الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنظيمات والميليشيات الاسلامية المُتعددة ودورها في الانهيار الكارثي الذي تشهده المنطقة العربية .

زياد عبد الفتاح الاسدي

2023 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


التنظيمات والميليشيات الاسلامية المُتعددة ودورها في الانهيار الكارثي الذي تشهده المنطقة .
لنبدأ قبل التطرق لهذا الموضوع الهام باستعراض سريع لما تتعرض له المنطقة العربية في بعض دول المشرق العربي .
1. في سوريا : لايُمكن للكلمات أن تصف ما آل اليه الوضع الكارثي والمأساوي في سوريا بعد الزلزال المُدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا .. وقد استغلت بعض القنوات الاعلامية العربية وغير العربية المُعادية لسوريا حجم الدمار الهائل وعشرات الالوف من الضحايا والمُشردين في العراء والبرد لمهاجمة الدولة السورية في موضوع إيصال المُساعدات وحتى إتهام النظام بسرقة المُساعدات مُتجاهلة ليس فقط حقيقة سرقة الجماعات الاخوانية والتكفيرية المدعومة من تركيا وقطر للمساعدات عبر المعابر الحدودية بشكلٍ علني , ولكن أيضاً التقصير الشديد من المجتمع الدولي في تقديم المُساعدات لضحايا الزلزال في سوريا في الوقت الذي تم فيه ارسال جميع أشكال المُساعدات الهائلة الى تركيا .. وهنا يُمكننا وصف الوضع الراهن في سوريا بعد الزلزال بأنه الاسوأ في تاريخ الدول والشعوب ولا سيما بعد ان فقدت القيادة السياسية في سوريا القدرة على السيطرة على الامور بعد ما يقرب من 12 عاماً من الحرب الكونية والتآمر الامبريالي الغربي والتركي والخليجي والحصار السياسي والاقتصادي الخانق , والدمار الهائل للمدن والقرى والبنية التحتية , وسرقة آبار النفط ومئات المُنشآت الصناعية والمحاصيل الزراعية ...الخ , هذا بالاضافة الى الانتشار الواسع والسلوك الفوضوي على الاراضي السورية في السنوات الاخيرة من قبل الميليشيات الاسلامية التي تدعي بانتمائها لمحور المُقاومة .. بالاضافة الى التواطؤ والمساومة على المدن والاراضي في الشمال السوري التي مارستها دول يُفترض أنها حليفة لسوريا من خلال الموافقة والسكوت على احتلالها من قبل المجرم السفاح أردوغان في إطار المصالح المُشتركة بينها وبين تركيا .. وترافق كل ذلك مع استمرار الحصار الخانق والتشويه الاعلامي للحقائق من قبل الغرب والتآمر الخارجي والتفشي الواسع للتمزق الاجتماعي والمذهبي والطائفي وانتشار الفساد المُستشري ...الخ , وبالتالي فالوضع في سوريا بمجمل مساوئه وتعقيداته يفوق قدرة أي نظام في العالم على الاحتمال وإدارة الامور بحكمة وفاعلية . فالوضع أسوأ وأعقد بكثير من أن يتعلق فقط بالجهل الاجتماعي والفساد المُستشري وانهيار الضمير الشعبي والاخلاقي حتى في أوساط المسؤولين الذين هم في النهاية من الشعب .
لذا يتوجب على ما تبقى من المخلصين والشرفاء في القيادة السياسية السورية وحتى المسؤلين في القوى الوطنية والتقدمية أن يتفهموا أبعاد هذا الوضع الكارثي الشائك والمُعقد والبالغ الصعوبة في معالجته وذلك كخطوة أولى لاخراج سوريا تدريجيا ولو ببطئ شديد (ولكن في الاتجاه الصحيح) من هذا المستنقع المأساوي الخطير .

2 . لبنان والعراق : لا جديد في الاوضاع المُزرية على الصعيدين اللبناني والعراقي مع استمرار هيمنة الاحزاب والميليشيات الطائفية الدينية المُهترئة ونظام المحاصصة الطائفية بينها على المناصب السياسية ومُؤسسات الدولة في كلا البلدين في ظل نظام طائفي سرطاني مُدمر وانفلات أمني للميليشيات الطائفية في العراق التابعة للحشد الشعبي ... وللاسف لا يزال يتفاقم الى الآن الوضع الخطير للنهب والفساد والاهمال وتهريب الاموال والانهيار المُتواصل للعملة والسرقة العلنية لمقدرات الشعب في كلا البلدين .. ويتم ذلك في لبنان في غياب شبه كامل للحكومة ورئاسة الجمهورية واستمرار هيمنة زعيم مافيا الفساد السياسي والطائفي على البرلمان لعقود عديدة لتسهيل بقاء وهيمنة الطغمة الحاكمة بكل مكوناتها الطائفية على كافة أشكال النهب والفساد العلني في إطار من الحصانة الطائفية لهذه المافيات التي تزداد شهيتها بلا حدود للنهب والسرقة في غياب واضح لدور القضاء الغارق للاسف كغيره من مُؤسسات الدولة بالفساد والولاءات والتوافقات المذهبية والطائفية المُبطنة .

ولكن تدهور الاوضاع الاقتصادية والامنية والمعيشية لا يقتصر فقط على بعض دول المشرق العربي , بل يمتد الى السودان والى ليبيا وتونس في المغرب العربي ... وإذا حاولنا أن نبحث عن قواسم حقيقية ومُشتركة للأسباب الرئيسية وراء الانهيار والتدهور الخطير الذي تشهده المنطقة على كافة المستويات والذي يفوق في خطورته ما تُواجهه معظم شعوب العالم الثالث , فيُمكننا ( إذا استثنينا عامل الانظمة العربية بكل عيوبها ومساوئها ) أن نحصرها باختصار على النحو التالي :
1 . في دول المشرق العربي : أهم هذه العوامل على الاطلاق هو الظهور والانتشار الواسع لكافة أشكال الاحزاب والتنظيمات والميليشيات الاسلاموية المُسلحة وغير المُسلحة سواء كانت اخوانية وسلفية أو تكفيرية مُتطرفة أو ميليشيات دينية تتبع لما يٌعرف بولاية الفقيه والتي تعمل جميعها بلا استثناء في إطار من التواطؤ الغربي والاستخباراتي من وراء الستار وفي ظل التمويل الخليجي والقطري على وجه التحديد , بالاضافة الى الدعم والتسليح من قبل النظامين التركي والايراني للميليشيات التي تتبع لها ... وهذه القوى كما نعلم ورغم إنكفاء بعضها في السنوات الاخيرة (ولا سيما الاخوان المسلمين) قد ترعرعت وتمددت منذ تسعينات القرن الماضي في ظل التراجع والانحسار الواضح لليسار العربي والقوى الوطنية والتقدمية الذي ترافق بوضوح مع انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية .

2 . في السودان : لم تزل القوى الاسلامية والاخوانية المُتآمرة في السودان من بقايا عهد الرئيس عمر البشير مُتغلغلة في المؤسسات الحكومية والقوى الامنية والجيش المُتورطةفي قتل المُتظاهرين ومُمارسة التخريب والتآمر على الثورة السودانيةوتعطيل جهود التوافق السياسي والاصلاح الجذري في السودان من قبل القوى الوطنية والثورية التي سعت ومازالت تسعى الى ابعاد المكون العسكري عن الحكم وإبقائه حصراً بيد حكومة وطنية مدنية .. ويتم هذا التآمر والتخريب المُتواصل ليس فقط من قبل القوى الاخوانية وبقايا نظام عمر البشير وغيرها من الاحزاب المُستفيدة من استمرار الوضع القائم الكارثي في السودان , بل ايضاً من قبل القيادات العسكرية بقيادة عبد الفتاح البرهان .. ويترافق ذلك أيضاً بتجاهل واضح من قبل الآليةالثلاثية التي تشمل موفدين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية السودانية للتنمية .. مع العلم أن الآلية الثلاثية يُفترض انها تشكلت لتعمل على بذل الجهود والوساطة وتذليل العقبات بين مختلف الاطراف السياسية السودانية والمكون العسكري بعد انفجار الوضع في السودان عل أثر انقلاب الجيش بقيادة البرهان في اكتوبر 2021 .. ودون الدخول في تفاصيل الوضع السوداني البالغ التعقيد على الصعيد الداخلي والاقليمي فمن الواضح وجود بصمات التآمر الخارجي من قبل بعض الانظمة الخليجية والنظام المصري .. والتي تُفضل بحكم مصالحها استمرار الوضع القائم في السودان وهيمنة الجيش السوداني على القرار السياسي والاوضاع الداخلية بالرغم من استمرار وجود القوى الاخوانية من مخلفات نظام البشير .. وهي بالتالي تفضل بقاء الاوضاع الكارثية والغير مُستقرة على حالها في السودان دون أن تتولى السلطة في السودان حكومة مدنية ثورية .

3 . في تونس : دمرت القوى الاخوانية في حركة النهضة وحلفائها الاقتصاد التونسي على مدى يزيد عن عشر سنوات من خلال تفشي النهب والفساد وساهمت بالتنسيق مع تركيا وقطر في ارسال المقاتلين التكفيريين لتدمير سوريا واسقاط النظام لصالح الجماعات الاخوانية والتكفيرية .. كما تآمر الاخوان في تونس لاغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي من القيادات الوطنية والتقدمية البارزة ... وقد جاءت الاجراءات والاصلاحات الدستورية والقضائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 تموز يوليو 2021 لتُساهم بإضعاف وتصفية قيادات ورموز حركة النهضة وحلفائها من الاحزاب اللبرالية والانتهازية الفاسدة وتقديمهم الى القضاء بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي لا يزال يُعاني منها الاقتصاد التونسي وبالرغم من العثرات التي واجهت سلطة الرئيس سعيد في ضعف الاقبال على التصويت للدستور الجديد والانتخابات البرلمانية الاخيرة .. ولا يزال هذا الرئيس القوي يتمتع بدعم وتأييد كبير من الوطنيين والشرفاء وقطاع واسع من الشعب التونسي رغم بعض المواقف الانتهازية التي عبر عنها الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي من خلال تنظيم بعض الاضرابات وإغلاء الطرق وسكك الحديد .. وهو يخفي بهذا السلوك الغير مُبرر بعض المآرب السياسية والانتهازية المشبوهة في مرحلة دقيقة وحرجة من مُستقبل تونس السياسي ولا سيما من خلال انتقاده ومعارضته لقرارات الرئيس قيس سعيد الذي يقف بقوة وثبات في وجه الفساد والتآمر المُدمر الذي تثشكله حركة النهضة وحلفائها من اللصوص الانتهازيين على تونس .

4 . في ليبيا : تلعب القوى والميليشيات الاخوانية والتكفيرية المُتطرفة في ليبيا بدعم تركي وتمويل قطري دوراً تآمرياً وتخريبياً في غاية الخطورة في تكريس الانقسام السياسي ونهب مقدرات البلاد بتوطؤ غربي مكشوف ... فبعد عامين على سقوط القذافي عام 2011 والذي ساهم فيه تحالف الغرب اشتد الصراع الدائر على السلطة بين الاطراف الاقليمية والدولية في ليبيا منذ عام 2014 وذلك بين حكومة الوفاق الاخوانية في طرابلس المعترف بها دوليًا وبين ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي في الشرق بقيادة خليفة حفتر ... وبقيت ليبيا تخضع منذ تلك الفترة لتوتر متصاعد بين قوى دولية فاعلة على الأرض وصراع بين المحاور الإقليمية وتحديداً بين المحور التركي القطري الذي يدعم حكومة السراج وبين المحور المصري السعودي الاماراتي الذي يدعم خليفة حفتر ... واستمر هذا الصراع الليبي المُحتدم بتدخلات خارجية لسنوات عديدة شهدت خلالها ليبيا صراعات دموية مُسلحة في عام 2019 بين قوات خليفة حفتر وبين الجماعات الاخوانية والاسلامية المُتطرفة في الغرب الليبي . وحتى روسيا دخلت في الصراع الليبي من خلال دعمها لخليفة حفتر , وصعدت لذلك من وجودها العسكري على الأرض من خلال قوات شركة فاغنر الامنية التي تتواجد في بعض الدول الافريقية لدعم بعض أطراف الصراع .. وقد حافظت روسيا بنفس الوقت الذي دعمت فيه خليفة حفتر على علاقات ودية مع مناوئيه في حكومة الوفاق ... ودون الدخول في تفاصيل الصراعات والاوضاع الليبية الشائكة فقد كان لتعدد التدخلات العربية والاقليمية والدولية دوراً تمزيق المشهد الليبي ولا سيما بعد عام من تشكيل ما يُعرف بحكومة الوحدة الوطنية عام 2021 برئاسة عبد الحميد دبيبة المدعوم إخوانياً وتحديداً بعد ان سحب البرلمان الليبي الثقة عن حكومة دبيبة ودعم تشكيل حكومة يرأسها فتحي باش آغا .. ومع رفض الدبيبة التنحي عن رئاسة الحكومة بقى المشهد السياسي في ليبيا مُمزقاً وقاتماً مع استمرار الصراع والانسداد السياسي ... ولكن يُمكننا القول بكل تأكيد أن العامل الرئيسي في تردي الاوضاع الليبية باستمرار نحو الاسوء يعود في أهم أسبابه أيضاً الى وجود المليشيات الاخوانية والاسلامية المُسلحة واستمرار الدعم التركي الاخواني والتمويل القطري السخي لهذه الجماعات المُتطرفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيان عاجل للحرس الثوري الإيراني بشأن العثور على جثة نيلفروشا


.. حزب الله يحسم الجدل بشأن تشكيل قيادة جديدة بعد مقتل حسن نصر




.. قراءة عسكرية.. حزب الله يطلق رشقة صاروخية كبيرة على شمال إسر


.. تأملات | رشيد حسن أبو جردة




.. تضرر مبان في حيفا بعد سقوط صواريخ من لبنان