الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المقاومة تقلب الطاولة على مخرجات قمة العقبة الأمنية
عليان عليان
2023 / 3 / 1القضية الفلسطينية
المقاومة تقلب الطاولة على مخرجات قمة العقبة الأمنية
بقلم : عليان عليان
بعد المهزلة التي ارتكبتها القيادة المتنفذة لمنظمة التحرير، وفي السلطة الفلسطينية ممثلةً بالتنازل عن طرح موضوع الاستيطان في مجلس الأمن، ، لاستصدار قرار يدين الاستيطان مجدداً بوصفه غير شرعي وغير قانوني ، على النحو الذي حصل عام 2016 في استصدار القرار رقم 2334 ، واكتفائها بإصدار بيان رئاسي لا يسمن ولا يغني من جوع ولا قيمة قانونية له ،جاءت قمة العقبة ، لتكشف عن جوهر التفاهمات التي تمت بين الإدارة الأمريكية وقيادة السلطة الفلسطينية في شقها الأمني ،ولتكشف التنازلات التي قدمتها الأخيرة مقابل دعم واشنطن للسلطة لبسط سيطرتها على الضفة ، بعد أن فقدت حضورها على الأرض جراء المقاومة المشتعلة في سائر أرجاء الضفة الغربية وخاصةً في محافظتي جنين ونابلس.
قراءة أولية في بيان قمة العقبة
من يقرأ بيان قمة العقبة في شقه الفلسطيني- الصهيوني ، يكتشف مدى السقوط المريع للقائمين على السلطة والأجهزة الأمنية ، وتحولهم مجدداً إلى مجرد أدوات أمنية للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني ، غير آبهين بعذابات أبناء الشعب الفلسطيني وتطلعاتهم الوطنية ، ولا بدماء الشهداء ، ولا بعذابات الأسرى، الذين يحضرون هذه الأيام لانتفاضة في وجه الإجراءات الإسرائيلية ،التي تسعى لسلب المنجزات التي حققتها الحركة الأسيرة بنضالاتها المستمرة على مدى عدة عقود ، ما يدفعنا للجزم بأن قيادة السلطة في موقفها الهزيل ، باتت على يمين كيانات التطبيع الإبراهيمي ، إن لم يكن أكثر ، إذ أنها بتنسيقها الأمني مع العدو ، وباعترافها قبل ذلك بحق الكيان في الوجود في اتفاقيات أوسلو ، وبتركيزها على البعد الأمني في كافة الاتفاقيات اللاحقة " اتفاق الخليل 1997، اتفاق واي ريفر 1998 ، خارطة الطريق 2003 و مخرجات مؤتمر الشيخ 2006، اتفاق أنابوليس 2007 ، تكون أول من سهل مهمة هذه الكيانات في الدخول في مستنقع التطبيع الإبراهيمي ، وفي اختراع الديان الإبراهيمية!؟
فالقمة لم تنطوي على أي بعد سياسي ، يمكن أن تتستر ورائه قيادة سلطة الحكم الذاتي المحدود لينقذ ماء وجهها المهدور ، إذ أن ورود بند يتحدث عن التزام الطرفين الفلسطيني( السلطة) و ( إسرائيل) بالاتفاقيات الموقعة بينهما ، أمر مثير للسخرية المرة ، ويطرح سؤالاً محدداً : متى التزم الكيان الصهيوني بأي اتفاق من الاتفاقات الموقعة منذ أوسلو 1993 وحتى اللحظة الراهنة .
ففي الوقت الذي تخلت حكومات الكيان الصهيوني المتعاقبة، عن اتفاقات أوسلو ومشتقاتها بشكل مطلق، وألقت بها في سلة المهملات ، بعد أن وظفتها كغطاء للتهويد والاستيطان وبعد أن أخذت ما تريده منها : من التنسيق الأمني، إلى مصادرة الأراضي والاستيطان إلى تهويد القدس ،ورفض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ألخ ، راحت السلطة تتشبث بها على مدى حوالي ثلاثة عقود ،وتلهث وراء سراب حل الدولة والدولتين وتغرق نفسها في تقديم خدمات التنسيق الأمني، لحماية أمن العدو والمستوطنين بدون مقابل.
قمة العقبة أمنية بامتياز ، وعندما يتحدث البيان الختامي عن وقف الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي) الإجراءات أحادية الجانب لمدة تتراوح بين (3- 6 أشهر) ، فإنه في الترجمة العملية يعني وقف تحرك قيادة السلطة المزعوم ، على صعيد الأمم المتحدة و المؤسسات الدولية، ووضعها الخطة الكفيلة بالتنسيق مع العدو ، لإنهاء ظاهرة المقاومة، تنفيذاً لتعليمات المخابرات الأمريكية ،خاصةً وأن البيان لفت إلى مسألة محددة وهي " أن السلطة الفلسطينية اتفقت مع سلطات الاحتلال للدخول في حوار مباشر لمعالجة القضايا العالقة بما فيها قضية العنف.
وعندما يتحدث البيان عن الاستيطان، يستخدم نص ملتبس " مناقشة وقف بناء الوحدات الاستيطانية لمدة أربعة شهور ، ومناقشة تشريع البؤر الاستيطانية لمدة ستة شهور " أي لا يوجد نص حول وقف الاستيطان لمدة معينة بل مجرد " مناقشة موضوع الاستيطان" ... وهذا النص هو الذي دفع نتنياهو ، للتصريح بأنه لم يتنازل بشأن الاستيطان ، وهو الذي دفع " سيموريتش للتصريح بأن الاستيطان لن يتوقف يوم واحد.
وبغض النظر عن هذا النص الملتبس، فإن قبول الوفد الفلسطيني به ، يسهل مهمة العدو في الاستمرار في الاستيطان، بعد أن تخلت السلطة الفلسطينية عن طرحه للتصويت عليه في مجلس الأمن ، ناهيك أن ما تم على صعيد الاستيطان قبل قمة العقبة ، غير مشمول في مناقشات قمة العقبة ، وهو ما أقرته حكومة العدو سابقاً بشأن بناء عشرة آلاف وحدة استيطانية وتشريع تسع بؤر استيطانية.
وعندما ت يتضمن البيان الختامي ، بندا حول وقف التصعيد من الجانبين فإنه يعني في التطبيق العملي ،أن تقوم السلطة الفلسطينية بتفعيل دورها في التنسيق الأمني في إطار التفاهمات مع الكيان الصهيوني والمخابرات الأمريكية، لإجهاض المقاومة الفلسطينية المشتعلة في الضفة الغربية على نحو غير مسبوق منذ عام 1967 .
بنود الخطة الأمنية الأمريكية
ما لم يرد في بنود اتفاق العقبة هو الأخطر ، ووفق المواقع والمصادر الإسرائيلية فإن قمة العقبة ناقشت وأقرت الخطة الأمريكية ، التي تستهدف من جهة إجهاض المقاومة في جنين ونابلس وبقية أرجاء الضفة العربية ، ومن جهة أخرى حل المأزق الأمني والسياسي للكيان الصهيوني ودفع الكيان الصهيوني للتوحد (حكم ومعارضة) في مواجهة المقاومة المشتعلة التي باتت تلحق خسائر بشرية كبيرة في صفوف العدو سواء من الجيش أو المستوطنين والتي دفعت اللواء في احتياط الاحتلال، ورئيس "الموساد" السابق، داني ياتوم، للتصريح "بأن عمليات المقاومة التي تتم في وضح النهار تظهر أن إسرائيل فقدت الردع " ودفعت وزير الحرب الصهيوني "يواف غالانت" للتصريح " "بأن أياماً صعبة تنتظر ( إسرائيل)".
وتشتمل الخطة الأمنية الأمريكية على :" تشكيل لجنة أمنية مشتركة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني بإشراف أمريكي، لتفعيل التنسيق الأمني ولاختبار فعاليته ومخرجاته" ، وتدريب (5000) عنصر في الأردن ، وإرسالهم إلى محافظتي جنين ونابلس لقمع المقاومة ، مع تقليص كبير لنشاط جيش الاحتلال في المدن الفلسطينية، وعلى أن يشرف ضباط أمريكيون وغربيون على نقتط الاحتكاك في الضفة الغربية.
المقاومة في مواجهة مخرجات قمة العقبة
لقد انطوت العمليات الفدائية التي نفذها فدائي فلسطيني الأحد الماضي ( السادس والعشرين من فبراير/ شباط الجاري )في بلدة حوارة وأسفرت عن مصرع اثنين من المستوطنين وكذلك العمليتان اللتان تلتها في اليوم التالي في أريحا وفي بلدة قصرة وأسفرتا عن مصرع مستوطن وإصابة آخرين بجروح ، ... انطوت هذه العمليات على أهمية خاصة من حيث التوقيت وعلى أهمية خاصة من حيث الرسائل لكل من يهمه الأمر .
فمن حيث التوقيت كانت " ضربة معلم بامتياز" حيث جاءت عملية حوارة في ذات اليوم الذي عقد فيه اجتماع العقبة، وعمليتا أريحا وقصرة في اليوم التالي لهذا الاجتماع ، لتقلب الطاولة على رأس الفريقين الأمنيين الفلسطيني والإسرائيلي وعلى المخابرات الأمريكية ووكلائها في المنطقة ، ولتؤكد أن المقاومة وحدها هي القادرة على إلحاق الهزيمة بالاحتلال والمشروع الصهيوني.
ومن حيث التوقيت أيضاً : جاءت هذه العمليات لتشكل رداً فورياً وفي زمن قياسي على مجزرة نابلس، لتؤكد أن مجازر العدو لن تمر بدون رد فاعل ، وأنها لن تفت في عضد المقاومة بل ستزيدها اشتعالاً.
ومن حيث الرسائل :
الرسالة الأولى : موجهة لكل الأطراف المتآمرة على المقاومة ، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية "أن مؤامرتكم لن تمر وأن المقاومة باتت ظاهرة عصية على الكسر ، وماضية في طريقها حتى دحر الاحتلال وتحرير فلسطين ، وأنها غير معنية إطلاقاً بخطاب التسوية البائس الذي وضع قضيتنا على مذبح التصفية".
والرسالة الثانية موجهة لقيادة السلطة تقول لها ما يلي :
أ-بأن تنسيقها الأمني مع الاحتلال لن يجدي نفعاً وسيزيد من عزلتها عن الشعب الفلسطيني وأن المقاومة شبت على طوق التنسيق الأمني سواء بإشراف أمريكي أو بدونه.
ب-أن كتائب دايتون الجديدة ،التي يرأسها الجنرال الأمريكي " مايكل فنزل " لن يكون بوسعها تنفيذ المهمات الموكلة إليها بحكم التصدي الشعبي والفصائلي لها..
ج- أن المقاومة هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ، بحكم استنادها لعموم الشعب الفلسطيني باستثناء قلة من المرتزقة ومن فئة الكومبرادور ، التي تشكل رغم إمكاناتها نسبة قليلة جداً من الشعب الفلسطيني.
والرسالة الثالثة موجهة للكيان الصهيوني مفادها : أن مجازره واعتداءاته لن تهبط عزيمة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ، بل ستزيدها قوةً وإصرارا ، بحكم أنها تجمع بين المقاومة المنظمة في صفوف الكتائب وبين العمليات الفردية المرتبطة بحبل سري مع المقاومة المنظمة ، وأن عليه أن يتذكر سلسلة العمليات في قلب تل أبيب ومحيطها رداً على مؤتمر ( النقب 1) وأن تتذكر عملية "خيري علقم" رداً على مجزرة جنين ، وأن تتذكر عملية حوارة رداً على مجزرة ابلس ، وأن تتذكر عملية الفدائي " الأيقونة" "عدي التميمي" في شعفاط رداً على إجراءاته الإجرامية في القدس والقائمة تطول وتطول ..
والرسالة الرابعة موجهة للأنظمة الوظيفية والمطبعة ، بأن تطبيعكم وتتبيعكم للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة ، لن يدفع شعبنا إلى اليأس والإحباط ، بل سيدفعه وفصائل المقاومة المستندة إلى العمق العربي الشعبي ، وإلى محور المقاومة ، إلى زيادة مفاعيلها وفق استراتيجية ثورية تفرز بين العدو والصديق ، ولعل معركة سيف القدس التاريخية كانت درساً للمطبعين العرب بها الخصوص.
ما المطلوب في مواجهة الهجمات المنظمة لقطعان المستوطنين؟
جاء العدوان المنظم وغير المسبوق من قبل قطعان المستوطنين ( 500 مستوطن " من أتباع بن غفير وسيموريتش وغيرهما ، على بلدة حوارة وبقية القرى المجاورة، بتغطية وحماية من قوات الاحتلال ، والذي أدى إلى استشهاد مواطن فلسطيني وإصابة المئات وحرق ما يزيد عن (75) منزلاً ومائة سيارة ، وتدمير ممتلكات المواطنين من ماشية ومحلات تجارية وغيرها ، ليدق ناقوس الخطر وليطرح أمام المقاومة مهمات جديدة على رأسها ( أولاً) المباشرة في تسليح المواطنين في القرى والمدن والمخيمات ( وثانياً) تشكيل لجان حراسة ، تتولى الدفاع بشكل أولي ولدق جرس الإنذار للأهالي للتأهب لمواجهة المستوطنين ( وثالثا) الانتقال من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم على المستوطنين في المستوطنات والطرق الاستيطانية التي تتلوى في طول الضفة وعرضها (ورابعاً) منع العدو من الاستفراد بهذه القرية أو المدينة ، من خلال إشعال المقاومة في أكثر من منطقه ضد المستوطنين ونقاط تواجد قوات الاحتلال ، ما يتطلب وضع استراتيجية للمقاومة الشاملة مع العدو الصهيوني ومع قطعان المستوطنين.
وأخيراً لقد عرت قيادة السلطة نفسها، وباتت تلعب على المكشوف ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ، فهي مثلما وفرت الغطاء السياسي لإقامة دولة المستوطنين في الضفة الغربية عبر اتفاقيات أوسلو ، ها هي الآن توفر الغطاء مجدداً للعدو في ارتكاب جرائمه ضد شعبنا وفي إقامة العديد من المستوطنات الجديدة ، ما يتطلب من فصائل المقاومة أن تغادر خطاب المناشدات لقيادة السلطة بأن تتخلى عن اتفاقيات أوسلو وعن نهج التنسيق الأمني واتفاق باريس الاقتصادي ، بعد أن أصبح هذا الخطاب ممجوجاً على مدى ثلاثة عقود، وأن تلجأ إلى اسقاطه في الميدان من خلال:
أولاً: تحريك الشارع في الداخل والشتات بشكل يومي ،في إطار حملة منظمة تحت عنوان " إسقاط أوسلو والتنسيق الأمني".
ثانياً : توسيع دائرة المقاومة الشاملة ببعديها المسلح والشعبي.
ثالثاً : من خلال تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة ، تأخذ على عاتقها إدارة الصراع مع الاحتلال، ومع مفاعيل الخطة الصهيو أميركية السلطوية ، التي تسهر المخابرات الأمريكية على تطبيقها .
انتهى
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز