الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:12773 التاريخ يُزور حتى في معاهد الغرب

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2023 / 3 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


من خلال ضخ الأموال من قبل مؤسسات مشرقية.
بديهية لاتقبل الجدل تقول: إن الشرق بمراحله التاريخية هو منطلق العلوم والفنون كافة .وإذا أردنا أن نُقدم دراسات علمية عن ماضينا غير قابلة للطعن. علينا أن نُسمي تلك المراحل بأسمائها ولا نُجيرها إلى فترة هي من أضعف الفترات المشرقية إذا ما قسناها بما سبقها من مراحل ناضجة في تجاربها العلمية وفي نتائجها التي لا تُخفى على الباحث اللبيب الذي يعرف كيف يقرأ .
سؤال يطرح نفسه قائلاً.
هل العصر العباسي الذي قرأنا عنه في موضوع الترجمات من اليونانية والهندية والفارسية والسريانية والنبطية إلى العربية والذي نضجت تلك التجارب بمؤسسة ( بيت الحكمة) الذي بناه وأسس له الخليفة هارون الرشيد في القرن الثامن الميلادي .وكان علماء السريان أس عصر الترجمة حيث نقلوا جميع العلوم والمعارف من تلك الأمم ولغاتها التي أجادوها وأيّ إجادة إلى السريانية فالعربية أو إلى العربية مباشرة .لأنهم كانوا جهابذة العصر في العلوم النقلية .ونرى أن أبو جعفر المنصور يُتابع العمل التاريخي بعد الخليفة هارون الرشيد.وإذا كان من فضل للعرب المسلمين في ذلك فهو أنهم كانوا يشترون الكتب من اليونان والهند والفرس بالذهب ويحملونها على قوافل للجمال تأتي بها إلى بغداد ويقوم بترجمتها علماء وجهابذة السريانية آنذاك.
السؤال الثاني المنطقي . هل كانوا يترجمون علوم الأمم التي ذكرناها أم كانوا يترجمون علوم العرب وهل كان للعرب من علوم يومها؟!!
الحقيقة هناك جسراً يمكن أن نورده وهو أن الحضارة السومرية والأكادية ( البابلية منها أو الآشورية) ومعهم الحضارة السورية على الساحل السوري اليوم كانت هناك علوماً في مختلف المجلات نقلها اليونان والفرس والهنود إلى ثقافتهم حتى الفلسفة والفكر الفلسفي لم يكن لليونان . فاليونان أمة شعر وملاحم كالعرب . ولكنّ أحدهم ينزل إلى مصر الفرعونية التي كانت قد وصلت بالعلوم والإلهيات والبناء مالم يكن يسبقها غير العلوم في سومر وبابل ونينوى وهي الأخرى كانت قد جاءتها الفلسفة من بلاد النهرين .وبعد أن انتقل الفكر الفلسفي من بلاد مابين النهرين إلى مصر الفرعونية تمّ نقله إلى بلاد اليونان وعلى أيدي اليونانيين نجد نُضجاً للفكر الفلسفي في القرن السادس قبل الميلاد . ولهذا علينا أن نُشير إلى أهمية بالغة ونؤكد عليها. وهي أن ذاك الفكر الفلسفي اليوناني كان قد قام على أكتاف فلاسفة وعلماء كُثر أمثال. طاليس وفيثاغورس وديموقريطوس وسقراط وأفلاطون وزينون وغيرهم فهم من وضع أسس الفكر الفلسفي اليوناني معتمدين على قراءات واضحة المعالم للفكر المشرقي في بلاد مابين النهرين ( السومري والبابلي والأشوري والسوري )ومصر الفرعونية .
وإذا أردنا أن نُصوب أو ننبه لخطورة ما يحدث اليوم من لغط في أن ننسب حضارة لشعوب غير شعوبها علينا أن نصوب الأمر على الشكل التالي:
العلوم النظرية والعقلية والرياضية والفلك والجبر والفلسفة والطب وغيرها من علوم كانت نتاج حضارة بلاد مابين النهرين قبل الميلاد والتي تثاقف معها الغرب اليوناني كبوابة للأوروبيين الذين حافظوا على ثقافة الشرق في جوهرها الذي ألبسوه لغتهم وبعضاً من تراثهم . وبهذا فلليونان الفضل الذي لايمكن أن ننساه أو نتناساه حيث أنهم حافظوا على ثقافة وعلوم الشرق من الحرق أو الغرق أو الاندثار عندما اقتبسوا وترجموا ونقلوا علوم الشرق إلى بلادهم وكما نعرف فالعلوم الطبية المشرقية كانت تُدرس في جامعات أوروبا تلك التي تعود للحضارة الرافدينية في جذرها وساقها وأوراقها.
وعلينا أن ننتهي من مسألة قيام الحضارات بقراءة نشأتها العلمية لنصل إلى محطة مفصلية في هذا الشأن. لأنّ هناك من يُجير حضارة الشرق لتسمية دينية وهذا خطأ جسيم وترسيخه ليس في صالح الأجيال القادمة وثقافتها .لأنّ لا حضارة تقوم على الدين. ومن يريد أن يذهب ليقرأ ابن خلدون وابن رشد والنظريات الخاصة في نشأت الحضارة فليذهب ليقرأ ويتيقن بنفسه .لهذا نقول: هناك من يخرج علينا كل يوم بنظريات خاطئة حول هذا المحور وذاك .وعلى الجميع تصويب أيّ خطٍّ كان . وعلينا جميعاً تترتب المسؤولية التاريخية .فلا ننسب لأنفسنا ماليس لنا على أساس حالة تعويضية .إن الشرق بمراحله التاريخية هو منطلق العلوم والفنون كافة .وإذا أردنا أن نُقدم علوما ودراسات علمية غير قابلة للطعن علينا أن نُسمي تلك المراحل بأسمائها ولا نُجيرها إلى فترة هي من أضعف الفترات المشرقية إذا ما قسناها بما سبقها من مراحل ناضجة في تجاربها العلمية وفي نتائجها التي لا تُخفى على الباحث اللبيب الذي يعرف كيف يقرأ .
إن تضخيم الذات المشرقية الذي نراه واضحاً اليوم في أكثر من مفصل وأكثر من مجلس ومدرسة .يدل على حالة مرضية وليس حالة صحية . فإذا أردنا أن نكون أصحاء علينا أن نُحدد بشكل دقيق وواضح ويُنسجم مع كلّ أشكال الدراسات العلمية لفحص المواد التي نظن أنها تُحسب لنا .وأعود إلى ما كنتُ قد كتبته عام 1972م والمكان الحسكة فماذا قلتُ وهل تُفيد موضوعنا السابق بشيء إيجابي هذا ما سنجده في النص التالي.
(لا تاريخ بدون وثائق.هذا ما تقوله المدرسة المنهجية الألمانية .(.
أقرّ هذه القاعدة .كلّ من المؤرخين الفرنسيين (شارل لانغلوا) و(شارل سينوبوس) في كتابيهما ((مدخل إلى العلوم التاريخية ( .المطبوع بفرنسا ، باريس عام 1898م .
عندما قرأتُ هذا القول أعني القاعدة . منذ بداية الربع الأول من سبعينات القرن العشرين الماضي يوم رحتُ أفتش عن المناهج البحثية حتى أتعرف إلى الطرق السليمة فيما أكتبه من حوادث تاريخية منذ منتصف الستينات. كانت هذه القاعدة وغيرها موضوع إشكال بالنسبة لي لابل بدأتُ أشك في أنني نسيتُ المنطق الأرسطوطالي وغيره من علوم فلسفية .ولعدم توفر المصادر يومها تركتُ تلك القاعدة جانباً مع تحفظي على ماجاء فيها وتتبعتُ خطى المنهج التاريخي والمنهج التحليلي والوصفي والمقارن حيث كانوا ليّ بمثابة الطرق المعبدة التي أنوي السير عليها وأرتب مجموعة حصادي منذ سنين . لأنّ صنعتي تتطلب مني المعرفة السليمة والقويمة من أدواتها وطرقها وقراءة فضاءاتها المختلفة عبر فلسفة التاريخ ومناهجه الحديثة .ورغم هذا فقد استوقفتني هذه القاعدة وكررتُ قراءة مضمونها . فوجدتُ أنّ هذا القول لايتمتع بمصداقية كافية ومتميزة.إذا ما اسقطنا عليه المنهجية البحثية ذاتها ومضامينها وطرق جمع الحوادث التاريخية ومجموعة الأنشطة البشرية التي تكوّن تاريخ هذا المجتمع أو ذاك.
ولا أعتقد بأنّ كلّ من المؤرخين شارل لانغلوا وشارل سينوبوس كانا قد اعتبرا شهود العيّان من الوثائق .ومن المستحيل أن يكونا قد خلطا بين البشر والوثيقة والمستندات إذ أن هناك خلافاً بين معنى وثيقة أو الكتاب كمرجع وبين المصدر الذي هو شهود عيان .ورغم هذا لايمكنني مسايرتهما لأنّ شهود العيّان هم بشر مثلنا وليسوا بوثائق .عاشوا الحدث التاريخي أو الظاهرة التاريخية أو كانوا قد سمعوا عن حادثة تاريخية ما .
وبهذا أقول: إنّ التاريخ قد يكون رُقمْ. أوابد. تلال. أو كتاب. أو وثائق (مخطوطات ومستندات)وقد يكون متضمنا في التراث الشفهي من خلال القصص والأمثال لهذا الشعب أو ذاك .إنه التاريخ الذي أفصح لنا عن الكثير مما نجهله عن الماضي .وهو دروسٌ وعبرْ. ومن لايقف عند التاريخ ويقرأ نواميسه لن يكتمل علمه .فهو أكبر المدارس التي انطلقت منها المعرفة البشرية برمتها .
اسحق قومي.1972م. الحســـــــــــــــــــــــــــــــــكة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة