرتبطة بحرية المرأة، وبالانتهاك الرمزي والثقافي والمجتمعي الذي تتعرض له في عالم مشبع بالثقافة الذكورية، ولهذا أصبح الجسد الأنثوي مع ألف ليلة وليلة بداية ، ناطقا رسميا عن السرد العربي لكونه غير معزول عن الخلفيات التاريخية والتطلعات والقيم النفسية والشعورية والعقلية والاجتماعية المتصلة بالمرأة وعالمها، كما وظفته النساء في حركة تحريرهن، باعتباره شكلا من أشكال مقاومة الغطرسة الذكورية: الثقافية والاجتماعية التي تمارس قمعا تاريخيا ضد النساء.
يأتي الجسد الأنثوي بالنسبة للكتابة النسائية كما ذكرنا سابقا، في المقام الأول لمواجهة ومقاومة المؤسسات المهيمنة التي تدعم سيطرة الرجل، ومنها اللغة والخطاب الرمزي المبثوث في الكلام والصور والأساطير والكتابة والطقوس، فالنسوية الفرنسية على لسان آن روزا ليند جونز Ann Rosalind Jones ترى أن: "مقاومة ذلك تأتي من خلال استعادة المتع الجسدية الطفولية، ومن بعد ذلك المتع الجسدية التي قمعها قانون الأب، لكنه لم يستطع محوها، وعلى المرأة أن تعيش تجربتها الجسدية في ضوء معطيات جديدة لا تفرضها مركزية الرجل"( ).
وإذ تتفق آن روزا ليند جونز مع لوسي إيريغاري حول إمكانية الجسد الأنثوي في بعث طاقة ما لدى النساء، تذهب هيلين هيكسوس إلى أبعد مدى لتضع للجسد الأنثوي الإمكانية الأمثل في استمتاع المرأة بوجودها ووعيها وكتابتها. وهذا التوجه يقود الباحثات نحو أهمية الجسد الأنثوي في وجود وكينونة المرأة، يجعل خبرة المرأة بجسدها من بين المكونات الموضوعية الوحيدة لدى النساء التي تقف في وجه الأنماط الذكورية الرمزية المتغلغلة في الفكر الغربي، ويتم ذلك في الغالب، بإعلان المرأة عن هويتها الجنسية التي تبدأ بإعلانها عن جسدها كشكل من أشكال الاختلاف الحاد بينها والرجل.
وإذ نتفق مع التوجه الذي عبرت عنه الكتابات الفرنسيات في أن الجسد الأنثوي يجب أن يُرى مصدرا للكتابة النسائية، تكون قيمة الجسد الأنثوي في بحثنا هذا، خطابا له من القوة ما يجعله معولا بيد المرأة تستطيع أن تهدم وتعيد بواسطته بناء واقع اجتماعي ذكوري متحيز. مع ذلك لا ندعي، كما تقول النسوية الفرنسية، بأن الجسد الأنثوي هو المصدر الوحيد لمعرفة الذات، هذا إن لم يكن بالفعل واسطة تصل بين معرفة داخل المرأة ومعرفة خارجها.
إن النقد النسائي المتأخر خاصة مع آن روزا ليند جونز يذهب إلى القول بأن الجنسية الأنثوية لا توجد سابقة على الخبرة الاجتماعية، تقول في ذلك: " إن النسوية التي يتفق الجميع على أنها ليست شيئا متأصلا في النساء أو الرجال، بل إنها تتكون من خلال مواجهات المرء مع عائلته الصغيرة أولا، ومع الأنظمة الرمزية التي يكون لها تأثير كبير على نظرة الفرد إلى الموضوع الجنسي( ).
ولا عجب أن تتفق النسوية الأمريكية مع النسوية الفرنسية في كون الجسد الأنثوي هو أفضل مكان تستطيع بواسطته النساء أن يعبرن عن رفضهن للقوى الذكورية التي تحاول عزلهن، فمنذ السبعينات من القرن الماضي لم تقف الكاتبات عن مساءلة انخراط الأنثوية في الكتابة، بل انخرطن في منح كتابتهن شكل من أشكال التعبير "النقابي" والنضالي للدفاع عن حرية المرأة، ولكن انطلاقا من خصائص الاستثناء والخصوصية.
• فهل يمكن للجسد الأنثوي أن يكون مصدرا لخطاب بديل ينتقل من الاستعراض الاجتماعي إلى "الإستربتيز" النصي المكتوب ؟
تحتاج استراتيجية المرأة الكاتبة من أجل تثبيت خطابها الرمزي، لمقومين أساسيين عبرت عن أحدهما مادلين جاجنون في قولها :"لسنا سادة لأنفسنا، ولا لغيرنا، ولا نواجه أنفسنا كي نستطيع تحريرها، ولا نبقى متطلعين إلى أنفسنا كي نفهم أنفسنا، كل ما نملك أن نفعله هو أن نمحو كل ما يمكن أن يعيقنا أو يضر بنا في سبيل إنشاء أشكال جديدة من الكتابة، فنحن نستبقي ما يمدنا بالقوة، وما هو ملائم لنا، وهذا سيخلخل وضع الرجل المتمركز حول ذاته"( ).
أما العنصر الثاني من الاستراتيجية فيكمن في الصعوبة التي تجعل النساء ينتقلن من الجسد إلى اللغة، والتي تضع المرأة وجها لوجه مع النظام الرمزي، حيث تنتفض كل الطابوهات لتعلن عجز النساء عن القيام باختراق اللغة التي تحمل منذ عصور وجهة نظر الرجل، ورؤيته للعالم.
فالمرأة وهي تستعمل اللغة، تضع فيها اكتشافها لمتعتها الحسية الصادرة عن علاقتها بجسدها، إنما تكتب للآخر المتلقي الذي يملك سلطة وذوق جمهور القراء، كما يملك وسيلة النشر والتوزيع.
• فهل تكتب المرأة ما تريد وهي بعيدة عن المجتمع الذي تكتب له؟
هذا تساؤل جوهري عبرت عنه آن روزا ليند جونز بسؤال آخر قالت فيه: "حسنا، أنتِ الآن جالسة في مكتبك، وحيدة، لا تسمحين لأحد ولا لأي شيء أن يعيقك، فهل أنت حرة الآن؟
وقد أجابت الكاتبة عن هذا التساؤل العميق في نقطتين يشكلان لحد الآن أهم إجابة مازالت تحكم السلوك الكتابي للمرأة، تقول:
أولا: "بعد هذا التحقيق الطويل، أنتِ تسبحين في حساء مرعب من القيم، ولكي تكوني آمنة، عليك أن ترفضي ما يسمى بالقيم الأنثوية التي هي في حقيقتها ليست أنثوية، بل هي مخطط اجتماعي، وعليك أن تتماهي مع القيم الذكورية التي ليست ذكورية، بل إن الرجال استولوا عليها، وأعطوها سمة القيم الإنسانية، عليك أن تمزجي كل هذا بقيم مضادة من القهر والعنف والسيطرة وما يشبهها، في هذا الخليط، أين توجد هويتك الحقيقية؟
ثانيا: يفترض أنك تكتبين في شكل محدد، أعني شكلا محددا تشعرين فيه أنك لم تغتصبيه من أحد، روايات أو شعر موجه لجمهور محدود، وفي هذه الحالة سيسميك الجمهور بالشويعرة أو الروائية الضعيفة، ولا تستطيع كل امرأة أن تتحمل هذا"( ).
خاتمة:
إن الطبعة الفرنسية في الكتابة النسائية لم تكن لتقوم وتؤثر لو لم تحتو على تجاوزها في ذاتها، فهي تقتطع التميز مستخدمة قطع غيار من داخل الثقافة الذكورية نفسها، فالطرح الجديد الذي أسسته الكتابة النسائية لوعي المرأة سوف لن يقُم بدون خلق اتجاهات ومدارات في اللغة، بنحوها وتراكيبها واصطلاحاتها الأحادية الجانب، والتي تحصر معرفة الذات النسائية وتكبح انطلاقة المؤنث نحو عالم خال من السيطرة الذكورية المادية والإيديولوجية، فما على المرأة مسلحة بوعيها الجديد سوى أن تتجه بكل قوتها إلى خلق تركيبة جديدة لثورتها: الجسد/اللغة، لتدرك أن كتابة الجسد الآن تعد من بين الميكانيزمات التي تنخر بها جسد الثقافة الذكورية القائمة.
هكذا استثمرت الكتابة النسائية الجسد الأنثوي:
أولا: باعتباره مدخلا لفهم استراتيجية الجسد في التعبير عن نفسه وعن هوية حامله.
وثانيا: من أجل خلق شرعية ثقافية- نصية culturo- textuelle لهذه الكتابة التي تمتح من معين الجسد لتجعل الظاهر يعبر عن الداخل وعن توقه إلى التحرر، ونزع قشرة الاستعباد عن الذات الأنثوية، الشيء الذي شكل غنًى وثراء في هذه الكتابة، وهي تلتحق بالمد الإبداعي والنقدي.
المراجع
 دروسيلا كورنيل، مفاهيم عالمية، جنفييف فريس وآخرون، ترجمة أنطوان أبو زيد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2005.
 تميم المصطفى ، التمثلات وتوظيفها في اكتساب المعرفة، جمعية البحث والتأليف والترجمة والنشر لجهة تادلا أزيلال، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2002.
 سعيد خالدة ” المرأة التحرر الإبداع ” سلسلة بإشراف فاطمة المرنيسي، نشر الفنيك، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، سنة 1991.
 -ر.ل تراسك، أساسيات اللغة"، ترجمة رانيا ابراهيم يوسف، المشروع القومي للترجمة 381، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة سنة:2002.
 لانسر سوزان ، "نحو علم سرد نسوي"، مجلة نوافذ، عدد 33 ،شتنبر 2005.
 آن جونز روزا ليند: كتابة الجسد: محاولة فهم الكتابة النسوية، ترجمة أحمد صبرة، مجلة نوافذ عدد 33، سنة 2005.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟