الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابعد الجاسوس

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2023 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هل ماتت مصر ، هل إنتهت ، هل دمرها السيسى تماماً ، وهل فقد الأمل إلى الأبد ؟ أم أنها يمكن أن تنهض من جديد ، كما سقطت ونهضت عبر العصور ، كم إنفصل الشمال عن الجنوب فى عصور من الفوضى فى العصور القديمة ، وعادت وإتحدت تحت حكم ملك قوى وواصلت مسيرتها الحضارية الكبيرة ، كم أكلت القطط والكلاب فى العصور الوسطى ، ثم عادت لتحتل قبرص وتهزم المغلول فى أخرياتها ، وكيف وليها محمد على على مشارف العصور الحديثة،مجرد بلد فقير فجعل منها أكبر دولة فى الشرق الأوسط بعد أن وصل إلى حكمها سنة 1805م بعد كفاح شعبى مرير، ليجد فى إنتظاره ثلاث عقبات رئيسية تهدد مشروع مصر الحديثة الآخذ فى التبلور فى ذهنه ، المماليك والمشايخ والجهل العام ، فقرر معالجتها بطريقته ، قتل المماليك النهابين ، ونفى المشايخ الدجالين ، وأرسال البعثات للتعلم من الأوربيين ، إن هذا هو نفس مايجب أن تفعله مصر بعد رحيل الجاسوس ، القضاء على المماليك ونفى المشايخ والعودة للإلتحام بمسيرة الشمال الأوربى ، مرة واحدة وإلى الأبد هذه المرة ، ولاداعى لفقدان الأمل ،،،
حكم المماليك مصر والشام سنوالت طويلة بعد سقوط دولة الأيوبيين من خلال دولتيهم ، دولة المماليك الأتراك التى أسسها بيبرس سنة 1260م ، ودولة المماليك الجراكسة التى أسسها برقوق سنة 1382م ، وعادوا حتى بعد أن هزمهم العثمانيون فى مرج دابق سنة 1517م وإنتزعوا منهم مصر والشام ومعظم النفوذ فى الشرق الأوسط الإسلامى الوسيط ، للظهور فى القرن السابع عشر ، ونافسوا الولاة العثمانيين وإستولوا على حكم مصر والشام مرة أخرى حتى زمن الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798م وهزيمة إبراهيم ومراد وفرار الأخيرين إالى الشام والصعيد ، ليظلوا فى المشهد السياسى بين الفرنسيين والإنجليز وحتى يصل محمد على إلى حكم مصر ويقضى عليهم فى مذبحة القلعلة الشهيرة سنة 1811م ، لكن المماليك لم يموتوا مع ذلك ، فقد ظلوا جينات خبيثة فى خلايا المصريين ليعودوا الى الحكم مع سنوات الإستقلال ، وليؤسس لهم جمال عبدالناصر مملكة ثالثة هى مملكة المماليك الفلاحين ، والتى منها جاء الجاسوس عبدالفتاح ، وهذا مالايجب أن نسمح به مرة أخرى أبداً ، فليكن الجاسوس عبدالفتاح ، آخر سلاطين المماليك ،،،
أما المشايخ والكهنة ورجال الدين ، فقد كانوا شركاء الملوك والحكام منذ أقدم العصور ، يتقاسمون معهم السلطة ، كمايتقاسمون الثروات ، فهم الذين يحرقون البخور فى معابد الملوك ، ويولونهم الملك بإسم الإله ويشرعون مظالمهم ويخدمون مقابرهم ، ويخلفونهم أحيانا إذا تدهورت بهم الأحوال ، وإسم آى خليفة توت عنخ آمون إسم مشهور ، وفى إسرائيل القديمة كان منصب الكاهن الأكبر يساوى أحياناً منصب ملك إسرائيل ، وفى المسيحية أصبح البابوات خلفاء المسيح، وأحياناً خلفاء الأباطرة والملوك ، يتشحون بالأردية الملكية و يضعون التيجان ويحملون الصولجانات ، أما شيوخ الإسلام فهم فى غنى عن التعريف ، شركاء الملوك والسلاطين وضيوف السماط وخطف الكباب والحمام والمزارع والإقطاعات وإذا ماتدهورت الأحوال طمعوا بدورهم فى السلطان وأنشأوا الممالك الصغيرة والعصابات ، قرامطة وخوارج وحشاشين ، وكان مافعله محمد على فى الواقع هو محاولة القضاء أو التقليل من إمتيازات طبقة المنافقين هؤلاء ، فعندما بدأ عملية الإستحواذ على الأراضى الزراعية لصالح الدولة ، أراد أن يقلل أيضاً من إمتيازات أراضى الوقف ، وكانت كثيرة يديرها الشيوخ ، وكان عمر مكرم ممن ذكى محمد على للمصرين وإعتقد بذلك أن له نصيب فى إدارة البلاد ، وعندما إعترض على المساس بأراضى الوقف ، نفاه محمد على إلى دمياط ، لم يقتله كما قتل المماليك ، لكنه نفاه وأبعده عن المشهد السياسى هو وكل طبقته الطفيلية و قلل من إمتيازتهم وأخضعهم لسلطة الدولة المباشرة ، وهذا هو مايجب أن نفعله أيضاً ، فلا كهنة ، ولا أزاهرة ، ولا إخوان، ولا سلفيين ، بعد رحيل الجاسوس ،،،
أما أوربا الفاعل الثالث الأكثر أهمية فى حركة تاريخ المصريين وكل شعوب جنوب المتوسط ، فهى ليست مجرد مسألة تعلم وتعليم ، إنها نداء التاريخ ، فقد عاشت هذه المنطقة من العالم ، شمال وجنوب المتوسط نحو ألف عام من الحضارة المشتركة فى العصر اليونانى الرومانى بعقيدة واحدة مشتركة وسلام نسبى وتطور حثيث ، حتى فصلت غزوات الإسلام الجنوب عن الشمال فصلاً تعسفياً مرير، ومنذ ذلك التاريخ والجنوب يعانى من مشكلة حضارية هى التى نسميها هنا بأنين التاريخ ، العودة إلى ذلك الزمن البعيد بالقيم المشتركة، والسلام النسبى والتطور الحثيث ، ردم الجسور بين العصور، فمازال الجنوب يخضع خضوع أعمى للإسلام ، بينما تطور الغرب من نهضة إلى إصلاح إالى علمانية ديموقراطية فقوميات وحروب ثم فى إتحاد أوربى واحد يدافع عن وجوده اليوم أمام بقايا الإستبداد ، تطور كبير قطعه الشمال ، تخلف مستمر ظل به الجنوب ، أنين التاريخ هو الحنين المؤلم للإتحام بالشمال وتجاوز مراحل التاريخ ، ليست مجرد حالة من التعلم والتعليم ، وبالطبع لانعرف إذا كان محمد على قد قصد كل هذا الجدل التاريخى ، أم أنه كان يقصد فقط مجرد التعلم من الشمال المتقدم ، لكن وعلى أى حال ، فإذا فلم يكن قد قصد كل هذا الجدل فقد قصدته الأجيال اللاحقة من دولته فى القرن العشرين ، قصدها طه حسين فى مستقبل اثقافة فى مصر، وقصدها أمين عثمان عندما قال أن علاقة مصر ببريطانيا زواج كاثوليكى ، وليست مصادفة هنا أن قاتل أمين عثمان كان هو الفلاح أنور السادات ، أحد مؤسسى دولة مماليك الفلاحين النهابين بعد ذلك بسنوات قليلة ، التوجه شمالاً وبلارجوع هذه المرة ، هى الدعامة الثالثة لمصر الجديدة بعد رحيل الجاسوس ، وفقط فى خلال عقد أو عقدين ، ستعود مصر إلى الحياة بالتأكيد ،،،
ومع كل ذلك الإستشراف الصحيح ، تظل الوقاية خير من العلاج ، فلاداعى لإن ننتظر الرحيل كى نبدأ من الصفر من جديد ، وهيا بنا فوراً نخلع الجاسوس ،،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب يقلد المشاهير ويصف بعضهم بكلمة ????


.. إيرانيون يعلقون على موت رئيسي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. آفة التنمر تنتشر في المدارس.. ما الوسائل والطرق للحماية منها


.. مصرع وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية




.. مصرع الرئيس الإيراني.. بيانات تضامن وتعازي ومواساة ومجالس عز