الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الصحراء الشرقية / تندوف / مغربية ام جزائرية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الصراع بين النظامين المغربي والجزائري ، زاد استفحالا ولم ينتهي بعد ، ولن ينتهي ما دام في الجزائر نظام جمهوري ، وفي المغرب نظام ملكي . فالصراع ليس وليد اليوم ، او انه بدأ مع طرح نزاع الصحراء الغربية ، بل يعود اصل الصراع الى سنة 1962 تاريخ الإعلان عن استقلال الجزائر ، وتشييد الجمهورية الجزائرية ، بشعاراتها التي غدتها الحرب الكونية ، بين المعسكرين الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي المنحل . فمجرد رفع شعارات احد المعسكرين المتناحرين ، كان كافيا لانعكاس ذاك الصراع على طبيعة العلاقات المبنية بين النظام المغربي والنظام الجزائري . وسيأتي مشكل ترسيم الحدود ليزيد الازمة عمقا ، ووصل التباين حد اشعال حرب مدمرة في سنة 1963 ، سميت بحرب الرمال بسب الصحراء الشرقية التي فوتتها فرانسا الاستعمارية الى الجزائر ، التي رغم معرفتها بعدم جزائريتها ، وأنها أراضي مغربية ، تمسكت بها ، بدعوى الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار .
ان اصل الصحراء الشرقية مغربي ، والقيادة الجزائرية تعلم علم اليقين بمغربيتها ، لكنها تكون قد ضربت عرض الحائط بالحقيقة الساطعة التي تسببت في حرب الرمال في سنة 1963 ، أي سنة بعد استقلال الجزائر في سنة 1962 .
ان الحرب التي نشبت بين النظامين بسبب ادعاء النظام المغربي مغربية الصحراء الشرقية ، وتمسك النظام الجزائري بشعار الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار ، لتجنب الصراعات وتجنب الحروب ، ربحها النظام الجزائري ، وخسرها النظام المغربي ، لان رغم الحرب ، فان النظام الجزائري ظل يحتفظ بالصحراء الشرقية ، رغم حقّه بمغربيتها . بل ان النظام الجزائري ضرب عرض الحائط ، بالاتفاقيات التي تم ابرامها بوساطة عربية ، القاضية بالاستغلال المشترك لثروات المنطقة المتنازع عليها .
ورغم الحرب التي خسرها النظام المغربي حين استسلم للأمر الواقع ، ظلت الصحراء الشرقية جزائرية ، بل سيتم ترسيخ الطابع الجزائري على الصحراء الشرقية ، عندما ابرم النظام المغربي اتفاقية ترسيم الحدود بين النظامين في سنة 1971 ، فاصبح النظام المغربي يعترف صراحة بجزائرية الصحراء الشرقية ، دون نيل نصيبه من ثروات المنطقة التي نصت عليها اتفاقيات الاستغلال المشترك الموقعة بين النظامين .
ان توقيع النظام المغربي على اتفاقية ترسيم الحدود ، لم يكن كافيا لإقناع النظام الجزائري بحسن نية النظام المغربي ، لان اتفاقية الحدود الموقعة بين النظامين ، تبقى دون ارتقاءها الى مصاف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنتجة لآثارها القانونية ، أي ان اتفاقية الحدود ظلت معلقة ، ولم تصادق عليها الدولة المغربية الذي تعمد نظامها ترك الوضع معلقا على ما هو عليه ، في انتظار حصول تغير ، او حصول معطيات جديدة بالساحة ، تمكن النظام المغربي من التحلل من اتفاقيات الحدود ، بدعوى عدم مشروعيتها ، تلك المشروعية التي ترتبط بمصادقة البرلمان المغربي عليها ، لتكون لها حجية كاملة ، أي اعتراف الدولة العلوية ، وليس فقط النظام بالاتفاقيات المبرمة بين الجانبين .
عندما طرح النظام المغربي قضية الصحراء الغربية في سنة 1975 ، ودخل الصحراء التي وزعها مع النظام الموريتاني كغنيمة ، وجدها النظام الجزائري فرصة سانحة لتكبيل تحركات النظام المغربي ، بإرهاقه في ازمتها من جهة ، ومن جهة ابعاد اشتغاله في موضوع الصحراء الشرقية . وطبعا عندما دخل نزاع الصحراء الغربية عنق الزجاجة ، واصبح يهدد النظام والدولة العلوية ، سيدفع النظام المغربي ببرلمانه المزور ، للتصديق على اتفاقية الحدود الموقعة بين الجانبين ، آملا ان يغير النظام الجزائري من موقفه المعادي لمغربية الصحراء ، فيُسلّم بمغربيتها مثل تسليم النظام المغربي بعد توقيع برلمانه على الاتفاقيات ، بجزائرية الصحراء الشرقية ، مثل تسليمه بإسبانية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية .
فالنظام الجزائري وجد في قضية الصحراء الغربية ، خير مسلك لإبعاد أطماع النظام المغربي بالصحراء الشرقية ، ومن ثم الهائه بشكل جعل الدولة العلوية ، وليس فقط النظام المغربي ، يسلم بجزائرية الصحراء الشرقية التي هي أصلا مغربية اضافتها فرنسا الى التراب الجزائري ..
عندما ابرم النظام المغربي والنظام الجزائري اتفاقية ترسيم الحدود ، ظلت تلك الاتفاقية معلقة طالما لم يصادق عليها البرلمان المغربي . والنظام الجزائري الذي خبر النظام المغربي حقة خبرة ، اعتبر عدم تصديق البرلمان المغربي على تلك الاتفاقيات ، حجة على تهرب النظام المغربي ، وتحلله مِمّا تم توقيعه بحضور الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه . هكذا كان النظام الجزائري ينتظر ان تعترف له الدولة المغربية ، وليس فقط النظام بجزائرية الصحراء الشرقية ، حتى يعترف للنظام المغربي بمغربية الصحراء الغربية . وحيث ان الفارق الزمني بين توقيع اتفاقيات ترسيم الحدود بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، كان أربعة عشر سنة ، دون دفع البرلمان المغربي للتصديق على الاتفاقيات حتى تكون اتفاقيات دولة ، سيأتي مصادقة البرلمان على الاتفاقيات متأخرا . وتصديق البرلمان المغربي على اتفاقيات ترسيم الحدود كان مقابل لا شيء ، لان نزاع الصحراء الغربية ، لم يعد نزاعا بين النظامين المغربي والجزائري ، بل هو نزاع من اختصاص الأمم المتحدة التي تعتبر الأراضي المتنازع عليها خاضعة للاستعمار ، وحلها يكون فقط بالاستفتاء وتقرير المصير ، فعند ادراج القضية ضمن جدول اعمال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، تكون الأمم المتحدة مثل النظام الجزائري ، لا يعترفون بمغربية الصحراء ، ويكون النظام الجزائري قد ضمن اعتراف الدولة المخزنية بجزائرية الصحراء الشرقية ، في الوقت الذي ينتظر الصحراء الغربية حل تيمور الشرقية في غضون السنتين القادمتين .
فالدولة المغربية اعترفت بجزائرية الصحراء الشرقية ، عندما صادق البرلمان المغربي على اتفاقية ترسيم الحدود ، وهو اعتراف ثاني بجزائرية الصحراء الشرقية عندما اعترف الملك محمد السادس بالجمهورية الصحراوية و بالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، ونشر اعترافه هذا في ظهير ( شريف ) موقع بخط الملك ، ونشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد 6539 .
ان اعتراف الملك محمد السادس بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، وأمام العالم ، هو اعتراف صريح ثاني من قبل الدولة العلوية ، بجزائرية الصحراء الشرقية ، واعتراف صريح بإسبانية سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية .. ويحصل كل هذا مقابل لا شيء .
مؤخرا خرجت وعرضت مديرة الوثائق المغربية ، وثائق تثبت مغربية الصحراء الشرقية ، وتؤكد احتلالها من قبل الجزائر ، أي يجب ارجاع الحق الى أصحابه . بعد هذه الخرجة ستشرع العديد من مواقع التواصل الاجتماعي المخزنية ، تدعو الى ضرورة ارجاع واستعادة الصحراء الشرقية ، وتهدد بالحرب في سبيل ارجاعها .
ان خرجة السيدة مديرة الوثائق المغربية ، وعرضها للخرائط وللوثائق ، لم يأت بجديد في تزكية حق مغربية الصحراء الشرقية . والسؤال . لماذا الصمت على مغربية الصحراء الشرقية منذ حرب الرمال في سنة 1963 ؟ . وما الفائدة من اثارت موضوع تم حسمه من قبل الحسن الثاني عندما دفع برلمانه المزور ( ادريس البصري ) ، للتصديق على اتفاقية ترسيم الحدود في سنة 1994 ، مع العلم ان النظام المغربي وليس الدولة المغربية ، أي الشعب اعترف بجزائرية الصحراء الشرقية في سنة 1970 من موريتانية ؟
كذلك ما الفائدة من طرح خريطة المغرب القديمة قبل تعرضه للبتر ، والملك محمد السادس عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، واعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، يكون بمن يعترف صراحة وامام العالم بجزائرية الصحراء الشرقية ؟
وإذا كان الهدف من هذه الخرجة الغير محسوبة العواقب ، هو الدعوة للحرب بين النظامين المغربي والجزائري ، لاسترجاع أراضي اعترف بجزائريتها كل من الحسن الثاني والملك محمد السادس ، فالدعوة تكون باطلة بطلانا مطلقا ، ولا يعتد بها ، لان فيها ضرر كبير بمغربية الصحراء الغربية التي تتولى ادرتها الأمم المتحدة ، وتوليها عناية فائقة الاتحادات القارية ، كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ... الخ .
فكيف بعد مرور ثلاثة وخمسين سنة من اعتراف الحسن الثاني بجزائرية الصحراء الشرقية ، ومرور تسعة وعشرين سنة من اعتراف الدولة المغربية بجزائرية الصحراء الشرقية ، ومرور ستة سنوات على اعتراف الملك محمد السادس بجزائرية الصحراء الشرقية ، عندما اعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ونسخ المعاهدات موجودة بالأمم المتحدة ، تقوم مديرة الوثائق المغربية ، بنشر خرائط ووثائق لن تجدي شيئا امام اعتراف الدولة المغربي بجزائرية الصحراء الشرقية ؟
ان المشكل في الغبن الذي تعرض له المغرب بسبب أخطاء النظام العلوي . فمن جهة الدولة العلوية تعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، ومن جهة الصحراء الغربية أصبحت مهددة بحل تيمور الشرقية الذي ينتظرها في السنتين القادمتين ، فيكون النظام الارتجالي قد أضاع الصحراء الشرقية التي أصبحت جزائرية باعتراف النظام المغربي بجزائريتها ، وأضاع الصحراء الغربية التي ستكون مدخل الباب الكبير لإسقاط الدولة العلوية ، وتشتيت الدولة الواحدية ، لصالح الدويلات القزمية ، ولصالح الكانتونات ، وأضاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية التي اعترف بإسبانيتها .
ولتأكيد وبالحجج مغربية الصحراء الغربية ، مثل تأكيد مغربية الصحراء الشرقية ، يكفي الرجوع الى خطاب محمد الخامس في سنة 1958 من قرية " محاميد الغزلان " الذي دعا فيه الى عودة الصحراء الى موطنها الأصلي ، ويكفي العودة الى جيش التحرير المغربي في سنة 1956 ، دون ان نهمل الخرائط والوثائق التي تؤكد وبالحجة والدليل ، مغربية الصحراء الشرقية ، ومغربية الصحراء الغربية ..
لكن السؤال . هل الصحراء الشرقية جزائرية ام مغربية ؟ وهل الصحراء الغربية مغربية ام ليست مغربية ؟
اعتقد ان الوضع القانوني للواء الاسكندرون السوري الذي تحتله تركيا ، وحده يكفي الجواب ..
من حيث التاريخ ، ومن حيث الجغرافية ، الصحراء الشرقية مغربية ، كما الصحراء الغربية ، لكن من ناحية القانون الدولي ، ومن ناحية معالجة النظام المغربي للواقعتين ، الصحراء الشرقية جزائرية ، والصحراء الغربية ينتظرها حل تيمور الشرقية .. والمتسبب في إضاعة الصحراء الشرقية ، واضاعة الصحراء الغربية ، هو النظام العلوي المغربي ، وهو نفسه المسؤول عن ضياع سبتة ومليلية ، والجزر الجعفرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلى أين سيقود ستارمر بريطانيا؟ | المسائية


.. غزة .. هل اجتمعت الظروف و-الضغوط- لوقف إطلاق النار؟ • فرانس




.. تركيا وسوريا.. مساعي التقارب| #التاسعة


.. الانتخابات الإيرانية.. تمديد موعد التصويت مرتين في جولة الإ




.. جهود التهدئة في غزة.. ترقب بشأن فرص التوصل لاتفاق | #غرفة_ال