الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعتقام السياسة الوطنية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يمكننا أن نأتي بعشرات الأدلة على أن الناس فقدوا في معظم البلدان القدرة على التأثير في عمل السلطة الحاكمة و في سلوك النهج الذي تختاره هذه الأخيرة . هذا الأمر باد ليس فقط في ظل شبه الدولة القائمة في البلاد المستعمرة سابقا و حسب و إنما أيضا في الدولة الغربية المستقلة العريقة " المتحضرة " ذات النظام " الديمقراطي " ، و لكن من المعروف أن هذه الأخيرة استعمرت غالبا بلدانا آخرى حيث مارست القمع و منعت الحريات ، هذا يذكرنا " بان الشعب الذي يقوم بقمع شعب آخر لا يكون شعبا حراً " بحسب ماركس . ينبني عليه أن الشعوب الأوروبية و الغربية عموما ، ليست شعوبا حرة في بلدانها ، يمكننا بالتالي ، إذا صح منطوق الكلام الماركسي ، إرجاع إنزلاق العالم تدريجيا ، إلى ما يشبه الغابة و سيادة شريعة الغاب ، لاشكالية الحرية . أو بتعبير آخر كان محتما أن تقود الذهنية الاستعمارية إلى إستعمار الشعب في بلاد المستعمر نفسها بعد أن استعمرت الشعوب الأخرى . فمن نافلة القول أن الإستعمار حيث يكون ، يعقّم السياسة و النضال الديمقراطي .
لا يتسع المجال هنا للإسهاب تبيانا لهذا العقم ، تكفي الإشارة إلى التظاهرات التي خرجت في دول غربية عديدة ضد الحرب في العراق على سبيل المثال ، أضف إلى تلك التي أنطلقت احتجاجا ضد شروط العيش الصعبة و عدم عدالة توزيع الثروة الوطنية ، دون أن يلتفت إليها أهل السلطة بل اكتفوا بالإيعاز لو سائل الإعلام بتشويه طالبها ، لا سيما أن غالبيتها تكاد أن تكون ممولة من كبار الرأسماليين أو مملوكة منهم . يحسن التذكير في هذا الصدد ، بأن غالبية الفئات الشعبية الفاعلة تقاطع الإنتخابات ، إعترافا بان لا جدوى منها ، نا هيك من الإختلاف الكبير بين الخطاب الإنتخابي من جهة و ممارسة الحكم من جهة ثانية . و ما يزيد المشهد ضبابية هو إقتصار المنافسة على السلطة في الدول الغربية على طرفين تقريبا ، متعارضين ، شكليا ، يتناوبان غالبا على "الفوز" الإنتخابي بفضل عوامل مصادفة ، مثل الفضائح المالية و الإنحراف المسلكي
مجمل القول أننا لا نستطيع المقارنة بين المجتمع في البلاد المستعمرة سابقا ، في ظل شبه دولة و طنية و بين المجتمع في دولة وطنية ، فكما أشرنا اعلاه إلى أن الإستعمار جعل المستعمرة تشبه الغابة فافشل في أكثر الأحيان محاولات سكانها في بناء مجتمع وطني ، حيث أنهم كانوا كلما قطعوا خطوة أو أكثر نحو هذا الهدف ، تدخل بطرائق مختلفة و أعادهم إلى نقطة الصفر . و لكن الجديد الآن هو تمدد السيرورة الإستعمارية إلى عرين المستعمرين أنفسهم أو بتعبير أدق هي شمولية هذه السيرورة للبلدان جميعا ، دون استثناء ، أو بحسب المصطلح الذي بدأ تداوله بعد انهيار الا تحاد السوفياتي ، عولمة الإستعمار . يتمثل ذلك باستعمار جميع الشعوب على درجات متباينة و لكنها متصاعدة .
فلو أردنا أن ننعت المجتمع في الدولة الوطنية ، لنعنتناه بأنه منقسم وطنا ، بحيث أنه لا يمثل إجتماعيا اتحادا قائما على توافق على قواعد للعيش المشترك في مقابل جماعة السلطة و راس المال ، و هي الأقوى على سحق عامة الناس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج